الثورة نت:
2025-08-01@10:49:36 GMT

مجلس الأمن : من يحمي من؟

تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT

 

إنّا نعيش في عالم نشهد فيه تناقضاً فاضحاً ومؤلماً، بين ما يقال وما يفعل، بين ما يدعى إليه من قيم ومبادئ وما يمارس من واقع وسلوكيات. وهذا التناقض الفاضح ينعكس بشكل واضح على مجلس الأمن، الذي يدّعي أنه المسؤول عن تحقيق السلام والأمن والعدالة في العالم، ولكنه في الحقيقة أداة لخدمة المصالح الخاصة والضيقة لدوله الخمس دائمة العضوية، التي تنتهك حقوق ومصالح الشعوب الضعيفة والمظلومة.


لا شك أن مجلس الأمن، هو مجلس للهيمنة والاستكبار، فهو يحمي مصالح وتحالف الدول الخمس دائمة العضوية، أمريكا، وروسيا والصين، وفرنسا وبريطانيا، وحلفائها على حساب شعوب العالم الأخرى، ويتضح ذلك من خلال تحليل دوره ومواقفه وقراراته في القضايا الدولية المختلفة.
فمن جهة، يدعي أنه يعمل على حفظ السلام والأمن الدوليين، وأنه يحترم مبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة، وأنه ينفذ قراراته وفقاً للقانون الدولي. ولكن من جهة أخرى، يظهر دوراً متناقضاً ومتغيراً ومنحازاً في تطبيق هذه المبادئ والأهداف والقرارات، بحسب المصالح السياسية والاقتصادية والاستراتيجية للدول الخمس الكبرى.
فعلى سبيل المثال، يمنع مجلس الأمن الدولي بشكل متكرر أي تدخل أو عقوبات أو إدانات ضد الدول الخمس دائمة العضوية أو حلفائها، حتى وإن كانت ترتكب انتهاكات وجرائم ضد الإنسانية والسلام والأمن الدوليين. ويتم ذلك من خلال استخدام حق النقض (الفيتو) الذي تتمتع به كل منها، ويعطيها القدرة على إفشال أي قرار يخالف مصالحها أو رؤيتها.
ومن أوضح مظاهر هذا التناقض هو الصمت والتواطؤ والتجاهل المتعمد والمتكرر الذي يمارسه مجلس الأمن تجاه ما يقترفه الكيان الصهيوني من جرائم وانتهاكات للقانون الدولي وحقوق الإنسان في فلسطين المحتلة. فهو لا يدين الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، بل يسمح لإسرائيل بمواصلة سياساتها العنصرية والعدوانية والإرهابية بحق الشعب الفلسطيني الذي يعيش رهن الاحتلال، وتحت حصار خانق وعدوان متواصل منذ عقود طويلة.
إن تركيبة مجلس الأمن تعكس توازن القوى العالمية الذي كان سائداً بعد الحرب العالمية الثانية، حيث حصلت الدول الفائزة في الحرب على حق التصويت والفيتو في المجلس، مما يعني أن هذه الدول تمتلك سلطة قرارية خلاف باقي الدول العشر غير الدائمة في المجلس، والتي تتغير كل عامين، لا تملك سوى الحضور والمشاركة الرمزية. فهل يمكن القول إن الدول الدائمة هي الأكثر أهلية ومسؤولية لحفظ الأمن والسلام في العالم؟ بينما الدول غير الدائمة هي أكثر خطراً وتهديداً للعالم من الدول الخمس؟
إن الإجابة على هذه التساؤلات تتطلب تحليلاً نقدياً للمفاهيم والمبادئ التي يقوم عليها مجلس الأمن، والتي تظهر بوضوح في آلية عمله وقراراته. فمن الواضح أن الدول الدائمة العضوية لا تمثل العالم بتنوعه وتعدده، بل تمثل نفسها وتحالفاتها، فهي تستخدم دورها كدول دائمة لتحقيق مصالحها الخاصة، ولتفرض سطوتها نفوذها على الدول الأخرى، ومن الواضح أيضاً أن الدول الدائمة العضوية لا تتفق دائماً على القضايا الدولية، بل تتصارع وتتنافس على النفوذ والموارد والمناطق، وتستخدم حق النقض (الفيتو) لمنع أي قرار يعارض مصالحها أو يهدد موقعها. ومن الواضح أخيراً أن الدول الدائمة العضوية لا تحترم القانون الدولي والمواثيق الإنسانية، بل تنتهكها وتتجاهلها عندما ترى ذلك مناسباً لها، وتستخدمها كوسيلة للضغط على الدول الأخرى ولتبرير تدخلاتها وعملياتها العسكرية.
