الثورة نت:
2025-05-22@09:07:29 GMT

مجلس الأمن : من يحمي من؟

تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT

 

إنّا نعيش في عالم نشهد فيه تناقضاً فاضحاً ومؤلماً، بين ما يقال وما يفعل، بين ما يدعى إليه من قيم ومبادئ وما يمارس من واقع وسلوكيات. وهذا التناقض الفاضح ينعكس بشكل واضح على مجلس الأمن، الذي يدّعي أنه المسؤول عن تحقيق السلام والأمن والعدالة في العالم، ولكنه في الحقيقة أداة لخدمة المصالح الخاصة والضيقة لدوله الخمس دائمة العضوية، التي تنتهك حقوق ومصالح الشعوب الضعيفة والمظلومة.


لا شك أن مجلس الأمن، هو مجلس للهيمنة والاستكبار، فهو يحمي مصالح وتحالف الدول الخمس دائمة العضوية، أمريكا، وروسيا والصين، وفرنسا وبريطانيا، وحلفائها على حساب شعوب العالم الأخرى، ويتضح ذلك من خلال تحليل دوره ومواقفه وقراراته في القضايا الدولية المختلفة.
فمن جهة، يدعي أنه يعمل على حفظ السلام والأمن الدوليين، وأنه يحترم مبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة، وأنه ينفذ قراراته وفقاً للقانون الدولي. ولكن من جهة أخرى، يظهر دوراً متناقضاً ومتغيراً ومنحازاً في تطبيق هذه المبادئ والأهداف والقرارات، بحسب المصالح السياسية والاقتصادية والاستراتيجية للدول الخمس الكبرى.
فعلى سبيل المثال، يمنع مجلس الأمن الدولي بشكل متكرر أي تدخل أو عقوبات أو إدانات ضد الدول الخمس دائمة العضوية أو حلفائها، حتى وإن كانت ترتكب انتهاكات وجرائم ضد الإنسانية والسلام والأمن الدوليين. ويتم ذلك من خلال استخدام حق النقض (الفيتو) الذي تتمتع به كل منها، ويعطيها القدرة على إفشال أي قرار يخالف مصالحها أو رؤيتها.
ومن أوضح مظاهر هذا التناقض هو الصمت والتواطؤ والتجاهل المتعمد والمتكرر الذي يمارسه مجلس الأمن تجاه ما يقترفه الكيان الصهيوني من جرائم وانتهاكات للقانون الدولي وحقوق الإنسان في فلسطين المحتلة. فهو لا يدين الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، بل يسمح لإسرائيل بمواصلة سياساتها العنصرية والعدوانية والإرهابية بحق الشعب الفلسطيني الذي يعيش رهن الاحتلال، وتحت حصار خانق وعدوان متواصل منذ عقود طويلة.
إن تركيبة مجلس الأمن تعكس توازن القوى العالمية الذي كان سائداً بعد الحرب العالمية الثانية، حيث حصلت الدول الفائزة في الحرب على حق التصويت والفيتو في المجلس، مما يعني أن هذه الدول تمتلك سلطة قرارية خلاف باقي الدول العشر غير الدائمة في المجلس، والتي تتغير كل عامين، لا تملك سوى الحضور والمشاركة الرمزية. فهل يمكن القول إن الدول الدائمة هي الأكثر أهلية ومسؤولية لحفظ الأمن والسلام في العالم؟ بينما الدول غير الدائمة هي أكثر خطراً وتهديداً للعالم من الدول الخمس؟
إن الإجابة على هذه التساؤلات تتطلب تحليلاً نقدياً للمفاهيم والمبادئ التي يقوم عليها مجلس الأمن، والتي تظهر بوضوح في آلية عمله وقراراته. فمن الواضح أن الدول الدائمة العضوية لا تمثل العالم بتنوعه وتعدده، بل تمثل نفسها وتحالفاتها، فهي تستخدم دورها كدول دائمة لتحقيق مصالحها الخاصة، ولتفرض سطوتها نفوذها على الدول الأخرى، ومن الواضح أيضاً أن الدول الدائمة العضوية لا تتفق دائماً على القضايا الدولية، بل تتصارع وتتنافس على النفوذ والموارد والمناطق، وتستخدم حق النقض (الفيتو) لمنع أي قرار يعارض مصالحها أو يهدد موقعها. ومن الواضح أخيراً أن الدول الدائمة العضوية لا تحترم القانون الدولي والمواثيق الإنسانية، بل تنتهكها وتتجاهلها عندما ترى ذلك مناسباً لها، وتستخدمها كوسيلة للضغط على الدول الأخرى ولتبرير تدخلاتها وعملياتها العسكرية.
