قال محللون سياسيون إن الولايات المتحدة باتت عالقة في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وإنها تحاول إرغام الدول العربية على المشاركة في إصلاح ما دمره الاحتلال بذريعة الحفاظ على أمن المنطقة.

ورغم الدعم الأميركي الثابت لإسرائيل وتوافقها معها على ضرورة إنهاء المقاومة عسكريا، فإن ثمة خلافات بين الطرفين على طريقة التنفيذ، كما يقول الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي.

وخلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، قال مكي إن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، حاول خلال جولته الأخيرة بالمنطقة إيجاد مقاربة شرق أوسطية تنهي حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، عسكريا وتبقي عليها كفاعل سياسي.

إنهاء المقاومة بطرق أخرى

وقال مكي إن الولايات المتحدة تعمل حاليا على تحقيق ما عجزت إسرائيل عن تحقيقه عسكريا، بذريعة إنقاذ سكان غزة والحفاظ على أمن المنطقة، مشيرا إلى أن تل أبيب راضية عن هذا التحرك لكنها تواصل الابتزاز السياسي من خلال تصعيد العدوان.

واتفق المحلل السياسي وديع عواودة مع الرأي السابق، بقوله إن واشنطن متطابقة مع إسرائيل من حيث أهداف الحرب، لكنها فعلا مختلفة معها بشأن طريقة تحقيقها.

وقال عواودة إن زيارة بلينكن "البائسة" للمنطقة حملت جملة من الأهداف من بينها دفع إسرائيل إلى مرحلة جديدة من الحرب أقل عنفا وتسمح بعودة السكان إلى شمال القطاع وإدخال مزيد من المساعدات.

في المقابل، تقول المسؤولة السابقة في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ياسمين الجمل إن الشيء الوحيد الجديد الذي خرج به بلينكن خلال جولته الأخيرة هو الاتفاق على إدخال لجنة أممية إلى شمال القطاع لتقييم إمكانية عودة السكان إليه.

لكن الجمل نوهت إلى أن آلية تنفيذ هذا الاتفاق ما تزال غير معروفة، و"بالتالي لا يمكن القول إن هناك تغيرا حقيقيا في الموقف الأميركي"، مشيرة إلى أن واشنطن "تحاول إفهام إسرائيل -في الغرف المغلقة- حقيقة أن توسيع نطاق الحرب ومواصلة عمليات التدمير لا يخدمان المصالح الأميركية، وهي محاولات لم تبد تل أبيب أي انصياع لها حتى الآن".

ضغط متبادل

وعن عمليات الضغط التي تمارسها الإدارة الأميركية على حكومة بنيامين نتنياهو، قال مكي إنه لا يوجد ضغط بالمعنى الحقيقي، مضيفا أن "الحرب ليست قرارا إسرائيليا صرفا وإنما هي قرار أميركي غربي"، مؤكدا أن الجميع ما يزال يريد المضي في القتال.

وعلى عكس ما يعتقد البعض، فإن مكي يرى أن نتنياهو هو من يضغط على إدارة بايدن بعدما أحكم قبضته عليها، لافتا إلى أن واشنطن حاليا "لا يمكنها الخروج من قبضة إسرائيل، وإن فعلت، فقد لا يتمكن بايدن من مواصلة حملته الانتخابية".

غير أن الجمل رأت أن واشنطن لم تستخدم أوراق ضغطها القوية لإرغام إسرائيل على وقف طريقتها في الحرب، رغم أنها ليست راضية عن هذه الطريقة.

ومضت تؤكد أن بايدن في موقف حرج لأنه قلق من دعم إسرائيل في الانتخابات المقبلة، وفي نفس الوقت لم يكن يتوقع هذا التراجع الكبير في شعبيته بين المسلمين الأميركيين الذين أعلنوا صراحة أنهم لن يصوتوا له، "رغم أنهم لا يرون ربع ما يحدث على الأرض بسبب تجاهل أميركا ساسة وإعلاما له".

ومن هذا المنطلق، فإن فريق بايدن "يحاول الضغط على إسرائيل دون خسارة دعم حلفائها الأميركيين في الانتخابات"، كما تقول الجمل.

البحث عن تنازلات عربية

وفيما يتعلق بما يريده بلينكن من الدول العربية، قال مكي إن الوزير الأميركي يتعامل بمنطق أن كل خطوة عادية تتطلب جولة وتنازلات عربية وفلسطينية حتى يقنع إسرائيل باتخاذها.

لكن الأخطر -حسب مكي- هو أن بلينكن يمارس ضغطا على دول المنطقة وخصوصا التي يعتقد أن لها نفوذا عند المقاومة مثل مصر وقطر وتركيا لإجبار حماس على تقديم تنازلات.

