الوطن:
2025-12-13@19:06:32 GMT

د. أسامة الحديدي يكتب.. محمد والمسيح

تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT

د. أسامة الحديدي يكتب.. محمد والمسيح

يحتفل العالم فى هذه الأيام ببداية عام ميلادى جديد فى ذكرى ميلاد السيد المسيح عليه وعلى نبينا سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، السلام، فكلاهما حمل للإنسانية جمعاء رسالة الحب والسلام.

فها هو سيدنا النبى محمد صلى الله عليه وسلم يحتفى بسيدنا السيد المسيح عليه السلام:

فعن أبى هُرَيْرَةَ، رضى الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، فِى الْأُولَى وَالْآخِرَةِ» قَالُوا: كَيْفَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ مِنْ عَلَّاتٍ، وَأُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ، فَلَيْسَ بَيْنَنَا نَبِىٌّ»، ولا يخفى على أحد أن من تمام إسلام المسلم هو إيمانه بجميع الرسل والأنبياء.

ولقد أثبتت السنون والأحداث أن الشعب المصرى بجميع أطيافه نسيج واحد، شعب متماسك ومترابط، كالجسد الواحد، فبالكاد يستطيع المرء فى الحياة العامة أن يفرق بين المسلم والمسيحى.

ويُعد نموذج التسامح الإسلامى المسيحى المصرى نموذجاً يُحتذى به فى التعايش الإيجابى، فعلى مر التاريخ ظهر هذا التعايش جلياً للقاصى والدانى، فلو عدنا لأحداث التاريخ نجد أن فى ثورة 1919م تجسد هذا التعايش ووقف سداً منيعاً أمام قوى الاستعمار التى حاولت بث روح الفُرقة والانقسام بين أبناء الشعب المصرى، مسلميه ومسيحيين، فإذا بهم يقفون صفاً واحداً أمام هذه المحاولات البغيضة، ويضربون أروع الأمثلة فى التعايش والوطنية والانتماء.

ورغم الاحتفال بالعام الجديد وميلاد السيد المسيح عليه السلام فإن قلوب المصريين جميعهم يعتصرها الألم ويملأها الحزن بسبب الأحداث الجارية على أرض فلسطين، مهد السيد المسيح، التى مشى وترعرع فى ربوعها، فتلك الجرائم التى يرتكبها المحتل الصهيونى ليلاً ونهاراً من قتل وتدمير تنافى الرسالات السماوية التى جاء بها الأنبياء جميعهم، وتحمل مبادئ الحب والسلام، كما جاء فى القرآن الكريم: {قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}. [البقرة: 133]

وإن كنا نتحدث عن التعايش بين أبناء الشعب المصرى الواحد، مسلمين ومسيحيين، لا يفوتنا أن نذكر الموقف التاريخى والكلمات الخالدة للبابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، عندما قال إن المسيحيين لن يذهبوا للقدس إلا يداً بيد مع إخوانهم المسلمين، ومنع المسيحيين من الذهاب إلى زيارة القدس، فى إشارة واضحة لرفض كل الانتهاكات التى تدور على أرضها المباركة.

ولا ننسى كيف وقف الشعب المصرى وقواته المسلحة الباسلة -بمسلميه ومسيحييه- جنباً إلى جنب على جبهة واحدة وسالت دماؤهم من شريان واحد، وضربوا أروع الأمثلة فى الحب والتفانى فى معركة العزة والكرامة، معركة استرداد أرض سيناء الحبيبة من المحتل الصهيونى الغاصب.

وعندما حاولت قوى التطرف والإرهاب تهديد هذا التعايش بادر فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، مع قداسة البابا شنودة الثالث بفكرة تأسيس بيت العائلة المصرية فى 2011م، وذلك أثناء تأدية واجب العزاء فى شهداء كنيسة القديسين الذين اغتالتهم يد الإرهاب والتطرف.

وجدير بالذكر أن أعضاء مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية يحرصون خلال وجودهم الميدانى بالمحافظات على زيارة الكنائس ولقاء القساوسة والكهنة، وذلك فى إطار الجهود المبذولة للحفاظ على كيان واستقرار المجتمع المصرى، كما تضم اللقاءات التى يعقدها المركز من خلال برنامج التوعية الأسرية والمجتمعية الشباب، سواء من المسلمين أو من المسيحيين.

