محمد أبوزيد كروم: مؤامرة الإمارات الجديدة على السودان عبر بوابة الايقاد!!
تاريخ النشر: 15th, December 2023 GMT
-صبيحة يوم انعقاد قمة رؤساء دول وحكومات الإيقاد الطارئة التي عقدت بجيبوتي صباح أمس الأول السبت، سألت ضابط رفيع بالقوات المسلحة وبكابينة القيادة عن توقعاته للقمة المنتظرة ومخرجاتها، كان رد الضابط الرفيع في جملة واحدة فقط (أن الحلول الخارجية تحتاج إلى نجاحات في الميدان).
– من واقع إمكانيات الجيش وقدرات تحركه فإنه يستطيع أن يفعل الكثير في ميدان معركة الخرطوم وخارجها، يمكن للجيش والقوات المساندة أن تنتشر وتنفتح في الخرطوم لمحاصرة بقايا المرتزقة والجنجويد وتحقق نصر ميداني كاسح في وقت وجيز ولكن!!
– معطيات الميدان وما حدث أخيراً بجبل أولياء وغيرها تؤكد أن هنالك رغبة لقيادة الجيش في حل تفاوضي دون حسم بين طرفين في إحدى المنابر الخارجية!!
-ذهب البرهان إلى جيبوتي في قمة رئاسية مهمة ومنقوصة من رؤساء مهمين مثل سلفاكير ووليم روتو وموسيفيني، وبحضور من المبعوث الأمريكي ” مايك هامر” ومبعوث الأمم المتحدة “رمطان لعمامرة” هذا ما كان منشوراً عن شكل القمة والتمثيل.
-لا يخفى على أحد ضعف الايقاد وعجزها المعلوم، ولكن ظن البعض أنها ستكون بديل مقبول ومكمل لمنبر جدة المتعسر، ولكن الصحيح أنها كانت خطة بديلة لإكمال المطلوب في السودان مستغلين ضعف الايقاد وفقر قيادتها.
– لقد كان البيان الختامي للايقاد الذي رفضه السودان قمة في الانحطاط والسفاهة، بيان صادر من دولة الإمارات كاملاً .. يبدو أن الإمارات وفي سبيل تحقيق مشروعها في السودان غير مهتة بإتهامات وتحركات السودان العلنية ضدها، هي ماضية في مشروعها وأخر ذلك دفعها للأموال لدولة جنوب السودان كما فعلت مع تشاد.. لقد حمل بيان الايقاد نقاط خطيرة، والتي علقت عليها الخارجية السودانية بالرفض وقالت إن السودان غير معني بها حتى تقوم الرئاسة بتصحيحها وفقاً لملاحظات السودان؛ وهذه أبرزها:
– حذف الإشارة لمشاركة وزير الدولة بالخارجية الإماراتية؛ لأن ذلك لم يحدث.
– حذف الإشارة لمشاورات رؤساء ايغاد مع وفد الدعم السريع، لأن البرهان لم يشارك فيها وهو أحد رؤساء إيغاد.
– تصحيح ما ورد بشأن موافقة البرهان على لقاء حميدتي.
– تخيلوا أن أعلاه نقاط صادرة من بيان ايقاد المرفوضة من قبل السودان!!
– يحمل البيان حضور وزير إماراتي ومشاورات رئاسية مع وفد التمرد، وموافقة من البرهان للقاء قائد التمرد.. وكل هذا بحسب بيان الخارجية السودانية لم يحدث!! أليس هذا عهر وفسوق غير مسبوق من قادة إيقاد!! أم ماذا نسميه!!
– بهذا تكون ايقاد قد اصبحت في اعداد الموتى بالنسبة للسودان .. وهي منظمة فاشلة غير موثوق فيها، وعلى السودان أن يتخذ قرار حاسم تجاه وجوده فيها فوراً.
