تشتهر أفريقيا -حسب تقارير ودراسات- بالهشاشة والتخلف والفقر، وهو ما يغري القوى الاستعمارية والجهات الباحثة عن النفوذ والسيطرة، بالأخص إذا ما علمنا أهمية هذه القارة في الحال والمآل، وأنها تزخر بالخيرات الظاهرة والخفية، فضلا عن أنها قارة شابة وواعدة خلافا لقارات شابت أو بلغت منتهاها في التطور أو قريبا من ذلك.

وحول مكانة أفريقيا في الساحة العالمية، نشر مركز الجزيرة للدراسات ورقة تحليلية بعنوان "التنافس الدولي في أفريقيا.. الفرص والتحديات" تتبع فيها رئيس جبهة المواطنة والعدالة في موريتانيا محمد جميل منصور مظاهر ومستويات التنافس الدولي في أفريقيا، وأهم أطرافه ومسار العلاقة والاحتكاك والصراع بينها وما ينتج عنه من تحديات.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2محلل أميركي يتنبأ: تورط الولايات المتحدة في حرب ضد إيران سيحطم إرث ترامبlist 2 of 2الجزيرة للدراسات يختتم مؤتمر "التنافس بين القوى العظمى والشرق الأوسط"end of list قارة غنية

يمكن تلخيص أهمية أفريقيا في النقاط التالية:

تمثل 20% من اليابسة. تمثل حوالي 15% من سكان العالم. خزان العالم الإستراتيجي من الموارد الطبيعية والمواد الأولية والأحجار النفيسة. تحتوي على 10% من احتياطي النفط العالمي، وحوالي 8% من احتياطيات الغاز. تضم 90% من الكروم والبلاتين. تمثل أكثر من ربع الأمم المتحدة (54 دولة). لها موقع إستراتيجي بين القارات الكبرى (أميركا غربا وأوروبا شمالا وآسيا شرقا). تحتوي على 65% من الأراضي الصالحة للزراعة، ونحو 10% من مصادر المياه العذبة المتجددة.

وسيكون من الطبيعي بالنسبة لقارة توصف بالهشاشة والتخلف المذكورين، وبهذه الأهمية المتزايدة والمتصاعدة، أن تتوجه إليها اهتمامات القوى الدولية المتنافسة، وهو ما تترجمه القمم المتتالية مع أفريقيا، ومن ذلك: القمة الفرنسية الأفريقية، والقمة الصينية الأفريقية، والقمة الأميركية الأفريقية، والقمة الروسية الأفريقية، والقائمة تطول، دون إغفال المحاولات الإسرائيلية.

النفوذ الاستعماري التقليدي

حاول الكاتبان أنطوان كلازير وستيفن سميث، في كتابهما "كيف خسرت فرنسا أفريقيا؟" أن يتتبعا الخطوات الفرنسية إهمالا واستغلالا وتدخلا، التي أدت إلى خسارة باريس لقدر من نفوذها في قارة كانت تعد على نطاق واسع حديقتها الخلفية وفضاء رحبا للغتها ومصالحها.

إعلان

ومع تقاسم النفوذ مع بريطانيا وبعض الدول الأوروبية الأخرى في أفريقيا، ركزت فرنسا جهودها في هذه القارة وعملت على ربطها بها اقتصاديا وثقافيا وعسكريا وحتى قانونيا.

ورغم التراجع الذي لاحظه الكاتبان، فقد اعتبرت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا -في حوار داخل البرلمان نهاية عام 2023- أن العلاقات مع أفريقيا تتطور وتتوسع، وأن حضور بلدها يتمدد لدول أفريقية لم تكن تقليديا في دائرة الأولويات الفرنسية، كما حدث مع نيجيريا التي تضاعفت الاستثمارات الفرنسية فيها خلال 10 سنوات، كما أن الوجهة الأولى للطلاب الأفارقة ما زالت هي فرنسا.

