LAT: إسرائيل تعمل على خلق حقائق على الأرض بغزة لا يمكن التراجع عنها
تاريخ النشر: 3rd, January 2024 GMT
نشرت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" مقالا للزميل المختص بالسياسات الأمريكية في شبكة السياسات الفلسطينة، طارق كيني الشوا، قال فيه إنه وعلى مدى عقود، أنشأت "إسرائيل" "حقائق على الأرض" لتوسيع وترسيخ سيطرتها على الضفة الغربية في حين تتحدى الإدانة الدولية. والآن، بعد الهجوم الذي شنته حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، تستخدم "إسرائيل" نفس الإستراتيجية لتحقيق هدف جديد: التطهير العرقي في غزة.
ومن خلال طرد مليوني شخص من منازلهم، وتدمير البنية التحتية الحيوية، وتجريف مساحات شاسعة من الأراضي بالكامل، فإن الحقائق الجديدة على الأرض التي تخلقها "إسرائيل" ستجعل غزة غير صالحة للسكن بحلول الوقت الذي تصمت فيه المدافع، مما لا يترك أي خيار آخر سوى النزوح الجماعي.
وهذا النهج ــ الذي خلق واقعا من المستحيل تقريبا التراجع عنه ــ طبقته "إسرائيل" في سبعينيات القرن الماضي من خلال بنائها السريع للمستوطنات على الأراضي الفلسطينية، والتي اعتُرف على نطاق واسع بأنها غير قانونية بموجب القانون الدولي.
وحتى في ذلك الوقت، لم تكن الاستراتيجية جديدة، فقبل سنوات من إنشاء "دولة إسرائيل" في عام 1948، توافد المستوطنون الصهاينة إلى فلسطين وأنشأوا مجتمعات صغيرة أو كيبوتسات. وكانت تلك المستوطنات فعالة في خلق روابط مادية دائمة مع الأرض.
وبعد أن هزمت "إسرائيل" الجيوش العربية في عام 1967، سيطرت على مناطق واسعة من سيناء في مصر إلى مرتفعات الجولان في سوريا. وفي السنوات التي تلت ذلك، التف المجتمع الدولي حول الاعتراف بـ "عدم جواز الاستيلاء على الأراضي عن طريق الحرب"، لكن إسرائيل كانت لها أفكار أخرى.
ورغم أن مصر استعادت أرضها في وقت لاحق بموجب معاهدة سلام، فقد شرعت "إسرائيل" في حملة لتعزيز سيطرتها على فلسطين والجولان السوري من خلال تأسيس حقائق جديدة على الأرض تهدف إلى جعل أي تسوية عن طريق التفاوض، أو أي بديل للسيادة الإسرائيلية الكاملة، مستحيلة.
بين عامي 1967 و2017، قامت "إسرائيل" ببناء أكثر من 270 مستوطنة وبؤرة استيطانية في جميع أنحاء الضفة الغربية والقدس، مما أدى إلى تقسيم الأراضي التي كانت ستكون بمثابة قلب الدولة الفلسطينية المستقبلية إلى جزر معزولة. واليوم، يعيش أكثر من 700 ألف مستوطن في شبكة المستوطنات الإسرائيلية التي تتوسع باستمرار، مما يضمن أنه حتى لو تحققت معجزة وتم إنشاء دولة فلسطينية على طول حدود عام 1967، فإنها سوف تكون مقطعة الأوصال وغير قابلة للحكم فعليا.
ولا يهم أن هذه المستوطنات اعتبرها المجتمع الدولي بالإجماع غير قانونية بموجب القانون الدولي. ولم يكن من المهم أيضا أنه حتى الولايات المتحدة، أقوى داعم ومتبرع لإسرائيل، رأت في سياسة الاستيطان التوسعية عقبة أمام السلام. ما يهم هو وجودها هناك.
وفي حين أسس الفلسطينيون مطالباتهم المشروعة بالأرض على أساس أنهم السكان الأصليون، والقانون الدولي، بل وحتى سندات الملكية، فإن "إسرائيل" تستطيع أن تشير إلى الوجود المادي للمستوطنات والمستوطنين الإسرائيليين، وتهز كتفيها وتقول: "هكذا هو الحال الآن". إن المجتمع الدولي، الذي يفتقر إلى الرغبة أو القدرة على التدخل، سوف يضطر فعليا إلى الاعتراف بواقع "إسرائيل" المبني بأثر رجعي.
