خلال الساعات القليلة وقعت الحكومة الإثيوبية مع أرض الصومال مذكرة تفاهم من أجل استغلال ميناء بربرة الصومالي، الأمر الذي أدى إلى موجة من الغضب من قبل الحكومة الصومالية ونال رفضا عربيا ودوليا واسعا بسبب الانتهاك الإثيوبي تجاه الأراضي الصومالية.

 

 

تفاصيل الإتفاق 


وقال موسى بيهي عبدي خلال مراسم التوقيع إن صوماليلاند تخطط – في إطار الاتفاق – لتأجير قطعة أرض بطول 20 كيلومترا على طول ساحلها لإثيوبيا من أجل إقامة قاعدة بحرية.

صرح مستشار الأمن الوطني لرئيس الوزراء الإثيوبي السفير رضوان حسين أن مذكرة التفاهم ستسمح لإثيوبيا بتنويع خياراتها فيما يتعلق بالوصول إلى البحر والموانئ، وبالإضافة إلى ذلك، سيكون لإثيوبيا دور مهم في تحقيق السلام والأمن في المنطقة جنبًا إلى جنب مع ضمان بقائها.


ذكر وزير العدل الدكتور جيديون طيموثيوس أن مذكرة التفاهم لا تتعلق فقط بالوصول إلى البحر أو الميناء ولكنها تشمل أيضًا مجالات التعاون الواسعة في مجالات التجارة والاستثمار والتكنولوجيا والزراعة والسياحة.

أثناء توقيع الإتفاق 
الاعتراض على الاتفاق

وصفت حكومة الصومال اتفاقًا وقعته إثيوبيا وهي الدولة غير الساحلية مع جمهورية أرض الصومال المعلنة من جانب واحد حول منفذ بحري بأنه عمل "عدواني".


كما أعربت جامعة  الدول العربية عن رفض وإدانة أي مذكرات تفاهم تخل أو تنتهك سيادة الدولة الصومالية، أو تحاول الاستفادة من هشاشة الأوضاع الداخلية الصومالية أو من تعثر المفاوضات الصومالية الجارية بين أبناء الشعب الصومالي بشأن علاقة أقاليم الصومال بالحكومة الفيدرالية، في استقطاع جزء من أراضي الصومال بالمخالفة لقواعد ومبادئ القانون الدولي، وبما يهدد وحدة أراضي الدولة الصومالية ككل.

 

طالب البرلمان العربي إثيوبيا بالالتزام بقواعد ومبادئ حسن الجوار واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شئونها الداخلية، بما يحقق الأمن والاستقرار في المنطقة، مشددًا على دعم البرلمان العربي لجمهورية الصومال الفيدرالية فيما تتخذه من إجراءات قانونية للحفاظ على استقرارها وسيادتها الوطنية على كامل أراضيها.

أكدت مصر ضرورة الاحترام الكامل لوحدة وسيادة جمهورية الصومال الفيدرالية على كامل أراضيها، ومعارضتها لأية إجراءات من شأنها الافتئات على السيادة الصومالية، مشددةً على حق الصومال وشعبه دون غيره في الانتفاع بموارده.
وحذرت الخارجية المصرية، من خطورة تزايد التحركات والإجراءات التي تهدد استقرار منطقة القرن الإفريقي، وتزيد من حدة التوترات بين دولها.

 

 

اتفاق غير قانوني

 

وفي هذا الصدد علق السفير على الحفني نائب وزير الخارجية السابق للشؤون الأفريقية، قائلًا:" أن اقليم أرض الصومال لن ينال اعترافًا دوليًا منذ إعلان استقلاله عن الصومال في 1991، ولكن بسبب الأوضاع التي كانت تمر بها الصومال من إرهاب وتخريب ترك هذا الإقليم هكذا، بالإضافة أن هذا الإقليم لن يحصل على اعتراف دولي ولن ينال  استفتاء شعبي من أجل الاستقلال لذلك يعتبر هو جزء من الصومال حتي الآن" مشيرًا إلى أن هذا الإقليم حصل على دعم من الجماعات الإرهابية خلال السنوات الماضية بالإضافة إلى بعض الدول التي تريد زعزعة واستقرار الصومال.

