الترحيل الجماعي للأفغان من باكستان يؤجج الاضطرابات
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
على مدار عقود تعاطت باكستان بسخاء مع اللاجئين الأفغان، إذ استقبلت الذين فروا من الحروب الأهلية في أفغانستان، والغزو السوفيتي عام 1979، والغزو الأمريكي عام 2001، واستيلاء طالبان على السلطة في عام 2021.
لمواجهة تهديد التطرف تستطيع باكستان الاستفادة من قوتها الناعمة
وفي هذا الإطار ، قال وهاب رؤوفي، خريج كلية الحقوق في كابول، عملَ في وزارة العدل بأفغانستان في مقال بموقع مجلة "ناشونال إنترست": "كنت أنا وأخي من بين الذين فرّوا من وطننا الأفغاني إلى باكستان بعد الاحتلال السوفيتي، رحَّبَ بنا الشعب الباكستاني بحرارةٍ شديدة، وكنا نُعدُّ من فئة (اللاجئين الذهبيين)، وهو مُصطلح يُطلق على الفارين من الأنظمة الشيوعية، وحالفني الحظ إذ وافقت الدولة على وضعي لاجئاً، مما سمح لي بالانتقال إلى الولايات المتحدة.ترحيل جماعي
غير أن باكستان انهالَ عليها 3 ملايين لاجئاً أفغانيّاً، وأمست حياتهم في خطر، واعتباراً من 1 فبراير (شباط) الماضي، شرعت باكستان في عملية ترحيل جماعي للمهاجرين غير الشرعيين، وإلى الآن نُفِي ما يقرب من 400 ألف أفغاني، ويواجه أكثر من مليون آخرين مصيراً مماثلاً.
وليس أمام اللاجئين أي خيارات إيجابية. ففي مقال نشرته مجلة فورين بوليسي بتاريخ 13 نوفمبر (تشرين الثاني)، أشارت لين أودونيل، إلى أن الذين فروا من أفغانستان هرباً من عقود مديدة من الحرب والإرهاب تحولوا إلى بيادق بلا قصد في خضم صراع سياسي قاسٍ بين الحكومة الباكستانية وحركة طالبان، بعد أن تداعت العلاقة التي تربط بينهما.
The expulsion of Afghan immigrants might make Pakistan even less secure, writes Wahab Raofi. https://t.co/JIvp2Q40YV
— National Interest (@TheNatlInterest) December 12, 2023
فحكومة باكستان تزعم أن حركة طالبان تكفل المأوى لجماعة "تحريك إي طالبان باكستان" المُسلحة، وفي النصف الأول من عام 2023، زادت وتيرة الهجمات المُسلحة في جميع أنحاء باكستان بنسبة 80%، وفقاً لتصريحات المعهد الباكستاني لدراسات الصراع والأمن، حامَت الشُبهات حول حركة طالبان الباكستانية في معظمها، وليس من المستغرب أن تنفي حركة طالبان هذه الاتهامات.
ومن بين الذين يواجهون خطر الترحيل جنود أفغان سابقون ونشطاء حقوق إنسان ونساء.
We gathered this week alongside @muslimsforjustfutures for a rally and a vigil to call on the Pakistani government to put an end to its mass expulsion of Afghans. Our communities are seeing the same anti-immigrant rhetoric used against us here deployed there. ????+ pic.twitter.com/n1nOeFzRjq
— Project ANAR (@project_anar) November 10, 2023
وتجاهلت باكستان حقيقة بالغة الأهمية مفادها أن السواد الأعظم من العائدين قسراً ينتمون إلى مجموعات البشتون العرقية التي تشكل حركة طالبان الأفغانية، ومن الممكن أن يؤدي طرد اللاجئين الأفغان إلى تشجيع حركة طالبان الأفغانية على دعم إخوانهم العرقيين وتوفير أرضٍ خصبة للتجنيد.
وشدد الكاتب على ضرورة عدم تحميل اللاجئين الأفغان المسؤولية عن السياسات المعيبة التي تنفذها المؤسسة الأمنية الباكستانية.
ويعتقد كثير من الأفغان أنَّ باكستان قبلت اللاجئين الأفغان تحقيقاً لمصالحها السياسية والاقتصادية، خاصةً المتعلقة بالدولار الأمريكي واقتصاد الحرب.
وبالتزامن مع توقف الحرب في أفغانستان وما تلا ذلك من تراجعٍ للدعم المالي من خصوم الولايات المتحدة بغية طرد الولايات المتحدة من المنطقة، لم تَعُد باكستان ترى أي داع لاستضافة اللاجئين الأفغان على أرضها.
فضلاً عن ذلك، فالمؤسسة الأمنية الباكستانية ليست بحاجة إلى تجنيد الأفغان الفقراء لإرسالهم إلى أفغانستان للقتال إلى جانب طالبان، كما فعلت في الماضي.
