بين نصر إيديولوجي وآخر مقزز... تصدع حكومي جراء تبني البرلمان الفرنسي قانون الهجرة
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
إعداد: رنا الدياب | رومان بروني إعلان اقرأ المزيد
اعتمد البرلمان الفرنسي نص قانون الهجرة بعد جدال طويل استمر 18 شهرا، ما يمثل انتصارا برلمانيا لحقبة إيمانويل ماكرون الرئاسية، لكن في الوقت نفسه يتسبب بشرخ عميق داخل الأغلبية البرلمانية والحكومة، حيث أن 59 نائبا امتنعوا عن التصويت أو صوتوا ضد المشروع.
وقد شُكلت لجنة برلمانية مشتركة بعد رفض تمرير المشروع في مجلس الشيوخ قبل بضعة أيام إثر ما اعتُبر تغيرا في النص بين صياغته الأولى وتلك التي تم التصويت عليها.
وكان وزير الداخلية جيرالد دارمانان قد دافع في البرلمان عن نص صيغ "من أجل حماية الفرنسيين" و"تسوية أوضاع العاملين عديمي الأوراق"، و"من أجل تبسيط حقنا". وكتب دارمانان على منصة إكس مهنئا تبني نص "قوي ومحكم" وفاخر أمام الصحافيين بعد اعتماده أن ذلك تم بدون الحاجة إلى أصوات نواب اليمين المتطرف من حزب "التجمع الوطني" الذي تقوده مارين لوبان.
دارمانان بشأن تبني قانون الهجرة
Le texte immigration est voté définitivement. Un long combat pour mieux intégrer les étrangers et expulser ceux qui commettent des actes de délinquance. Un texte fort et ferme. Sans les voix des députés RN.
— Gérald DARMANIN (@GDarmanin) December 19, 2023كما اعتبرت رئيسة الحكومة إليزابيت بورن أن "الأغلبية كانت متماسكة" لدعم النص وأن "مناورات التجمع الوطني فشلت"، متجاهلة معارضة 59 نائبا من هذه الأغلبية، وذلك قبل أن تدلي باعتراف هام في معرض حديثها مع راديو "فرانس أنتر" صباح الأربعاء بأن هناك إجراءات في النص تنافي الدستور.
"نصر إيديولوجي"هنأ إيريك سيوتي رئيس حزب "الجمهوريون" بإنجاز "نصر تاريخي لليمين". في حين أن نائبة من حزب "النهضة" الذي ينتمي إليه الرئيس إيمانويل ماكرون اعتبرت أن حزب مارين لوبان اليميني المتطرف "ربح كل شيء بالمطلق". وقالت لوبان إن التصويت لصالح المشروع يعد "انتصارا إيديولوجيا" لحزبها.
وأشار نواب المعارضة مرارا إلى أهمية قدرة أصوات اليمين المتطرف على الحسم، وخصوصا أوليفييه فور الأمين العام للحزب الاشتراكي. فبشأن ما قاله وزير الداخلية دارمانان حول الفوز بدون الحاجة لأصوات اليمين المتطرف، يشير حساب الأصوات إلى غير ذلك، فقد حصل النص على تأييد 349 نائبا مقابل معارضة 186 آخرين من إجمالي 573. وفي تفاصيل هذه الأصوات، 189 نائبا من مجمل 251 من الأغلبية الموالية للحكومة صوتوا بالموافقة وكذلك ثمانية من أصل 21 من مجموعة "ليوت" البرلمانية المسجلة كمعارضة، و62 نائبا من "الجمهوريون"، ونائبان اثنان غير مسجلين، إضافة إلى 88 صوتا من "التجمع الوطني" اليميني المتطرف.
صحيح أن النص كان قد يمر في حال امتناع حزب مارين لوبان عن التصويت لكن ليس في حال التصويت ضده، خصوصا وأن الحزب تراجع عن التزامه التصويت الثلاثاء. وفي الحسبة الأساسية بدون "التجمع الوطني"، أصوات الأغلبية عددها 268 من أصل 535 المعلنة، وهذا يقابله 274 صوتا معارضا.
"نصر مقزز"واستنكر جان لوك ميلنشون زعيم حزب "فرنسا الأبية" اليساري الراديكالي على الفور "نصرا مقززا" حققته أصوات اليمين المتطرف على حد قوله. وكتب في منصة إكس أن "محورا سياسيا جديدا شق طريقه" في البلاد. ودعا حزبه وائتلاف اليسار المكون من اليساريين التقليديين وأنصار البيئة "NUPES" إلى اجتماع طارئ في مواجهة "محور ماكرون-لوبان".
