ألقى الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الحرام، وافتتحها بتوصية المسلمين بتقوى الله؛ لأن تقواه هي السراج المنير في حلك الدجا، والمعتصم الوثيق لذوي الحجا، والمعراج السني عند الضراعة والالتجاء، وبها الظفر بالرغائب والرجا.

وقال فضيلته: في عالم يموج بالتحديات والأزمات، وفي عصر كثرت فيه الأوهام والخيالات، تأتي أهمية استجلاء الحقائق والموقف الحق مما يشاع ويذاع مما يخالفها، وأن الحقيقة الكبرى التي لا تخالجها الخيالات والأوهام توحيد الملك العلام، فلقد بعث الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بعقيدة التوحيد الصافية الخالصة {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر: 3]؛ ليُحرِّرَ العقول والقلوبَ من رِقّ العُبوديَّة لغيرِ الله، ويُثبت فيها أن لا إله إلا الله، كلمة الإخلاص، ومُفردة الاختصاص، وعنْوان الفوْزِ والخلاص، ولِيرفعَ النفوسَ إلى قِمَمِ العزِّ والشَرفِ والإباء، ويسمو بِها عن بُؤرِ الالحاد والشِّركِ والوثنيَّة والشّقاء، والخُرافَة والشعوذة والأرْزاء.

وأضاف: إن أول أركان الإسلام الحميدة، وأوثقِ عُرى الإيمان المجيدة، وأرسخ ثوابت عقيدة السلف الصالح العتيدة، شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنّه سبحانه الذي يملك النفْع والضُّر وحده، {وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، وهو المستحق للعبادة وحده دون سواه، وما عداه فإنهم (لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاة وَلَا نُشُورًا) [الفرقان: 3].

وبيّن أنَّه تعالى اختصّ بِعلم الغيب وما خفيَ، ولا ريْب، {لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّه وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النمل: 65]، وأنّه جلّ عن الشبيه والمثيل والنظير {لَيْسَ كَمِثْلِه شَيْءٌ وَهُو السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]، وأنّ الخلق مُفتقرون إليه وحْده على الدوام، ليس لأحد غنى عنه مثقال ذرة – سبحانه وتعالى – {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إلى اللَّه وَاللَّه هُو الْغَنِي الْحَمِيدُ} [فاطر: 15]، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: “من تدبر أحوال العالم وجد كل صلاح في الأرض سببه توحيد الله وعبادته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكل شرٍ في العالم وفتنة وبلاءٍ وقحطٍ وتسليط عدو وغير ذلك؛ فسببه: مخالفة الرسول ﷺ، والدعوة إلى غير الله”.

وأكد الدكتور السديس أن تلك هي عقيدة المسلمِ الصحيحة، وهي أعزُّ شيءٍ عليه وأغْلى ما لديه، فلا مُساومة عليها مهما كانت المتغيرات، ولا تنازل عنها مهما كانت التحديات، فالمؤمن الحقّ ديْدنُه التوكُّل على ربّه، فلا يدعو ولا يرغب ولا يرجو إلا خالقه عزّ وجلّ، ولا يخاف ولا يرهب إلا منه وحده تبارك وتعالى، { قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}.

وأضاف: جاء النهي صريحًا في الكتاب العزيز والسنَّة النبوية المطهّرة عن كلّ ما يخالفُ هذِه الحقيقة الثابتة ويُضادُّها من الأوهام والانحرافات العقدية، كالتعلّق بغير الله سبحانه، واعتقاد النفع والضرّ بيد غيره عزّ وجلّ، ويأتي في الطليعة من ذلك التّعلّق بأوهام السّحرة والمشعوذين والكهنة والعرّافين، سماسرة الخرافة والدجل والتضليل، الّذين أرْدَوْا كثيرًا من المسلمين إلى حضيض الشّرك الدّامس، والجهْل الطّامس، ومنها التعلّق بالأضرحة والمقامات، والأبراج والطوالعِ والنجوم، واعتقاد تأثيرها في حياة الإنسان فرحًا وترحًا، خُمولاً ونشاطًا، كدَرًا واغتباطًا، وأنَّ منْ وُلِدَ في برج كذا فهو السعيد المحروس، ومن وُلِدَ في برج كذا فهو التعيس المنحوس، في سردٍ للفضائح وإعلان بالقبائح لا يُقرُّها شرعٌ ولا عقلٌ ولا منطق! فسبحان الله عباد الله! كيف تفْتِك الْخرافات والأوهام بعقيدة أولي الحجا والأفهام!؟