وقال الكاتب: من المؤسف أن قرار الحكومة الباكستانية بترحيل اللاجئين الأفغان يؤدي إلى تأجيج المشاعر المعادية للباكستانيين. ومن الممكن أن تفضي هذه الخطوة إلى إنشاء ملاذ لحركة طالبان الباكستانية داخل أفغانستان، وهو ما يستدعي إلى الذاكرة كرم الضيافة الذي حظي به الأفغان في باكستان في أثناء الغزو الروسي لأفغانستان.
ولمواجهة تهديد التطرف، تستطيع باكستان الاستفادة من قوتها الناعمة لإقامة علاقات اقتصادية حقيقية مع الشعب الأفغاني. فاللجوء إلى العقاب الجماعي بترحيل اللاجئين ليس بالحل المثالي.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة أفغانستان اللاجئین الأفغان حرکة طالبان
إقرأ أيضاً:
لبنان يطلق المرحلة الأولى من خطة عودة اللاجئين السوريين
شعبان بلال (دمشق، القاهرة)
أعلن لبنان، أمس، انطلاق المرحلة الأولى من خطة الحكومة لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
وقالت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية: إن العودة تتم بالتنسيق بين المديرية العامة للأمن العام اللبناني والدولة السورية، عبر مركز «المصنع» الحدودي البري شرق البلاد، مشيرةً إلى أنه تم تحديد نقطة التجمع في بلدة «بر الياس» استعداداً لانطلاق القوافل نحو سوريا. وتأتي الخطوة في إطار العودة المنظمة والآمنة بمشاركة كل من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة والصليب الأحمر اللبناني وعدد من المنظمات الإنسانية.
وكان نائب رئيس مجلس الوزراء اللبناني طارق متري قد صرح في وقت سابق أن العودة ستنقسم إلى قسمين، منظمة وغير منظمة، بحيث يتم في الأول تسجيل الأسماء وتأمين حافلات لنقلهم إلى الداخل السوري على أن يحصل كل لاجئ على مبلغ 100 دولار.
أما بالنسبة للعودة غير المنظمة فسيكون على اللاجئ أن يحدد موعد مغادرته وتأمين وسيلة التنقل لكنه سيحصل أيضاً على 100 دولار.
وسيقوم الأمن العام اللبناني بإعفاء المغادرين من الغرامات المترتبة عليهم نتيجة إقامات منتهية الصلاحية مع شرط عدم العودة إلى لبنان.
وكشفت المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، سيلين شميت، عن عودة أكثر من 443 ألف لاجئ سوري إلى بلادهم حتى أبريل الماضي، موضحةً أن أكثر من مليون نازح داخلياً عادوا إلى مناطق إقامتهم الأصلية.
وذكرت شميت، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن العائدين يواجهون تحديات كبيرة، أبرزها الدمار الذي لحق بمنازلهم، والمخاطر الناتجة عن الألغام الأرضية، ونقص الخدمات الأساسية، مما يتطلب استجابة إنسانية مرنة وسريعة، ودعماً دولياً مستمراً لضمان كرامتهم واستقرارهم.
وأشارت إلى أن أبرز التحديات التي يواجهها العائدون تتعلق بالإسكان، حيث إن العديد من المنازل تضررت كلياً أو جزئياً، مما يجبر السكان على الإقامة في مراكز إيواء مؤقتة أو لدى أقاربهم في ظروف مزدحمة، موضحة أن الحصول على خدمات المياه والكهرباء لا يزال محدوداً في العديد من المناطق.
وأفادت شميت بأن الألغام والذخائر غير المنفجرة تشكل خطراً كبيراً على المدنيين في محافظات إدلب وحلب واللاذقية ودرعا، حيث تُسجل إصابات ووفيات أسبوعية، لا سيما بين الأطفال.
وقالت المسؤولة الأممية: إن الأوضاع الاقتصادية لا تزال هشة للغاية، إذ تتفاقم الأزمة نتيجة تدهور الخدمات العامة، وانخفاض القدرة الشرائية، وصعوبة الوصول إلى المعاملات المصرفية، إضافة إلى مشاكل السيولة.
وحذرت من خطورة النقص الواسع في خدمات الكهرباء والمياه في العديد من المناطق، مؤكدة أن إصلاح هذه الخدمات يشكل تحدياً بسبب الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية، مشيرة إلى فقدان عدد كبير من السوريين لوثائق الهوية والملكية، جراء تدمير سجلات الأحوال المدنية، مما يعرقل حصولهم على وثائق بديلة.
احتياجات إنسانية
أكدت شميت أن الاحتياجات الإنسانية ما تزال مرتفعة، حيث يقدر عدد المحتاجين للمساعدات بأكثر من 16.7 مليون شخص، إضافة إلى وجود نحو 7.4 مليون نازح داخلياً، و6.2 مليون لاجئ خارجياً، مشددة على أن الظروف لا تزال بالغة الصعوبة، مما يستوجب استمرار دعم المجتمع الدولي لمساندة السوريين في إعادة إعمار وطنهم ومعالجة الأزمة الإنسانية.