احتجاجات صربيا.. ما أسبابها وما علاقة روسيا والغرب بها؟
تاريخ النشر: 28th, December 2023 GMT
موسكو- لا تبدو أصداء الاحتجاجات في صربيا بعيدة عن مسامع موسكو المنهمكة في الصراع مع الغرب عبر بوابة الحرب مع أوكرانيا، لا سيما أن هذه الاحتجاجات اندلعت فجأة في بلد لطالما حاول أن يتخذ مسافة "آمنة" من حلبة الصراع الغربي مع روسيا تجنبه التورط في حرب ضدها.
ومن حيث الشكل، تعد الاضطرابات التي اندلعت في صربيا إثر إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية ومطالبة المحتجين بإعادة عملية نتائج التصويت أمرا مألوفا يحدث في كل مرة تثير فيها نتائج الانتخابات جدلا ومعارضة لدى شرائح من المجتمع.
لكن المسيرات التي تحولت بسرعة إلى أعمال شغب قرأها المسؤولون الرسميون والمراقبون في موسكو-على حد سواء- من زاوية أخرى، باعتبارها أمرا يعني صناع القرار في الكرملين بشكل مباشر.
ويبدو ذلك واضحا في تصريحات المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، التي قالت إن "الغرب الجماعي أعطى صربيا الخيار نفسه الذي منحه في السابق لأوكرانيا"، والخيار -حسب رأيها- صعب: فإما أن تكون صربيا مع الغرب أو مع روسيا.
بدوره، أكد السفير الروسي في بلغراد ألكسندر بوتسان خارشينكو وجود أدلة على تورط دول غربية في الاضطرابات في صربيا.
وصربيا هي واحدة من 3 دول أوروبية (إلى جانب سلوفاكيا والمجر) تعارض العقوبات الغربية على موسكو، وتعد روسيا دولة صديقة لها، فضلا عن ارتباطهما بعلاقات اقتصادية وتجارية مهمة.
ويرى مراقبون روس أن اندلاع الاحتجاجات في البلد البلقاني على هذا النحو لا يعدو كونه محاولة من قبل واشنطن غير الراضية عن الموقف المستقل للرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، وذلك لإحداث تغيير جديد في البلاد بعد إخفاق ائتلاف المعارضة (الموالي للغرب) في الحصول على الأغلبية في الانتخابات.
ملامح ثورة ملونةوحسب محلل شؤون البلقان فاسيلي بابوف، فإن الاحتجاجات في صربيا تحمل سمات "الثورات الملونة" وفقا لما يصفه بـ"دليل الاحتجاجات" الأميركي، موضحا أن واشنطن غير راضية عن موقف الرئيس الصربي، لذلك، عندما لم يتمكن ائتلاف المعارضة الموالي للغرب من الحصول على الدعم في الانتخابات، بدأت واشنطن بتحريك أعمال شغب جماعية، حسب وصفه.
ويشير في حديثه للجزيرة نت إلى أن الاحتجاجات في كل من جورجيا وأوكرانيا تطورت وفقا لهذا السيناريو، فصناع القرار في الإدارة الأميركية لا يهتمون برأي غالبية المواطنين الصرب الذين دعموا حزب فوتشيتش في الانتخابات، كما أنهم لا يشعرون بالقلق إزاء الخسائر المحتملة في الأرواح أو الوضع الاقتصادي.
ويصف بابوف الاحتجاجات في صربيا بأنها عمل مدروس ومخطط له من قبل مؤسسات جادة تعمل لصالح الغرب، لكنه -في المقابل- يؤكد أن رئيس البلاد ألكسندر فوتشيتش لديه كل الموارد اللازمة للتعامل مع الاحتجاجات.
ويستبعد بوبوف أن تقدم روسيا دعما ماليا للصرب إذا استمرت الاضطرابات، متابعا أن موسكو تنتهج سياسة تقوم على المنفعة المتبادلة، وأن صربيا تحصل بالفعل على الغاز وعدد من الأفضليات التجارية من روسيا.
ويضيف أن هذا "طريق ذو اتجاهين"، خاتما بأنه لن يكون هناك "حل قوي" من جانب روسيا، كما حدث العام الماضي في كازاخستان، لأن بلغراد ليست عضوا في منظمة معاهدة الأمن الجماعي.
بدوره، لا يرى المحلل السياسي فلاديمير أولتشينكو أي مخاطر بعيدة المدى على روسيا جراء الأوضاع الحالية في صربيا، لأن المسار السياسي الحالي فيها سيبقى كما هو تحت أي قيادة ستأتي، وذلك لأسباب تاريخية واقتصادية.
ويستبعد أن يذهب "شركاء صربيا الغربيين" إلى القيام بـ"ثورة ملونة" أو إلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية، لأن المعارضة الليبرالية الموالية للغرب لا تملك الموارد الكافية لتوطيد حضورها على الساحة السياسية، ولا يمكن الرهان عليها إلا بهدف زعزعة الجمهورية.