والآن، تعكف الحكومة الإسرائيلية مرة أخرى على إعادة بناء الواقع على الأرض من جانب واحد، وبذلك تقضي على كل الآمال في مستقبل سلمي. وهذه المرة، لا تسعى إلى تحقيق أهداف توسعية من خلال بناء المستوطنات، على الرغم من أن إعادة الاستيطان إلى غزة قد تكون الخطة على المدى الطويل. وفي محاولتها إبادة حماس، تعمل "إسرائيل" على محو غزة كما نعرفها من على الخريطة، وتجعلها غير صالحة للعيش بالنسبة لنحو 2.3 مليون فلسطيني يسمونها وطنهم. هذه ليست نتيجة مؤسفة للحرب، ولكنها استراتيجية محسوبة لتحقيق هدف الحصول على أكبر قدر من الأرض مع الحد الأدنى من الفلسطينيين، يمكن اعتبار ذلك حقائق جديدة على الأرض.
وحتى قبل الهجوم الإسرائيلي الجديد، كانت البنية التحتية في غزة مشلولة بسبب أكثر من 16 عاما من الحصار الإسرائيلي الخانق. لقد أصبح أكثر من 85 بالمئة من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة نازحين داخليا، ولا يوجد مكان آمن داخل غزة للفرار إليه. وإذا انتهى الهجوم الإسرائيلي اليوم، فإن تقديرات المحللين تشير إلى أن أكثر من 50 بالمئة من المساكن في غزة قد تعرضت لأضرار جسيمة أو دمرت بالفعل. وتشير التقارير إلى أن "إسرائيل" تخطط لإغراق شبكة أنفاق حماس بمياه البحر، وهو ما يهدد بتلويث تربة غزة بشكل دائم، وتلويث طبقات المياه الجوفية، والتسبب في المزيد من انهيار البنية التحتية.
ماذا سيحدث لمئات الآلاف، إن لم يكن الملايين، من سكان غزة بعد هذا الدمار؟ وبطبيعة الحال، لن تستوعب "إسرائيل" موجة اللاجئين الجديدة التي تخلقها. وسيتم وضع مصيرهم في أيدي الدول العربية المجاورة ومجتمع المانحين الدولي.
وقد أوضح الزعماء العرب، بدءا من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى العاهل الأردني الملك عبد الله، أن التهجير الجماعي للفلسطينيين من غزة يشكل "خطا أحمر". وحتى إدارة بايدن، التي أعطت "إسرائيل" تفويضا مطلقا لتدمير غزة، قالت مؤخرا إن "إسرائيل" يجب أن تعمل على تجنب "المزيد من التهجير الكبير" للمدنيين الفلسطينيين. ومع ذلك، لا أحد يستخدم نفوذه لإثناء "إسرائيل" عن خلق الظروف التي من شأنها أن تجعل هذه النتيجة، التي يفترض أنها غير مقبولة، حتمية.
وهنا يكمن خطر استراتيجية "الحقائق على الأرض" التي تنتهجها "إسرائيل". لقد حقق القادة الإسرائيليون على مر السنين أهدافهم التوسعية من خلال تنفيذ ممارسات تدريجية، ولكن بشكل مطرد، يكرهها المجتمع الدولي على نطاق واسع وغير قانونية بموجب القانون الدولي. وفي الضفة الغربية، ربما يؤدي التطهير العرقي لكل الفلسطينيين بضربة واحدة إلى تدخل إقليمي، وربما حتى دولي، ولكن الاستيلاء على الأراضي تدريجيا من خلال بناء المستوطنات كحقائق عنيدة على الأرض من الممكن أن يحقق نفس الغاية مع قدر أقل من ردود الفعل السلبية.
وعلى نحو مماثل، لا تحتاج "إسرائيل" إلى قتل سكان غزة بالكامل دفعة واحدة. كل ما عليها فعله هو التأكد من أن قطاع غزة غير صالح للسكن وسيتبعه الباقي. يمكن لـ"إسرائيل" مرة أخرى أن تهز كتفيها وتشير إلى الواقع الذي لا رجعة فيه الذي خلقته.
