ملح الجنوب اللبناني في صناعة السلام
تاريخ النشر: 13th, July 2023 GMT
الدكتور نسيم الخوري يمكن التكهّن بأن الصور المتدفٌقة من فلسطين باتت تنبع أساساً من القتل كان آخرها صباح أوّل من أمس في مخيّم جنين. لن يفقه أحد السبب والزمن والكيفية والنتيجة إلاّ بالسؤآل: ماذا تفعل الشعوب المضطهدة عبر غابات الزيتون حين تُقلع من جذورها Roots بهدف بناء المستوطنات سوى مقاومة الأجيال العارية للجرافات وأحجار المطاحن ؟.
لم يفرز العقل الدولي عبر 75 سنة حبة طحين صالحة لعجنها بزيت القدس، لتُلصق سلاماً فوق باب التاريخ الدامي الثقيل فتسقط الأوهام والتقارير الدولية بين إسرائيل والفلسطينيين توخّياً لفكّ عقدة السلام المستحيل. وكأنّ العالم أدمن تلك التراجيديا المتعسّلة بالكوارث وتقود إلى تجويف المقدسات في المسيحية والإسلام. أمامي النص الحرفي لتقرير «لجنة ميتشل» عن أوضاع الأراضي المحتلة. وضعته في 25 أيار2001 لجنة شرم الشيخ لتقصي الحقائق التي شُكّلت خلال “مؤتمر السلام في الشرق الأوسط”، لبحث أسباب العنف المتكرّرة والمفاجئة التي تندلع بين الفلسطينيين والإسرائيلين من دون تهيئة، وأهم ما فيه مجموعة من التوصيات وسرد المسؤوليات لمنع تكرار وقوع هذه الأحداث، وفي رأسها مسألتان أو عقدتان هما: المستوطنات والقدس. 1- لماذا جورج ميتشل (1972-1905) الذي لطالما مصرّاً أنّ ” النزاعات يصنعها البشر ويواصلونها وهم وحدهم القادرون على إيجاد حلولٍ نهائية لها أو وضع حدٍّ لها” ؟ هو سياسي أميركي معروف إبن حارس مبنى إيرلندي/ أميركي (تبنّته مهاجرة لبنانية هي ماري سعد أصلها من قريتي الكفير في جنوبي لبنان)، ساعدته على إكمال دراسته في القانون وكان يعمل سائقاً وحارساً ليليّاً ليبدأ حياته محامياً ثم مدعيا عاما ثم قاضيا. شغل خلال ولايتي جورج بوش وبيل كلينتون منصب الأكثرية في مجلس الشيوخ الأميركي( 1989-1994). كلّفه كلينتون، بعد تقاعده النيابي سنة 1995، بملف مفاوضات السلام في إيرلندا الشمالية، المهمة التي وصّفها في كتابه “صنع السلام” بالأقسى والأنجح ليتابع من 1995 إلى 2000 رئيساً أوّل لمجموعة الأزمات الدولية وهي منظمة أميركية تعنى بتفكيك الأزمات في العالم. اعتبر الرئيس باراك أوباما ميتشل بأنّه صاحب “مواهب خارقة في التفاوض” إثر نجاحه في التوصل لاتفاق سلام تاريخي في إيرلندا الشمالية ولهذا أوفده في ال2000 رئيساً للّجنة الدولية حول الشرق الأوسط التي حملت إسمه لإنهاء العنف المتكرر والمتمادي بين الإسرائيليين والفلسطينيين حيث وضع ميتشل تقريراً مات وشئت إحياءه لموضوعيته ولكونه كان جوازالتحاق ميتشل في ال2002 خبيراً مرموقاً بمركز النزاعات الدولية بجامعة كولومبيا. 2- ماذا في خلاصات تقرير ميتشل؟ أ- في المستوطنات :« تتحمل حكومات إسرائيل وحدها مسؤولية المساهمة في إعادة الثقة. بات من الصعب جداً بل المضني دوليا، المحافظة على وقف العنف بين الفلسطينيين والإسرائيلييين إن لم تجمّد الحكومة الإسرائيليية أنشطتها في بناء المستوطنات، وعليها أن تُقرّر جيداً ما إذا كانت هذه المستوطنات هي نقاط احتكاكٍ حقيقية أو وسائل مهمة للمقايضة في مفاوضات مستقبلية أو أنها ستبقى مكامن استفزاز قادرة على أن تحول دون بدء أية مفاوضات مثمرة». ب- في المختصر التاريخي: تمتّع إسرائيل منذ تأسيسها بدعم قوي من الولايات المتحدة الأمريكية بكونها الصوت الوحيد المؤيد للعدو الإسرائيلي، ولكن حتى في العلاقات متينة إلى هذا الحد، كانت تقوم بعض دواعي الخلاف بيننا وبينها حول معضلة المستوطنات… أذكّر بما أعلنه جيمس بيكر، وزير الخارجية الأمريكية، عندما قال:« في كل مرة قصدت فيها إسرائيل لمهمة تتعلق بالسلام، كنت استقبل بإعلان عن نشاط استيطاني جديد. هذا انتهاك لسياسة الولايات المتحدة، ومسألة الاستيطان هي أول مسألة يثيرها الفلسطينيون في أراضيهم الذين يعيشون في وضع بائس حقاً، كما يثيرها العرب. لا أظن أن هناك عقبة تعترض السلام أكبر من العقبة التي يشكلها النشاط الاستيطاني الذي يستمر بصورة متسارعة”. “تمثل هذه السياسة، في جوهرها، يكتب ميتشل، سياسة كل الإدارات الأمريكية خلال العقود المنصرمة”، وينتقد بإسهاب تركيا والنروج ودول الاتحاد الأوروبي حيال سياسة الاستيطان غير الشرعية في القانون الدولي المناهضة للاتفاقيات السابقة”. ويتابع في الأماكن المقدسة، بأنه « لا يُعقل أن تتحول أماكن مثل الحرم الشريف/جبل الهيكل في القدس، وقبر يوسف في نابلس، وقبر راحيل في بيت لحم إلى مسارح للاستيطان والعنف والموت، وهي أماكن سلام وصلاةٍ وتأمل يجب أن تكون مفتوحة لكل الديانات». صحيح أنّ لكلّ النزاعات حلولاً، لكنّ ميتشل ختم تقريره بكلمتين:” إنّ المشهد الدبلوماسي والسياسي في الشرق الأوسط سيكون حلّ أصعب بكثير من ملف إيرلندا الشمالية”.