"فرنسا الأبية" يدعو لاجتماع طارئ
Bompard au nom de LFI propose à la gauche parlementaire de se réunir pour faire face à l'axe Macron Le Pen. pic.twitter.com/jn2QCQkW3v
— Jean-Luc Mélenchon (@JLMelenchon) December 19, 2023وفي مؤشر على الشرخ حتى ضمن الأغلبية، فقد صوت رئيس لجنة القوانين ساشا هويله ضد مشروع القانون، كما امتنع جان بول ماتي رئيس مجموعة "MoDem" البرلمانية الممثلة للحزب الديمقراطي الوسطي عن التصويت.
واحتجاجا على مصادقة القانون الجديد، قدم وزير الصحة أوريليان روسو الأربعاء استقالته. كما لوح وزراء آخرون معارضون للنص كوزير النقل كليمان بون ووزير السكن باتريس فيرغريت ووزيرة التعليم العالي سيلفي ريتايو بالاستقالة. وعلى وقع هذا الجو المشحون، دعي أعضاء الحكومة لمجلس الوزراء في الإليزيه صباح الأربعاء.
"أول أزمة حقيقية" داخل "الماكرونية"ويرى برونو كوتريس الباحث في مركز دراسات الحياة السياسية الفرنسية "Cevipof" بمعرض تصريحه لـ "فرانس أنتر" في خطوة تمرير مشروع قانون الهجرة أنها تمثل "أول أزمة حقيقية داخل هذه الحركة السياسية" بالإشارة إلى ماكرون وحزبه وما يطلق عليه اسم "الماكرونية". ويضيف "لأنه حتى اللحظة لم يحدث شيئا مشابها، ففي السابق، كان مناصروها موحدين حول دعم رئيس الدولة".
ومن الناحية العملية لتأثيرات تبني هذا القانون، أعربت منظمات حقوقية وإنسانية عن قلقها بشأنه لأنها ترى فيه تقويضا لحق اللجوء ولإجراءات الحياة الأسرية وحقوق أخرى للأجانب مرتبطة بالقضاء والحريات.
ويعرض علاء قويدر المساعد الاجتماعي العامل في مركز استقبال طارئ لطالبي اللجوء في إقليم دو-سيفر (وسط غرب فرنسا) لفرانس24 التعقيدات التي يتسبب بها القانون الجديد، متحدثا عن نقاط رئيسية تمس صلب عمله: الأولى مرتبطة بالمحكمة الوطنية لحق اللجوء "CNDA"، حيث يقوض القانون أحد إجراءاتها الرئيسية وهو اعتماد قاض وحيد في حسم الحصول على حق اللجوء وكان في السابق يتم الاعتماد على ثلاثة قضاة باختصاصات مختلفة، و"هذا يزيد احتمال رفض طلبات اللجوء ويحدث تفردا بالقرار لدى القاضي الوحيد". النقطة الثانية هي "الرعب من حذف المساعدة الطبية لكل من ليس لديه إقامة أو من يرفض طلب لجوئه. وسابقا كان يحق له العلاج فيما يخص المشاكل الصحية الرئيسية".
وبشأن مساعدة السكن يضيف قويدر أن "هذا القرار مرتبط بمن لديه أوراق وليس عديميها، ومن المجحف الانتظار خمس سنوات بالنسبة لطالب أو شخص مقيم بناء على إجراء لم الشمل أو غير هذه الحالات لاستيفاء شرط الحصول عليها".
ويقدر عدد عديمي الأوراق في فرنسا بين 600 إلى 700 ألف، حسب تصريحات سابقة لوزارة الداخلية. ويرى قويدر أن القانون الجديد "قد يزيد أعدادهم لأن رفض طلبات اللجوء سيكون أسرع وبالتالي سيزيد عدد الطلبات العالقة، ويتعقد أكثر عمل المنظمات المعنية"، ويشير إلى أن الكثير من هذه المنظمات "تعتزم الإضراب" اعتراضا على تبني القرار.
يجدر بالذكر أن ملف الهجرة هذا هو الثاني من حيث الأهمية في البلاد بعد ملف تعديل قانون التقاعد الذي مررته الحكومة بالقوة عبر استخدام المادة 49.3 من الدستور. والأمر المؤكد هو أن تمرير هذا النص بشأن الهجرة أحدث شرخا في السياسة الداخلية، لكن من غير الواضح بعد تأثيره على المدى الأبعد.
النص الفرنسي: رومان بروني | النص العربي: رنا الدياب
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل الحرب في أوكرانيا ريبورتاج الهجرة فرنسا البرلمان الفرنسي قانون الهجرة الهجرة غير الشرعية للمزيد إليزابيت بورن جيرالد دارمانان إيمانويل ماكرون مارين لوبان الحرب بين حماس وإسرائيل غزة إسرائيل فرنسا النزاع الإسرائيلي الفلسطيني الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا الیمین المتطرف التجمع الوطنی قانون الهجرة
إقرأ أيضاً:
زعيم الأغلبية البرلمانية بالنواب: القضية الفلسطينية على رأس أولويات القيادة المصرية
ثمن الدكتور عبدالهادي القصبي زعيم الاغلبية البرلمانية بمجلس النواب ونائب رئيس حزب مستقبل وطن بالجهود المتواصلة التي تبذلها الدولة المصرية، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي ، في دعم ومساندة الشعب الفلسطيني وإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى قطاع غزة.
