العرب والمخاطر المستقبلية
تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT
العرب والمخاطر المستقبلية
يعيش العالم العربي منذ عقود حالة فريدة يمكن تسميتها «حالة الاستعصاء» أي «الاستعصاء عن الاستجابة للتحديات».
السؤال الذي يشغل الجميع هو: هل يمكن أن تتكرر سلبية الاستجابة العربية في التعامل مع هذا النوع من التحديات والمخاطر؟
يتجدد السؤال مع ظهور أنواع مختلفة من التحديات يؤدي التقاعس عن المواجهة الجماعية كوسيلة للتعامل معها، إلى كوارث يصعب تحمّل نتائجها.
كيف ستكون الاستجابة العربية لتلك التحديات، وعلى الأخص منها التحديات التي أخذت تفرضها الثورة الصناعية الرابعة، وأهمها الذكاء الاصطناعي؟
* * *
يعيش العالم العربي منذ عقود حالة فريدة يمكن تسميتها ب«حالة الاستعصاء». والمقصود هنا هو «الاستعصاء عن الاستجابة للتحديات». فالقاعدة العلمية التي تقول: «لكل فعل رد فعل مساوٍ له في القوة ومضاد له في الاتجاه»، لم تجد لها صدى مؤثراً عند دوائر صنع القرار، في ما يتعلق بضخامة وعنف التحديات من ناحية، وهزالة ردود الفعل العربية، من ناحية أخرى.
الأمر الذي بات يدفع البعض إلى القول «تحسّراً على الحالة العربية» إن «نظرية التحدي والاستجابة» ليست لها وجود ملموس في الواقع العربي، على كل المستويات سياسية كانت، أو اقتصادية، أو حتى أمنية - عسكرية. ربما تكون التحديات الأمنية والعسكرية لها بعض الاستجابات، لكنها فردية، وليست جماعية على المستوى العربي.
لذلك يسأل بعض العرب المهمومين بالواقع العربي ومشاهده المستقبلية، بحذر، عن الكيفية التي سوف يتعامل بها العرب، الحكومات والشعوب، مع نوعية جديدة من الأزمات والتحديات والمخاطر التي في طريقها، ليس نحو العرب فقط، بل نحو العالم كله. والسؤال الذي يشغل الجميع هو: هل يمكن أن تتكرر سلبية الاستجابة العربية في التعامل مع هذا النوع من التحديات والمخاطر؟
إذا كانت القاعدة العلمية تقول إن الأمم والشعوب تتوحد وتتكتل لسببين، أو لدافعين: إما لدرء مخاطر، وإما لتحقيق مكاسب، فالعقود السابقة كانت مفعمة بالمخاطر والتحديات للعرب، كما كانت مملوء بالفرص التي تتيح تحقيق نجاحات، لكن العرب لم يستطيعوا تكوين تكتل عربي، قادر على التعامل، بنديّة، مع ظاهرة التكتلات الاقتصادية العالمية التي أضحت أحد أبرز معالم عصرنا الراهن.
ورغم ذلك، يتجدد السؤال مع ظهور أنواع مختلفة من التحديات يؤدي التقاعس عن المواجهة الجماعية كوسيلة للتعامل معها، إلى كوارث يصعب تحمّل نتائجها.
التحدّيات التي نعنيها هي؛ وكما حدّدها «إيان بريمر» رئيس ومؤسس «مجموعة أوراسيا» (الشركة العالمية الرائدة في مجال البحوث والاستشارات): فورة الأوبئة التي أخدت تجتاح العالم، أولها وباء «كورونا»، وما تفرضه من حالات طوارئ عالمية، وثانيها التغيّر المناخي الذي يهدد، بعنف، مستقبل البشرية كلها، بقدر ما يهدد كوكب الأرض الذي نعيش عليه.
اللافت أن هذين التهديدين لا يعرفان التمييز بين الأمم والشعوب، ومخاطرهما تفوق قدرة أي أمة، أو دولة، سواء كانت تلك الدولة إمبراطورية عالمية، أو كانت دويلة صغيرة تعيش في كنف رعاية دولة أكبر. أما التحدي الثالث، فهو الثورة الصناعية الرابعة بكل أبعادها، وتجلياتها، وتطوراتها المستقبلية، وفي القلب منها ثورة «الذكاء الاصطناعي».
اللافت هنا أن الثورة الصناعية الرابعة تتضمن ثورتين في آن واحد، هما ثورة المعلومات والاتصالات، وثورة البيوتكنولوجيا، واللافت أيضاً، أن من يملك زمام إدارتهما، ويتحكم فيهما هو نظام العولمة الرأسمالية، أو الإمبراطورية الرأسمالية العالمية.
ما يعنى أنهما يخضعان إلى تحقيق أهواء ومصالح وطموحات قيادة «غير أمينة»، أو بالأحرى «غير مؤتمنة» على المصالح العالمية، وفي مقدمتها الأقاليم الهامشية في النظام العالمي الحالي، الذي تسيطر وتهيمن عليه مجموعة الدول الرأسمالية السبع، بزعامتها الأمريكية، الأمر الذي يضع مستقبل عالمنا العربي في مهب رياح عاتية، ليس من بين قوانينها أن تأخذ في اعتبارها مصالح الآخرين، واهتماماتهم.