– السؤال الأخير والمهم في ظل ما نعيشه من اضطراب شامل، هل كانت تعلم القيادة السودانية خفايا وكواليس ما جاء في بيان الايقاد ؟ أم أن الإيقاد قد كشفت مخططها الخبيث لوحدها!! أم أن الصحوة الإعلامية والشعبية ضد ما يحاك قد كشف المستور وساقه للعلن..
– على الجميع أن يعلم أن بعد الذي حدث للسودان والسودانيين لم يعد ممكنا العودة إلى ما قبل 15 أبريل وأنه مهما وضعت من خطط لن يتشكل واقع جديد يصطحب أحلام الأشخاص في السلطة على حساب الثمن المدفوع .. على القيادة أن تفهم ذلك وتمضي في الحلول المشروعة التي يقبلها الشعب السوداني حتى تنجو بنفسها.. فالعب صار على المكشوف في الميدان المحروق!!
محمد أبوزيد كروم
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
ظفار أرض اللبان والتباشير.. ولكن!
خالد بن سعد الشنفري
هبَّة جديدة من هبات ظفار حدثت في كل وسائل التواصل الاجتماعي ولم تهدأ بعد.. وذلك حول استبدال اللبان وشجرته كهوية وشعار للمُحافظة واستبداله بوسم وشكل التباشير.
كواحد من أبناء هذه المُحافظة تابعت كل ذلك دون أن أدلي برأيي حوله؛ فقد كنت متوقفًا عن الكتابة لظروف خاصة، إضافة إلى أنني منشغل حاليًا بإعداد كتابي الجديد "ظفار.. ذاكرة زمان ومكان" الذي سيصدر قريبًا؛ لذا آثرت التروي حتى تهدأ النفوس فقد كفى ووفى الناشطون في وسائل التواصل وأصحاب الأقلام.. غير أن الكثير من الزملاء ومن قرائي ألحوا عليَّ بالكتابة عن هذا الموضوع المهم.
وإحقاقًا للحقيقة والتاريخ نقول إنَّ وسم "التباشير" لا يقل أهمية عن وسم "شجرة اللبان"؛ فكلاهما تاريخيًا من صميم إرث ظفار وقد سبق لي أن نشرت مقالًا في جريدة الرؤية الغراء، بتاريخ 4 ديسمبر 2021، عن التباشير واللبان بعنوان "التباشير والزاوية واللبان" كموروثات تاريخية ظفاريّة، وسأقوم بتذييل مقالي هذا برابط المقال القديم لمن أحب الاطلاع عليه، وسأضمنه كذلك كتابي الجديد المعزم نشره في فترة خريف هذا العام بإذن الله.
اللبان والتباشير كلاهما ارتبطا بظفار تاريخيا ولازالا إلى اليوم.
والتباشير هي من علامات ومميزات المعمار الظفاري القديم على أسطح بيوتها ومساجدها وزواياها وحتى أضرحة أوليائها والصالحين، ولا زالت شامخة إلى اليوم ولا تخطئها عين أي زائر للمحافظة، وهي مع منظرها الصوري الجمالي هذا كانت أيضًا قرينة اللبان وتستخدم لوضع مجامر بخور اللبان الكبيرة عليها وحرقه في الأجواء ترحيبا بالزائرين وفي المناسبات كما أن مجامر اللبان والبخور الظفارية يوجد على أعلاها شكل التباشير وهذا دليل الارتباط التاريخي بين الإثنين شكليا وعمليا أيضا.
لغويًا.. التباشير حسب المجامع اللغوية تعني البُشرى وأوائل الأشياء أو باكورتها؛ فيقال تباشير الخريف وتباشير الصباح، مثلما يُقال تباشير الرطب في محافظات عُماننا الحبيبة، وتباشير موسم الفتوح في ظفار الذي كان يترقبه أبناء ظفار بعد انتهاء فترة الخريف، وتهدأ زمجرة أمواج بحره العاتية، ويستقبلون السفن التجارية الخشبية القديمة إلى ظفار مُحمَّلة بمختلف البضائع وتحمل في ذهابها منتوجات ظفار من لبان وقطن وفلفل أحمر وجلود وسمن بلدي وأسماك سيسان مرباط المجففة (الصافي) والصفيلح وغيرها.
