بوابة الوفد:
2025-05-25@15:58:50 GMT

الاعتدال في الإنفاق والتحذير من البخل والإسراف

تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT

يسأل الكثير من النا س عن الاعتدال في الإنفاق والتحذير من البخل والإسراف  اجابت دار الافتاء المصرية وقالت المقرر شرعًا أن على الإنسان أن يحقق الاتزان والاعتدال في شتى مناحي الحياة؛ فمع الأمر بالتصدق والإنفاق من الجميع في كل مصارف الخير -بما في ذلك الفقير-؛ إلا أن الإنسان مأمورٌ مع ذلك بأن يكون إنفاقه في تلك الوجوه على قدر من الوسطية والاعتدال؛ فلا يكون بخيلًا شحيحًا، وفي المقابل لا يبلغ في الإنفاق درجة السفه والإسراف مع حاجته وحاجة مَن يعول؛ قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ [البقرة: 143].


وقال تعالى: ﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا﴾ [الإسراء: 29].
قال الإمام الزمخشري في "الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل" (2/ 662، ط. دار الكتاب العربي): [هذا تمثيل لمنع الشحيح وإعطاء المسرف، وأمر بالاقتصاد الذي هو بين الإسراف والتقتير، ﴿فَتَقْعُدَ مَلُومًا﴾ فتصير ملومًا عند الله؛ لأن المسرف غير مرضي عنده وعند الناس، يقول المحتاج: أعطى فلانًا وحرمني] اهـ.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ» متفق عليه.
قال الحافظ ابن الجوزي الحنبلي في "شرح مشكل الصحيحين" (3/ 520، ط. دار الوطن): [اعلم أن الصدقة نافلة، وإغناء النفس والأهل واجب، فإذا أُغنوا حسنت الصدقة بعد ذلك، فهذا معنى قوله: «وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ». فإن قيل: فكيف الجمع بين هذا وبين قوله: «أفضل الصدقة جهد مقل»؟
فالجواب: من وجهين: أحدهما: أن يكون جهد المقل بعد إغناء من يلزم إغناؤه، فكأنه يستسلُّ من فواضل الغنى شيئًا فيتصدق به] اهـ.
وفي لفظ آخر عند البخاري في "صحيحه": «لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى».
قال الإمام ابن بطال في "شرحه على صحيح البخاري" (3/ 428، ط. مكتبة الرشد): [وقوله: «لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى» أي: لا صدقة إلا بعد إحراز قوته وقوت أهله؛ لأن الابتداء بالفرائض قبل النوافل أولى، وليس لأحد إتلاف نفسه وإتلاف أهله بإحياء غيره، وإنما عليه إحياء غيره بعد إحياء نفسه وأهله، إذ حق نفسه وحق أهله أوجب عليه من حق سائر الناس، ولذلك قال: «وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ»، وقال لكعب: «أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك»] اهـ.
ومقتضى ذلك أن التوازن والاعتدال في الإنفاق في سبيل الله أمر من الفضيلة والحكمة، وسمة من وسطية شريعتنا الغراء.
قال الإمام الرازي في "مفاتيح الغيب" (6/ 402، ط. دار إحياء التراث العربي): [قال الحكماء: الفضيلة بين طرفي الإفراط والتفريط، فالإنفاق الكثير هو التبذير، والتقليل جدا هو التقتير، والعدل هو الفضيلة وهو المراد من قوله: ﴿قُلِ الْعَفْوَ﴾ [البقرة: 219]، ومدار شرع محمد صلى الله عليه وآله وسلم على رعاية هذه الدقيقة؛ فشرع اليهود مبناه على الخشونة التامة، وشرع النصارى على المسامحة التامة، وشرع محمد صلى الله عليه وآله وسلم متوسط في كل هذه الأمور، فلذلك كان أكمل من الكل] اهـ.
وعلى الإنسان إذن أن يرتب بين الأولويات، وأن يفرق بين ما هو ضروري وما هو تحسيني؛ فإذا ما غطى الإنسان الاحتياجات الضرورية له ولمَن يعول: فلا مانع له من أن يساهم في النفع المجتمعي.
والشرع الشريف لم يلزم الإنسان بإخراج زكاة المال ما لم يبلغ ماله النصاب المحدد شرعًا -وهو يعادلُ خمسةً وثمانين جرامًا من الذهب عيار واحد وعشرين- وهو ما يتفق مع ما قرَّرناه من تقديم حق النفس ومن وجبت نفقته؛ وقد حثَّ ربُّ العزة سبحانه وتعالى عباده على الإنفاق في سبيله كل بحسب قدرته واستطاعته، وامتدح فاعل ذلك بقوله سبحانه: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾ [الحشر: 9].

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: فی الإنفاق

إقرأ أيضاً:

تخفيضات ضريبية وأحكام جديدة.. كيف يؤثر قانون ترامب على الثروة الأمريكية؟

تطلب الأمر ضغطًا شديدًا من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والسهر طوال الليل، والتصويت على مشروع قانون مع أن الكثير من الأشخاص لم يكن لديهم فهم واضح بعد للتغييرات النهائية حتى الأن، ولكن تمكن الجمهوريون في مجلس النواب الأمريكي من إنجازه هذا الأسبوع.