ولم يعد عدد من القادة الأفارقة يخفي تحفظه من الدور الفرنسي، ويرى أنه لم يعد يلائم قارة تريد أن تكون شريكا لا تابعا، وطرفا محترما لا مستعمرا سابقا.

ولا يمكن إغفال بريطانيا التي كانت تستعمر عددا من أهم الدول الأفريقية، ولكن أفولها وتوجهها نحو آسيا وارتباطها بالولايات المتحدة -أكثر من بقية أوروبا- جعلها تزهد في هذه القارة وتتركها غالبا لفرنسا.

غير أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتفرغها لاستعادة بعض عظمتها، وحاجة الغربيين لها في أفريقيا -بعد الدخول القوي للصين وروسيا وتركيا– دفع البريطانيين إلى إحياء وجودهم في هذه القارة وتقوية نفوذهم فيها.

وتنضم إلى القائمة كل من إسبانيا وإيطاليا وبلجيكا ومعهم ألمانيا وسويسرا، فكل هذه الدول أبدت وتبدي اهتماما يتزايد بأفريقيا.

نفوذ غير أوروبي

وإلى جانب القوى الاستعمارية التقليدية، تأتي القوى الدولية الكبرى التي سارعت إلى العودة بالتركيز على الاقتصاد والتنمية مثل الصين، أو بالتركيز على الاقتصاد والأمن والسياسة مثل الولايات المتحدة، أو سارعت إلى الدخول والتمدد بالتركيز على الجوانب العسكرية والأمنية مثل روسيا.

ولم تكن الصين غائبة عن أفريقيا، بل إنها حضرت فيها سياسيا أيام حركات التحرر ومطالب الاستقلال، وحضرت ببعض الدعم التنموي الذي تبرز معالمه في بعض العواصم الأفريقية شاهدا على رد جميل أفريقيا التي لم تبخل بما تستطيعه من إسناد للقضية الصينية.

ولا يختلف اثنان على الدخول القوي للصين قارة أفريقيا، والظاهر أنها تعطي للبعد الاقتصادي والتنموي والاستثمار في البنى التحتية الأهمية الأكبر، فنالت بذلك قدرا من القبول.

وبلغ التبادل التجاري بين الصين وأفريقيا 282 مليار دولار عام 2023، وارتفع خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2024 إلى 167 مليارا في مؤشر واضح على تصاعده.

وتجتهد بكين حتى الآن ألا تُظهر أهدافها السياسية الكبرى، وإن بدا أن إستراتيجيتها -ليس في أفريقيا فقط- تقوم على التدرج والتراكم وبناء ميزان قوة مكتمل، يسمح لها حينها بتوضيح كل أجندتها.

ولم تكن الولايات المتحدة تضع أفريقيا في مقدمة أولوياتها الإستراتيجية، وإن ظلت حاضرة ومهتمة، ولكن بعد 11 سبتمبر/أيلول 2001، صعدت أفريقيا إلى مقدمة التخطيط الأميركي فأنشئت أفريكوم عام 2007، وأصبح الوقود الأفريقي يمثل ربع الواردات الأميركية، ووصل الدعم لهذه القارة 7.5 مليارات دولار بحلول 2008.

أما ثالث القوى الدولية الكبرى الداخلة بقوة إلى أفريقيا فكانت روسيا، ويأتي دخولها ضمن التوجه الإستراتيجي للرئيس فلاديمير بوتين والمصر على إعادة السوفيات عبر الباب الأمني والعسكري، إن خذلته القدرات الاقتصادية الكبيرة.

إعلان

ومثّلت القمة الروسية الأفريقية -التي عقدت في أكتوبر/تشرين الأول 2019- انطلاقة مهمة في الشراكة مع القارة حيث وقعت 50 وثيقة بنحو 800 مليار روبل (12.5 مليار دولار).