ومن المفارقات وأنا أكتب هذا المقال تتلبد كتل السحب الكثيفة سماء الشريط الساحلي لظفار وتحجب شمس هذا الأيام الحارة، فنحن في "نجم الكليل" أشد نجوم ظفار حرارة ورطوبة على الإطلاق، ما قبل موسم الخريف؛ وكأنها استجابة القدر للوحات شعار التباشير الذي زُيِّنت به صلالة وشوارعها وأبت إلّا أن تشاركهم وتُبشِّر بالخريف قبل حلوله فلكيًا بعد شهر من الآن؛ جعلها الله سحب غيث ماطر يروي الأرض وينبت الزرع ويدر الضرع والمرعى ليتواصل مع التوقيت الفلكي له في الثالث والعشرين من يوليو القادم.
أما اللبان، فهي شجرة مميزة تحمل ثمرتها اللبان وسط أحشاء سيقانها ويحسبها الظفاريون مباركة عليهم، وهذا لم يكن ينطبق على ظفار وعمان فقط بل كانت كذلك لشعوب وحضارات قديمة منذ آلاف السنين وكانت مصدر رزق رئيس وثراء لظفار حتى حيكت حولنا أساطير وحكايات قديمة لديهم بأننا البلاد السعيدة وأرض العمالقة، ويحلو للبعض اليوم وصفه بالنفط الأبيض لتلك الحقب الزمنية ولا زال يقوم بهذا الدور مع الفارق طبعًا وإلى وقتنا الراهن، ويحرص كل من يزور ظفار في خريفها أو أي من مواسمها المعتدلة عموما على اقتنائه وأصبح حاليًا يدخل في صناعة العطور الراقية ومستحضرات التجميل والحلوى العمانية وحتى الدواء.
محافظة ظفار من المناطق القليلة جدًا على مستوى العالم بنمو هذه الشجرة ومن أفضله جودة وشهرة على الإطلاق، وقد ارتبط تاريخيًا اسمها به على مستوى العالم، بعكس التباشير التي تشترك معنا مناطق عديدة في العالم العربي فيها، ولا مقارنة بينهما تاريخيًا، فبيمنا تمتد شهرة اللبان الظفاري الذي كانت سمهرم شرقًا والمغسيل غربًا أهم موانئ تصديره للعالم قبل أكثر من 3 آلاف عام نجد بالمقابل أن مدينة البليد عاصمة ظفار القديمة قبل 700 عام تخلو مبانيها من التباشير وهذا دليل على دخوله إلى معمارنا بعد هذا التاريخ.
وإذا ذكر أمامك اسم مصر تستحضر مباشرة الأهرامات، واسم الصين سورها العظيم، وباريس برج إيفل، واليمن ناطحات سحابها، والإسكندرية منارتها، وكذلك ظفار أول ما يتبادر للذهن عند ذكر اسمها هو اللبان وخريفها، لا تباشيرها.
وإذا جاز لنا من اقتراح بهذا الصدد؛ فنتمنى أن يقتصر شعار التباشير على موسم خريف هذا العام فقط، خصوصًا وأنه قد تم نشر لوحاته على معظم شوارعنا الرئيسية، ونعتبره تباشير خريف هذا العام، أما اللبان وشجرته فيجب أن تظل الشعار والهوية للمحافظة؛ كي لا يُقال عننا- ومع الأسف الشديد لقول ذلك- "أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير".
كنَّا نتمنى أن تنتشر شجرة اللبان في كل شوارعنا وعلى دوراتها وكل جوانبها جنباً إلى جنب، كما نعمل لنخلة النارجيل بدل أن نخرجها من المشهد والصورة لتنزوي؛ فأول ما يهُم الزائر لنا في المحافظة هو النخلة ومشلاها وكذا شجرة اللبان ولبانها وبخورها.
مبارك علينا جميعا تباشير خريف هذه السنة المبكر وكل عام وأنتم في خريف وتباشير وعبق لبان.
رابط مختصر