في الحقيقة يمكن القول إن مجلس الأمن ليس مجلساً دولياً بمعنى أنه يمثل العالم بكل تنوعه وتعدده، أو بمعنى أنه يحمي الأمن والسلام ويضمن العدل والحرية والكرامة لجميع الشعوب، بل هو مجلس إقليمي يمثل مصالح خمس دول فقط، والتي تمتلك حق الفيتو على أي قرار لا يناسب مصالحها أو تحالفاتها أو مواقفها، حتى لو كان هذا القرار يحظى بدعم واسع من بقية الدول غير الدائمة والتي على رغم من كونها تشكل ما نسبته 95٪ من العالم، إلا أنها لا تملك حقوقا أو صوتا أو قدرة على التأثير في القرارات التي تمسها وتحدد مصيرها.
ولعلى أبرز مظاهر هذا الدور المتناقض والمتغير والمنحاز لمجلس الأمن هو موقفه من القضية الفلسطينية، التي تعتبر أحد أهم وأقدم القضايا في العالم. فمجلس الأمن لم يتخذ أي إجراء فعال أو عادل لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ولم يدن الاستيطان الإسرائيلي الذي يمثل انتهاكاً صارخاً للقرارات الدولية، ولم يحم الشعب الفلسطيني الذي يعاني من القمع والتهجير والقتل والحصار والعدوان من قبل الاحتلال الإسرائيلي. بل على العكس، سمح لإسرائيل بمواصلة سياساتها العنصرية والعدوانية والإرهابية بحق الشعب الفلسطيني، بدعم وحماية من الولايات المتحدة، التي استخدمت حق النقض (الفيتو) أكثر من أربعين مرة لمنع أي قرار يدين إسرائيل أو يطالبها بالانسحاب من الأراضي المحتلة.
ولذا فإنه مهما أدعى مجلس الأمن أنه يمثل الضمير الإنساني والعالمي، فإن بصمته وتواطؤه تجاه المجازر والدمار والمعاناة التي يتسبب فيها العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي يستهدف المدنيين والأطفال والنساء والمساجد والمدارس والمستشفيات والمنشآت الإنسانية، وبتناسيه الصرخات والدماء والدموع التي تنزف كل يوم من أهل القطاع، الذين يواجهون العدوان بالرصاصة والصاروخ والشهادة، وبتجاهله المظاهرات والتضامن والمطالبات التي تنتفض في كل أنحاء العالم لوقف العدوان ورفع الحصار الصهيوني عن قطاع غزة، يكون شريكاً في كل قطرة دم وجريمة، ومتواطئاً في الظلم والطغيان، ومتحيزاً في مواقفه وسياسته.
ومع ذلك، وفي مقابل هذه الظلمة التي تسود العالم، يظهر اليمن كنبرة حق وعدالة وحرية. فهو يتحدى بكل إرادة وإيمان وشجاعة، وبكل وضوح وصراحة وجرأة، كل الضغوط والقرارات التي تحاول تقييده وتقويض دوره عن نصرة إخوانه المظلومين في فلسطين المحتلة، وذلك انطلاقا من واجبه الديني والوطني والإنساني والعروبي في الدفاع عن قضية فلسطين، وتنفيذاً لإرادة شعبه الأبي في مواجهة الاحتلال الصهيوني، بما يتوافق مع مبادئ العدالة والحرية والكرامة الإنسانية. وهذا الموقف اليمني العظيم يتجلى في العمليات الصاروجوية التي تستهدف الكيان الغاصب في الأراضي الفلسطينية، وفي منع السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة من الملاحة البحرين الأحمر والعربي بهدف وضع إسرائيل كرهينة لرفع الحصار الظالم عن قطاع غزة الذي يتحمل ويلات الحرب والمجاعة والمرض، وكتنفيذ عملي وفعال لمبدأ المقاطعة والعزلة والمقاومة للعدو الصهيوني، الذي ينتهك القوانين الدولية والحقوق الإنسانية، ويحاول تغيير الواقع التاريخي والجغرافي للأرض المقدسة تحت ناظري مجلس الأمن الدولي وتواطؤ أممي منقطع النظير.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

