يمن مونيتور/إفتخار عبده

كل يوم يمر على المختطفين يزيد من عنائهم ومرارة العيش لديهم، حياة خلف القضبان، بين الغياب والتعذيب النفسي والجسدي والحرمان الكبير من مقومات الحياة، ومن الأهل والأحباب… هكذا هي حياة المختطفين في اليمن، موت سريري لا نجاة منه.

كل ساعة تمر على المختطفين والمخفيين قسرا والمعتقلين تعسفا، يدفعون ثمنها غاليا من التعذيب والتجويع والانتهاكات الجسيمة التي تطالهم بشكل مستمر، والتي لا علم لهم متى نهايتها.

كانت المفاوضات بشأن ملف الأسرى بمثابة بصيص أمل لأسر هؤلاء الأسرى والمخفيين، وهي الثقب الذي يتسلل منه النور إلى الزنازين المعتمة؛ فيبعث في الأسرى والمختطفين روح الأمل بغد بلا قيود، بحياة بلا تعذيب أو حرمان.

لكنه حدث في يوم الأربعاء/ الثالث من يناير، أن أعلنت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، تأجيل مفاوضات الأسرى مع الحوثيين إلى أجل غير مسمى وذلك بعد تعنت الحوثيين وعرقلتهم للاجتماع الذي كان مزمعا انعقاده في الأردن الأسبوع الماضي.

وفي اليوم التالي اشترطت جماعة الحوثي، الحصول على ضمانات أممية، لاستئناف التفاوض مع الحكومة اليمنية بشأن الأسرى، وذلك في بيان مقتضب صادر عن رئيس لجنة شؤون الأسرى الحوثية ، عبد القادر المرتضى.

حدثت إدانات واسعة إزاء ذلك من قبل الكثير من الناشطين والحقوقيين ومتابعي أحداث هذا الملف الإنساني، والمهتمين بهذا الخصوص على رأسهم رابطة أمهات المختطفين والتي بدورها أصدرت بيانا تدين فيه التساهل بهذا الملف الإنساني.

صحافيون وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي عبروا عن استيائهم إزاء هذه المماطلة واصفين الحوثي بأنها جماعة استغلالية تتاجر بحياة المختطفين ومشاعر أسرهم، وتحول الملف الإنساني إلى ملف سياسي تكسب من ورائه.

بهذا الشأن تقول صباح حميد (رئيس رابطة أمهات المختطفين_فرع مأرب) “ندين بأشد العبارات هذه الإعاقة التي تحدث للجهود الأممية الرامية للإفراج عن المختطفين والمخفيين قسرا والمعتقلين تعسفا”.

وأضافت حميد ل “يمن مونيتور” هذه العرقلة ليست الوحيدة التي تحدث مؤخرا فقد جاءت بعد عرقلة سابقة للجولة التي كان مقرر انعقادها في نوفمبر الماضي “.

سلوك يتنافى مع القيم الإنسانية

وأكدت” هذا السلوك الاستغلالي يتنافى تماما مع القيم الأساسية لحقوق الإنسان كما أنه يعرقل كافة المساعي الرامية إلى تحقيق السلام والاستقرار في اليمن “.

وأكدت” أبناؤنا المختطفون والمخفيون قسرا والمعتقلون تعسفا لهم الحق الكامل في الحياة والحرية، وهذه من الحقوق الأساسية المكفولة للجميع والتي يجب أن تعطى لهم دون منع أو استغلال لظروف اختطافهم وحياتهم خلف الزنازين “.

وأوضحت” نحن أصدرنا بيانا دعونا فيه المجتمع الدولي للوقوف بجدية أمام هذه الممارسات التي تنتهك هذه الحقوق الإنسانية، كما دعونا للضغط على جميع الأطراف وإلزامهم بالتعاون الكامل مع الجهود الدولية والإقليمية للإفراج الفوري عن المختطفين والمخفيين قسرا والمعتقلين تعسف، وضمان سلامتهم “.