وأضاف مكي "أميركا متحمسة كلاميا أكثر من العرب لإدخال الغذاء إلى القطاع، وأخشى أن تمارس بعض الدول العربية ضغوطا حقيقية على حماس للقبول بوقف الحرب وربما لنزع سلاحها".

وخلص إلى أن المرحلة المقبلة "ستكون مرحلة عض أصابع صعبة في ظل انهيار الدول العربية المركزية والوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه مصر".

في المقابل، ترى الجمل أن الدول العربية ترفض تحمل نفقات إصلاح ما دمرته إسرائيل، بدليل أن الإمارات رفضت دفع رواتب العمال الفلسطينيين في غزة، مضيفة "ما يحاول بلينكن القيام به هو إقناع دول المنطقة بأنه ليس من مصلحة أحد أن يتسع الصراع وإقناعهم بالمشاركة في بناء غزة ووقف الحرب، ويبقى أن نرى النتائج".

وخلصت الجمل إلى أن الأزمة الحالية هي أن هناك رغبة شعبية إسرائيلية في مواصلة الحرب بعد صدمة السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

أما عواودة، فيرى أن بايدن ضعيف أمام نتنياهو الذي يمارس "وقاحة" في التعامل، معربا عن اعتقاده بأن المخرج الوحيد أمام واشنطن حاليا هو "أن يقوم بيني غانتس بتشكيل حكومة حرب جديدة أقل تطرفا؛ لأن هناك توافقا على مواصلة الحرب لكن بطرق مختلفة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الدول العربیة إلى أن

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تستعد لهجوم نووي محتمل على إيران وواشنطن تحاول إطفاء نيران التوتر

قالت شبكة CNN الأميركية إن الولايات المتحدة حصلت على معلومات استخباراتية جديدة تشير إلى أن إسرائيل تستعد لشن ضربة عسكرية محتملة تستهدف منشآت نووية إيرانية، في وقت تحاول فيه إدارة الرئيس دونالد ترامب التوصل إلى اتفاق دبلوماسي مع طهران بشأن برنامجها النووي.

ونقل التقرير عن مسؤولين أميركيين مطلعين على التقييمات الاستخباراتية أن هذه الاستعدادات تمثل تحولاً حاداً في نهج تل أبيب، قد يُفضي إلى تصعيد إقليمي واسع، خاصة بعد التوترات التي خلّفتها الحرب الأخيرة في غزة.

وأكد أحد المصادر أن “احتمال شن إسرائيل هجوماً على منشآت نووية إيرانية ارتفع بشكل كبير خلال الأشهر الأخيرة”، مشيراً إلى أن موقف تل أبيب يتأثر بشكل مباشر بنتائج المفاوضات الأميركية الجارية مع إيران، والتي لم تُسفر بعد عن أي تقدم ملموس.

وبحسب التقرير، فإن التحركات الإسرائيلية رُصدت عبر عمليات نقل ذخائر جوية ومناورات عسكرية، إلى جانب اعتراض اتصالات إسرائيلية حساسة، ما عزز من تقديرات احتمال توجيه ضربة، ومع ذلك، لم يتضح بعد ما إذا كانت تل أبيب قد اتخذت قراراً نهائياً، في ظل خلافات داخل الإدارة الأميركية حول كيفية التعامل مع الموقف.

ويرى مراقبون أن إسرائيل قد تستخدم هذه التحركات كوسيلة ضغط على إيران لتقديم تنازلات جوهرية، خاصة فيما يتعلق بمستوى تخصيب اليورانيوم، وهو الملف الأكثر حساسية في المحادثات الجارية.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وجّه رسالة مباشرة إلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي منتصف مارس الماضي، حدّد فيها مهلة 60 يوماً للتوصل إلى اتفاق، وهي المهلة التي انقضت دون نتائج حاسمة.

وأكد دبلوماسي غربي التقى ترامب مؤخراً أن الأخير مستعد لإعطاء الجهود الدبلوماسية “أسابيع قليلة إضافية”، قبل أن يتجه نحو الخيار العسكري، إلا أن البيت الأبيض لا يزال يعوّل على المسار التفاوضي حالياً.

الانقسام في واشنطن والضغوط على نتنياهو

تشير التقديرات الأميركية إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يواجه ضغوطاً داخلية متزايدة لعدم السماح بتمرير ما تعتبره إسرائيل “صفقة نووية سيئة”، خاصة مع ما وصفه مسؤولون أميركيون بـ”الفرصة السانحة” في ظل سياسة ترامب المتشددة تجاه إيران.

