في ذكرى أم الزاهدات.. من هي السيدة نفيسة بمصر وما صلتها بالنبي؟
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
تحتفي الطرق الصوفية، على مدى أسبوع كامل بذكرى مولد السيدة نفيسة رضي الله عنها، والملقبة بـ أم الزاهدات، وهو لقب من بين ألقاب عدة اشتهرت بها بين محبيها الذين اتخذوا من محبتها التزامًا بالأدب مع الرسول الخاتم وسيد ولد آدم محمد صلى الله عليه وسلم، وامتثال للتوجيه القرآني:"ذَٰلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ۗ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ۗ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23)".
وفي ذكرى مولد السيدة نفيسة رضي الله عنها، نوضح من هي السيدة نفيسة التي في مصر وما صلتها بالنبي؟
من هي السيدة نفيسة التي في مصر؟السيدة نفيسة رضي الله عنها هي بنت الحسن الأنور ابن زيد الأبلج ابن الحسن ابن سيدنا علي والسيدة فاطمة، وهي سليلة بيت النبوة، وولدت عام 145، وهي أكبر من الشافعي بـ5 سنوات، وولدت في المدينة المنورة، وكان والدها أمير المدينة، ولها أخ أيضا دُفن في مصر اسمه يحيي المتوج لأن وجهه كله نور، والأرجح أنّ قبره عند سيدي الليثي ابن سعد بعد الشافعي.
كما كانت السيدة نفيسة رضي الله عنها كما ذكر الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، تحب العبادة منذ صغرها ونشأت على ملازمة المسجد النبوي الشريف، وهذا سر انجذاب المصريين لضريحها وتعلقهم بها، كونها كانت نموذجا لما حدث في القرن الثاني الهجري من المثال الصالح الذي قدمه المسلمون للعالمين، وتزوجت إسحاق بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين ابن الحسين، وكان اسمه إسحاق المؤتمن، وكانت ابنة لأمير وزوجة لأمير.
وهي امرأة عابدة ومتعلقة وشفافة، وكان يأتيها رسول الله كثيرا، وهو يؤثر في بقائها في مصر، فهي بقيت في مصر من رؤية نبوية، وجاءت لمصر عام 193، وتوفيت 208، وظلت بمصر نحو 15 عاما، موضحا أنّ السيدة نفيسة عرف عنها استجابة الدعاء وكانت متواضعة للغاية.
المقصود بقوله تعالى: «قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى»ويقول الإمام ابن كثير في تفسيره الآية إن الحق تفسيرها بما فسرها به الإمام حبر الأمة، وترجمان القرآن، عبد الله بن عباس، كما رواه عنه البخاري رحمه الله ولا تنكر الوصاة بأهل البيت، والأمر بالإحسان إليهم، واحترامهم وإكرامهم ، فإنهم من ذرية طاهرة، من أشرف بيت وجد على وجه الأرض ، فخرا وحسبا ونسبا ، ولا سيما إذا كانوا متبعين للسنة النبوية الصحيحة الواضحة الجلية، كما كان عليه سلفهم ، كالعباس وبنيه، وعلي وأهل بيته وذريته ، رضي الله عنهم أجمعين .
وتابع: وقد ثبت في الصحيح: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبته بغدير خم : " إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي، وإنهما لم يفترقا حتى يردا علي الحوض ".
وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الله بن الحارث، عن العباس بن عبد المطلب قال: قلت: يا رسول الله، إن قريشا إذا لقي بعضهم بعضا لقوهم ببشر حسن ، وإذا لقونا لقونا بوجوه لا نعرفها ؟ قال : فغضب النبي - صلى الله عليه وسلم - غضبا شديدا ، وقال : " والذي نفسي بيده ، لا يدخل قلب الرجل الإيمان حتى يحبكم لله ولرسوله ".
ثم قال أحمد حدثنا جرير، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث، عن عبد المطلب بن ربيعة قال : دخل العباس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنا لنخرج فنرى قريشا تحدث ، فإذا رأونا سكتوا . فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودر عرق بين عينه ، ثم قال : " والله لا يدخل قلب امرئ إيمان حتى يحبكم لله ولقرابتي " .
وقال البخاري : حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب ، حدثنا خالد ، حدثنا شعبة ، عن واقد قال : سمعت أبي يحدث عن ابن عمر ، عن أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه ، قال : ارقبوا محمدا - صلى الله عليه وسلم - في أهل بيته .
وفي الصحيح أن الصديق قال لعلي ، رضي الله عنهما : والله لقرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحب إلي أن أصل من قرابتي .
وقال عمر بن الخطاب للعباس ، رضي الله عنهما : والله لإسلامك يوم أسلمت كان أحب إلي من إسلام الخطاب لو أسلم ; لأن إسلامك كان أحب إلى رسول الله من إسلام الخطاب .
فحال الشيخين، رضي الله عنهما، هو الواجب على كل أحد أن يكون كذلك; ولهذا كانا أفضل المؤمنين بعد النبيين والمرسلين ، رضي الله عنهما ، وعن سائر الصحابة أجمعين .
نسبها الشريفوقد ولدت السيدة نفيسة رضي الله عنها بمكة في النصف الأول من ربيع الأول سنة مئة وخمس وأربعين من الهجرة، وقضت صباها بـ (المدينة)، ملازمة القبر النبوي في أغلب الأوقات؛ إذ كان والدها أميرًا على المدينة للخليفة المنصور، وقد أدركت طائفة من نساء الصحابة والتابعين وتلقَّت عنهن، وحجت ثلاثين حَجَّة، أكثرها وهي تمشي على أقدامها، وكانت تحفظ القرآن الكريم وتفسره وتفقه به الرجال والنساء، صوَّامة قوَّامة، سخية غاية السخاء، ولها كرامات لا تحصى كعمتها (زينب بنت علي) رضي الله عنها.