تركيا رفعت تمثيلها الدبلوماسي بأفريقيا وعقدت عددا من القمم المشتركة مع دولها (الأناضول) نفوذ القوى الصاعدة بأفريقيا

وإلى جانب القوى الاستعمارية التقليدية، والقوى الدولية الكبرى، توجد قوى صاعدة بعضها متقدم في التصنيفات الدولية عسكريا واقتصاديا، مثل اليابان والهند وتركيا والبرازيل وكوريا الجنوبية والسعودية وغيرها.

ولعل اليابان أول دولة نظمت لقاء اقتصاديا مع القارة الأفريقية عُرف بـ"تيكاد" عام 1993، ويبدو أنه هو الذي ألهم القوى الأخرى بفكرة القمم الاقتصادية مع أفريقيا.

وتمتاز الشراكة الهندية الأفريقية بالشمول والتنوع، إذ عُقدت 3 قمم مشتركة -حتى الآن- في مجالات: الزراعة والأمن الغذائي والصحة والتعليم وتكنولوجيا المعلومات والتغير المناخي والاقتصاد الأزرق.

وكانت استثمارات الهند في أفريقيا قد بلغت عام 2018 ما يقدر بـ63 مليار دولار، وتوجّه نسبة 21% من استثماراتها الخارجية إلى هذه القارة، إلى جانب المناورات العسكرية الهندية الأفريقية.

أما تركيا فقد حققت طفرة كبيرة في التوجه نحو أفريقيا وأسواقها. وذكرت مجلة "جون أفريك" الفرنسية أن أنقرة أقامت شبكة من الكيانات الخادمة لهذه العلاقة، فهناك القمم التركية الأفريقية، ومنتديات رجال الأعمال، وفرق الصداقة البرلمانية مع 50 دولة في أفريقيا، مقابل 39 مع آسيا، و36 مع أوروبا، كما أن لتركيا 44 سفارة في هذه القارة مقابل 12 كانت مسجلة عام 2009.

ومع عودة الرئيس لولا دا سيلفا إلى قيادة البرازيل، انتعشت العلاقات البرازيلية الأفريقية بعد أن أصابها فتور وتراجع في عهد سلفه، وكان المنتدى البرازيلي الأفريقي، المنعقد عام 2023 في ساو باولو، فرصة لتطوير الشراكة والاستثمارات، وفيه أعلنت البرازيل أن الأولوية بالنسبة لها عام 2024 ستكون أفريقيا.

وليس الأمر مقصورا على هذه الدول، فالمحاولات الإسرائيلية ما فتئت تتجدد للتأثير في أفريقيا، وتوسيع العلاقات مع دولها حتى بلغ بها الأمر للسعي لأن تكون عضوا مراقبا بالاتحاد الأفريقي، وهو ما كاد يتحقق لولا المعارضة القوية من مجموعة من الدول تتقدمها الجزائر وجنوب أفريقيا.

ولإسرائيل علاقات مع 40 دولة أفريقية، 36 منها في منطقة جنوب الصحراء، كما فتحت 15 سفارة حتى الآن، وزارها بعض الرؤساء الأفارقة.

التحديات والفرص

يبدو من خلال الاستعراض السابق أن التحديات الناجمة عن هذا التنافس الواسع على أفريقيا كثيرة ومتنوعة:

أولا: التحديات ذات الطابع العسكري والأمني: فنحن نتحدث عن عدد كبير من الدول بأجهزتها الأمنية وقواعدها العسكرية وبرامج الشراكة السيبرانية والاستخباراتية، وكل هذا في قارة حكمنا عليها بالهشاشة، ووصفناها بالفقر والتخلف. فالخطر قائم، والقدرات الخاصة بأغلب الدول الأفريقية ليست مؤهلة لتحويل هذا التعاون العسكري والأمني إلى فرصة تستفيد منها تكوينا وتأهيلا وعلاقات، وتقلل هامش الاختراق والإضرار.