وقال جوناثان بانيكوف، مسؤول استخباراتي أميركي سابق، إن إسرائيل تجد نفسها حالياً “بين المطرقة والسندان”، مضيفاً أن “قرار تل أبيب النهائي سيتأثر بشكل حاسم بما إذا كانت إدارة ترامب ستعطي موافقة ضمنية على العمل العسكري”.

القدرات الإسرائيلية والاعتماد على الدعم الأميركي

وبحسب CNN، فإن إسرائيل لا تملك القدرة الكاملة على تنفيذ ضربة شاملة ضد البرنامج النووي الإيراني دون دعم أميركي مباشر، خصوصاً فيما يتعلق بالتزود بالوقود جواً واستخدام قنابل خارقة للتحصينات.

وأكد مصدر إسرائيلي أن تل أبيب “لن تتردد في العمل منفردة” إذا ما توصلت واشنطن لاتفاق لا يحقق الحد الأدنى من متطلبات الأمن القومي الإسرائيلي، في حين شدد مسؤول أميركي على أن خيار العمل العسكري الإسرائيلي كان “ثابتاً دوماً كحل أخير لوقف البرنامج النووي العسكري الإيراني”.

في هذه الأثناء، تستمر المفاوضات بين واشنطن وطهران، حيث قال المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف إن الولايات المتحدة لا يمكنها قبول أي اتفاق يسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم ولو بنسبة 1%، وهو ما رفضه المرشد الإيراني خامنئي واصفاً المطلب الأميركي بأنه “خطأ فادح”.

وتقول طهران إن التخصيب حق سيادي لها بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي، وإنها لن تتنازل عنه تحت أي ظرف، ما يُنذر بمزيد من الجمود في المحادثات، والتي يُحتمل أن تُستأنف هذا الأسبوع في أوروبا.

وزير الدفاع الإيراني من يريفان: لن نسمح بأي اعتداء على حدودنا مع أرمينيا

شدد وزير الدفاع الإيراني، العميد عزيز نصير زاده، على الأهمية الاستراتيجية للعلاقات بين بلاده وأرمينيا، مؤكداً أن هذه العلاقات تستند إلى أسس تاريخية وثقافية عميقة، ولا يمكن لأي عائق أن يعيق تطورها.

وجاءت تصريحات زاده خلال مباحثات أجراها في العاصمة الأرمينية يريفان مع نظيره سورين بابيكيان، بحسب ما نقلته وكالة “مهر” الإيرانية، اليوم الأربعاء.

وأكد زاده أن إيران لن تسمح بأي اعتداء على حدودها المشتركة مع أرمينيا، موضحاً أن هذه الحدود تمثل طريق اتصال تاريخي بين البلدين، وتشكل أحد أركان الاستقرار الإقليمي.

كما جدد الوزير الإيراني دعم بلاده لمفاوضات السلام الجارية بين أذربيجان وأرمينيا، مشيراً إلى استعداد طهران للمساهمة في تسريع توقيع معاهدات سلام دائمة تضمن أمن واستقرار منطقة القوقاز.

وأوضح زاده أن تحقيق السلام في المنطقة من شأنه أن يفتح آفاقاً واسعة للتنمية والتعاون الإقليمي، مؤكداً أن سياسة إيران في دعم أرمينيا تنبع من مصالح متبادلة ورفض كامل لأي ضغوط خارجية تهدف إلى التأثير على توجهات طهران الإقليمية.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تستعد لهجوم نووي محتمل على إيران وواشنطن تحاول إطفاء نيران التوتر
  • محللون: على العرب تلقف الموقف الأوروبي وتحويله إلى رؤية سياسية
  • واشنطن ستتخلى عن إسرائيل إن لم توقف حرب غزة
  • صحيفة: أمريكا ستتخلى عن إسرائيل إن لم توقف "حرب غزة"
  • محللون: احتلال غزة لن يكون سهلا وواشنطن محبطة وتريد وقف الحرب
  • سنتخلى عن إسرائيل.. ترامب يهدد دولة الاحتلال بسبب استمرار العدوان على غزة
  • واشنطن بوست: مقربون من ترامب هددوا بالتخلي عن إسرائيل إذا لم توقف الحرب
  • محللون: عربات جدعون لن تحقق أهداف إسرائيل والاغتيالات لن تضعف حماس
  • واشنطن بوست: واشنطن ستتخلى عن إسرائيل إن لم توقف حرب غزة
  • مصدر: واشنطن ستتخلى على إسرائيل إن لم توقف حرب غزة