ويعبر أولتشينكو عن قناعته بأن تناقضات صربيا مع الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو) مفيدة لروسيا، وعلى موسكو تعميقها.
وقال إن الاحتجاجات تحدث في صربيا عادة بعد كل انتخابات، لكنه من الصعب الحديث عن أي تغييرات على النهج السياسي في البلاد، إذ لا تسعى أي من الجهات الخارجية إلى مراجعة نتائج التصويت، إلا في حال تمكنت المعارضة من تحقيق إعادة الانتخابات.
لكنه يحذر من أنه في حال فشل الرئيس الصربي في التعامل مع الاحتجاجات، فإن العواقب ستكون بعيدة المدى، كحدوث تغيير في المسار السياسي العام لصربيا في حال أُخْرِج الرئيس من المشهد السياسي، الأمر الذي من شأنه أن يمهد لأن تصبح البوسنة والهرسك قريبا عضوا آخر في الناتو، وتتخذ مواقف مناهضة لروسيا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الاحتجاجات فی فی صربیا
إقرأ أيضاً:
استغلال الذكاء الاصطناعي لنشر صور وفيديوهات مضللة حول مظاهرات كينيا
أثارت الاحتجاجات التي انطلقت في كينيا الأسبوع الماضي جدلا واسعا حول مصداقية نقل الأحداث، إذ انتشرت كثير من الأخبار المدعومة بالصور ولأفلام المضلّلة.
ولقيت الصور المنشورة في المواقع وبعض المنصات الاجتماعية في كينيا تفاعلا واسعا، بسبب ارتباطها بـ"احتجاجات 7/7″ المخلدة لذكرى المظاهرات ضد النظام في السابع من يوليو/تموز 1990، والتي خرجت للمطالبة بالديمقراطية، ورفضا لسياسات الرئيس دانيال روي حينها.
وجاء إحياء الذكرى العام الحالي، ضمن موجة مستمرة من الاحتجاجات في كينيا منذ السنة الماضية، للمطالبة بإجراءات لتنشيط الاقتصاد ورفع مستوى المعيشة.
وتشهد المظاهرات عادة ردود أفعال عنيفة من الشرطة الكينية، التي اعتقلت المئات خلال تلك الاحتجاجات، وواجهت المظاهرات بالرصاص والقنابل في مرات عديدة، آخرها يوم 25 يونيو/حزيران الماضي، وهو ما وثقته اللجنة الوطنية الكينية لحقوق الإنسان.
وأصدرت الأمم المتحدة -أمس الثلاثاء- بيانا دانت فيه استخدام العنف في الرد على التظاهرات، أكدت فيه استخدام الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع، مما أدى لمقتل 11 شخصا.
صور مفبركةوفي ظل التفاعل الواسع عبر المنصات، رصد تحقيق لوكالة سند الإخبارية انتشارا واسعا لصور ومقاطع فيديو زُعم أنها توثق لحظات من المظاهرات، وتضمنت مشاهد لاقتحامات وحرائق وتظاهرات حاشدة، وأخرى وُصفت بأنها تُظهر عنف الأمن في التعامل مع المظاهرات.
لكن فريق التحقق بوكالة سند التابعة لشبكة الجزيرة وجد أن عددا من هذه المقاطع والصور قديم، أو خارج السياق، أو أنتج باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي.
وأظهر التحقيق أن بعص الصور نشرت على أنها من الأحداث الجارية، وعند التدقيق فيها ظهر أنها ترجع إلى عام 2024 الذي شهد بدوره احتجاجات كبيرة ضد الحكومة.
كما كشف التحقيق عن مجموعة من الصور نشرت على أنها توثق عنفا وحرائق في بعض المباني السكنية والإدارية المهمة، وبعد التدقيق في مصدرها تبين أنها ترجع إلى حريق برج في كاراكاس في فنزويلا عام 2004.
وانتشرت عديد من الأفلام على منصات التواصل الاجتماعي، وبعد التحقيق فيها تبين أنها لا تعود للأحداث الجارية، وإنما تم نشرها بهدف التضليل والتضخيم الإعلامي.
إعلانومن ضمن الأفلام المنشورة فيديو قصير يُظهر تجمهرا كثيفا وسط دخان قيل إنه نتج من الاشتباكات خلال الاحتجاجات، وبعد التحقيق تبين أنه نشر بتاريخ 25 يونيو/حزيران ويوثق مظاهرات سابقة.
@kawangui5thefarstdota saba saba .siri ni numbers 7/7/2025 #Maandamano #viraltiktok #sabasaba #viralvideo #trendingvideo #numbers #sirinumbers #fyp #trendingvideo #trendme #fyp #viral ♬ original sound – Kawangui-Kamuchina