بلومبرغ: أمير الكويت يواجه مشكلات قديمة ولا تغيير في السياسة الخارجية والنفطية
تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT
قالت وكالة "بلومبرغ" الأميركية، إنه سيكون على أمير الكويت الجديد، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، تنفيذ إصلاحات سياسية لمشاكل "قديمة" في البلاد، مضيفة أن التوقعات تشير إلى أنه "لن يكون هناك تغير كبير بالسياسة النفطية أو الخارجية" في الدولة الخليجية.
وأعلن الديوان الأميري في الكويت، السبت، وفاة أمير البلاد، الشيخ نواف الأحمد الصباح، ليتولى الحكم بعده ولي العهد، الشيخ مشعل الأحمد الصباح (83 عاما).
وكان الأمير الحالي بمثابة الحاكم الفعلي للبلاد منذ عام 2021، عندما فوضه الأمير الراحل بممارسة معظم مهامه الدستورية.
وأوضح تقرير بلومبرغ، أن الحاكم الجديد مثل سلفه، سيكون عليه مواجهة نفس "الخلل السياسي"، الذي يمثل عقبة في وجه الاقتصاد، مضيفًا أن هناك "جهودا بدأت للتوفيق" بين البرلمان الوحيد المنتخب في الخليج، وبين الحكومة التي يشكلها الأمير بنفسه. وكان الشيخ مشعل الصباح قد أعرب عن دعمه لضخ وجوه جديدة في الحكومة، وفق بلومبيرغ.
كما لفتت الوكالة إلى أنه "من غير المرجح" أن يحذو الأمير الجديد حذو الإمارات والسعودية في تسليم السلطة لجيل أصغر سنًا، حينما يتعلق الأمر باختيار ولي العهد، والذي قضت العادة أن يتم اختياره على أساس الخبرات الواسعة، جانب ضرورة أن يكون من نسل الشيخ مبارك الصباح، الذي يعتبر مؤسس الكويت الحديثة والذي توفي عام 1915.
وصرح الأستاذ المساعد بجامعة الكويت، بدر السيف، لبلومبرغ: "يجب أن يكون التركيز على ما إذا كانت القيادة القادمة -سواء ولي العهد أو الحكومة- ستحقق النجاح أم لا، بغض النظر عن مسألة العمر".
وولد الشيخ مشعل عام 1940 وعُرف عنه حبه للقنص والرحلات البرية، وكذلك بعده عن النشاط السياسي، وقضى معظم حياته المهنية في المساعدة في بناء أجهزة الأمن والدفاع في البلاد.
وهو الأخ غير الشقيق للأمير الراحل نواف، والابن السابع لحاكم الكويت الراحل الشيخ أحمد الجابر الصباح.
وكان الأمير الحالي، الرجل الأقوى في جهاز الحرس الوطني، الهيئة العسكرية المستقلة عن الجيش والشرطة، التي تأسست عام 1967 لدعم القوات المسلحة وهيئات الأمن العام.
وظل رئيسا لجهاز أمن الدولة لنحو 13 عاما بعدما انضم إلى وزارة الداخلية في الستينيات من القرن الماضي.
وفيما يتعلق بالسياسة النفطية أو الخارجية للكويت، أشار تقرير بلومبرغ إلى أنه من غير المرجح حدوث "تغييرات جوهرية"، ويتماشى ذلك مع تقرير لرويترز، السبت، قال إنه من المتوقع أن يُبقي الشيخ مشعل على السياسات الخارجية الكويتية الرئيسية، ومنها دعم وحدة دول الخليج العربية والتحالفات الغربية والعلاقات الجيدة مع الرياض، وهي علاقة ينظر إليها على أنها ذات أولوية قصوى بالنسبة له.
وربما يتطلع الشيخ مشعل أيضا، وفق رويترز، إلى "توسيع العلاقات مع الصين" التي تسعى للعب دور أكبر في المنطقة، خصوصا بعد أن رعت بكين اتفاقا لتطبيع العلاقات بين إيران والسعودية في مارس.
وقال مصدر كويتي لرويترز، إن الشيخ مشعل "يرغب في الاستقرار ويؤكد أهمية علاقة الكويت مع السعودية بشكل خاص"، مضيفا أن أمير الكويت الجديد "قلق إزاء الوضع في المنطقة واندلاع الحروب فيها".