وتابعت” كما أننا نحث المجتمع الدولي على تبني تدابير حازمة لمنع حدوث أي انتهاكات لحقوق الإنسان وتأمين الحماية الكاملة للمدنيين في اليمن “.

وواصلت” نطالب وبشدة بضرورة استئناف المفاوضات التي تخص هذا الملف من أجل تحقيق السلام الشامل ولن يكون ذلك إلا إذا تم الاهتمام بملف المختطفين والمخفيين قسرا والمعتقلين تعسفا “.

بهذا السياق يصرح حمزة الجبيحي (ناشط إعلامي محرر من سجون الحوثيين ) قائلا:” تأخر المفاوضات بشأن المختطفين يعبر عن استمرار الاختطاف والإخفاء القسري وهذه المماطلة في الحلول لهذا الملف الإنساني ستؤدي- بلا شك- إلى تفاقم المعاناة الإنسانية للمختطفين داخل السجون ولأهاليهم خارج تلك السجون “.

إحباط كبير للمختطفين

وأضاف الجبيحي ل” يمن مونيتور “عرقلة المفاوضات ستأتي بالإحباط الكبير لمن يعيشون خلف الزنازين ينتظرون الإفراج عنهم، ليس هذا وحسب؛ بل إن مليشيا الحوثي ستكمل من تبقى من عناء لهذه الفئة، ستنتهز المليشيات هذه الفرصة لتخبر المختطفين أن لا أحد يسأل عنهم ولا يهتم لأمر خروجهم سواء كانوا من الأهل والأقارب أو كانت الشرعية كحكومة وسلطة مسؤولة عنهم”.

وأردف “أمهات المختطفين يعشن العناء نفسه، عناء مليء بالقلق والخوف من المستقبل المجهول الذي ينتظرنه مع أبنائهن المختطفين والمخفيين قسرا، وهناك منظمات ترصد ما تعانيه أسر المختطفين من عناء مرير إلا أنه هناك تماه كبير من قبل المجتمع الدولي بخصوص هذا الملف الإنساني”.

متاجرة بالملف الإنساني

وتابع “الحوثيون اليوم يتعاملون مع هذا الملف على أنه ملف سياسي بامتياز ولهذا هم يبتزون به العالم والمجتمع الدولي ويجعلون من هذا الملف مصدرا للابتزاز والمتاجرة بهذا الملف؛ ولذا هم لا يريدون أن يتم إخلاء سبيل المختطفين؛ لأنهم ورق رابحة بالنسبة لهم”.

وأشار إلى أن “مليشيا الحوثي لا تستخدم الصدق إطلاقا وهذا لا يوجد في قاموسها، إنها تتلاعب بكل شيء تجده أمامها، تستغل كل شيء وتعيده لصالحها حتى وإن كان ذلك على حساب حياة مئات من الأسر، ما يهمها فقط هو أن تستمر في هيمنتها وفرض قوتها وليذهب الجميع إلى الجحيم؛ لذا فالبحث عن بصيص أمل لسلام مع الحوثيين يعد مضيعة للوقت والجهد”.

وشدد الجبيحي “يجب على الحكومة الشرعية أن تطالب بضم عدد من مفاوضي وفد الحوثيين إلى قائمة الإرهاب، أما أن يكون المرتضى رئيسا لوفد الحوثيين فهنا تكون قمة الاستهتار، أن يكون رئيسا لوفد الحوثيين من يقوم بتعذيب الأسرى بكل همجية، ولقد رأيته بأم عيني وهو يقوم بتعذيب الأسرى، رأيته يبطش بهم برجله ويده وهذا ليس كلاما يقال وإنما شهادة عين، مثل هذا الشخص لا يعول عليه أن يمسك ملفا إنسانيا على الإطلاق”.

وواصل “من الضروري أيضا أن يتم تكثيف الحملات الإعلامية والمشاركة في المؤتمرات الدولية للحديث عن هذا الملف، ومن الضروري جدا أن توجد ضمن الشخصيات المتفاوضة والتابعة للحكومة الشرعية أن تكون هناك شخصيات ممن ذاقوا الويلات داخل سجون الحوثي؛ لأنهم على دراية كاملة بما يحدث في السجون، وليتم التعامل مع هذا الملف بكل حزم واهتمام وإيصال رسالة المختطفين للعالم بكل وضوح”.

