"مليون ليرة تكفي 3 أيام".. السوريون على حافة الهاوية
تاريخ النشر: 14th, July 2023 GMT
شاهد المقال التالي من صحافة العراق عن مليون ليرة تكفي 3 أيام السوريون على حافة الهاوية، بغداد اليوم متابعةلم يكن المليون ليرة سورية رقما عاديا بالنسبة للكثير من .،بحسب ما نشر وكالة بغداد اليوم، تستمر تغطيتنا حيث نتابع معكم تفاصيل ومعلومات "مليون ليرة تكفي 3 أيام".. السوريون على حافة الهاوية، حيث يهتم الكثير بهذا الموضوع والان إلى التفاصيل فتابعونا.
بغداد اليوم- متابعة
لم يكن "المليون ليرة سورية" رقما عاديا بالنسبة للكثير من السوريين قبل سنوات، إذ كان من يدّخره وكأنه "يحمل كنزا" ويصنف ضمن طبقة "المليونيرية" أو "الأشخاص المخمليين". "كانت تفلح وتزرع وتشتري" حسب ما يقول الأربعيني حسن المقيم في العاصمة دمشق، أما اليوم "تحولت إلى رزم من الأوراق لا تكاد تكفي معيشة ثلاثة أيام فقط!".
ومع الانهيار المستمر لليرة السورية في سوق العملات الأجنبية، خلال الأيام الماضية، بات المليون ليرة يساوي فقط 100 دولار أميركي، وعند قياس هذه المعادلة بمتوسط راتب الموظف والمقدّر بـ10 دولارات شهريا تتراود عدة أسئلة لدى الكثيرين، في مقدمتها "كيف يعيش السكان داخل سوريا؟"
يتقاضى حسن الذي يعمل كموظف حكومي في "النفوس العامة" بدمشق منذ أكثر من عشر سنوات راتبا شهريا يبلغ 130 ألف ليرة سورية، أي ما يزيد عن عشرة دولارات أميركية بقليل، ويقول "يكفيني فقط لشراء فروج مشوي واحد وقد يتيح لي أحيانا شراء ربطة من الخبز معه".
وحالة الأربعيني السوري مع عائلته المكونة من خمسة أفراد ليست "استثنائية" بل تستنسخ على مئات آلاف الموظفين في مناطق سيطرة النظام السوري، والمليون الذي بات يكفي لمعيشة ثلاثة أيام فقط لا يمكن تحصيله إلا بسبعة أشهر، وهو ما يضطرهم إلى البحث عن بدائل للعيش فقط "على حافة الهاوية"، حسب تعبير حسن.
ويضيف أنه ومنذ عامين اتجه للعمل كسائق للتكسي بعد انتهاء أوقات الدوام الرسمي، فيما بات يتلقى "مساعدة شهرية" من أخيه المقيم في ألمانيا، وتقدر بمئة يورو، أي ما يزيد عن مليون و100 ألف ليرة سورية، بحسب سوق سعر الصرف الموازي، يوم الجمعة.
ولا تختلف الحالة السابقة عن ما اتجه إليه محمد سليمان وهو مدرس لمادة الفيزياء في إحدى المدارس الثانوية بمدينة حمص، مشيرا إلى أن الراتب الشهري الذي يتقاضاه والمحدد بمئة ألف ليرة سورية "لا يكفيه لشراء الخبز".
وذلك ما اضطره إلى تحويل منزله لمدرسة خصوصية لطلاب شهادة البكالوريا، فيما يصف الحياة التي يعيشها بحديثه بأنها أصبحت "لا تطاق"، وأن "الجميع في سوريا يعيشون من قلّة الموت"، حسب تعبيره.
ونادرا ما تكشف حكومة النظام السوري الأسباب الحقيقية للأزمات الاقتصادية الحاصلة في البلاد ومن بينها أزمة العملة، فيما تحمّل كثيرا وباستمرار الدول الغربية والولايات المتحدة مسؤولية ما يحصل، وأن الأمر مرتبط بالعقوبات.