وتزوجت في العشر الأولى من رجب سنة 161هـ، من أحد بني عمومتها، السيد إسحاق المؤتمن (شقيق السيدة عائشة دفينة مصر)، وهو ابن السيد جعفر الصادق بن السيد محمد الباقر بن السيد علي زين العابدين بن مولانا الإمام الحسين رضي الله عنهم جميعًا، ورزقت منه بـ (القاسم، وأم كلثوم).
ولمَّا ترك الإمام الحسن الأنور والد السيدة نفيسة ولاية المدينة، خلَّفَه عليها زوجها إسحاق المؤتمن بن جعفر الصادق واليًا للعباسيين؛ فهي بنت أمير وزوجة أمير من أهل البيت.
نزولها إلى مصر ومنازلها فيهاوجاء في كتاب : «مراقد أهل البيت في القاهرة» للشيخ محمد زكي إبراهيم، إنه في العشر الأواخر من رمضان سنة (193 هجرية) نزلت مصر مع زوجها وأبيها وابنها وبنتها؛ لزيارة من كان بمصر من آل البيت، بعد أن زارت بيت المقدس وقبر الخليل، واستقبلها أهل مصر عند العريش أعظم الاستقبال، حتى إذا دخلت مصر أنزلها السيد (جمال الدين عبد الله الجصاص) كبير تجار مصر، في داره الفاخرة، ثم انتقلت إلى دار (أم هانئ) بجهة المراغة المشهورة الآن بالقرافة، وهناك كان إكرام الله لها بأن شفى من ماء وضوئها الفتاة المُقعَدة بنت أبي السرايا أيوب بن صابر اليهودي؛ فأسلم أهلوها ومن كان معهم.
وحاول أبو السرايا نقل السيدة نفيسة إلى داره في درب الكروبيين، وكان لهذه القصة دوي هائل في أهل مصر، فلازموا دارها ليل نهار بالمئات، يلتمسون البركات، وينتظرون الدعوات.
وهنا أزمع زوجها العودة بها إلى الحجاز، فاستمسك أهل مصر بوجودها بينهم، ورأت في المنام جدها المصطفى صلى الله عليه وسلم يأمرها بالإقامة في مصر؛ فوهبها (عبد الله بن السري بن الحكم) والي مصر دارَه الكبرى بدرب السباع، وهي الدار التي كانت لأبي جعفر خالد بن هارون السلمي من قبل، وحدد لزيارتها يومي السبت والأربعاء من كل أسبوع؛ مراعاة لصحتها، وتمكينًا لها من عبادتها، وكانت تخدمها (زينب بنت أخيها يحيى المتوج)، حتى انتقلت إلى الرفيق الأعلى.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: السيدة نفيسة الطرق الصوفية السیدة نفیسة رضی الله عنها صلى الله علیه وسلم رضی الله عنهما عبد الله بن رسول الله فی مصر
إقرأ أيضاً:
صيام العشر من ذي الحجة.. متى تبدأ وهل صامها النبي؟
صيام العشر من ذي الحجة، ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أنه كان يصوم التسع من ذي الحجة؛ ففي "سنن أبي داود"، وغيره عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر أول إثنين من الشهر والخميس".
فضل صيام ذي الحجةوعن حفصة رضي الله عنها قالت: "أربع لم يكن يدعهن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، صيام يوم عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، والركعتين قبل الغداة"، رواه أحمد والنسائي وابن حبان وصححه.
وأما ما أخرجه مسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صائمًا في العشر قط"، فقد قال الإمام النووي في "شرحه على مسلم" (8/ 71-72): قال العلماء: هذا الحديث مما يوهم كراهة صوم العشر، والمراد بالعشر هنا الأيام التسعة من أول ذي الحجة، قالوا: وهذا مما يتأول، فليس في صوم هذه التسعة كراهة، بل هي مستحبة استحبابًا شديدًا لا سيما التاسع منها، وهو يوم عرفة،.
وقد سبقت الأحاديث في فضله، وثبت في "صحيح البخاري" أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا مِن أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَفْضَلُ مِنهُ فِي هَذِهِ» يعني العشر الأوائل من ذي الحجة فيتأول قولها "لم يصم العشر" أنه لم يصمه لعارض مرض أو سفر أو غيرهما، أو أنها لم تره صائمًا فيه، ولا يلزم من ذلك عدم صيامه في نفس الأمر، ويدل على هذا التأويل حديث هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر الإثنين من الشهر والخميس" ورواه أبو داود وهذا لفظه، وأحمد والنسائي وفي روايتهما: «وخميسَين»] اهـ.
حثّ النبي صلى الله عليه وسلم على بذل الأعمال الصالحة في الأيام العشر من ذي الحجة؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ؟» قَالُوا: وَلاَ الجِهَادُ؟ قَالَ: «وَلاَ الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ» رواه البخاري.
فالحديث أطلق هذه الأعمال الصالحة ولم يقيدها بعمل صالح معين، فتشمل قراءة القرآن والذكر والتسبيح وصلة الرحم والصيام؛ قال الحافظ ابن حجر: «والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتّى ذلك في غيره».
ويستدل من حديث ابن عباس السابق أيضًا ورود لفظة الأيام، واليوم من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ومعلوم أن أفضل عمل النهار الصوم، كما أن أفضل عمل الليل القيام، ولذلك سن قيام الليل في العشر الأواخر من رمضان، فيكون صيام العشر الأوائل من ذي الحجة مندوباً قياساً على ذلك.