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: المختطفين اليمن

إقرأ أيضاً:

كاتب أمريكي يرصد أوجه الخلاف بين واشنطن وتل أبيب حول الملف السوري

سلّط الكاتب والصحفي الأمريكي، روبرت وورث، الضوء على التحولات الجيوسياسية المتسارعة في الشرق الأوسط عقب سقوط نظام المخلوع بشار الأسد في سوريا، مشيرا إلى خلاف آخذٍ في الاتساع بين الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي بشأن مستقبل سوريا ودور الرئيس الجديد أحمد الشرع.

وفي حوار مع فريد زكريا، المذيع في شبكة "سي إن إن"، أشار وورث، المساهم في مجلة "ذا أتلانتيك"، إلى أن سوريا لا تزال بلدًا منكوبًا بعد أكثر من عقد من الحرب الأهلية، تخللته عقود من الحكم الاستبدادي والعقوبات الدولية. 

وقال: "سوريا لا تزال في حالة صدمة شديدة، لا سيما بعد انهيار ديكتاتورية الأسد في كانون الأول/ديسمبر الماضي"، موضحا أن الأغلبية السنية تشعر اليوم بشيء من التحرر، بعد أن كانت لعقود ضحية لحكم أقلية علوية.

غير أن البلاد، وفق وورث، لا تزال تئن تحت وطأة الانقسام والدمار، وسط قلق بالغ يخيّم على الأقليات مثل العلويين والمسيحيين والدروز، في ظل غياب الاستقرار المؤسسي.

As the US backs Syria’s new president, Israel bombed Damascus last week. I spoke with @TheAtlantic’s @robertfworth about the shifting alliances shaping the Middle East in a post-Assad world. pic.twitter.com/1ZVfoGwDct — Fareed Zakaria (@FareedZakaria) July 27, 2025
واشنطن تتبنى "الشرع".. وتحول في موقف ترامب
وعن الموقف الأمريكي من سوريا الجديدة، أوضح وورث أن إدارة الرئيس دونالد ترامب – في ولايته الثانية – كانت في البداية تميل إلى تجنب الانخراط في الشأن السوري، واعتبرت البلاد "ساحة خطرة لا تحتمل التدخل". غير أن زيارة ترامب إلى الخليج في أيار/مايو الماضي غيّرت هذا الموقف جذريا، بعد لقاءات مع قادة خليجيين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وبحسب وورث، فقد دفعت هذه الأطراف باتجاه دعم حكومة مركزية قوية في دمشق، والتخلي عن سيناريو التقسيم، محذّرة من السماح للأقليات المسلحة بالتحول إلى نموذج يحتذى به، في ظل مخاوف خليجية وتركية من انتقال عدوى التمرد إلى الداخل.

وتابع وورث: "طرح القادة الخليجيون على ترامب فكرة احتضان أحمد الشرع، الرئيس الجديد لسوريا، وقد وافق ترامب والتقى به في الرياض، بل وأبدى إعجابه بشخصيته القوية والجذابة"، مشيرًا إلى أن ترامب لمح بشكل غير مباشر إلى أن ماضي الشرع الجهادي قد يكون دافعًا لقوته الحالية.

الاحتلال: لا ثقة بـ"الشرع" رغم العداء المشترك لإيران
في المقابل، اعتبر وورث أن الموقف الإسرائيلي يختلف جوهريا عن الموقف الأمريكي والعربي، حيث تنظر تل أبيب بعين الريبة إلى الشرع، رغم الترحيب بسقوط الأسد باعتباره حليفًا استراتيجيًا لإيران.

