المثقفون الجنجويد النظرات والعبر وشوبنهاور
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
المثقفون الجنجويد النظرات والعبر وشوبنهاور
أي نقاش مع أمثال هؤلاء المثقفين السودانيين ؟ من أين نبدأ الكلام ومتى ننهيه ؟
” المثقفون ” وأعني تحديدا تلك الفئة المشتغلة بالإنتاج الذهني والإبداعي – ونخص كلامنا مشيرين إلى تناقضات بعض الذين إنجرفوا بإتجاه لعاع الدنيا ، من لوامع ذهب ” آل حمدان دقلوا ” وخشخشات ورق الدراهم المجلوب من وراء الحدود على قوادم سنابك خيول الجنجويد .
مثقفون ، نشئنا بتأثيرات منجزاتهم الكتابية الإبداعية ، وهم يبحثون عن قيم الحق بلغة الفنون ، قرأناهم منظرين ونقادا للسرديات الأدبية ، قرأناهم في الفلسفة الجمالية والشعر ووسائل الإعلام والترجمة ، فلاسفة ومؤرخين وأساتذة جامعات ، شعراء مناصرين لحقوق الحيوان ، كتبوا ملاحم بكائية ، لم ينسوا حتى ” القرنتية ” وحقها في العيش محازية شواطئ مقرن النيلين .
نجوم في المسرح والتلفزيون ، حملناهم على أهداب العيون تعظيما لهم وإعجابا بما يطرحون من أفكار تنشد رفاه أهل السودان .
بيد أننا نعيش لحظة سقوطهم في ” ميدان التطبيق العملي ” إذ قلبوا معاني الإنتماء الوطني رأسا على عقب ، على قرار ما فعله بعض السابلة من عوام الناس ، الذين رأيناهم مع المتمردين القدم مع القدم والكتف مع الكتف أعوان خلصاء ومرشدين أوفياء للعربان والمرتزقة في عمليات نهب البنوك والأسواق ، وإحتلال بيوت المواطنين ، وقلع السيارات من أصحابها ، واختطاف الأحرار من أبناء السودان .
أولئك الجماليون ، وفلاسفة أنسنة السياسية والحكم ، صفقوا للجنجويد في إغتصابهم للحرائر ، وممارسة الإستعباد الجنسي بأسم ، إزالة دولة ” 56 ” و ” الجلابة ” وكنس الإسلاميين .
عم يمكن الكلام ، وصفا للحالة ، غير أن يستحضر المرء مقولات الشاعر السوداني صلاح أحمد إبراهيم مثال المثقف المنتبه لأصالته ومعنى وجوده فكتب في أكتوبر 1968م مقالا في مجلة الخرطوم تحت عنوان : ” المثقف السوداني في المصطرع الثقافي ” .
ذلك المقال يتقافز كقفزات الأرنب أمامي لوصف الحالة قائلا :
” المثقفون في السودان ” لحم رأس ” وهم يمثلون الفوضى الفكرية التي في رأس السودان ، قنوعون ، سريعوا التأثر بالفكرة القادمة من خارج البلاد ..
جامعة الخرطوم تمثل إزدواج الشخصية في المثقف السوداني ، فهي دمغة من الدمن الإستعمارية البواقي …
قلعة من قلاع الثقافة البريطانية والثقافة البريطانية لا تحتمل ضرة ” ..
وأضاف قائلا :
تقول لي : مثقفوا الخرطوم كالصحراء لا تنبت فيها بذرة ،
أخطأت في التشبيه ، للصحراء في ماضي الزمان شاعرا ذا قلم وقدرة ،
لكنه استكان للخمول ، للذبول وأذبل شعره ، فرط في خياله ، وما الخيال للصحراء إلا الخضرة .
مثقفوا الخرطوم ، قهوة ، ونومة ، وسهرة وسكرة .
أوفى صلاح أحمد إبراهيم القول في سفر تاريخ الإنتاج الكتابي الإبداعي السوداني ..
واليوم جاءوا يجهدون أنفسهم متفلسفين ليقنعوننا بأن عربان الشتات ، هم أئمة المدنية الجدد ، ورسل الديمقراطية ، المناضلين من أجل السلام والحرية والعدالة .
يحتاج أولئك – بالطبع – إلى جهد خارق لإقناعنا أن كل ما قرأناه قديما في كتب الفلسفة والمنطق ، والفنون ، هي كلها كانت على خطأ . وأن آل حمدان دقلو هم أهل الحقيقة والحق .
