بوابة الوفد:
2025-07-13@04:43:21 GMT

سيادة العنف

تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT

فى سبتمبر عام 1932 بعث عالم النفس الكبير سيجموند فرويد برسالة إلى عالم الفيزياء الشهير ألبرت أينشتاين، ضمن حوار متصل بين قمتين عالميتين حول مستقبل العالم فى أعقاب الحرب العالمية الأولى، وخلال الأزمة الاقتصادية العالمية مطلع ثلاثينيات القرن الماضى.. المتأمل للأفكار المطروحة برسالة فرويد سيجد ارتباطًا كبيرًا بين فكر هذا العالم، وبين ما نعيشه اليوم بعد قرابة القرن من رسالته لأينشتاين.

يرى فرويد أن العالم المشغول فى هذا الوقت «قبل مائة عام تقريبا»  بإنشاء عصبة الأمم حماية للبشرية من الحرب والدمار، هو فى الحقيقة عالم سيتجه أكثر وأكثر نحو مزيد من الحروب المدمرة. وقد بدأت رسالة فرويد بسؤال حول العلاقة بين الحق والقوة، وقال إنه من الصواب أن نصحح السؤال بأن يكون عن العلاقة بين الحق والعنف. ويرى فرويد أنه لا تناقض بين الحق والعنف لأن كليهما كمعنيين قد انبثق من الآخر. الناس تلجأ لاستخدام العنف لحل النزاعات من بدايات التاريخ حتى اليوم، والفارق فقط فى أدوات العنف التى تطورت من استخدام العضلات وصولا اليوم لكل أدوات الدمار.

وهنا يشرح فرويد لصديقه أينشتاين أن رحلة الإنسان عبر التاريخ قد يتصورها البعض رحلة من أزمنة العنف إلى عصر الحق والقانون، ولكنها فى حقيقتها تحول من عنف الفرد والقبيلة إلى عنف الدولة والتجمعات الدولية – إننا حسب وصف فرويد نعيش زمن سيادة العنف وليس سيادة القانون.

الحقيقة أن ما كتبه وسجله فرويد فى رسالته لصديقه أينشتاين «وثيقة تاريخية» تؤكد تطور الفكر الاستعمارى الغربى من عنف الدولة، إلى عنف الجماعة. لقد ظلت أوروبا من القرن الخامس عشر الميلادى تتصارع فيها الدول على السيطرة باستخدام العنف ضد بعضها البعض حينا، وضد الآخرين من خارج أوروبا أحيانا أخرى.

وبعد حروب وصراعات أكلت قلب أوروبا، بدأ التفكير المنظم فى استخدام «العنف» بديلا عن الحق لفرض السيطرة ومنطق الاستغلال.. إسرائيل أو الكيان الصهيونى كمكون أوروبى بالأساس والذى تم فرضه على فلسطين هو مرحلة من مراحل توظيف العنف الأوروبى لفرض السيطرة.. أمريكا والغرب عموما يتحدثون لغة واحدة عن حق إسرائيل فى الدفاع عن النفس، ثم تطور المفهوم إلى دعوة إسرائيل باحترام قوانين الحرب. المعنى الحقيقى المستقر فى الفكر الغربى الاستعمارى، هو مساعدة إسرائيل بتنظيم عمليات القتل إمعانا نحو مزيد من السيطرة على فلسطين.

ويرى فرويد فى موضع من رسالته أن التوسع فى استخدام العنف، يؤكد أن الحروب لم ولن تكن يومًا وسيلة للسلام، ولكنها تفتح شهية تجار العنف لمزيد من التدمير. إنها حلقة جهنمية لا يمكن السيطرة على قوانينها، حيث لا قانون للدمار سوى الدمار.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: كامل عبدالفتاح حول مستقبل العالم الحرب العالمية الأولى

إقرأ أيضاً:

صرخة الحق في زمن السقوط العظيم

 

سقطت الأقنعة، وتكشّفت الوجوه المزيّفة، وبان العفن المتكدّس تحت عروش الزيف العربي، فما عاد هناك شكّ أن أكثر “الأنظمة” ليست سوى عبء على الأمة، سكينًا في خاصرة فلسطين، وخنجرًا صدئًا في ظهر غزة.

بينما يُذبح أطفال غزة على موائد الصمت، وتُسحق النساء تحت ركام البيوت، وتُدفن الإنسانية تحت أنقاض الكذب الأممي، ينبثق من جبال اليمن رجالٌ… لا يملكون طائرات F16، ولا قواعد أمريكية، ولا يخضعون لغرف عمليات “العار”، بل يملكون إيمانًا لا يُقهر، وبصيرةً لا تُشترى، وقرارًا لا يُكسر.

غزة اليوم لا تواجه آلة حرب فقط، بل تعيش مجاعةً كبرى لم يشهد مثلها العصر الحديث، أطفال يموتون من الجوع والعطش، لا يجدون حليبًا، ولا دواءً، ولا شربة ماء.