وأردف فضيلته: وأيم الله لهي الطعْنة النَّجلاءَ في صميم العقيدة، والشرْخُ الخطير في صرْح التوحيد الشامخ، وإنّها الانهيارُ السَّحيقُ الذي يثْلِمُ القُوة، ويُذْهبُ العِزَّة، ويجلبُ الانتكاسة، ويُلحقُ الهزيمة بالجيل، ويُشكِّك في الثوابت واليقينيات، ويُروِّج – رُحْماك ربنا- لبضاعة التخرُّصات والخزعبلات.

وأوضح أن من القواصم الفاقرات لأزكى الاعتقادات تعاطي السحر والشعوذة وإتيان السحرة والساحرات، وإنّه – لعمر الحق- لجمعٌ بين الكُفرِ بالله، والإضرارِ بالناس، والإفساد في الأرض بوَبيلِ الأرْجاس، قال صلى الله عليه وسلم محذّرًا من الذهاب إلى السحرة والكهّان وتصديقهم في الأوهام والبهتان: “من أتى عرافًا أو كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد”، أخرجه الحاكم وأهل السنن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وقدْ عدَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم السحر من السبع الموبقات، كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

وحذر فضيلته من أنّ هؤلاء الدجاجلة الأفّاكين منتشرون في بعضِ الوسائل الإلكترونية الحديثة، من القنوات، والمواقع، والشبكات، فلهم معرِّفاتٌ ودعايات، تروج الأباطيل مع الأسف اللاهب على العامة والدّهماء من الفتيان والفتيات -ولا نكتم الخجل- تتاجر ببضاعتها على بعض الموهومين والمتعالمين، ولهم أسماء وبرامج للحظ زعموا، مِمَّا يفتِن الجُهال والأغرار، بل ربَّما يتصدى للفتوى كل متعالم مأفون، أو يتطبَّب من ليس في الطبِّ من قليل ولا كثير، وتَتكلَّم الرويبضة في كلِّ فنٍّ، والمُتلقّون لهذه الأوهامِ يرْتعون بكلِّ وخمٍ وزخَم دون تمييزٍ بين الغثِّ والسمين.

ووجه الشيخ السديس نداءً عاجلاً لمن يهمه الأمر من الآباء والأمهات والمربين والمربيات، والعلماء والدعاة، ورجال الحسبة -وفّقهم الله وأيّدهم-، أن يبادروا بالتحصين الإيماني لمجتمعاتهم ضدَّ هذه المزالق الوهمية، والأعمال الشيطانية، والتكاتف والتعاضد للقضاءِ على هذه الأوهام؛ لما تمثّله من خطرٍ على الأمة، وإخلالٍ بأمن المجتمع، وإفسادٍ لعقيدة المسلمين، واستهانة بعقولهم، وابتزازٍ لأموالهم، وتثبيطٍ لهممهم، في متاجرة خاسرة وصفقات بائرة، والنصيحة مبذولة لكل من ابتُلي بهذه الأمور المزرية الشنيعة أن يتوب إلى الله ويؤوب، ويستغفره من هذه الشركيات الجاهلية، والوضاعات الخرافيّة، طاعة لله ولرسوله –صلى الله عليه وسلم-، وحفاظًا على دينه، وعقيدته.

وأشار فضيلته إلى أن من الأوهام المتعلقة بالعقيدة تأتي الأوهام الفكرية بين الغلو والجفاء، والتنطع والانحلال في تجافٍ عن تحقيق للوسطيَّة والاعتدال، وكذا المٌضِرَّة بالعباداتِ، كالرياء والتشديد والتعصُّب في التقليد ونحوه، أو التعَلُّقِ بأذْكارٍ وأورادٍ مخترعة هي شبه خطّافة في أوجه حمّالة، وقوالب أخاذة ليست على أثارة من علم من الهدي النبوي.