هنا أيضا أستدعي قول الكاتب الدرامي ” أسامة أنور عكاشة ” صاحب المنجز الإبداعي التلفزيوني مسلسل ” رحلة السيد أبو العلا البشري ” الذي إنتج عام 1985م … قال جريا على لسان ” محمود مرسي ” بطل المسلسل مجسدا شخصية ” أبو العلا البشري ” صائحا في وجه نقيضه ” تهامي ” في صراعهما القيمي – ممسكا بيده الكتب – قائلا :
” لو كانت الكتب دي غلط ، قول لي وأنا أحرقهم !
الكتب دي كلها غلط ؟
* مقدمة أبن خلدون وكلامه عن العمران البشري ، غلط ؟!
قول لي يا تهامي ، وأنا أحرقهم !
* يوتوبيا توماس مور ، حلمه بأرض الفضيلة والكمال ..
لو كانت غلط قول لي ، وأنا أحرق الكتب دي كلها !
* النظرات والعبرات ، وحي القلم .. الجمهورية والسياسة ، الدفاع عن سقراط ، الأخلاق ، المنطق .
* كل المفكرين دول غلط ؟!
العقاد .
طه حسين .
شوبنهاور .
ڨولتير .
تولستوي .
تشيخوف .
ديكارت .
كافكا .
دوستويڨسكي !
* لو كل المفكرين دول غلط ؟
قول لي وأنا أحرقهم ! ”
أي مثقف ذلك الذي يسقط من الدفاع عن سقراط إلي الدفاع عن آل دقلو .
الدكتور فضل الله أحمد عبدالله
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
موقع حملة ثقافة المحبة والسلام في دار الكتب والوثائق يواصل تحديث منشوراته
مايو 9, 2025آخر تحديث: مايو 9, 2025
المستقلة/-عبر منصتها الإلكترونية في الموقع الرسمي لدار الكتب والوثائق، تواصل حملة ثقافة المحبة والسلام تحديث منشوراتها بالتعاون بين الدار ومجلة سماء الأمير الإلكترونية الرقمية، بإشراف عام من المدير العام للدار بارق رعد علاوي، وإدارة تحرير الكاتبة والصحافية أسماء محمد مصطفى، وتصميم إلكتروني من إيمان عبد الحميد ومآب يعقوب.
وفي آخر تحديث لموقع الحملة، الذي يُعد أول موقع ثقافي إلكتروني رقمي عراقي رسمي يجمع بين النتاج البشري ونتاج الذكاء الاصطناعي، نُشرت، يوم 6/5/2025، مجموعة جديدة من العبارات المضيئة لكُتّاب معروفين، فضلًا عن عناوين موزعة بين قسمي مقالات وكتب نابضة بالمحبة، وهي:
ثمانية مقالات لأسماء محمد مصطفى: “أهميةُ قراءةِ الكتبِ التي تدعو إلى المحبةِ والسلامِ والتعايشِ واحترامِ الثقافاتِ الأخرى”، و”دور المكتبات الوطنية والعامة في دعم ثقافة المحبة والسلام”، و”أهميةُ إدراجِ كتبٍ تدعو إلى المحبةِ والتعايشِ والسلامِ في المناهجِ الدراسيةِ”، و”دور المرأة في تحقيق السلام”، وعروض لكتب: “الإعلام وبناء السلام”، و”إعادة النظر في التعددية الثقافية”، و”التعايش بين الثقافات على كوكبنا الأرض”، و”التسامح منهج حياة”.
كما نُشرت ثلاثة مقالات لأيمن كامل جواد، هي: “المحبة من وجهها الآخر”، و”رسالة ثقافية للشباب: أهمية التسامح وقبول تنوع الثقافات”، و”التسامح من أجل بناء علاقات إنسانية طيبة”.
فضلًا عن مقال لآلاء غالب محمد بعنوان “التعايش.. شروط وفوائد عظيمة للإنسان والمجتمع”.
وتضمّن التحديثُ لوحاتٍ مُبتكرةٍ بالذكاء الاصطناعي كذلك، أُضيفت إلى لوحاتٍ منشورةٍ سابقًا تعودُ لفنانين عراقيين.
يُذكرُ أنَّ الحملةَ انطلقتْ للمرةِ الأولى في العاشرِ من تشرينَ الثاني عام 2024، على الصفحةِ الرسميةِ لدارِ الكتبِ والوثائقِ في فيسبوك، والموقع الإلكتروني لمجلة سماء الأمير وصفحتها الفيسبوكية.