شهد الأسبوع الأول من العام الجاري 2024 تطورات متسارعة في القرن الأفريقي نشبت على أثرها أزمات دبلوماسية بين عدد من الدول التي تموج بالحروب وتعاني الإرهاب والصراعات السياسية.

خلافات متعددة في القرن الأفريقي

كانت البداية في الأول من يناير الجاري، حينما أعلنت إثيوبيا وأرض الصومال عن توقيعهما مذكرة تفاهم تقضي بحصول أديس أبابا على 20 كم على البحر الأحمر في أرض الصومال، ليصبح لها منذ بحري بعد ثلاثة عقود مرت وهي دولة حبيسة إثر استقلال إريتريا، وهو الأمر الذي أغضب الصومال واستدعى إدانات دولية من دول مختلفة.

كانت القضية الثانية التي أثيرت في القرن الأفريقي خلال الأيام القليلة من العام الجديد، سحب السودان لسفيره في كينيا بعد استقبال الرئيس وليام روتو الرسمي، لقائد ميليشيات الدعم السريع محمد حمدان دقلو الشهير بـ"حميدتي".   

ويحذر الخبراء من أن الأزمتين الدبلوماسيتين، إحداهما بين كينيا والسودان، والأخرى بين إثيوبيا والصومال، يمكن أن تهدد استقرار شرق أفريقيا.

السودان يسحب سفيره في كينيا

وعبرت الحكومة السودانية بقيادة رئيس المجلس السيادي السوداني، ورئيس القوات المسلحة السودانية الفريق أول عبد الفتاح البرهان، عن استيائها من كينيا بعد أن رحبت الحكومة هناك ترحيبا حارا بحميدتي، أمس الأول الأربعاء كجزء من جهودها لإيجاد تسوية سلمية للصراع السوداني المستمر منذ تسعة أشهر تقريبًا.

وبسبب غضبها من هذه الخطوة، استدعت الحكومة السودانية سفيرها من نيروبي.

وقالت إذاعة "صوت أمريكا" في تقرير لها أن الفريق البرهان يرى أن كينيا تنحاز لحميدتي في الصراع السوداني ودعا نيروبي إلى عدم أن تكون جزءا من جهود الوساطة التي تقودها الكتلة الإقليمية إيجاد.

غضب الصومال من إثيوبيا

وفي الأزمة الأخرى، غضب الزعماء الصوماليون من الاتفاق الذي تم التوصل إليه هذا الأسبوع بين إثيوبيا وإقليم أرض الصومال الانفصالي ومن شأن الاتفاق أن يمنح إثيوبيا غير الساحلية الوصول إلى البحر ويسمح لها بإنشاء قاعدة عسكرية في أرض الصومال، والتي تعتبرها الصومال جزءًا من أراضيها.

واحتجاجا على الاتفاق، استدعت مقديشو سفيرها من أديس أبابا.

وأوضح تقرير "إذاعة صوت أمريكا" المشاحنات الدبلوماسية الأخيرة لمنطقة القرن الأفريقي لها تاريخ من النزاعات والصراعات الحدودية.

وبالنسبة للسودان، فإن ذلك يعقد جهود التوسط في هذا الصراع، بالنظر إلى أن كينيا كانت لاعبا رئيسياً في اللجنة الرباعية للإيجاد، كما أنه يفتح مجالاً آخر للصراع المحتمل بين إثيوبيا والصومال، مع الأخذ في الاعتبار أنه في الأسبوع الأخير فقط، بذلت مقديشو جهودًا لاستئناف محادثات المصالحة مع هرجيسا. 

وما يفعله ذلك هو أنه ينسف كل تلك الجهود ويرسل المنطقة بأكملها إلى حالة من الفوضى". فوضى فيما يتعلق بالدبلوماسية."

وعانت كل من الصومال والسودان منذ فترة طويلة من الانقسامات والصراعات الداخلية، مما أدى إلى نزوح الملايين.

قوى أجنبية تؤجج القرن الأفريقي

وأشار التقرير إلى أن بعض القوى الأجنبية، بما في ذلك دول الخليج، تؤجج الصراع المحتمل بين الدول الأفريقية، وهناك الكثير من الجهات الفاعلة الأجنبية التي تلعب دورا في المنطقة، وهي تخلق تحالفات تتدهور الآن أيضًا إلى صراعات بين الدول لأن القرن الأفريقي، ونشهد ارتفاعًا حادًا في الصراعات بين الدول.