وقال فضيلته ومما يروج به من الأوهام ما عمَّت به البلوى في هذه الأزمان، من أَمْرَاض نفْسيَّة، وجسدية، ممن ابتلوا بوسْوسة في العبادات دون يقين، وشكٍّ في المسلّمات من الدِّين، وصَرْعٍ ومسٍّ وسِحْرٍ وعَيْن، ونَفْسٍ وحَسَدٍ واكتئاب دون ميْن، ومن هذا الباب ما يتعلق بالرقية الشرعية، فكم مِن مريضٍ أشرف على الهلكات والمَمَات، استطَبَّ بِالرُّقية الشرعية فحَقق الله له البُرْء والشِّفَاء.

ونبه أنّ للرُّقية الصحيحة المفيدة –بإذن الله- شروطًا ثلاثة، ذكرها أهل العلم، أولها: أن تكون بأسماء الله وصفاته، والمجَوَّدِ من آياته، وأن تكون بلغة عربية واضحة المباني، مفهومة المعاني، وأن يُعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها، بل بتقدير الله تعالى. فأين هذا من ممارسي الرقى الموهومة والمروجين لها، والمتاجرين بعلل الناس وآلامهم، مما يذرف العَبرة، ويوجب العِبرة على غُربة التوحيد والسنة. وقل مثل ذلك في المتصدين لتعبير الرؤى وتفسير الأحلام، وما هي إلا أضغاث أحلام، وكم وكم من مُروِّجي المقاطع، وناشري المُحتوى الإعلامي المُضلِّل للحقائق، المروِّج للأكاذيبِ والشائعات والخزعبلات والافتراءات، ومن ذلك التشبّه بغير المسلمين فيما هو من خصائصهم.

وكشف إمام وخطيب المسجد الحرام أن من مضلات الأوهام، واستلابات الأفهام، التي بلي بها فئام من الناس، اللهاث المادي خلف تجار الكسب السريع، دون تثبُّت من مصادر هذه الأموال، وهل هي من حلال أم حرام، ودون نظرٍ إلى عواقب الأمور ومآلاتها، وذلك الذي أودى بكثير ممّن سلكوا هذه المسالك الموبوءة، والطرق الملتوية المشبوهة، إلى المصير المحتوم؛ ألا وهو الإفلاس والعيش المُدقع المأزوم، أو الوقوع في الفساد وغَسْل الأموال أو الكساد.

وختم فضيلته خطبته بالقول: ويلحق بهؤلاء الأَفْدام الأغرار أقوام غدوا في رقِّ وبيلِ الأوطار، فبحثوا عن الكمال في صحَّة القامات وقوّة العضلات، وجمال القسمات، وذلك عن طريق تعاطي بعض المنشطات، والخلطات، مجهولة المصادر والهويّات، التي يروجها ويبيعها أشخاص مجهولون، وأفرادٌ منكرون، من أهل الابتزاز والإفساد، مروِّجو المفتِّرات والمخدِّرات، للمتاجرة بأوهام القوة والفتوّة، والنشاط والإسعاد، وفي نهاية المطاف يكون هؤلاء المساكينُ رهْن المستشفيات والمصحّات؛ للتخلّص من إدمان المخدِّرات الذي سلب عقولهم وصحتهم، وأموالهم وقيمهم، ودمّر نفسياتهم، وأشقى أسرهم ومجتمعاتهم، وهنا لفتة للمرأة المسلمة بعدم الاغترار بالدعوات الموهومة في تحريرها من القيم والمبادئ، في استيقانٍ أنَّ فخْرها وعِزَّها بعفافِها وحيائِها وحِجابها وحِشمتها، وحذار من دعاوى الانتصارات الموهومة أو الانكسارات المزعومة في إرْجافٍ أو تخذيل، ومنها الدعوات الموهومة والمضللة ضدَّ بلادنا المباركة بلادِ التوحيد والسنَّة وخِدمة الحرمين الشريفين، والنيل من قادتها وعلمائها، حرسها الله وأدام أمنها واستقرارها وسائر بلاد المسلمين.