لكن خبراء الاقتصاد يرون القصة بواقع مختلف، يتعلق بشكل أساسي ببنية النظام السوري، والسياسات التي يسير من خلالها لإدارة البلاد سياسيا واقتصاديا، فضلا عن مفاصل الاقتصاد السوري التي لم يبق منها أي شيء على حاله.
"مرحلة خطيرة"
وتشير دراسة للباحث في مركز "عمران للدراسات الاستراتيجية"، محسن مصطفى إلى أن الموظفين في سوريا لا يعتمدون على رواتبهم التي لا تكاد تكفي عدة أيام، بل على مصادر دخل متنوعة.
ومن هذه المصادر: الحوالات المالية القادمة من الخارج، أو العمل بوظيفة ثانية في القطاع الخاص، بالإضافة لذلك قد يمتد الاعتماد على مصادر دخل غير مشروعة نتيجة الفساد المالي والرشاوى في الدوائر والمؤسسات الحكومية.
أما بالنسبة للعسكريين بالرغم من الزيادات الخاصة بهم فهناك مصادر أخرى للدخل جميعها غير مشروعة، سواء عبر عمليات التعفيش أو الإتاوة وفرض الخوّة على المدنيين والسيارات التجارية العابرة على الحواجز.
ويضاف إلى ما سبق عمليات الفساد المالي المتعلقة بعمليات الشراء والعقود والمناقصات التابعة لوزارة الدفاع، التي تشرف عليها لجان المشتريات في الوحدات العسكرية كل على حدا، حسب الدراسة المذكورة.
وتظهر سياسة النظام بما يتعلق بالرواتب، بأنها "دافعة نحو عسكرة المجتمع وتحويل العسكرة لمهنة كبقية المهن، وهو ما تم فعلا من خلال التعاقد معهم كمرتزقة ضمن الميليشيات أو إرسال المرتزقة إلى مناطق نزاع مسلح تحت إشراف روسي".
وهي "دافعة أيضا نحو الهجرة تُضاف لمجموعة من العوامل الأخرى الدافعة لها، خصوصا لأولئك المتعلمين وأصحاب الشهادات العلمية".
وجاء في الدراسة أن سياسة النظام تعمد أيضا إلى "إرسال الشباب نحو الخارج من أجل قيامهم لاحقا بإرسال الحوالات لذويهم، وبالتالي الاستفادة من القطع الأجنبي المحول لمناطق سيطرته".
بالإضافة لقيام هؤلاء الشباب بدفع مبالغ مالية طائلة من أجل الإعفاء من الخدمة العسكرية الإلزامية أو الاحتياطية، وهو ما يكلف كل شخص 5 - 10 آلاف دولار كرسوم فقط بحسب نوع الخدمة العسكرية ومدّة إقامته خارج البلاد.
ويرى الصحفي السوري، مختار الإبراهيم أن "الوضع الاقتصادي في سوريا وصل إلى مراحل خطيرة، ويمكن قياس ذلك من خلال أسعار السلع التي باتت ترهق المواطن، وتلاشي الطبقة الوسطى".
ويقول الإبراهيم "الأمر وصل إلى وضع لا يطاق وغير منطقي. راتب الموظف 10 دولارات والمعيشة تحتاج لعائلة من خمسة أفراد إلى 300 دولار وسطيا".
ويتراوح سعر طبق البيض الواحد في المحافظات الخاضعة لسيطرة النظام السوري من 40 إلى 50 ألف ليرة سورية، وهو الأغلى قياسا بدول الجوار، بينما يبلغ متوسط الرواتب في الأردن مثلا "من 400 إلى 500 دولار"، بحسب الصحفي السوري.
