احميد: ليبيا بحاجة إلى دستور وحكومة واستقرار من أجل رسم السياسات الاقتصادية
تاريخ النشر: 28th, December 2023 GMT
ليبيا – أعتقد المحلل السياسي إدريس احميد أن نمو الاقتصاد في أي بلد في العالم يعتمد على وجود سوق للأوراق المالية والمصرفية، تواكب التطورات الاقتصادية.
احميد وفي تصريحات خاصة لوكالة “سبوتنيك”، قال:” كانت ليبيا منذ سنوات تعاني من عدم وجود سياسيات اقتصادية وإصلاحات،وأنشأ سوق الأوراق المالية قبل عام 2011، لكنه لم يكن بالشكل الأمثل الذي يتلائن مع شروط الأوراق المالية بسبب القيود المالية والظروف التي تمر بها البلاد”.
وتابع احميد حديثه:” أن ما بعد 2011 تعطل الاقتصاد في ليبيا بالكامل وتعطلت السياسات الاقتصادية، والقطاع المصرفي لم يكن في استثناء من ذلك، وأن توقف سوق الأوراق المالية الليبي كان له تأثير كبير في الوضع الاقتصادي العام في البلاد، وأثر على سياسات الصرف، ما أفسح المجال للسوق الموازية، كما هو الملاحظ وبيع العملات في السوق السوداء بشكل غير وبشكل عشوائي، هذا دليل على أن البلاد لا تزال تعني من عدم استقرار، خاصة وأن الاستقرار السياسي هو مبعث للانفتاح والاستقرار الاقتصادي”.
ورأى أن ليبيا بحاجة إلى دستور وحكومة واستقرار من أجل رسم السياسات،مؤكدا أن ليبيا لا تفتقر للخبرات الاقتصادية والمتخصصون في هذا المجال، ولكن غياب حكومة رشيدة تحارب الفساد حكومة قادرة على وضع سياسات اقتصادية تحدد ملامح الاقتصاد الليبي يمكنها الاستفادة من عائدات النفط وأن تكون هناك بدائل أخرى خاصة وأن ليبيا لها إمكانيات وثروات كبيرة يمكن الاستفادة كبيرة.
وأشار إلى أن سوق الأوراق المالية يحتاج إلى سياسة موحدة وإلى توحيد المصرف المركزي الليبي، لذلك يرى أن هذا الإجراء يحتاج إلى خطوات أخرى أهمها الاستقرار، وجود حكومة ومحاربة الفساد وتكون قادرة على الاستقرار النهائي.
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: الأوراق المالیة
إقرأ أيضاً:
كيف نحمي أنفسنا من الطائفية؟
قبل أن نجيب على سؤال: كيف نحمي أنفسنا من الطائفية؟، لا بدّ أن نُدقّق النظر في الفرق بين الطائفية والتدين النقي، وبقليل من التأمل نستطيع أن نجد مجموعة من الفروق الواضحة، فعلى سبيل المثال: ينطلق التدين الصادق من رغبة عميقة في طلب رضوان الله تعالى والعيش كما أراد الله لنا في شريعته، فالمتدين الحقيقي يتجلى الدين في حياته الشخصية بوضوح، على نقيض الإنسان الطائفي في علاقته بالدين، حيث نجد لديه حضورا لنمط من التدين يبتعد عن الحالة الروحانية ويقترب كثيرا من الحالة السلطوية والرغبة في توظيف الدين لتحقيق مكاسب، قد تكون سياسية أو تنافسية بشكل عام.
في الحالة الطائفية يغيب عنصر التركيز على التزكية وتهذيب أفراد المجتمع، ليحل محله إقرار السلوكيات المنافية للدين إذا كانت تخدم طائفة في تنافسها مع بقية الطوائف. التفكير الطائفي يجعل من الطائفة المُقدس الأعلى الذي تغدو فيه كل المقدسات ثانوية أو غير حاضرة في تفكير الأفراد.
في التفكير الطائفي لا يعلو صوت الله تعالى كما يريد الله، هناك أصوات أجنبية على الدين تُسيطر على مشهد التدين المشوّه، هناك طاقة مُخيفة من الحقد والكراهية تسري في جسد المجتمع، والمؤسف أنها تُغلّف باسم الدين، ودين الله منها بريء.
الخطاب الطائفي يقوم على إلغاء عقل الفرد لحساب عقل الطائفة، أو بتعبير أدق لحساب المنتفعين من الطائفية سواء من داخل الانتماء الطائفي أو جهات خارجية لها مصلحة في تغذية حالة الانقسام الاجتماعي ومشهد صعود الطوائف والهويات الضيقة.
وإذا أردنا أن نحمي أنفسنا ومجتمعنا من داء الطائفية، فأعتقد أننا بحاجة إلى استعادة روحانية الدين التي فقدناها في خطابنا الديني، الذي في كثير من الأحيان يتغذى بمنطق الحمية وروح الثأر والكراهية!