وأشار التقرير إلى أن دول مثل كينيا وإثيوبيا لا ينبغي أن تستغل ضعف الحكومات المركزية في السودان والصومال لإشراك القادة المحليين وتحقيق مصالحهم الخاصة في تلك البلدان، وطالبت بضرورة أن تقف أفريقيا خلف برهان، لكن يمكننا أن نرى أن الدول تعترف بشكل انتقائي بحميدتي.

ويدعو الاتحاد الأفريقي والجهات الفاعلة الدولية الأخرى إلى تهدئة التوترات واحترام سلامة أراضي كل دولة وسيادتها.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: القرن الأفريقي أرض الصومال البحر الأحمر القرن الأفریقی

إقرأ أيضاً:

كارينثيا.. جوهرة النمسا الجنوبية وأرض البحيرات والجبال

كلاغنفورت- هنا عند الجنوب النمساوي الهادئ وفي مثلث حدودي مع إيطاليا وسلوفينيا يمكن للسواح من عشاق الطبيعة العذراء والخضرة الدائمة والهواء النقي الصافي أن يجدوا ضالتهم، ويقضوا عطلة هادئة بين قمم الجبال والمروج الخضراء على امتداد البصر والبحيرات الجبلية ذات المياه الفيروزية التي تغذيها ينابيع المياه الصافية.

هنا ولاية كارينثيا أو كارنتن كما ينطقها الألمان التي من أجمل المناطق في جنوب النمسا، حيث تمتاز بالبحيرات والجبال والطبيعة الخلابة ذات الخضرة الدائمة، ويمكن لزوارها الاستمتاع بأشعة الشمس الدافئة صيفا وبالبساط الثلجي الأبيض شتاء.

ورغم أن كارينثيا لا تطل على أي بحر لكن الله حباها بالبحيرات الكثيرة الصافية التي تعوض السكان والزائرين عن الشواطئ المزدحمة حيث يمكنهم الاستمتاع بالسباحة في مياهها العذبة المنعشة، والعشاء في المطاعم الكثيرة المنتشرة على الضفاف.

الطبيعة الخلابة في كارينثيا جنوبي النمسا (الجزيرة)

فبحيرات الاستحمام الدافئة والنظيفة، وقمم الجبال الشاهقة التي تتجاوز أحيانا 3 آلاف متر، تنتظر الزوار في هذه المنطقة التي تتسم بالتنوع الثقافي الذي يجمع بين جبال الألب والبحر الأدرياتيكي حيث يرحب السكان المحليون بزوارهم.

ويجعل التداخل بين الجبال والبحيرات من كارينثيا مكانا مثاليا للنشاطات الرياضية مثل المشي وركوب الدراجات والتسلق، لذلك تنتشر المسارات المُعلمة للمشي الجبلي في مختلف الارتفاعات حسب رغبة الزائر وقدرته.

ومن المسارات الشهيرة مسار "ألب-أدريا" الذي ينطلق من أعلى قمة جبلية في سلسلة الألب النمساوي وهي قمة "غروسغلوكنر" التي يبلغ ارتفاعها 3.798 مترا، وهو مسار مشي طويل يضم 43 مرحلة، ويغطي أكثر من 750 كيلومترا، مرورا بكاريثنيا وسلوفينيا وصولا إلى البحر الأدرياتيكي في إيطاليا.

أحد المسارات الجبلية للدراجات في كارينثيا (هيئة السياحة النمساوية)

ولمن يفضلون المشي الهادئ تقدم كارينثيا كذلك مسارات "سلو تريلز" القصيرة على ضفاف البحيرات، حيث يمكن للزائر أن يمشي مستمعا لخرير المياه ومستمتعا برائحة الزهور وممتعا بصره بجمال المناظر الطبيعية الممتدة على مد البصر ولا تنتهي إلا عند الشفق حيث تعانق مياه البحيرة الهادئة زرقة السماء البعيدة الصافية.

إعلان

ولا تتجاوز هذه المسارات عادة 10 كيلومترات، وتتميز بارتفاع لا يزيد على 300 متر، ولا تستغرق أكثر من 3 ساعات مشيا، مع إمكانية السباحة في البحيرات أو السير حفاة فوق الطحالب.