المصدر: صحافة العرب
كلمات دلالية: موعد عاجل الدولار الامريكي اليوم اسعار الذهب اسعار النفط مباريات اليوم جدول ترتيب حالة الطقس النظام السوری
إقرأ أيضاً:
كيف تفاعل السوريون مع الهوية البصرية الجديدة للدولة؟
دمشق- بعد عقود من حكم حزب البعث، أعلنت الحكومة السورية، أمس الخميس، عن تغيير الهوية البصرية للدولة، في خطوة حملت دلالات رمزية وسياسية تهدف إلى ترسيخ حضور "سوريا الجديدة"، في وقت يعاني فيه السوريون من آثار حرب دامت أكثر من عقد وأفرزت تغيرات جذرية في البنية السكانية والهوية الوطنية والعلاقات بين الدولة والمجتمع.
يمثل هذا التحول، بحسب مراقبين، محاولة للقطيعة مع إرث الدولة الأمنية وتأسيس عقد اجتماعي جديد، حتى وإن كان التغيير محصورا حاليا في الجانب الرمزي. وأثار الإعلان الجديد جدلا واسعا في الأوساط السورية، بين من يراه خطوة ضرورية لتجاوز الماضي، ومن يعتبره محاولة سطحية لصرف الأنظار عن أزمات أكثر إلحاحا كعودة اللاجئين وإعادة الإعمار.
في هذا التقرير، تستعرض الجزيرة نت آراء شخصيات سورية حول دلالات الهوية البصرية الجديدة، وسياقاتها السياسية والاجتماعية، وتحديات المرحلة الانتقالية.
قطيعة معنويةيرى الكاتب والصحفي السوري قحطان الشرقي أن التغيير في الهوية البصرية يتجاوز الشكل إلى المضمون. وقال للجزيرة نت إن التغيير لا يقتصر على الشكل، بل يمثل قطيعة رمزية ومعنوية مع 6 عقود من القمع والدمار الممنهج للهوية السورية.
وأوضح أن التصميم الجديد، المتمحور حول رمز طائر العُقاب، يعكس توجها لإعادة بناء الإنسان السوري، "كما أشار إليه الرئيس محمد الشرع". أن العُقاب، الذي كان رمزا للقوة في الفتوحات الإسلامية وما بعد الاستقلال، يجسد اليوم وحدة سوريا عبر جناحيه اللذين يرمزان إلى محافظات البلاد 14، وعناصره السفلية التي تشير إلى أقاليمها الخمسة.
وحسب الشرقي، تحمل الهوية الجديدة 5 رسائل:
الاستمرارية التاريخية. تمثيل الدولة الجديدة. تحرر الشعب. وحدة الأراضي. عقد وطني يصون كرامة المواطن.وأكد أن التغيير فرصة لإعادة بناء سردية وطنية جامعة.
إعلانيُشار إلى أن الهويات البصرية ليست مجرد عناصر تصميمية، بل أدوات رمزية تعبّر عن هوية الدول وتوجهاتها، وتؤثر في تشكيل الوعي الجمعي، خصوصا في المجتمعات الخارجة من النزاعات.
أولوياتوبخصوص أولويات المرحلة الانتقالية، دعا زكريا ملاحفجي، الأمين العام للحركة الوطنية السورية، إلى التركيز على مضمون الدولة الجديدة "بدلا من الشكليات". وقال للجزيرة نت: "الاهتمام بالهوية البصرية يبقى شكليا مقارنة بما هو أعمق. نحتاج إلى مضمون يعكس أداء فعّالا، وتطويرا شاملا، وتعايشا حقيقيا بين مكونات المجتمع".
وأشار ملاحفجي إلى أن إعادة بناء مؤسسات الدولة وفق مبادئ الشفافية والكفاءة والتعددية السياسية يجب أن تكون الأولوية القصوى، مضيفا أن "الهوية السورية لا تُبنى فقط بشعار جديد، بل من خلال مشروع وطني جامع يستوعب الجميع".