ثانيا: التحديات الاقتصادية والتنموية: ومع أن برامج الشراكة والتعاون، مع أغلب القوى المتنافسة، توفر دعما وتطورا للتنمية في أفريقيا، إلا أن عيون هذه القوى ما زالت منصبة على خيرات وثروات القارة، وستحرص من خلال الاتفاقيات المختلفة على أكبر هامش لاستغلال هذه الثروات حالا ومضاعفة ذلك الاستغلال مآلا، وعادة ما يوظف بعض الشركاء ضعف الحكام الأفارقة وإشكالية شرعيتهم، وقد ينجحون في ذلك.

ثالثا: التحديات الثقافية والاجتماعية: إذ يثور النقاش كل مرة حول القضايا الاجتماعية والمسائل الثقافية خصوصا مع الأوروبيين الذين لا يدركون خصوصيات المجتمعات ويصرون على عولمة قيمهم، ودون ذلك الأميركيون، أما الصين وروسيا وجهات أخرى فالتحدي الثقافي أخف وأقل ضجيجا.

إعلان

رابعا: التحدي الوحدوي: ذلك أنه لأفريقيا خلافاتها، ولكل منطقة مشاكلها الخاصة، بل لكل دولة اهتمامات وتحديات تخصها، ولكن نجاح القارة في التطوير النسبي للاتحاد الأفريقي، وشعور الكثيرين حكاما ونخبة بأهمية الوحدة الأفريقية خاصة عند التعامل مع الآخرين، جعل الخلافات تخف وفتح الباب أمام حضور أكبر للاتحاد الأفريقي في مشاكل القارة.

خامسا: تحدي الإغراء وضعف الندية: ذلك أن كثرة المتنافسين، ووفرة برامج التعاون وتعدد أشكال الدعم، لا يشجعان على الاعتماد على الذات، ويحدان من الطموح في التطور الذاتي، فأمام ما يوفر لأفريقيا أو يصدر إليها، وأمام هذا التنوع في الداعمين والمستثمرين، لن تتطور الصناعات والصناعات النوعية بالذات، ولن تسارع دولها نحو ما يضمن الاستقلال الحقيقي الذي يجعلها شركاء وأندادا بل منافسين.

سادسا: تحدي غياب الحلم: حسب تعبير الأستاذ في جامعة كولومبيا المؤرخ السنغالي ممادو ديوف، وذلك حين علَّق على الصعوبات الاقتصادية في الدول الأفريقية بقوله "لكن وبعيدا عن الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها دولنا، فإن الذي لا يحتمل هو هذا الغياب المزمن للحلم".

 

[يمكنكم قراءة الورقة التحليلية كاملة عبر هذا الرابط]

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات القوى الدولیة فی هذه القارة فی أفریقیا

إقرأ أيضاً:

كيف تهيمن الشركات العالمية على الاقتصادات الأفريقية وما تأثيرها على الموارد؟

تهيمن شركات السلع العالمية على قطاعات حيوية في الاقتصادات الأفريقية، وتحظى بحضور واسع وتأثير قوي في مختلف دول القارة، إذ تتولّى عمليات استغلال وإدارة كثير من الموارد.

وتسيطر بعض شركات السلع العملاقة مثل ترافيغورا، وغلينكور، وفيتول، وأولام، وكارجيل على موارد أساسية في القارة مثل الكاكاو والنفط، والمعادن بجميع أنواعها، وتجاوزت ذلك حتى أصبحت حاضرة في مشاريع البنية التحتية، وصارت تتحكم في مسارات التوريد والتصدير، وكذا التخطيط والتمويل.

ففي جمهورية الكونغو الديمقراطية، قدّمت شركة ترافيغورا 200 مليون دولار كتمويل مسبق لشركة إيفانهو ماينز، التي ستبدأ في تكرير النحاس ابتداء من سبتمبر/أيلول المقبل.

وفي الغابون، اعتمدت شركة النفط الوطنية على غونفور لتمويل صفقة بقيمة 300 مليون دولار لشراء أصول شركة تولو أويل، وهذا ما يعطي أدلة واضحة أن أفريقيا صارت تعتمد على شركات السلع العملاقة لتمويل اقتصاداتها.