وزير الدفاع اللواء المهندس مرهف أبو قصرة في تغريدة عبر X: تلقى الشعب السوري اليوم قرار الاتحاد الأوروبي برفع العقوبات المفروضة على سوريا، وإننا نثمن هذه الخطوة التي تعكس توجهاً إيجابياً يصب في مصلحة سوريا وشعبها، الذي يستحق السلام والازدهار، كما نتوجه بال

2025-05-21mohamadسابق بيدرسون يرحب برفع الاتحاد الأوروبي العقوبات الاقتصادية عن سوريا انظر ايضاً بيدرسون يرحب برفع الاتحاد الأوروبي العقوبات الاقتصادية عن سوريا

نيويورك-سانا رحب مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسون بإعلان الاتحاد الأوروبي رفع العقوبات …

آخر الأخبار 2025-05-21بيدرسون يرحب برفع الاتحاد الأوروبي العقوبات الاقتصادية عن سوريا 2025-05-21وزير الخارجية والمغتربين السيد أسعد الشيباني في تغريدة عبر X: ما جرى في الثامن من ديسمبر هو إنجاز سوري بامتياز، جاء ثمرة لصمود شعب دفع ثمناً باهظاً في سبيل حريته وكرامته، رغم حجم الخذلان الذي تعرض له 2025-05-20مجلس التعاون الخليجي يرحب بقرار الاتحاد الأوروبي رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا 2025-05-20تركيا ترحب برفع العقوبات الأمريكية والأوروبية عن سوريا 2025-05-20حاكم مصرف سوريا المركزي: رفع العقوبات الأوروبية خطوة إيجابية نحو تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي 2025-05-20الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود يثمن استجابة الرئيس الأمريكي لرفع العقوبات عن سوريا 2025-05-20وزير المالية: رفع العقوبات الأوروبية يسرّع جهود بناء شراكة وتعاون سوري أوروبي 2025-05-20رئيسة المفوضية الأوروبية: أوروبا مستعدة للعمل مع سوريا على مسار التعافي 2025-05-20وزارة التنمية الإدارية تبحث المشاريع والخطط التشغيلية القادمة 2025-05-20وزير الأوقاف يبحث تطوير أداء مديرية أوقاف حلب في اجتماع مع كادرها

صور من سورية منوعات دراسة علمية تكتشف علاجاً واعداً لاستعادة البصر 2025-05-14 اكتشاف آلية غير متوقعة وراء تلف القلب بعد النوبات 2025-05-09فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • مجلس الشيوخ الأمريكي يعتزم التحقيق في هوية الشخص الذي أدار البلاد بدلا من بايدن
  • الدكتور الربيعة: المملكة في طليعة الدول الداعمة للعمل الإغاثي والمشاركة الفعالة في حل الأزمات الإنسانية
  • الفاكهة الأكثر استهلاكا فى العالم على وشك الاختفاء.. الموز ينتهى بحلول 2080
  • وزير الدفاع اللواء المهندس مرهف أبو قصرة في تغريدة عبر X: تلقى الشعب السوري اليوم قرار الاتحاد الأوروبي برفع العقوبات المفروضة على سوريا، وإننا نثمن هذه الخطوة التي تعكس توجهاً إيجابياً يصب في مصلحة سوريا وشعبها، الذي يستحق السلام والازدهار، كما نتوجه بال
  • البحوث الإسلامية يشارك بمؤتمر: «الإرهاب في غرب أفريقيا»
  • تقرير: الجزائر ضمن الدول المهددة في الأمن الغذائي والمغرب خارج القائمة
  • لجين عمران تكشف سر أناقتها الدائمة: ألبس لنفسي قبل أي أحد حتى زوجي”.. فيديو
  • من الذي التهم صنم العجوة ؟
  • زاكيان يترأس احتفال النذور الدائمة للأخ توكي جيرمين
  • اليوم العالمي للنحل..أعظم الملقحات التي تطعم العالم