علي جمعة: التلاعب باللغة وألفاظها يفتح علينا أبواب شر كبيرة
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
قال علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، إن الاهتمام بالأسماء والمسميات له أثر كبير في عقلية المجتمع، وفيما يتبناه الناس، وفي تكيف العلاقات، ولذلك أُمِرنا في الشريعة بألا نتلاعب بالأسماء في مقابل المسميات والمعاني، يقول ربنا سبحانه وتعالى -وهو يحذر من الشرك ومن الوقوع فيه، بناء على التلاعب بالأسماء-: (إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الهُدَى).
ويخبر النبي ﷺ أن هذه العلة سوف تصيب أمته، وأن بعض الناس سوف يستحلون الحرام بناء على تلاعبهم بهذه القضية، فقد ثبت أن «أبا مسلم الخولاني حج، فدخل على عائشة -زوج النبي ﷺ- فجعلت تسأله عن الشام وعن بردها، فجعل يخبرها، فقالت: كيف يصبرون على بردها ؟ قال: يا أم المؤمنين، إنهم يشربون شرابا لهم يقال له الطلا. قالت: صدق الله، وبلغ حبي صلى الله عليه وسلم، سمعته يقول: إن ناسا من أمتي يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها» [أخرجه الحاكم في المستدرك وقال على شرط الشيخين].
ولقد بدأ يشيع في مجتمعنا شيء من عدم ضبط الأسماء، مما يترتب عليه استحلال الحرام، وشيوع الفساد، وقبول الفاحشة، وهو ما يهدد السلام الاجتماعي، وعلاقة الإنسان في سلامه مع ربه، باستهانة غريبة عجيبة يحاول فيها بعض المتصدرين بأن يشرع للناس بتجربته الخاصة وهواه أيا ما كان نوع هذا الهوى، وأن يحدد له معيار القبول والرد، حتى دخل فيمن قال الله فيهم: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ). وهذا النوع من الناس قال الله فيه: (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا) لأن التلاعب بالأسماء يقطع التواصل الثقافي، ويحدث حالة [حوار الطرشان] ومن أمثلة ذلك: تسمية الزنا بالعلاقة، فنرى في برامج كثيرة تتكلم البنت ويتكلم الولد عن أن بينهما علاقة، وعندما نستمع إلى نهاية الحديث يتبين أنها زنا صريح، نشأ منه في بعض الأحيان حمل، ويسمى الزنا عندهم أيضا بالحب، وبالحميمية، وبالارتباط، وفي كل هذه الأسماء محاولة للبعد عن المردود السمعي السلبي القبيح لكلمة الزنا التي تنفر منها النفوس، وترتبط ارتباطا واضحا بكلمة الفاحشة، وبما لها أيضا من دلالة يلزم معها البعد عنها واستنكارها.
فالتلاعب باللغة وألفاظها يفتح علينا أبواب شر كبيرة، حيث يُستحل الحرام، ويُحرم الحلال، ويُأمر بالمنكر ويُنهى عن المعروف، وذلك كله عكس مراد الله من خلقه.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: القلوب القاسية قد تنفجر منها ينابيع الرحمة
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ان قلوب البشر ليست واحدة، فقد يكون القلب غليظًا قاسيًا ، وقد يكون رقيقًا لينًا، قال تعالى: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً}.
واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ان الحجارة شأنها الصلادة والصلابة, فهناك أناس قلوبهم كالحجارة، تُذكِّرهم بالله فكأن في آذانهم وقر.
لكن هل يمكن أن يأذن الله لتلك القلوب القاسية أن تتفجر منها منابع الخير؟ نعم، الله يفعل ما يشاء! ربما يهدي الله ذلك القلب القاسي، فيتحول إلى ينبوع من الخير، وهذا يوصلنا إلى أمر مهم؛ أننا لا نحتقر أحدًا من الناس ولا نحتقر عاصيًا , وإنما نكره فعله. نحن لا نحب القتل, ولا نحب السرقة, ولا نحب الكذب وشهادة الزور, والحقد والحسد.
فأنا أكره الفعل السيء, لكن لا أكره الإنسان حتي ولو ارتكب هذا الفعل.
أنكر عليه وأنكر فعله، وربما أعاقبه عقابًا شديدًا, ولكن لا أكرهه ؛ لأنني إذا كرهته لن أستطيع دعوته وإرشاده إلى الخير. فيجب علينا ألا نحقر أحدًا من البشر، ولكن نحقر أفعالهم وقسوة قلوبهم, مع تمني الخير لهم والسعادة.
ونقول: إن هذا الحجر يمكن أن يتفجر منه الأنهار, فنفتح له بذلك باب الرحمة وباب الخير، ولا نيأس من رحمة الله.