ونستعرض أسباب هذا الاعتماد وخلفياته للإجابة عن 5 أسئلة أساسية، وهي كالآتي:

1- لماذا تجارة السلع ضرورية في أفريقيا؟

على الرغم من أن صعود الشركات التجارية وحضورها في مفاصل الاقتصادات يعود إلى 3 عقود، فإن تداول السلع يعد من أقدم الأنشطة التجارية التي تساهم في حركة الأموال وتنشيط الاقتصاد، وتخلق النمو والبناء.

وباستثناءات قليلة، تفتقر غالبية الدول الأفريقية والشركات العامة والخاصة فيها إلى القوة الضرورية لتنفيذ الصفقات الكبرى وإنجاز المشاريع بشكل مستقل.

ووفقا لتشارلز ثيميليي مدير قسم أفريقيا في شركة "بي إن جي" التي يقع مقرها في جنيف، فإن التجار العالميين لا يمكن الاستغناء عنهم بالنسبة لقارة أفريقيا، إذ يمتلكون كثيرا من الوسائل والمعدات التي لا تتوافر عليها المنطقة.

وغالباً ما تكون مقرات هذه الشركات في جنيف أو لندن أو باريس أو نيويورك أو سنغافورة، وتتمتع بعلاقات مصرفية مميّزة، وبفضل استفادتها من تقلبات الأسواق وارتفاع أسعار السلع، تتمتع بقدرة مالية ضخمة تمنحها سيطرة قوية على الأسواق، لتكون قادرة على تنفيذ المشاريع واستخراج الثروات.

2- كيف يعمل التجار الدوليون؟

تعمل "البيوت التجارية" (شركات تعمل في مجال الخدمات وتركز على دور الوساطة) في التنسيق بين المنتجين، والمصانع والموزعين، خاصة في الكاكاو والنفط والمعادن، وتتولّى توفير الخدمات واللوجيستيات والرقابة، مما يضمن موافقة البضائع للمواصفات وتسليمها في الوقت المحدد.

إعلان

ويقول ألي سي المستشار في شركة فيتول العالمية، إن الشركات في السابق كانت ملزمة بتقديم الرشوة للمسؤولين العموميين، لكن مع تحسن الشفافية أصبحت الإدارات تمتثل للتدقيق والرقابة لمنع المخالفات.

وفي تصريحات حصلت عليها صحيفة فايننشال تايمز عام 2024 من بعض المسؤولين التنفيذيين، فإن العديد من التجار العالميين سابقا واجهوا اتهامات بالفساد في صفقات أفريقية، لكن تلك التصرفات السيئة الآن أصبحت من الماضي كما يقول المسؤولون.

وإضافة إلى التجارة، تستثمر هذه الشركات بشكل متزايد في الإنتاج والمعالجة والتوزيع، ما يمنحها السيطرة على سلسلة القيمة الكاملة.

كما تقدم هذه الشركات قروضا مباشرة للدول والشركات العامة؛ فعلى سبيل المثال: استعانت شركة النفط الغابونية بغونفور لشراء شركة "أصالة إنرجي" المستقلة مقابل نحو 1.5 مليار دولار، بضمان شحنات نفط مستقبلية.

3- هل تقوّض صفقات التمويل المسبق السيادة المالية؟

تعاني بعض الحكومات الأفريقية من نقص في السيولة النقدية، ما يجعل المقرضين الدوليين غير مندفعين نحو التعامل معها، فتلجأ إلى شركات مملوكة للدولة لعقد صفقات تمويل مسبق مع التجار، حيث يقدم هؤلاء قروضاً تُسدد عبر شحنات مستقبلية من السلع.

ووفقا لصندوق النقد والبنك الدوليين، فإن هذا النوع من العمليات دفع الكونغو برازافيل وتشاد إلى الانهيار المالي، بعد أن زادت ديونهما للشركات المقرضة، وتخلّفا عن السداد لانخفاض أسعار النفط 2014–2024.