وقال القصبي في بيان له أنه علي الرغم من حرب الإبادة والتطهير العرقي ومحاولات التهجير ، إلا أن اسرائيل لم تكتفي بكل ذلك فاستخدمت التجويع سلاحا اخري يضاف الي جرائمها المتتالية في قطاع غزة في ظل الحصار المشدد الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على القطاع.
وأكد القصبي أن موقف مصر تجاه القضية الفلسطينية ثابت وراسخ، ومن ثوابت الدبلوماسية المصرية حيث تكون القضية الفلسطينية علي راس الاولويات بل في قمة الهرم الدبلوماسي المصري سواء في المحافل الدولية والاقليمية علي المستوي الدبلوماسية الرسمية أو الدبلوماسية الشعبية حتي في وجدان المواطن المصري العادي القضية الفلسطينية في القلب دائما وتعكس تحركات الدولة الدؤوبة وهي التزامًا وطنيًا وإنسانيًا و دعم الشعب الفلسطيني لمواجهة العدوان الغاشم.
وأشار القصبي إلى أن مصر تضطلع بدور ها الحيوي والمحوري على المستويين السياسي والدبلوماسي لوقف العدوان الإسرائيلي وإيقاف المجازر وحرب الإبادة والعمل علي ضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة واستمراريتها.
وأوضح أن دخول 166 شاحنة مساعدات إلى القطاع، واستعداد مصر لإدخال 180 شاحنة إضافية، يعكس سرعة الاستجابة المصرية وحرصها على تلبية الاحتياجات العاجلة للأشقاء في غزة، مشيرًا إلى أن تلك المساعدات تسهم في التخفيف من حجم الكارثة الإنسانية التي يعاني منها أكثر من مليوني فلسطيني محاصر.
وأكد القصبي أن مصر قامت وستقوم بهذا الدور الإنساني الذي يعكس إيمانها بالتضامن الكامل والمستمر مع الشعب الفلسطيني وتقوم مصر بترجمة هذا الدعم على الأرض، وليس مجرد مواقف نظرية أو بيانات ودون مزايدات ، مشدد على أن الدولة المصرية لا تدخر جهدًا في تحركاتها السياسية والدبلوماسية لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني وتحقيق تطلعاته المشروعة باقامة الدولة الفلسطينية المستقلة علي حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشريف .يذكر ان مصر قامت بدفع قوافل اغاثية تحت مسمي زاد العزة .. من مصر لغزة » .عن طريق . الهلال الأحمر المصري وسيستمر في الدفع بالمساعدات الإنسانية إلى غزة طالما كانت الظروف مواتية لذلك .
يأتي ذلك في إطار جهود مصر المتواصلة للدفع بمزيد من المساعدات إلى قطاع غزة، بواسطة الهلال الأحمر المصري، كآلية وطنية لتنسيق المساعدات إلى غزة، والتي بدات امس الأحد ٢٧ يوليو ٢٠٢٥ ، قافلة « زاد العزة .. من مصر إلى غزة» التى تضم شاحنات مساعدات في اتجاه جنوب القطاع، عبر معبر كرم أبو سالم.
تضم قافلة « زاد العزة .. من مصر إلى غزة » أكثر من 100 شاحنة تحمل مايزيد عن 1200 طن من المواد الغذائية، تحمل نحو 840 طن دقيق، و 450 طن سلال غذائية متنوعة، ويأتي ذلك في إطار الجهود المصرية لتقديم الدعم الغذائي لأهالي القطاع.
يذكر أن، الهلال الأحمر المصري يتواجد على الحدود منذ بدء الأزمة حيث لم يتم غلق معبر رفح من الجانب المصري نهائيًا، وواصل تأهبه وجهوده لدخول المساعدات بجهود 35 ألف متطوع بالجمعية.
وبلغ حجم المساعدات الإغاثية التى تم إدخالها إلى غزة، منذ بدء الأزمة، أكثر من 35 ألف شاحنة تحمل أكثر من ٥٠٠ الف طن مساعدات تنوعت بين الغذاء، الماء، المستلزمات الطبية والأدوية، المواد الإغاثية و الايوائية ومستلزمات النظافة الشخصية، ألبان وحفاضات أطفال، إلى جانب سيارات الإسعاف، وشاحنات الوقود.