 وقاموا بتمرير نسختهم من "القانون الكبير الرائع"، وهو وحش هائل يجمع بين تخفيضات ضريبية وأحكام جديدة ستدفع الناس إلى التخلي عن التأمين الصحي الأمريكي والمساعدات الغذائية.

ووفقًا لعدة تقييمات فسيشعر الأميركيون ذو الدخل المنخفض بتأثير تلك التغيرات في برامج المساعدة، في حين أن الأغنياء سيرون معظم المكاسب المفاجئة من التخفيضات الضريبية.

ويرى الديمقراطيون قساوة من فكرة التنازل عن ميزة للحصول على أخرى، بينما يقول الجمهوريون أنها ضرورة لتوصيل برنامج ترامب الاقتصادي واقتلاع الفساد والهدر لحماية البرامج لمن يحتاجها.

وما أقره مجلس النواب الأمريكي هو مراهنة كبيرة بما أن العميلة تحولت لـ مجلس الشيوخ والذي عليه أن يقر نسخته الخاصة من مشروع قانون الضرائب والإنفاق.

وسيقيس أعضاء مجلس الشيوخ رد فعل الشعب لمشروع قانون مجلس النواب وما وصفه الناقدون هو نقد عكسي للثراء، والذي سيتم وضع الكثير منها على بطاقة ائتمان الشعب على هيئة إنفاق بالعجز.

ما هي الحسابات الأساسية لمشروع القانون؟

كيف يخفض مشروع القانون الضرائب؟ وما هو مقدار التخفيض في الإنفاق؟

إن حزمة تخفيضات الضرائب والإنفاق الخاصة بمجلس النواب تٌعد بالتأكيد مشروع قانون "كبير" من حيث تأثيرها. ولا نملك كل الأرقام النهائية حاليًا لأن مكتب الميزانية بالكونجرس لازال يعمل على تحليل النسخة النهائية لمشروع القانون والتي تحتوي على بعض التغييرات الهامة في الدقيقة الأخيرة.

ولكن وجدت التقديرات الأولية لمكتب الميزانية بالكونجرس أن التدابير الضريبية في الحزمة ستزيد العجز بنسبة 3.8 تريليون دولار أمريكي على مدار عقد من الزمن، في حين أن الأحكام الأخرى ستخفض ما يقارب التريليون دولار أمريكي من الدعم الفيدرالي للتأمين الصحي وقسائم الغذاء على مدار تلك المدة.

وسيواجه "Medicaid"، وهو برنامج حكومي يوفر التأمين الصحي للأمريكيين ذو الدخل المنخفض، وهو التخفيض الأكبر في الحزمة، مع توقع مكتب الميزانية بالكونجرس لتخفيض ما يقارب 700 مليار دولار أمريكي في الإنفاق الفيدرالي. في حين أن قسائم الغذاء، وهي تُعرف رسميًا ببرنامج المساعدة الغذائية التكميلية أو "SNAP" ستواجه تخفيض بقيمة 267 مليار دولار أمريكي من الدعم الفدرالي.

وسيزيد مشروع القانون من شأن الإنفاق على الدفاع، وإنفاذ قوانين الهجرة، والأمن القومي الأمريكي، في حين يتم التراجع عن الإنفاق الفيدرالي في بعض المجالات الأخرى.

طباعة شارك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الديمقراطيون الجمهوريون مجلس النواب الأمريكي التأمين الصحي الأمريكي برنامج ترامب الاقتصادي مجلس الشيوخ بطاقة ائتمان مكتب الميزانية بالكونجرس الدعم الفيدرالي Medicaid الإنفاق الفيدرالي الأمن القومي الأمريكي

مقالات مشابهة

  • تخفيضات ضريبية وأحكام جديدة.. كيف يؤثر قانون ترامب على الثروة الأمريكية؟
  • مرصد الأزهر يستقبل وفدًا إندونيسيًا رفيعًا لبحث اتفاقية التعاون مع جامعة مالانج
  • هل يقبل الله التوبة مع تكرار الذنب؟ دينا أبو الخير تجيب
  • أنوار الصلاة على رسول الله عليه الصلاة والسلام
  • أمين الإفتاء: الرجل لا يملك الحق لمنع زوجته الإنفاق من مالها الخاص
  • ترامب يعتزم حضور قمة حلف "الناتو" في لاهاي
  • مشروع قانون الإنفاق الفيدرالي الأمريكي يمر بأغلبية ضئيلة في مجلس النواب
  • مراسل القاهرة الإخبارية: تحديات أمام مشروع قانون الإنفاق الأمريكي تؤخر إقراره
  • من تواضع للناس رفعه الله
  • ما حكم بيع سجاد الصلاة المكتوب عليه أسماء منها "لفظ الجلالة"؟ الإفتاء تجيب