ولمحبي الدراجات يمكن استكشاف كارينثيا بالدراجة عبر مسارات مميزة مثل مسار "درافا" الممتد على 222 كيلومترا على ضفاف نهر درافا، ويُمكن قطع مراحل منه بالقوارب أو القطارات أو حافلة خاصة، مع إمكانية نقل الأمتعة عند الطلب.

بحيرة وورثرسي في كلاغنفورت عاصمة ولاية كارينثيا (الجزيرة)

أما مسار "حلقة البحيرات الكارينثية" الجديد فيغطي 420 كيلومترا على شكل حلقتين، ويمر عبر أشهر بحيرات المنطقة مثل ميلستاتر، فاآكر، أوشياخر، وورثرسي، وكلوبينرسي (أدفأ بحيرة استحمام في أوروبا بدرجة حرارة تصل لـ28 مئوية)، وهذا المسار يناسب العائلات ومحبي التنقل السهل والسباحة.

وبالإضافة إلى المسالك الجبلية والمروج الخضراء تتميز كارينثيا بالبحيرات النظيفة والدافئة، مثل بحيرة وورثرسي، ميلستاتر، فاآكر، أوشياخر، كلوبينر، وفايسنسي، وكلها بحيرات تُعد مكانا مناسبا للسباحة والإبحار ورياضة التجديف والغوص والتزلج على الماء أو رحلات القوارب، كما توفر المناطق المحيطة بها جولات مشي بانورامية، ورحلات مختلطة بين القوارب والمشي، وجولات دراجات، وغيرها.

وبالإضافة إلى الاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة والرحلات البحرية على متن القوارب في مياه البحيرات الممتدة والمشي في مرتفعات الألب يمكن للزائر أن يستمتع بالأكلات الكارينثية الشهيرة في المطاعم الممتدة على مدى ضفاف البحيرات وفي شوارع مدن الولاية وبلداتها.

مطاعم كارينثيا جنوب النمسا تعتمد في أغلب أطباقها على المنتجات المحلية (الجزيرة)

وتعتمد المأكولات الكارينثية على مكونات نقية تأتي من مزارع الولاية وتقاليدها الغذائية التي استفادت من موقعها الجغرافي الذي يجمع بين المطبخ الكارينثي الأصيل وتأثيرات المطبخين الإيطالي والسلوفيني، لذلك تعد كارينثيا أول "وجهة سفر للغذاء البطيء" في العالم، حيث يمكن للزوار المشاركة في صنع الأطعمة المحلية وتعلم أسرارها.

في ختام الرحلة عبر ولاية كارينثيا النمساوية، يغادرها الزائر وفي نفسه الكثير من الشوق للعودة إليها بعد أن سحرته جبالها العالية ومياه بحيراتها الزرقاء الصافية، وزيارة كارينثيا في الواقع ليست مجرد رحلة سياحية، بل هي تجربة فريدة يكتشف خلالها الزائر جمال النمسا الخفي حيث يلتقي جمال الطبيعة الساحرة بعبق التاريخ الوغل في القدم.

مقالات مشابهة

  • قارة غنية مستغلة.. أفريقيا بين فرص الشراكة وتحديات المكانة
  • مسئول أفريقي: القارة السمراء تصنع 1% من الأدوية المستخدمة بها
  • كينيا والسنغال تتقاسمان المركز الأول على مؤشر تنظيم الكهرباء بأفريقيا
  • ظفار.. جنة الخريف وأرض التباشير
  • بحث تطورات الأوضاع مع ماكرون وميلوني.. الأمير محمد بن سلمان: ندعو لضبط النفس وحل الخلافات بالوسائل الدبلوماسية
  • هل توسّع واشنطن حظر التأشيرات ليشمل ثلثي دول أفريقيا؟
  • الأمانة العامة لمجلس التعاون تؤكد عدم رصد أي مؤشرات إشعاعية غير طبيعية نتيجة الأحداث التي شهدتها المنطقة
  • الاعيسر: التقيت بـ محمد عبدالله فرماجو، الرئيس السابق لجمهورية الصومال الفيدرالية
  • اشتعال الحرب النووية ".. أميركا تدك فوردو وطهران تمطر تل أبيب وحيفا بالصواريخ!
  • كارينثيا.. جوهرة النمسا الجنوبية وأرض البحيرات والجبال