 

وأضاف الحفني في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن الاتفاق الذي حدث بين أرض الصومال وإثيوبيا اتفاق غير قانوني بل يعتبر انتهاكًا إلى القانون الدولي والإفريقي وهذا الأمر ليس جديد على إثيوبيا خلال تلك الفترة التي تنتهك القانون الدولي بشكل مباشر ولن تنال أي جزاء، لافتًا إلى أن الموقع التي جاء في الاتفاق هو موقع استراتيجية تريد  إثيوبيا الاستفادة منه خصوصًا  مع صمت المجتمع الدولي الموجود حاليًا.

 

أكد  نائب وزير الخارجية السابق للشؤون الأفريقية، أن ما تفعله إثيوبيا يهدد استقرار المنطقة الإفريقية وأيضا القرن الإفريقي وهذا الأمر يرفضه العديد من الدول الموجودة  مشيرًا إلى أن العلاقات المصرية الصومالية لها تاريخ طويل، مضيفا أن الصومال دولة صاحبة أهمية استراتيجية فى مسار التجارة الدولية.

 

 

 

 

تهديد الأمن في إفريقيا

 

 

أوضح الدكتور رامي زهدي، الخبير في الشؤون الإفريقية، ونائب رئيس مركز العرب للأبحاث والدراسات، أن النظام الإثيوبي أصبح يهدد الأمن والسلم الافريقي خصوصًا مع تحركاته الغريبة والمربية والتي كان آخرها هو توقيع اتفاق مع أرض الصومال من أجل استخدام ميناء بربرة من أجل إنشاء قاعدة عسكرية إثيوبيا وهذا الأمر يعتبر انتهاك واضح للسيادة الصومال بالإضافة إلى انتهاكًا إلى  القانون الدولي ويهدد أمن واستقرار الملاحة في البحر الاحمر.

 

 

أضاف «زهدي» في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن هذا التوقيع سيؤدي إلى تغيير معالم المنطقة جغرافيا ويهدر حقوق دولية واقتصادية مشروعة وهامة لدول الجوار وخاصة الصومال وجيبوتي وهو امر غير مقبول من جميع الاطراف والدول المعنية وذات الصلة مؤكدًا أن مصر هذا التوقيع وذلك ظهر من خلال تحركات مصر التي حدثت في 24 ساعة الماضية.

 

توقع الخبير في الشؤون الإفريقية، ونائب رئيس مركز العرب للأبحاث والدراسات، أن الفترة القادمة ستشهد تحرك من الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية من أجل اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة من أجل الحفاظ على أمن واستقرار الصومال مشيرًا إلى أن هذا التوقيع من الممكن أن يجعل منطقة القرن الإفريقي على صفيح ساخن خلال الفترة القادمة.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: دولة الصومال أثيوبيا أرض الصومال جامعة الدول العربي

إقرأ أيضاً:

دول تحالف البحر الأحمر

دول جمهورية الصومال الديمقراطية، جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، الجمهورية العربية اليمنية، جمهورية السودان، عقدوا تحالفا سياسيا في عام ١٩٧٦، على خلفية أمن البحر الأحمر وخليج عدن، وحمايتهم من الاطماع الخارجية، إذ تقع الدول الأربعة في تلك البحار والتي تمثل ممرات دولية وشريان الاقتصاد العالمي، وفي مرحلة الحرب الباردة أصبحت تلك المياه كمناطق تسابقت القوى الدولية لأجل إتخاذها كمناطق نفوذ.
عقد اللقاء في مدينة تعز اليمنية، ولم يتم ذلك التحالف على خلفية ايديولوجية، خاصة وأن الجمهورية العربية اليمنية كانت دولة غير ايديولوجية رغم أن طبيعة اقتصادها كان قائما وفق مفهوم السوق الحر، إلا أن بعد المصالح الوطنية هو ما جمع ذلك التحالف، وبطبيعة الحال فإنها كانت دول تنتمي إلى جامعة الدول العربية وذلك المنحى كان مقاربة للحالة الايديولوجية القومية.
وقد تم استهداف ذلك التجمع من قبل قوى خارجية متباينة ايديولوجيا، ومنها إثيوبيا، السعودية ودول الخليج العربي، إسرائيل، الغرب، ومن منطلق أن ذلك التجمع سيقوض مصالحها، رغم عدم وجود تنسيق مشترك ما بين هذه الدول الأخيرة.
ولا شك أن هناك دوافع وقفت وراء أن تستهدف تلك الدول التجمع الرباعي المذكور.
فاثيوبيا رغم أنها كانت في عام ١٩٧٦ على علاقات جيدة مع الصومال،اليمن الجنوبي،السودان،واليمن الشمالي، الا أنها نظرت لتجمع على أنه يمثل إمتداد لمنظمة إقليمية لا تنتمي إليها ممثلة بجامعة الدول العربية، كما أن دول الصومال،اليمن الشمالي،السودان دعموا الثورة الاريترية، ناهيك عن إستقبال اللاجئين الاريتريين من قبل كل من السودان واليمن الشمالي.
أيضا كانت هناك إشكاليات حدودية بين إثيوبيا وكل من الصومال والسودان، وواقع دعم معارضة إريترية من قبل كل من الصومال،السودان واليمن الشمالي وان كان بدرجات متفاوتة.
وتخوف الجانب الإثيوبي من أن بروز مثل ذلك التحالف كان سيفضي إلى حالة تهديد بحري تجاهها، وسيفتح واقع جبهة بحرية لم تكن إثيوبيا بصدد احتمالها.
وبالنسبة لسعودية فإنها نظرت للمسألة بصورة مقلقة للغاية لاسيما وأنها كانت تشارك كل من اليمن الشمالي والجنوبي حدود جغرافية، وفي ظل وجود واقع حدود جغرافية متنازع عليها وان لم يكن النزاع بشأنها حاد للغاية، في حين أن وجود نظام ايديولوجي ماركسي في اليمن الجنوبي والذي كانت تشاركه حدود طويلة المساحة كان أمرا مزعجا لها.
وعلى صعيد مماثل كانت السعودية منزعجة من وجود نظام الرئيس إبراهيم الحمدي في الجمهورية العربية اليمنية، وذلك على خلفيات سياسية عديدة، منها أرتباط الرئيس الحمدي بالتيار الناصري في اليمن الشمالي، سعيه إلى الخروج من عباءة السعودية ممثلة بسيطرتها التقليدية على اليمن الشمالي. وفي ظل سعي الرئيس الحمدي إلى تحجيم القوى السياسية واليمنية التقليدية المرتبطة بالسعودية.
وبدوره فإن السودان رغم أن مؤشر علاقاته مع الإتحاد السوفيتي كان قد تراجع بعد القضاء على مجموعة عبدالخالق محجوب، وضرب الرئيس النميري للحزب الشيوعي السوداني، الا أن النظام في الخرطوم كان لا يزال مصنفا لديها كمصدر تهديد، خاصة وأنه يقع على الضفة الغربية للبحر الأحمر وعلى مساحة بحرية طويلة جغرافيا.
وبدوره فإن الصومال كان يمثل باعث قلق لنظام السعودي والذي كانت علاقاته مع مقديشو حينها متدهورة نظرا لتوجهات الماركسية التي إتخذتها الحكومة الصومالية منذ قدوم الانقلاب العسكري في عام ١٩٦٩، وعمل النظام الحاكم على كبح جماح الإسلام السياسي داخليا.