وذكرت بلومبرغ أن هناك "ضغوطا متزايدة" تطالب بنوع من الإصلاح السياسي في البلاد.
وتسيطر المعارضة الكويتية على المجلس التشريعي المؤلف من 50 عضوا، لكن ذكرت الوكالة أن العلاقات الجيدة بين رئيس الوزراء الحالي أحمد النواف الأحمد الصباح، ونواب المعارضة، مهدت الطريق لعلاقات أكثر سلاسة بين المشرعين والحكومة عقب سنوات من الخلاف.
ولفتت بلومبرغ إلى أن الكويت تعد من أغنى دول العالم، لكنها افتقرت لحكومة مستقرة لسنوات، مما جعل هناك تأخيرا في إقرار القوانين، ومن بينها مشروع قانون يسمح للحكومة بالاقتراض أو السحب من الصندوق السيادي للبلاد، مما يجعل الدولة عرضة لأزمات وقت الصدمات الخارجية، على غرار وباء كورونا.
وسجلت الكويت أول فائض لها خلال العام الماضي في شهر مارس، منهية 9 سنوات من العجز، في ظل طفرة الإيرادات النفطية والسيطرة بشكل أكبر على الإنفاق، وفق بلومبرغ.
وكان الأمير الراحل قد بدأ خطوات لتخفيف الأزمة مع النواب وعقد مصالحة وطنية، بحسب بلومبرغ، شملت العفو عن عدد من المعارضين والناشطين في الخارج.
ويأمل كويتيون في أنه مع استمرار مثل هذه الخطوات، ستتعاون الحكومة والبرلمان لحل القضايا المتعلقة بالإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وفق الوكالة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الجابر الصباح أمیر الکویت نواف الأحمد الشیخ مشعل إلى أن
إقرأ أيضاً:
حجرُ الأحزاب في بركة السياسة
12 دجنبر، 2025
بغداد/المسلة:
رياض الفرطوسي
من قبل سقوط النظام كان الحزب أشبه بصوتٍ واحدٍ يعلو فوق الجميع: لا يُناقَش، لا يُجاوَر، ولا يُزاحم. المعارضات كانت في المنافي، تُراكم ضوءها على نارٍ صغيرة، تنتظر لحظة العودة. لكن حين انهار الباب الحديدي عام 2003، لم تخرج السياسة بهدوء… بل انفجرت، وانفتح
المشهد حتى كاد يتشظّى من فرط الكثرة.
ظهرت الأحزاب كما لو أن الأرض أفرزتها دفعة واحدة: مئات اللافتات، عشرات الزعامات، وخطابات تتشابه حتى يُظنّ أنها خرجت من ورشةٍ واحدة. وبدلاً من أن تُحدث هذه الكثرة موجة حياةٍ سياسية، صنعت دوامةً بلا اتجاه. كل حزب يحمل هدفاً، وكل هدف يذوب بين الطائفة والهوية والغنيمة.
ثم جاء الشباب… لا كما حلمنا أن يأتوا، لا بوصفهم طلائع تُضيف معنى وتبني فكرة. جاءوا متعبين، يبحثون لا عن مشروعٍ ولا عن دور، بل عن «موقع» أو «فرصة» أو (امتياز). في زمنٍ صارت فيه الأحزاب بواباتٍ للترقي الوظيفي لا للارتقاء الفكري، وفي زمن صار فيه (الانتماء) بطاقةً للعبور أكثر منه إيماناً بمبادئ.
هكذا انقلب المشهد: بدلاً من أن تكون الطلائع الشابة رافعةً تعيد للحزب روحه، صار الحزب هو من يُغذي الأعضاء بالوعود والمغانم، حتى تفَرَّغت الأحزاب من مضمونها التربوي والفكري، وصارت أقرب إلى شبكاتٍ تنظيميةٍ تبحث عن القوة العددية أكثر مما تبحث عن القوة الأخلاقية.