وقال: "الإسرائيليون يرون في الشرع شخصية لا يمكن الوثوق بها. ورغم طرده لإيران من سوريا بعد توليه السلطة، فإن تاريخه الجهادي يثير مخاوف حقيقية لدى دوائر صنع القرار في تل أبيب"، مضيفًا أن الاحتلال الإسرائيلي تبنى منذ كانون الأول/ديسمبر الماضي نهجا أحاديا يقوم على توجيه ضربات استباقية داخل الأراضي السورية، تستهدف مخازن الأسلحة وأي أهداف تُعتبر تهديدًا لأمنها.

وأوضح وورث أن الاحتلال تاريخيًا، كان يرى أن أمنه يتعزز حين يكون جيرانه العرب ضعفاء ومفتتين، وهو ما ينعكس في سلوكها الحالي تجاه سوريا.


"الشرع" يربك الاحتلال.. وتركيا تتهيأ 
ورأى وورث أن ظهور أحمد الشرع على رأس السلطة في دمشق أضاف عنصرا مربكا في الحسابات الإسرائيلية، خاصة في ظل خلفيته "الإسلامية-الجهادية" التي تثير القلق، رغم مؤشرات براغماتية أظهرها خلال السنوات التي قاد فيها محافظة إدلب.

وأوضح أن الشرع، خلال قيادته لإدلب، خفف من حدة الفوضى، وفرض سلطته على الجماعات المسلحة، وبدأ بتشكيل نواة جيش وطني، مما جعله شخصية أكثر براغماتية وانفتاحًا. 

وأردف: "من اللافت أنه، خلافًا للأيديولوجيات السائدة في فصائل المعارضة السورية، لم يظهر عداءً صريحًا تجاه إسرائيل، بل ألمح إلى استعداده للحوار".

أما تركيا، فيرى وورث أنها بدأت تُدرك أن لحظتها قد حانت للعب دور محوري في سوريا الجديدة، بعد سنوات من رعاية الفصائل السورية المعارضة، خاصة في إدلب. 

وقال: "أنقرة كانت الداعم الرئيسي للشرع في الشمال الغربي من سوريا، وقدمت له كل ما يلزم من دعم لوجستي واستخباراتي".

واختتم فريد زكريا حواره بالقول إن ما يجري في سوريا يشير إلى تحوّل في موازين القوى الإقليمية، حيث يتبنى الاحتلال الإسرائيلي نهجًا أحاديًا ومتشدّدًا يفتقر إلى أي مرونة دبلوماسية، مقابل سعي الدول العربية وتركيا إلى إعادة تشكيل النظام السوري على أسس أكثر استقرارًا وانفتاحًا.

أما روبرت وورث، فأكد أن المنطقة تمر بمرحلة تشهد ديناميكيات جديدة، تتبلور فيها خلافات غير مسبوقة بين الاحتلال من جهة، ودول الخليج وتركيا والولايات المتحدة من جهة أخرى. 
وأضاف: "سوريا اليوم ليست فقط ساحة إعادة إعمار، بل أيضًا ساحة إعادة تموضع استراتيجي ستؤثر في الشرق الأوسط بأسره".


مقالات مشابهة

  • وزارة الزراعة والأسماك تبحث مع القائم بأعمال السفير الصيني باليمن زيادة صادراتنا الزراعية والسمكية للصين
  • أرحب تمهل الحوثيين وتُلوّح بالثأر لمقتل أحد وجهائها واختطاف أبنته
  • «خامنئي»: الغرب يستغل الملف النووي كذريعة للاصطدام مع إيران
  • ضبط المتهم بالادعاء باصطدام السيارات به لابتزاز أصحابها.. فيديو
  • نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة يؤدون اليمين أمام الرئيس عون
  • الأوراق المطلوبة للتقديم في جامعة الأزهر.. جهز الملف من الآن
  • عاجل | الأردن والمانيا تطلقان جسرًا جويًا إنسانيًا إلى غزة
  • كاتب أمريكي يرصد أوجه الخلاف بين واشنطن وتل أبيب حول الملف السوري
  • نائب:الإتفاق بين بفداد وأربيل بشأن الرواتب وقتياً
  • تحليل أمريكي: السعودية تدرك فشل حربها ضد الحوثيين باليمن