ويرى بعض الخبراء أن الأموال المقترضة استهلكت في أغراض سياسية، بدلاً من استثمارها في مشاريع مدرة، كما أن اقتصاد الكونغو يعاني من مشكلة هيكلية إذ يعتمد على النفط ويمتلك قطاعاً خاصاً ضعيفا.

وإضافة إلى هدر الأموال المقترضة واستهلاكها في أغراض غير تنموية، يحذر الاقتصاديون من تداعيات نقص الخبرة في الدول الأفريقية التي يجعلها تقبل شروطا مجحفة من الدائنين، مثل ارتفاع أسعار الفائدة في القروض.

4- هل يوجد بديل أفريقي لاحتكار التجارة العالمية؟

تصنف مجموعة الصحراء العاملة في 38 دولة، والتي تمتلك أصولا مالية تتجاوز 10 مليارات دولار أبرز مستثمر في مجال النفط في قارة أفريقيا، إذ تأسست عام 1996، ويقع مقرها في دبي، ولها حضور قوي في كثير من الأسواق وخاصة في دولة كوت ديفوار.

ويسعى رجل الأعمال النيجيري مالك مصفاة دانغوتي التي تعد الأكبر في قارة أفريقيا إلى السيطرة على شراء الخام وبيع المنتجات النفطية المكررة بكيان تجاري جديد مقره في العاصمة لندن.

دانغوتي تمتلك أكبر مصفاة نفط في أفريقيا وتسعى إلى أن تكون بديلا من الشركات العالمية (رويترز)

وتهدف دانغوتي وغيرها من الشركات العاملة في أفريقيا إلى أن تكون بديلا من التجار العالميين الذين يسيطرون على أسواق القارة ويتحكمون في مواردها بامتلاكهم مؤسسات تتمتع بالخبرة والوسائل والحضور المالي.

5- هل يمكن الاستغناء عن الوسطاء العالميين؟

يرى بعض الخبراء أن الدول الأفريقية لا تمتلك بديلاً عملياً من بيوت التجارة الكبرى، التي تتوافر على القوة المالية والموارد الضخمة لتنفيذ المشاريع ومنح القروض.

ويساهم ضعف الأسواق الأفريقية وعزوف الممولين الدوليين عن تقديم القروض في عدم ظهور منافسين للتجار والوسطاء الدوليين.

إعلان

ويلاحظ أن التجار الدوليين يواصلون قبضتهم على أسواق القارة الأفريقية، بسبب غياب الشركات المحلية وعدم قدرة الحكومات على إنشاء مؤسسات تلبي حاجياتها.

مقالات مشابهة

  • مبادرات دولية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الأرز في أفريقيا
  • رئيس جهاز التمثيل التجاري: نعمل على زيادة الصادرات المصرية لدول القارة الأفريقية
  • مختص عن فوائد التين: فاكهة غنية تدعم الهضم وتقوي المناعة .. فيديو
  • مصر.. ستاندرد تشارترد يتوقع نمو الاقتصاد بنسبة 4.5% وسط تدفقات استثمارية وتحديات
  • المؤسسة القطرية للإعلام وكتارا توقعان اتفاقية تعاون لتعزيز الشراكة الإعلامية في المشهد الثقافي القطري
  • نظام الدفع الأفريقي الموحد.. ما الذي يعنيه انضمام الجزائر لأكبر شبكة تسوية مالية في القارة؟
  • منافسات قوية ومشاركة نوعية ببطولة النخبة لألعاب القوى التي تقام في ملعب تشرين بدمشق
  • دولة عربية غنية بالنفط تشهد أزمة وقود حادة
  • الدول الأفريقية تسيطر على قائمة الأكثر إنتاجاً للماس (إنفوغراف)
  • كيف تهيمن الشركات العالمية على الاقتصادات الأفريقية وما تأثيرها على الموارد؟