ومع ولادة كل قضية اجتماعية، تولد معها أحزاب جديدة تقدم (رؤى للحل) على الورق، لكنها في العمق تتزاحم على صوتٍ واحد: صوت النفوذ. تاريخ الأحزاب يمتد عبر العصور، سريةً وعلنية، لأنها الوسيلة الأكثر منطقية حين تعجز قوة الفرد عن مواجهة الدولة أو المجتمع أو الخارج. هذا ما نعرفه نظرياً… لكن الواقع العراقي تَفَصَّل بطريقةٍ أخرى.
ففي ظل العراق الجديد، لم تعد الأحزاب فقط كيانات سياسية تُحاول أن تُمثّل جماهيرها. صار بعضها (أحزاباً صغيرة) تُنشئها الأحزاب الكبيرة، كظلالٍ لها: واجهات تُبرقِع المسارات، أو أدوات لتشويش الخريطة، أو إشارات تُوحي بأن هناك «تنوعاً» بينما هو تنسيقٌ مقنّع. لعبةٌ تُؤدى على مسرح كبير، لا يعرف الجمهور تماماً من الذي يكتب النص.
وحين يعجز الحزب عن تمثيل الحقيقة المجتمعية — حين يفشل في صقل طبقته المستهدفة، أو يعجز عن تقديم قراءة ثاقبة للحدث — يذوي حوله الجمهور شيئاً فشيئاً. يبتعد الناس كما يبتعد الطير عن شجرة لم تعد تعطي ظلاً. لا يبقى سوى الهياكل: مقرات بلا فكرة، شعارات بلا روح، ووجوهٌ تُكرر ما لا تؤمن به.
يزداد هذا التآكل حين يتحول الخطاب إلى ازدواجية: قولٌ في العلن و قولٌ آخر في السر، وعندما يتجاور النفاق السياسي مع الجهل الثقافي، في مساحةٍ تتداخل فيها النخب السياسية مع النخب الثقافية دون أن تنتج رؤية مشتركة. إنها مساحةٌ ضبابية لا تُنتج فكراً ولا تفتح أفقاً. وحين نصل إلى الجذر العميق للأزمة، نجد أن تغييب الفرد في ثقافتنا كان عاملاً حاسماً في إجهاض أي تعددية سياسية حقيقية. نحن، بثقل الموروث، لم نمنح الفرد فرصة ليقف مستقلاً، ربّيناه ليكون ظلّ جماعته لا صوته الخاص. وفي اللحظة التي يحاول فيها اتخاذ قرار، تنهض العائلة والعشيرة والطائفة لتعيده إلى (الحظيرة) القديمة. وهكذا ينمو الفرد نصف مكتمل: يتكلم بثقة، لكنه يتصرف بتردد. وفي غياب الفرد الحرّ، تتولد أحزاب بلا روح، هياكل بلا مشروع، وتيارات تذوب عند أول امتحان. فالتعددية تحتاج أناساً أحراراً لا مجموعات تتحرك بدافع العرف والولاء. ولذلك لم تكن التعددية عندنا مشروعاً سياسياً بقدر ما كانت زينة لغوية… بينما التعدد الحقيقي الوحيد الذي نجحنا فيه، وبامتياز مبهر، هو تعدد الزوجات.
اليوم، يبدو العراق كبركةٍ طال سكونها، تحتاج إلى حجرٍ يُلقى فيها لا ليُحدث ضجيجاً عابراً، بل ليوقظ الماء من غفوته الطويلة. حجرٌ لا يُضيف حزباً إلى ازدحام الأحزاب، بل يضيف فكرة إلى جفاف الأفكار؛ حزبٌ يعيد للمثقفين مكانتهم الطبيعية في قيادة المزاج العام، وينهض بالطبقة الوسطى من سباتها، ويصلُ بالشباب إلى المعنى قبل المصلحة، ويُعيد تعريف الولاء باعتباره انتماءً للدولة لا ارتهاناً لسلطاتها العارضة. حزبٌ يمنح السياسة وجهاً يشبه حياة الناس، لا تشبه مقايضات السياسيين.
قد لا يتغيّر شكل الماء عند أول ارتجاجة، لكن ما في القاع سيتحرّك، وسيعرف السكون أن زمنه لم يعد مطلقاً. والعراق، بعد هذه السنوات الثقيلة، يستحق ارتجافةً تعيد إليه نبضه، وتذكّره بأن المعنى يمكن أن يعود… إذا وُجد من يملك الشجاعة ليرمي الحجر.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts