في ذكرى رحيله.. أحمد راتب الذي عرف الدين من أم كلثوم وليس الواعظين
تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT
تحل اليوم الذكرى السابعة لوفاة الفنان أحمد راتب، والذي رحل عن عالمنا في 14 ديسمبر عام 2016، رحيلا مفاجئا عن عمر 67 عامًا، بعد تعرضه لأزمة قلبية حادة، حيث كان يعاني من مشاكل في الجهاز التنفسي، وتحديدًا مياه على الرئة.
500 عمل فني ما بين مسرح وتليفزيون وسينماالفنان أحمد راتب رحل وترك خلفه إرثا كبيرا من الأعمال الفنية تصل لـ 500 عمل فني ما بين مسرح وتليفزيون وسينما، لكن من أهم الأدوار التي أداها والمقربة لقلبه، هو شخصية محمد القصبجي، التي جسدها في مسلسل «أم كلثوم»، الذي عُرض نهاية عام 1999، وحقق نجاحا كبيرا وقتها، حيث جسَّدت دور البطولة فيه الفنانة صابرين وإخراج المخرجة الكبيرة إنعام محمد علي.
أحمد راتب لم يقابل محمد القصبجي يومًا من الأيام، لكن كُل من عاصر القصبجي أكد أنهم حين شاهدوا المسلسل كأنهم يستمعون ويشاهدون القصبجي بـ«شحمه ولحمه»، الأمر الذي أكد عليه راتب في لقائه مع الإعلامي مفيد فوزي، أنه ذاكر الشخصية جيدًا واستحضرها من خلال ورق السيناريست الكبير محفوظ عبد الرحمن فقط، لكنه لم يقابل القصبجي يومًا.
وعلى المستوى الشخصي أكد راتب خلال نفس اللقاء أنه يحب أم كلثوم حب شديد، بعيدًا عن المسلسل، لأنه كان يسهر الليل على أغانيها، سواء في مراحل المراهقة أو الشباب أو في الكبر، وأكد أنه عرف التدين من أم كلثوم أكثر من معرفته به من خلال الواعظين، لأن أم كلثوم غنت كثير من القصائد الدينية التي يحفظها عن ظهر قلب، حيث قال نصًا: "أنا تدينت على يد القصايد اللي غنتها أم كلثوم وليس على يد الواعظين".
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: أحمد راتب أم كلثوم أحمد راتب أم کلثوم
إقرأ أيضاً:
أحمد زيور باشا.. الحاكم الذي جمع القوة والعقل والإنسانية
أحمد زيور باشا، هذا الاسم الذي يلمع في صفحات التاريخ المصري، ليس مجرد شخصية سياسية عابرة، بل هو رمز للإصرار والعطاء والتفاني في خدمة وطنه.
ولد زيور باشا في الإسكندرية عام 1864 في أسرة شركسية تركية الأصل، كانت قد هاجرت من اليونان، لكنه بالرغم من جذوره الأجنبية، حمل قلبه وروحه على مصر، وجعل منها مسرحا لحياته المليئة بالعطاء والمسؤولية.
منذ نعومة أظافره، أظهر أحمد زيور براعة وحسا عميقا بالواجب؛ فقد التحق بمدرسة العازاريين، ثم واصل دراسته في كلية الجزويت ببيروت، قبل أن يتخرج من كلية الحقوق في فرنسا، حاملا معه العلم والخبرة ليخدم وطنه الغالي.
طفولته لم تكن سهلة، فقد كان صبيا بدينا يواجه العقوبات بحساسية شديدة، وكان العقاب الأصعب بالنسبة له مجرد “العيش الحاف”، لكنه تعلم من هذه التجارب الأولى معنى الصبر والمثابرة، وكان لذلك أثر واضح على شخصيته فيما بعد، إذ شكلت بداياته الصعبة حجر أساس لصقل إرادته القوية وعزيمته التي لا تلين.