في الحقيقة يمكن القول إن مجلس الأمن ليس مجلساً دولياً بمعنى أنه يمثل العالم بكل تنوعه وتعدده، أو بمعنى أنه يحمي الأمن والسلام ويضمن العدل والحرية والكرامة لجميع الشعوب، بل هو مجلس إقليمي يمثل مصالح خمس دول فقط، والتي تمتلك حق الفيتو على أي قرار لا يناسب مصالحها أو تحالفاتها أو مواقفها، حتى لو كان هذا القرار يحظى بدعم واسع من بقية الدول غير الدائمة والتي على رغم من كونها تشكل ما نسبته 95٪ من العالم، إلا أنها لا تملك حقوقا أو صوتا أو قدرة على التأثير في القرارات التي تمسها وتحدد مصيرها.
ولعلى أبرز مظاهر هذا الدور المتناقض والمتغير والمنحاز لمجلس الأمن هو موقفه من القضية الفلسطينية، التي تعتبر أحد أهم وأقدم القضايا في العالم. فمجلس الأمن لم يتخذ أي إجراء فعال أو عادل لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ولم يدن الاستيطان الإسرائيلي الذي يمثل انتهاكاً صارخاً للقرارات الدولية، ولم يحم الشعب الفلسطيني الذي يعاني من القمع والتهجير والقتل والحصار والعدوان من قبل الاحتلال الإسرائيلي. بل على العكس، سمح لإسرائيل بمواصلة سياساتها العنصرية والعدوانية والإرهابية بحق الشعب الفلسطيني، بدعم وحماية من الولايات المتحدة، التي استخدمت حق النقض (الفيتو) أكثر من أربعين مرة لمنع أي قرار يدين إسرائيل أو يطالبها بالانسحاب من الأراضي المحتلة.
ولذا فإنه مهما أدعى مجلس الأمن أنه يمثل الضمير الإنساني والعالمي، فإن بصمته وتواطؤه تجاه المجازر والدمار والمعاناة التي يتسبب فيها العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي يستهدف المدنيين والأطفال والنساء والمساجد والمدارس والمستشفيات والمنشآت الإنسانية، وبتناسيه الصرخات والدماء والدموع التي تنزف كل يوم من أهل القطاع، الذين يواجهون العدوان بالرصاصة والصاروخ والشهادة، وبتجاهله المظاهرات والتضامن والمطالبات التي تنتفض في كل أنحاء العالم لوقف العدوان ورفع الحصار الصهيوني عن قطاع غزة، يكون شريكاً في كل قطرة دم وجريمة، ومتواطئاً في الظلم والطغيان، ومتحيزاً في مواقفه وسياسته.
ومع ذلك، وفي مقابل هذه الظلمة التي تسود العالم، يظهر اليمن كنبرة حق وعدالة وحرية. فهو يتحدى بكل إرادة وإيمان وشجاعة، وبكل وضوح وصراحة وجرأة، كل الضغوط والقرارات التي تحاول تقييده وتقويض دوره عن نصرة إخوانه المظلومين في فلسطين المحتلة، وذلك انطلاقا من واجبه الديني والوطني والإنساني والعروبي في الدفاع عن قضية فلسطين، وتنفيذاً لإرادة شعبه الأبي في مواجهة الاحتلال الصهيوني، بما يتوافق مع مبادئ العدالة والحرية والكرامة الإنسانية. وهذا الموقف اليمني العظيم يتجلى في العمليات الصاروجوية التي تستهدف الكيان الغاصب في الأراضي الفلسطينية، وفي منع السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة من الملاحة البحرين الأحمر والعربي بهدف وضع إسرائيل كرهينة لرفع الحصار الظالم عن قطاع غزة الذي يتحمل ويلات الحرب والمجاعة والمرض، وكتنفيذ عملي وفعال لمبدأ المقاطعة والعزلة والمقاومة للعدو الصهيوني، الذي ينتهك القوانين الدولية والحقوق الإنسانية، ويحاول تغيير الواقع التاريخي والجغرافي للأرض المقدسة تحت ناظري مجلس الأمن الدولي وتواطؤ أممي منقطع النظير.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