اقرأ أيضاًالمملكةبدءًا من 15 يناير.. حصر دفع الإيجار للعقود السكنية من خلال القنوات الرقمية

وذكّر الشيخ السديس المسلمين في هذه الأيام الباردة والليالي الشتائية القارسة بأنَّ لنا إخوانًا في الدين من المحتاجين والمتضررين والنازحين واللاجئين، ولاسيما في فلسطين، يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، في مخيمات لا تتوفر فيها أدنى مقومات الحياة، ولا يجدون ما يقيهم عواصف الشتاء الباردة، من لباسٍ ودواء، وغذاءٍ وكساء، إلا ما تجود به أيدي إخوانهم في العقيدة، فالله الله عباد الله، وأنتم تعيشون الأمن والرخاء: أسهموا في تخفيف آثار هذا الشتاء القارس على إخوانكم، وذلك بغوثهم عن طريق المؤسسات الموثوقة، والمظلاّت المأمونة، لتنالوا الأجر العظيم من المولى الكريم سبحانه، ونسأل الله أن ينزل من لطفه ودفئه على المستضعفين والمتضررين إنه جواد كريم.

* وفي المدينة المنورة أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور حسين آل الشيخ المسلمين بتقوى الله -عز وجل- في موسم تتجلى فيه معالم التقى، ويتحلى المؤمنون من صنوف العبادات بأبهى الحلى.

وقال فضيلته: معاشر المسلمين، في ظل مشاغل العصر وضغوط الحياة وتجدد مطالبها يشتكي كثير من نزع البركة التي هي من المطالب الضرورية في متع الحياة في الدنيا، لتنمو وتزداد وتظهر ثمارها الخيرة، لذا فما نزعت البركة من شيء إلا فاتت ثماره الطيبة، ومنافعه اليانعة، بل ما نزعت من أمر إلا وحل به العناء والشقاء، قال صلى الله عليه وسلم: “ليست السَّنَة بألا تمطروا، ولكن السنة أن تمطروا وتمطروا، ولا تنبت الأرض شيئًا” رواه مسلم. لهذا فالموفق يبحث عن أسباب حلول البركة ووقوعها، ويسعى لتحقيقها في أمور حياته كلها لتنمو منافعها، وتزداد خيراتها، وتتحقق الحياة الطيبة بها.

وبيّن أن من أعظم أسباب استجلاب البركات وحصول الخيرات والمسرات الاستقامة على طاعة الله تبارك وتعالى، ولزوم شرعه، والوقوف عند حدوده. قال تعالى {وَلَو نَّ أهل الْقُرَى آمنوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}. مشيرًا إلى أن من أعظم أسباب نزع البركة فشو المحرمات والتمادي في المعاصي والسيئات؛ قال تعالى {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}.

وأضاف: من آثار نزع البركات ما يعانيه العالم اليوم من مشاكل اقتصادية كبرى، وتحديات مالية عظمى، مع توافر المقدرات الهائلة والأموال الطائلة، ومع هذا يعاني العالم من التضخمات الخطيرة والغلاء الفاحش وتراكم الديون الطائلة.. وكل ذلك بسبب بعد كثير من الخلق عن المنهج الرباني الذي رضيه خالقه لهم، وجعله السبيل لسعادتهم في معاشهم ومعادهم، ومن ذلك انتشار المعاملات الربوية التي يبنى عليها اقتصاد العالم اليوم مما أحل بهم النكبات الاقتصادية والمشاكل الاجتماعية المتعددة؛ قال تعالى {يَمْحَقُ اللَّه الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ}.

ومضى آل الشيخ قائلاً: لقد كثر وتنوع في عالم اليوم الغش التجاري بصور لا نهاية لأنواعها ولا حد لأشكالها مما كان سبباً في حلول المخاطر المالية المختلفة، ومما عاد ذلك على التعاملات المالية بالكساد والخراب. مبيناً أن من أسباب نزع البركة في الأموال انتشار الأيمان الكاذبة لترويج السلع، ويلحق بذلك كل ما كان في هذا المعنى من الإعلانات التجارية التي تحمل تزوير الصفات والخداع بالناس كما هو منتشر اليوم في وسائل التواصل. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الحلف منفقة للسلعة ممحقة للبركة.