ولو أخذنا التهديدات الثلاثة التي تواجه العالم حالياً، وفي القلب منها عالمنا العربي الذي ينتمي إلى أمة واحدة هي «الأمة العربية»، سنجد أن خطر انتشار الأوبئة والتهديدات المناخية، تشكل حافزاً قوياً للتكامل، نظراً لأن فداحة التهديدات تفوق قدرة أي أمة من الأمم الأربع على مواجهتها. ومن ثم يشكل هذان التهديدان حافزاً مهماً للتكامل. أما الثورة الصناعية الرابعة وفي القلب منها «الذكاء الاصطناعي»، فتجمع بين خطر التهديد، وبين تحقيق المصالح والمكاسب. فهي مصدر للخطر إذا ظلت أي أمة عاجزة عن الانخراط فيها بقوة.
كيف ستكون الاستجابة العربية لتلك التحديات، وعلى الأخص منها التحديات التي أخذت تفرضها الثورة الصناعية الرابعة، وأهمها الذكاء الاصطناعي؟ هذا هو سؤال المستقبل.
*د. محمد السعيد ادريس خبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية
المصدر | الخليجالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: العرب التحديات الاستجابة العربية المخاطر المستقبلية الذكاء الاصطناعي الثورة الصناعية الرابعة انتشار الأوبئة التغيرات المناخية الثورة الصناعیة الرابعة الاستجابة العربیة الذکاء الاصطناعی من التحدیات
إقرأ أيضاً:
«الشاي» بين الفوائد والمخاطر.. هل لا يزال كوبك اليومي آمناً؟
يُعد الشاي ثاني أكثر المشروبات استهلاكًا عالميًا بعد الماء، ويُحضر من أوراق نبتة كاميليا سينينسيس، التي تنتج أنواعه المتعددة مثل الشاي الأخضر، الأسود، الأبيض، والأولونغ، بحسب طريقة معالجتها، ومع الانتشار الواسع له كمشروب يومي، تتزايد الأسئلة حول تأثيره على الصحة العامة، خاصة بين فوائده المثبتة علميًا ومخاطر الإفراط في تناوله.
الفوائد الصحية: كنز من مضادات الأكسدة
تشير دراسات علمية متعددة إلى أن الشاي، لا سيما الأخضر منه، يحتوي على مركبات قوية مضادة للأكسدة تُعرف بالفلافونويدات والكاتيشينات، التي تسهم في:
خفض خطر الإصابة بأمراض القلب: أظهرت دراسة نُشرت في European Journal of Preventive Cardiology أن شرب الشاي ثلاث مرات أسبوعيًا على الأقل مرتبط بتحسين صحة القلب والأوعية الدموية وطول العمر.
تعزيز وظائف الدماغ: الكافيين والحمض الأميني “L-theanine” الموجودان في الشاي يعملان معًا على تحسين التركيز والانتباه وتقليل الشعور بالإجهاد الذهني.
المساعدة في إدارة الوزن: خاصة الشاي الأخضر، الذي أظهرت بعض الأبحاث أنه يسرّع من معدل الأيض ويحسن من قدرة الجسم على حرق الدهون.
خفض خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان: بفضل غناه بمضادات الأكسدة، تشير دراسات أولية إلى أن الشاي قد يساهم في تقليل خطر الإصابة بسرطان القولون والثدي والبروستاتا.
الأضرار المحتملة: كل ما زاد عن حده
رغم فوائده، فإن الشاي ليس خاليًا من السلبيات، خاصة عند الإفراط في تناوله:
اضطراب امتصاص الحديد: تحتوي مركبات التانين الموجودة في الشاي على خصائص قد تعيق امتصاص الحديد من الأطعمة، مما قد يفاقم مشكلة فقر الدم، خاصة لدى الأشخاص النباتيين أو من يعانون من نقص الحديد.
زيادة الكافيين: شرب كميات كبيرة من الشاي (أكثر من 4-5 أكواب يوميًا) قد يؤدي إلى الأرق، تسارع ضربات القلب، القلق، وحتى مشاكل في الجهاز الهضمي.
التأثير على الكلى: يحتوي الشاي على أوكسالات، وهي مركبات قد تساهم في تكوين حصوات الكلى إذا تم استهلاكها بكميات مفرطة.
التأثير على العظام: بعض الدراسات تشير إلى أن الإفراط في استهلاك الكافيين قد يساهم في تقليل كثافة العظام مع مرور الوقت، خصوصًا لدى النساء.
الشاي بالأعشاب.. هل هو بديل صحي؟
الشاي العشبي، مثل البابونج والنعناع والزنجبيل، لا يحتوي على الكافيين وغالبًا ما يكون أقل ضررًا، لكنه لا يوفر نفس مستويات مضادات الأكسدة الموجودة في الشاي التقليدي. كما يجب الانتباه إلى بعض الأعشاب التي قد تتداخل مع أدوية معينة أو تسبب ردود فعل تحسسية.
الخلاصة: الاعتدال هو الحل
يؤكد خبراء التغذية أن تناول كوبين إلى ثلاثة أكواب من الشاي يوميًا يحقق توازنًا جيدًا بين الاستفادة من فوائده الصحية وتجنب مخاطره. كما ينصحون بشربه بعيدًا عن الوجبات لضمان امتصاص أفضل للعناصر الغذائية، واختيار الأنواع الأقل معالجة للحصول على أكبر قدر من الفوائد الطبيعية.