تقرير: حوالي 720 مليون شخص حول العالم عانوا من الجوع خلال 2024

كشف موجز حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم خلال 2025، أن التقديرات العالمية المحدثة تشير إلى أن ما يتراوح بين 638 و720 مليون شخص، أي ما يعادل 7.8% و8.8% من سكان العالم، عانوا من الجوع خلال سنة 2024.

ووفق التقرير الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحة العالمية، فإن الجوع طال خلال سنة 2024 حوالي 307 ملايين شخص في أفريقيا، و323 مليون شخص في آسيا، و34 مليون شخص في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي.

وأشار التقرير إلى أنه من المتوقع أن ينخفض عدد من يعانون من النقص التغذوي في العالم، إلا أن ذلك لا يمنع احتمال أن يواجه 512 مليون شخص الجوع في 2030، مشيرا إلى أن 60% منهم يتوقع أن يكونوا في أفريقيا.

وفي الإطار نفسه، أفاد موجز حالة الأمن الغذائي والتغذية، بأن التقديرات تشير إلى أن 2.3 مليار شخص في العالم، قد عانوا من انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد خلال سنة 2024، موضحا أن هذا المعدل عرف انخفاضا تدريجيا منذ عام 2021.

ووفق الموجز، يزداد انعدام الأمن الغذائي في أفريقيا بينما ينخفض في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، ويتراجع تدريجيا في آسيا بشكل سنوي متتالي، كما يعاني منه عدد أكبر من السكان في المناطق الريفية مقارنة بالحضرية، إضافة إلى أن النساء أكثر عرضة له من الرجال.

مقالات مشابهة

  • ماذا يمكن أن يفعل المرشح الذي عينه ترامب في بنك الاحتياطي الفيدرالي؟
  • ما هي الدول التي تغيرت رسومها الجمركية منذ إعلان ترامب في يوم التحرير؟
  • ما هي نسب الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب؟
  • بعد تسونامي الاعترافات المنتظرة بفلسطين.. قصة دولة قررت الانتحار
  • تقرير: حوالي 720 مليون شخص حول العالم عانوا من الجوع خلال 2024
  • هل يمكن لفلسطين أن تنال العضوية الكاملة في الأمم المتحدة؟
  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: القمة التي جمعت السيدين الرئيسين أحمد الشرع وإلهام علييف في العاصمة باكو في الـ 12 من تموز الجاري خلال الزيارة الرسمية للرئيس الشرع إلى أذربيجان، أثمرت عن هذا الحدث التاريخي الذي سيسهم في تعزيز التعاون ا
  • البركاني: العالم اليوم مضطربا ومختلا وما يجري في فلسطين واليمن نماذج لإستباحة الحقوق
  • الجبهة الوطنية: الدول التي تسقط لا تنهض مجددا وتجربة مصر العمرانية هي الأنجح
  • أكاذيب الكيان الصهيوني التي لا تنتهي