ووفقا له، فإن أية هوية جديدة يجب أن تشمل ضمانات دستورية لحقوق الأقليات، وإطارا قانونيا يحفظ حرية التعبير والعدالة الانتقالية، مع ضمان عودة اللاجئين كجزء من التفاهم الوطني.
من جانبه، شدد بسام العمادي، سفير سوريا الأسبق في السويد، على ضرورة تحديث المؤسسات بما يتناسب مع التغيير الرمزي. وقال للجزيرة نت: "الخطوة ممتازة ونأمل أن تتبعها خطوات مماثلة، لأنها تعكس توجها لبناء دولة جديدة تسعى لإعادة هيكلة مؤسساتها".
وأضاف أن الدولة السورية، رغم استمرار بعض مؤسساتها خلال سنوات الحرب، لا تزال بحاجة إلى إعادة تنظيم وظيفي وإداري يضمن الفعالية والمساءلة، مشيرا إلى ضرورة الانفتاح على الكفاءات السورية في الداخل والخارج.
تاريخيا، لم تشهد سوريا منذ الاستقلال تحولا مؤسساتيا شاملا إلا بعد انقلابات عسكرية، وكان لكل منها هوية وشعار يعكسان طبيعة النظام الجديد، مما يجعل من هذا التغيير الرمزي فرصة نادرة لإعادة صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع.
توجّه جديدمن ناحيته، عبّر المهجّر يحيى السالم، من مخيمات الشمال السوري، عن إحباطه من التركيز على الرموز في ظل معاناة المهجرين. وقال للجزيرة نت "الهوية البصرية لا تعنينا ما دمنا بعيدين عن ديارنا. الحكومة لا تولي اهتماما كافيا لعودتنا، بينما نشهد اعتداءات من قوات سوريا الديمقراطية (قسد)".
وطالب بتحقيق الاستقرار وتوحيد البلاد كأولوية "قبل الحديث عن هوية تمثل الجميع"، مشيرا إلى "مقتل طفل واعتقالات في الجزيرة السورية -المنطقة الواقعة بين نهري دجلة والفرات- كمؤشرات على استمرار التحديات الأمنية".
يلفت هذا الصوت إلى "فجوة قائمة" بين ما يُطرح على مستوى الخطاب الرسمي، وبين ما يعيشه ملايين السوريين في مناطق النزوح، مما يعيد فتح النقاش حول جوهر مفهوم "الهوية الوطنية".
أما الكاتب والإعلامي إبراهيم الجبين فاعتبر أن الهوية البصرية الجديدة تعبر عن توجه سياسي جديد للدولة. وقال للجزيرة نت: "سوريا الدولة والمجتمع بحاجة إلى تطوير حضورها، خطابها، ومفاهيمها. الهوية البصرية جزء أساسي من ملامح الدولة التي استحوذ عليها نظام البعث منذ 1963 لخدمة مشروعه الأيديولوجي، مسيطرا على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية عبر أدوات مثل منظمات الطلائع والشبيبة وحزب البعث".
إعلانوأضاف الجبين "لقد طوّق النظام حياة الأفراد منذ الطفولة، من شعار الدولة إلى العملة وجواز السفر والزي المدرسي"، واعتبر أن التغيير الأخير، الذي أقره الشرع، قرار في الاتجاه الصحيح لأنه يعكس هوية سياسية جديدة بعيدة عن الأيديولوجيا الحزبية، ويعيد التأكيد على الانتماء العربي عبر رمز طائر العُقاب وخط الثلث.
وبرأيه، فإن الجدل المثار طبيعي ويعكس حيوية الثورة السورية، لكنه أثار أسئلة دستورية حول مشروعية التغيير دون تصويت برلماني، مضيفا "من المتوقع أن تردّ الدولة بأنها حدّثت الشعار ولم تغيره، وربما تحيله إلى مجلس الشعب".