الروحانية المنشودة لا تعني أن ننسحب من مسرح الحياة، ولكنها تعني العودة إلى الذات، ومعرفة الحياة بتنوعها وحكمة الله في هذا التنوع، واكتشاف رسالتنا فيها على الوجه الذي يُحقّق الخير العام لكل الناس.
ولكي نحمي أنفسنا من الطائفية نحن بحاجة إلى أن نحمي الدين من أن يكون حلبة صراع، أو جدلاً كلامياً تُغذّيه القنوات الفضائية المشبوهة، التي تقتات على تدوير القضايا الخلافية وتحاول إشراك العامة فيها، والأمثلة على مثل هذه القنوات المشبوهة كثيرة.
أنا لا أدعو إلى تكميم الأفواه أو مصادرة الحديث في القضايا الخلافية في الدين، ولكن هناك فرقٌ كبير بين البحث العلمي الموضوعي وبين ما تقوم به هذه القنوات من تحريش وتحريض ونشر للكراهية وإيغار للصدور.
نحن بحاجة إلى إغلاق الدكاكين الطائفية التي تقتات من نشر الخلافيات وتضخيمها، واستبدال هذا الخطاب البائس بالتركيز على بناء الإنسان وفتح الآفاق أمامه وتحريره من سجون الكراهية وأوهام التفوق الطائفي.
وعلى المستوى الوطني نحن بحاجة إلى الانتماء الصادق للأوطان وفق رؤية تتسع للجميع، وتبحث عن القواسم المشتركة وتُحسن التعاون على البر والتقوى وما فيه خير الإنسان والأوطان، وما أحسن ما قاله بعضهم: «نعمل فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا البعض فيما اختلفنا فيه».
ولكي نحمي أنفسنا من الطائفية نحن بحاجة إلى العدالة الاجتماعية وإلى أن تكون أنظمتنا السياسية على مسافة واحدة من كل المواطنين، ومن السهولة بمكان أن نلاحظ أن الانتماء، بل الارتماء في حضن الطوائف يكثر عندما تفشل الدولة في تحقيق ذاتها وبسط عدلها وخدماتها لكل فئات المجتمع.
الشيطان قد يُزين لنا الانتماء إلى الطوائف، ولكن الإنسان العاقل يُدرك جيدا أن الحالة الطائفية لا يمكن أن تكون سفينة نجاةٍ له!
ومن المهم كذلك الإشارة إلى أن الطائفية تختلف عن المرجعية الفقهية في التعبّد، التي هي أشبه بمنهج في فهم الدين، لا برنامج صراع سياسي أو أيديولوجية للصراع الديني، فالمذاهب الفقهية اجتهادات محترمة وجهود مقدرة لفهم الدين والإجابة على المسائل والنوازل التي يعيشها المتدين وليست هوية بالمعنى الذي نجده في الحالة الطائفية، وفي تاريخنا الإسلامي الطويل أروع الأمثلة على التعايش المذهبي والديني.
ولكي نحمي أنفسنا من الطائفية نحن بحاجة إلى تحصين أجيالنا القادمة، إلى أن نُبادر في تثقيفهم بأدبيات التعايش والقبول بالآخر وتقدير التنوع الديني وفهم حكمته في الوجود، ونحن كذلك بحاجة إلى محو الأمية الدينية وأعني بهذا مساعدة الجيل الجديد على اكتساب معرفة صحيحة عن الأديان الكبرى في العالم ومعرفة صحيحة كذلك عن المذاهب الدينية في الإسلام بصورة مختصرة وصحيحة، تُركّز على عناصر الالتقاء والوجه المشرق للفكر الديني في هذه المدارس، ويُخيّل إليّ أن هذا يشكل وقاية لعقول شبابنا من السموم الطائفية التي قد تصل إليهم من القنوات المشبوهة والأقلام المأجورة.
ولكي نحمي أنفسنا من الطائفية نحن بحاجة إلى أن نولي التعليم النوعي مزيد اهتمام، ونُركّز على تنمية مهارات التفكير الناقد لدى الشباب وإكسابهم الشجاعة العلمية الكافية لنقد وفحص سيل الأفكار التي يتعرضون لها في وسائل التواصل المختلفة، فتكوين الملكات أولى وأهم من زحمة المعلومات التي نُثقل بها عقول أولادنا.
وفي قناعتي الدين جاء لتحقيق خير الإنسان، لإخراجه من الظلمات إلى النور، وقد فقه هذا الجيل الأول من المسلمين ومن المأثور قولهم: جئنا لِنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها.
نعم نحن بحاجة إلى سعة الدين، لا إلى ضيق الطائفة، نحن بحاجة إلى هوية جامعة، لا إلى هوية تخنقنا، أو تُمزق أوطاننا، وقد أدرك سلفنا هذا، فقال شاعرهم:
إذا كان أصلي من ترابٍ فكلها
بلادي وكل العالمين أقاربي
الحبيب سالم المشهور كاتب عماني