وبيّن أن من أسباب نزع البركات الخاصة والعامة: التسلط على الأموال العامة بالنهب والسلب والتلاعب والخيانة، محذراً من آثارها المدمرة على الآخذ، وعلى المجتمع كله؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: “إنَّ هذا المالَ حُلْوة خضِرة فمَن أخَذه بطِيبِ نفسٍ بورك له فيه، ومَن أخَذه بإشرافِ نفسٍ له لم يُبارَكْ له فيه، وكان كالَّذي يأكل ولا يشبَعُ”. واذا كان هذا من يأخذ المال العام بلهف وتطلع وطمع وشره فكيف بمن يأخذه على وجه محرم. كما أن من أسباب نزع البركة ووقوع الكوارث الاقتصادية في المجتمع التلاعب بأموال الخلق من عدم الوفاء بثمن البيع أو رد قرض أو أجرة، ونحو ذلك.

وختم إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ الدكتور حسين آل الشيخ خطبته بحثّ المسلمين على تقوى الله –عز وجل- والالتزام بالمنهج الإلهي والهدي النبوي في جميع تعاملاتهم وشؤون حياتهم، مبيناً أن بذلك تنزل عليهم البركات، وتعم الخيرات، ويفتح لهم من ثمار الدنيا اليانعات النافعات.

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية صلى الله علیه وسلم

إقرأ أيضاً:

في خطبة عرفة.. المعيقلي: الحج إظهار للشعيرة وإخلاص بالعبادة

أكد الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام، أن الحج إظهار للشعيرة وإخلاص في العبادة لله، مناشدًا حجاج بيت الله الحرام على اغتنام الفضل العظيم خلال وقوفهم بمشعر عرفات الطاهر، الذي يباهي الله - جل وعلا - بهم ملائكته في موطن شریف وزمان فاضل تُضاعف فيه الحسنات وتغفر فيه السيئات، وترفع فيه الدرجات.

وجاء ذلك في خطبة عرفة التي ألقاها اليوم، فضيلته بمسجد نمرة، التي تقدم المصلين فيها الأمير سعود بن مشعل بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة مكة المكرمة نائب رئيس لجنة الحج المركزية ومفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء الرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ ووزير الشؤون الإسلامية والدعوة الإرشاد الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ ورئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، وفيما يلي نصها:

الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الحكيم الخبير العليم القدير، (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ ۗ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ۗ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)، ( ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ).
أنزل القرآن رحمة بالخلق، وإصلاحًا لأحوالهم ( كتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ )، (إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ).
وأشهد أن لا إله إلا الله لا يُعبد أحد بحق سواه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
من لطف الله بالناس أن أرسل إليهم محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ داعيًا للخلق لما تحصل به مصلحتهم وتتنزل عليهم به رحمته كما قال تعالى: ( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) فصلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه.

مقالات مشابهة

  • خطبتا العيد بالحرمين: اللهم احفظ حجاج بيتك واجعل حجهم مبرورًا وسعيهم مشكورًا وذنبهم مغفورًا
  • الأضحية بين الأزمنة والأديان- فهم مشترك وممارسات متنوعة
  • في خطبة عرفة.. المعيقلي: الحج إظهار للشعيرة وإخلاص بالعبادة
  • الشيخ ماهر المعيقلي: الحج إظهار للشعيرة وإخلاص في العبادة
  • الشيخ ياسر السيد مدين يكتب: كيف وصلتنا السُّنة؟ (6)
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
  • خطبتا الجمعة بالحرمين: العبرة في هذا الدين العظيم بما وقر في القلب وصدقه العمل.. وإن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف
  • يوم التروية.. حجاج بيت الله الحرام يبدؤون الجمعة أول مناسك الحج
  • رئيس الأركان الإسرائيلي: عازمون على المضي قدما للقضاء على حماس والتعامل مع حزب الله