عندما عاد إلى مصر بعد دراسته، بدأ أحمد زيور مسيرته في القضاء، ثم تقلد مناصب إدارية هامة حتى وصل إلى منصب محافظ الإسكندرية، وبدأت خطواته السياسية تتصاعد بسرعة.
لم يكن الرجل مجرد سياسي يحكم، بل كان عقلا مفكرا يقرأ الواقع ويفكر في مصلحة الوطن قبل أي اعتبار شخصي، تولى عدة حقائب وزارية هامة، منها الأوقاف والمعارف العمومية والمواصلات، وكان يتنقل بين الوزارات بخبرة وإخلاص، ما جعله شخصية محورية في إدارة شؤون الدولة، وخصوصا خلال الفترة الحرجة بعد الثورة المصرية عام 1919.
لكن ما يميز أحمد زيور باشا ليس فقط المناصب التي شغلها، بل شخصيته الإنسانية التي امتزجت بالحكمة والكرم وحب الدعابة، إلى جانب ثقافته الواسعة التي جعلته يجيد العربية والتركية والفرنسية، ويفهم الإنجليزية والإيطالية.
كان الرجل يفتح صدره للآخرين، ويمتلك القدرة على إدارة الصراعات السياسية بحنكة وهدوء، وهو ما جعله محل احترام الجميع، سواء من زملائه السياسيين أو من عامة الشعب.
عين رئيسا لمجلس الشيوخ المصري، ثم شكل وزارته الأولى في نوفمبر 1924، حيث جمع بين منصب رئاسة الوزراء ووزارتي الداخلية والخارجية، مؤكدا قدرته على إدارة الأمور بيد حازمة وعقل متفتح.
واستمر في خدمة وطنه من خلال تشكيل وزارته الثانية، حتى يونيو 1926، حريصا على استقرار الدولة وإدارة شؤونها بحنكة، بعيدا عن أي مصالح شخصية أو ضغوط خارجية.
زيور باشا لم يكن مجرد سياسي تقليدي، بل كان رمزا للفكر المصري العصري الذي يحترم القانون ويؤمن بالعلم والثقافة، ويجمع بين الوطنية العميقة والتواضع الجم.
محبا لوالديه، كريم النفس، لطيف الخلق، جسوره ضخم وقلوبه أوسع، كان يمزج بين السلطة والرقة، بين الحزم والمرونة، وبين العمل الجاد وروح الدعابة.
هذا المزيج الفريد جعله نموذجا للقيادة الرشيدة في وقت كان فيه الوطن بحاجة لمثل هذه الشخصيات التي تجمع بين القوة والإنسانية في آن واحد.
توفي أحمد زيور باشا في مسقط رأسه بالإسكندرية عام 1945، لكنه ترك إرثا خالدا من الخدمة الوطنية والقيادة الحكيمة، وأصبح اسمه محفورا في وجدان المصريين، ليس فقط كوزير أو رئيس وزراء، بل كرجل حمل قلبه على وطنه، وبذل كل ما في وسعه ليبني مصر الحديثة ويؤسس لمستقبل أفضل.
إن تاريخ زيور باشا يعلمنا درسا خالدا، أن القيادة الحقيقية ليست في المناصب ولا في السلطة، بل في حب الوطن، والعمل الدؤوب، والوفاء للعهود التي قطعناها على أنفسنا تجاه بلدنا وشعبنا.
أحمد زيور باشا كان نموذجا مصريا أصيلا، يحكي عن قدرة الإنسان على التميز رغم الصعاب، ويذكرنا جميعا بأن مصر تحتاج دائما لأمثاله، رجالا يحملون العلم والقلب معا، ويعملون بلا كلل من أجل رفعة وطنهم وشموخه.
ومن يقرأ سيرته، يدرك أن الوطنية ليست شعارات ترفع، بل أفعال تصنع التاريخ، وأن من يحب وطنه حقا، يظل اسمه حيا في ذاكرة شعبه، مهما رحل عن الدنيا، ومهما تبدلت الظروف.