ليس من الضروري أن ينتهي الأمر بهذه الطريقة. يمكن للمجتمع الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، أن يتخلص من مظهر العجز الذي يظهره ويستفيد من أدواته الاقتصادية والدبلوماسية الوافرة ليوضح لـ"إسرائيل" أن التهجير الجماعي للفلسطينيين أمر غير مقبول، وأن سكان غزة يجب أن يكونوا قادرين على العودة إلى ديارهم . ومن دون التدخل الآن فإن "إسرائيل" سوف تتقدم إلى الأمام، كما فعلت في الضفة الغربية، فتدمر بشكل منهجي جدوى كل الحلول البديلة وتضمن نكبة أخرى ذات أبعاد تاريخية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية غزة التهجير غزة الاحتلال تهجير صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المجتمع الدولی الضفة الغربیة على الأرض سکان غزة من خلال أکثر من
إقرأ أيضاً:
جنبلاط: لا نستطيع أن نقبل بأن يكون التفاوض مع إسرائيل تحت النار ومتمسكون بالهدنة
لبنان – أكد الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط امس الأحد، أنهم “لا يستطيعون أن يقبلوا بأن يكون التفاوض مع إسرائيل تحت النار”، مشددا على “التمسك بالهدنة” مع تل أبيب.
واستقبل رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس الحزب رئيس كتلة اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط والوزير السابق غازي العريضي حيث تناول اللقاء تطورات الأوضاع العامة والمستجدات السياسية في لبنان والمنطقة.
وبعد اللقاء، صرح جنبلاط قائلا: “نواكب ما يجري من تطورات وسبق وأعطيت رأيي الشخصي فيما يتعلق بالتفاوض، والتفاوض بشتى المجالات أو بالأحرى بشتى الدول مشروع، لكن لا نستطيع أن نقبل بأن يكون التفاوض تحت النار، والأستاذ سيمون كرم الذي تعين كرئيس الوفد المفاوض يتمتع بصفات أخلاقية وسياسية معروفة وجيدة ومفاوض محنك، نفاوض تحت شعار الانسحاب، وقف اطلاق النار، تثبيت وقف اطلاق النار، وعودة اهل الجنوب إلى قراهم”.
وتابع جنبلاط: “ولاحقا أذكر بأن المعاهدة التي ترعى العلاقات بيننا وبين إسرائيل هي معاهدة الهدنة التي نتمسك بها بالرغم من أن بين ظروف الهدنة عام 1949 واليوم اختلفت، لأنه كما تعلمون وكما نعلم أن التطور السياسي العسكري والتطور الإلكتروني وإلى آخره أطاح بكل شيء لكن في النهاية هناك مبادئ عامة نتمسك بها الأرض والسيادة”.
وأضاف الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي: “وعندما أقول الأرض من فوقها ومن تحتها، حتى لو أن اليوم الشتاء قليل، لكن لا ننسى المطامع القديمة في مياه الليطاني وغير الليطاني، لا ننسى في النهاية هذه الذاكرة، هذا ما أريد أن أقوله بعد هذا اللقاء الودي واللقاء الحار كالعادة مع الرئيس الصديق الحليف التاريخي الأستاذ نبيه بري”.
وردا على سؤال حول إصرار اسرائيل على التطبيع وحديثها عن علاقات اقتصادية؟ أجاب جنبلاط: “فليسمحوا لي، لقد صدر تصريح من قبل السفير الإسرائيلي في واشنطن تحدث عن التطبيع، كلا نتمسك بالهدنة، ثم نعود إلى الأسس التي انطلقنا منها تذكروا في القمة العربية التي عقدت في بيروت 2002 ماذا قلنا أنذاك؟ أو ماذا قال العرب أنذاك؟ وماذا يقول العرب حتى هذه اللحظة؟ الأرض مقابل السلام”.
وفي رده على سؤال حول حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية واستمرار اسرائيل في عدوانها، قال جنبلاط: “نحن مع تعزيز الجيش اللبناني ومع الإجراءات التي يقوم بها في الجنوب، جنوب الليطاني فيما يتعلق بحصر السلاح وبسيادة الدولة على أرض الجنوب، ثم لاحقا مع تعميم هذا الأمر على كل الأرض اللبنانية. وأيضا بنفس الوقت، لا ننسى، أين هي المساعدات للجيش اللبناني؟ فقط دولة وحيدة أعتقد قطر تقدم بعض المساعدات المالية، لكن نريد مساعدات من أجل تطويع نحن بحاجة ولا ننسى بأنه بعد عام سيكون الجنوب خال من القوات الدولية، إذن نحن بحاجة الى مزيد من الجنود، للجنوب وللحدود اللبنانية السورية أو لقسم منها”.
وفي إطار رده على سؤال حول تصريحات المبعوث الأمريكي توم براك الذي اعتبر فيها أنه ليس من الضروري نزع سلاح الحزب بل الهدف منعه من استخدامه، صرح جنبلاط قائلا: “فلنتكلم بالشكل الآن، وبالمضمون هناك لجنة الميكانيزم أو الخماسية، فلنكتفي بالميكانيزم وتصريحات المسؤولين فيها”.
المصدر: RT