أمهات يدفنّ أبناءهن بأيديهن، ولا يسمع العالم صراخهن، والأنظمة العربية صامتة، متخاذلة، جبانة، تقايض دماء غزة بمصالحها الزائلة وصفقات بقائها.

أين الضمير العربي؟ أين من يرفعون رايات “الحقوق والكرامة”؟ أين أولئك الذين تكدّست ترساناتهم وبقيت صامتة خوفًا من الأمريكي، وتحت أقدام الصهيوني؟

أما اليمن، فبرغم جراحه، وحصاره، ووجعه الداخلي، لم يتخلّ، ولم يصمت، ولم يساوم، اليمن انتصر لا بقوة العتاد، بل بقوة الإيمان، اليمن تحرّك لا بإملاءات الخارج، بل بتوكله على الله واعتماده على قيادة ربانية عظيمة صادقة، قيادة استمدّت قرارها من القرآن، ومنهجها من كربلاء، وثباتها من وعد الله لعباده المخلصين.

اليوم، لم تعد البيانات تُسمن ولا تُغني، ولم تعد شاشات الشجب واللطم الإعلامي سوى مسارح لضحك الأعداء. أما أنصار الله، فكتبوا بيانهم بالنار، وخطّوا موقفهم بالصواريخ، وزرعوا خوفهم في عمق الكيان، ليقولوا للعالم أجمع:

«هنا اليمن… وهنا رجالٌ لا يساومون، بل يتوكلون على الله ويقاتلون تحت راية الحق”، سفن العدو تغرق، ومطاراته تحترق، وذعره يتصاعد… لا لأن اليمن يملك ترسانة عسكرية كبرى، بل لأنه يملك قضية لا تتبدد، ودمًا لا يخون، وإرادةً من نور الله لا تُهزم.

أين أنتم يا أصحاب الجيوش الجرارة؟ أين أنتم يا من تفاخرتُم بطائراتكم وبوارجكم وقصوركم ومؤتمراتكم؟

أيّ عار أعظم من أن يغدو طفل يمني جائع أكثر كرامة من ملوك النفط والبذخ؟

أي خزيٍ هذا الذي يجعل أمةً من مليار مسلم تكتفي بالهاشتاقات وتنتظر الضوء الأخضر من جلادها للتحرك؟

إن ما يحدث في غزة اليوم ليس اختبارًا للعدو، بل هو اختبارٌ لنا… لكل قلب حي، لكل ضمير لم يتعفن، لكل إنسان لا زال في صدره ذرة إيمان.

فلسطين لا تحتاج دموعكم، بل تحتاج صواريخكم

غزة لا تنادي وجوه الإعلام، بل تنادي صوت السلاح

والتاريخ لا يحفظ المتفرجين، بل يكتب أسماء المقاتلين بحروف من نار وذهب.

وإن كنتم قد نسيتم، فاعلموا أن ما يُرتكب في فلسطين ليس معركة حدود، بل معركة وجود… ومن لم يكن فيها في صف المقاومة، فهو لا محالة في صف الطغيان.

أنصار الله اليوم ليسوا مجرد “يمنيين”، إنهم ضمير الأمة الباقي، نبض الكرامة الصادح، الجدار الذي رفض أن ينكسر. فلتتعلموا من اليمن لا كيف تطلقون الصواريخ، بل كيف تحملون القضية في القلوب وتدافعون عنها بالأفعال لا الشعارات.

يا غزة… إن سكت العالم عنك، فاعلمي أن في صنعاء قلوبًا لا تنام، وأن في اليمن رجالًا تربّوا على هدى القرآن، ونهلوا من نهر الولاية، وارتبطوا بقيادة إلهية جعلت توكلهم على الله لا على أمريكا.

والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

مقالات مشابهة

  • صرخة الحق في زمن السقوط العظيم
  • فتاة تعتدي على زوجها بمساعدة أقاربها بـ 80 طعنة
  • محاولة قتل مروعة لممثلة هندية على يد زوجها السابق
  • 11500 شرطي في باريس قبل نهائي مونديال الأندية
  • كربلاء.. وتخاذل الأمة
  • كيف أصبح العنف هو القيمة الوحيدة في لعبة الحبار 3″؟
  • تقرير:97% من الشباب الإسباني عانوا من العنف الجنسي عبر الإنترنت حين كانوا دون ال18
  • مصر تشدد على احترام سيادة ليبيا وتوحيد سلطتها التنفيذية ضمن عملية سياسية شاملة
  • البعثة الأممية تدعو إلى التهدئة الفورية في طرابلس وتحذر من العنف
  • خور عبد الله: سيادة عراقية مهددة باتفاقات مشبوهة ورفض شعبي شامل قد يقلب الطاولة/ الجزء الاول