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
رسالة من عباس إلى ترامب تتضمن استعداده لـاتفاق شامل مع إسرائيل
بعث رئيس السلطة محمود عباس، اليوم الأربعاء، رسالة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وأبدى فيها استعداده للعمل من أجل التوصل إلى "اتفاق سلام شامل" مع إسرائيل، يحقق الأمن والاستقرار للجميع.
وبحسب الرسالة التي نشرتها وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، فقد عبّر عباس عن بالغ شكره وتقديره لجهود ترامب الناجحة في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، مضيفا أن "الاتفاق خطوة ضرورية وهامة لنزع فتيل الأزمات التي يعاني منها العالم، ما ينعكس إيجابا على أمن واستقرار منطقتنا".
وتابعت عباس قائلا: "وقف الحرب على غزة يشكل خطوة إضافية في جهود ترامب المهمة، الساعية لإحلال السلام العادل والشامل بيننا، وبين الإسرائيليين، وفي العالم أجمع، وإعطاء الأمل لشعوب منطقتنا بأن السلام يمكن أن يتحقق، وأن العدالة يمكن أن تسود، إذا ما توفرت الإرادة والقيادة التي تمثلونها".
ويرتكب الاحتلال الإسرائيلي بدعم أمريكي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إبادة جماعية بقطاع غزة خلفت نحو 188 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.
التفاوض فورا
وقال عباس إنه "مستعد بالكامل للعمل عن كثب مع الرئيس ترامب والأطراف العربية والدولية ذات العلاقة، للتفاوض فورا، من أجل التوصل إلى اتفاق سلام شامل (مع إسرائيل) وتنفيذه، ضمن إطار زمني واضح وملزم ينهي الاحتلال، ويحقق الأمن والاستقرار للجميع، سلام عادل ودائم، قائم على الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية (للعام 2002)".
وأكد عباس في رسالته "استعداد دولة فلسطين للعمل مع الرئيس ترامب والمملكة العربية السعودية، والدول العربية والإسلامية، وشركائنا الأوروبيين والدوليين، من أجل تحقيق وعد السلام، وصولا إلى تحقيق الأمن والاستقرار للجميع".
صنع تاريخ جديد
وقال: "معكم، يمكننا تحقيق ما كان يبدو مستحيلا: فلسطين معترف بها حرّة ذات سيادة وآمنة، وإسرائيل معترف بها وآمنة، ومنطقة تنعم بالسلام والازدهار والتكامل".
وأردف قائلا: "يحدونا الأمل والثقة بقدرتكم على صنع تاريخ جديد لمنطقتنا يعيد السلام المفقود منذ أجيال طويلة".
وخلال مؤتمر صحفي مقتضب مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو" مارك روته، على هامش قمة الحلف المنعقدة بمدينة لاهاي الهولندية أعرب ترامب الأربعاء، عن اعتقاده بأن التوصل لاتفاق لإنهاء الحرب بقطاع غزة "بات وشيكا جدا"، على خلفية "القوة" التي أظهرتها واشنطن بضرب منشآت نووية داخل إيران.
وفي 13 يونيو/ حزيران الجاري، شنت إسرائيل بدعم أمريكي عدوانا على إيران استمر 12 يوما، شمل مواقع عسكرية ونووية ومنشآت مدنية واغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين، وردت طهران باستهداف مقرات عسكرية واستخبارية إسرائيلية بصواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.
وبعد أن هاجمت بدورها منشآت نووية بإيران، أعلنت الولايات المتحدة في 24 يونيو الجاري وقفا لإطلاق النار بين طهران وتل أبيب.