والأمثلة على الحب والسلام والتعايش الذى يمتاز به أبناء الشعب المصرى لا تسعها هذه السطور، ولعل أكبر شاهد على ذلك أن من يسير فى ربوع مصر الحبيبة يجد مساجد مصر تعانق كنائسها فى لوحة فنية يملأها الحب والسلام على أرض هذا الوطن الحبيب. وما زال أبناء هذا الشعب مستمرين فى معركة البناء والتنمية التى يقودها فخامة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى لتأسيس بناء الجمهورية الجديدة.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: محبة المسيح رسائل السلام التسامح هوية المصريين الحب والسلام السید المسیح الشعب المصرى

إقرأ أيضاً:

شموعى التى لا تنطفئ

تتكسر الأعوام على أيامنا، كرماحٍ يقذفها القدر.. فسنة تلو سنة، ونحن نقف على طرف ممر لا نهاية له، ننتظر ضوءا ينير ظلمة كادت أن تبتلعنا. 
هكذا مع كل عام يغادرنى، أقف مع ذاتى موقف الجلاد، كم حلما تمنيته واستطعت إنجازه فى ذاك العام المنقضى؟ كم قصة كتبتُ أو قصيدة، كم كتابا أصدرتُ؟ هل استطعت تعلم تلك اللغة التى أردت؟ هذا البحث الذى أفكر فى إنجازه.. هل تم؟ هل حققت لأبنائى ما يصبون إليه؟ أم أن فى نفوسهم طلبا منعه الخجل عنى؟
هل.. وهل...
أمسك بأمنياتى التى حققت بيمينى، بينما ترقد تلك التى لم تحقق بيسارى، كجثة هامدة، فيما أصر مطلع كل عام من عمرى، على تغيير دفة تفكيرى، لربما حققت ما عصى على التحقق يوما..
يتعجب الأولاد والأحباب من رفضى لكعكة عيد الميلاد، رغم فرحتى بها التى ما زالت تشبه فرحة طفلة فى الخامسة، لكننى أعذر جهلهم بما يموج داخلى من أفكار حين أتوسطهم وأنظر إلى الرقم الذى ينغرز فى الكعكة ويتكون من شمعتين، تمثلان رقمين حاصل مجموعهما هو عمرى الجديد، أقف وأنا أنتظر لحظة إطفائى للشموع بتخوف، فأى أمنية سأطلقها لتتعلق ساخنة بالدخان المتصاعد نحو السماء، علّها تتحقق؟ 
وهل عساى أفكر فى الجديد وما مضى من أحلام لم أحقق معظمه بعد؟ 
اليوم أتأمل أربعة وأربعين شمعة أطفأها نيابة عنى المحبون وتمنوا لى فى نفوسهم المحبة ما تمنوا، لكننى أنظر إلى الشمعة الخامسة والأربعين والتى تبتسم لى ابتسامة غامضة أعرفها حق المعرفة، فأتحسس موضع قلبى، وأحوقل.. لا، لن أطفئها، فماذا عساه يحدث إن أنا تركتها مشتعلة، ينبعث منها دخان هادئ، لا يحمل شيئا من أحلامنا أو أوهامنا؟ دعوه يتخفف منها لعام واحد، علّ الأمنيات حين تبقى على الأرض تتحقق.. ولعلى أراها من زاوية جديدة، ومبررات جديدة. 
على الضفة الأخرى من التفكير أنظر لنفسى نظرة لوم عظيم، فما تحقق ربما فاق ما تمنيته، حتى وإن جاء متأخرا، فلعل التأخر خير، والمنع خير، ويكفى المرء منا لحظة سكينة، ورضا عن أولاده، وعن إنجازات يراها عادية ويراها الآخرون إعجازا، يكفينى من الحياة ألمًا مر وصحة استرددتها بعد مرض طال، ولطفًا من الله شمل ضعفى وعجز من حولى أمام معاناة لا سبيل لهم فى محوها، فإذا برحمةٍ من الله تنجينى..
يكفينى منحة حب الناس ودعائهم حين الكرب، وفرحهم فى لحظات السعادة.. يكفينى أننى لست وحدى، رغم ما يبدو ظاهرا للغير، فمن رُزق عناية الخالق ليس بوحيد، ومن التف حوله الأحباب والأصدقاء والأولاد ليس وحيدا، بل الوحيد من حُرم لطف الله، ومن تخلى عنه المحيطون وانتفت عنه أسباب الحياة.
إذن.. فلأشعل شمعتى الجديدة.. ولكن ليس انتظارًا للقادم من الأمنيات، فأنا هذا العام سأطارد أحلامى، حلما وراء حلم، حتى أحققها ولو صعبت، فما نيل المطالب بالتمنى ولكن تؤخذ الدنيا غلابا.

مقالات مشابهة

  • الحواتمة يكتب: الرياضة .. مؤشر القوة والولاء الوطني
  • أسامة الأزهري لـ المتسابق رضا محمد: قريبا ستشرق شمسك في سماء التلاوة
  • حكم الدين في عدم الإنجاب.. أزهري: الشخص الذي يرفض النعمة عليه الذهاب لطبيب نفسي
  • بالفيديو والصورة... هذا ما حصل في مبنى قرب مكان استشهاد السيد نصرالله
  • وليد مصطفى العضو المنتدب لـ«مدى للتأمين»:استراتيجيات جديدة لمواجهة تحديات السوق
  • شموعى التى لا تنطفئ
  • ماراثون مصر الخير بالأقصر.. احتفالات العيد القومي تتجمل بروح التطوع
  • محمد دياب يكتب: غزة بين الإنهيار وتمرد الإحتلال
  • مسرح الجنوب يطلق اسم المخرج الكبير عصام السيد على دورته العاشرة
  • د.حماد عبدالله يكتب: " بلطجة " التعليم الخاص !!