وبالنسبة لسلطنة عمان فقد كانت ترى اليمن الجنوبي كحالة تهديد لأمنها وفي ظل تبنيها سياسيا للمعارضة الظفارية والعمانية، وهناك حدود برية وبحرية بين البلدين، وهو ما قد فرض حالة علاقات متدهورة بينهما، حيث تأثرت السلطنة خلال النصف الأول لعقد السبعينيات من القرن العشرين تجاه زعزعة المعارضة السياسية لنظام الحاكم.
وبدورها فإن الانظمة العربية الخليجية الأخرى كانت ترى في التحالف الرباعي كحالة تهديد سياسي لأنظمة حكمها واستقرارها السياسي.، وكان يزعجها وجود توجهات ايديولوجية ماركسية وناصرية قومية في المنطقة.
إسرائيل والغرب بدورهم لم يرحبوا بذلك التحالف والذي رأوا أنه يستهدف مصالحهم وانظمتهم السياسية، وأن الإجراء مثل كمحاولة أرادت استهداف مصالحهم السياسية والاقتصادية، ومحاصرة الانظمة المرتبطة بالغرب، وأنه بادرة جديدة لسيطرة على الممرات المائية، واستعادة ذاكرة إغلاق المدخل الجنوبي خلال حرب أكتوبر عام ١٩٧٣.
مؤتمر مدينة تعز بين الرؤساء سياد بري، سالم ربيع، إبراهيم الحمدي، جعفر النميري، مثل لحظة تاريخية فاصلة أدركت فيها تلك الدول مصالحها الوطنية بمعزل عن ارتباطاتها السياسية الخارجية والايديولوجية.
وقد أوجدوا حالة تقارب سياسي بين دورهم وانظمتهم السياسية، الا أن واقع التناقضات التي كانت قائمة بين انظمتهم، والتحديات الماثلة أمامهم استطاعت أن تعصف بهم.
فاليمن الجنوبي والشمالي تدهورت علاقاتهم بعد تصفية الرؤساء إبراهيم الحمدي وسالم ربيع، والصومال واليمن الجنوبي تدهورت علاقاتهم بعد زيارة فيدل كاسترو لكل من عدن،مقديشو، أديس أبابا في عام ١٩٧٦، واندلاع حرب الاوجادين بين الصومال واثيوبيا في عام ١٩٧٧، حيث اصطفت عدن مع أديس أبابا.
في حين كانت العلاقات السودانية الإثيوبية تتارجح ما بين التحسن والفتور وفي ظل دعم الأخيرة للمعارضة السودانية.
وحاليا نرى حجم الإستهداف الذي تعرضت له تلك الدول ولا زال، أكان من قبل إثيوبيا، السعودية، الإمارات، إسرائيل والغرب، وادراك مدى الخطورة التي استشعرتها دول تحالف البحر الأحمر تجاه وجودها وأمنها خلال تلك الحقبة من تاريخها الحديث.
وبطبيعة الحال فإن تلك الدول المناهضة لتحالف الرباعي قامت بالمساهمة في تمزيق الوحدة الوطنية لدول التي ضمها تجمع البحر الأحمر، واختراق سيادتها، وشنت الحروب الخارجية عليها أكان من قبل جيرانها وغيرهم، وفي المحصلة إنها أصبحت دول ممزقة سياسيا وضعيفة اقتصاديا وعسكريا، وتعاني من حالة تمزق وحدتها الوطنية، وتعاني من واقع انفصالي، حالة حروب وتدخلات خارجية في شؤونها الداخلية.
ناهيك عن أنها تعاني من ظواهر عدم استقرار سياسي وأمني كمثال الإرهاب والقرصنة البحرية، اللتان ساهمتا في استحضار التواجد الخارجي الأجنبي في دول الصومال،جيبوتي،اليمن، وهو ما جعل خليج عدن والبحر الأحمر كمناطق بحرية مشتعلة للغاية، وفي المحصلة ساهم في جلب القواعد العسكرية الأجنبية والوجود العسكري الخارجي.
خالد حسن يوسف

khalidsf5@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • تصاعد جديد في نشاط الشباب الصومالية.. وأستاذ علوم سياسية:" الجماعة استغلت الفراغ الأمني"
  • بلزاك.. سيد الوصف والحبكة الإنسانية في القرن الـ 19
  • الصومال تنفذ عمليات عسكرية ضد حركة «الشباب»
  • روسيا تدخل في قائمة أول عشر دول من حيث النمو الاقتصادي في القرن الحادي والعشرين
  • مقتل مسلح من حركة "الشباب" في عملية نفذتها قوات الجيش جنوبي الصومال
  • روسيا تدخل في قائمة أول عشر دول  من حيث النمو الاقتصادي في القرن الحادي والعشرين
  • إدوارد لين يصور «المجتمع العربي في العصور الوسطى»
  • زلزال في إثيوبيا.. انهيار سد النهضة سيكون بمثابة طوفان علي السودان
  • ليلى علوي توجه رسالة لعادل إمام في عيد ميلاده: أهم نجوم القرن
  • دول تحالف البحر الأحمر