تقوم إسرائيل بتسميم قطاع غزة وسكانه من تحت وفوق الأرض، وسيصبح منطقة خالية من السكان، وسيستغرق الأمر حوالي 100 عام للتخلص من الآثار البيئية للحرب الإسرائيلية المتواصلة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بحسب تحليل لجوشوا فرانك، وهو كاتب وصحفي أمريكي متخصص في التحقيقيات الاستقصائية.

وقال فرانك، في تحليل بموقع "ريسبونسبل ستيتكرافت" الأمريكي (Responsible Statecraft) ترجمه "الخليج الجديد"، إن إسرائيل مدت أنابيب لضخ مياه من البحر الأبيض المتوسط داخل الأنفاق تحت الأرض في غزة، بهدف إغراق الأنفاق ومنع حركة "حماس" من استخدامها.

وأضاف أن "هذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها أنفاق حماس للتخريب بمياه البحر، ففي عام 2013، بدأت مصر بإغراق الأنفاق (تحت الحدود بين مصر وغزة)، التي يُزعم أنها تُستخدم لتهريب البضائع بين سيناء المصرية وغزة (المحاصرة منذ عام 2006)".

و"على مدار أكثر من عامين، ظلت المياه من البحر المتوسط تتدفق إلى شبكة الأنفاق، مما أحدث دمارا كبيرا في بيئة غزة، إذ سرعان ما تلوثت إمدادات المياه الجوفية بالأملاح، وأصبحت التربة مشبعة وغير مستقرة، مما تسبب في انهيارات أرضية قتلت العديد من الأشخاص"، وفقا لفرانك.

وأردف: "وتحولت الحقول الزراعية الخصبة إلى حفر مملحة من الطين، وتدهورت مياه الشرب النظيفة، التي كانت تعاني بالفعل من نقص في غزة (حيث يعيش نحو 2.4 مليون فلسطيني)".

اقرأ أيضاً

إغراق الأنفاق.. خطة إسرائيلية تقضي على الزراعة والمياه الجوفية بغزة

تلويث المياه الجوفية

وبحسب جوليان شيلينجر، الباحثة في جامعة توينتي بهولندا، "فإننا لا نتحدث هنا فقط عن مياه تحتوي على نسبة عالية من الملح، فمياه البحر على طول ساحل البحر المتوسط ملوثة أيضا بمياه الصرف الصحي غير المعالجة".

وقال فرانك إن إسرائيل تهدف إلى "زيادة تدهور وتدمير طبقات المياه الجوفية في غزة (الملوثة بالفعل بمياه الصرف الصحي المتسربة من الأنابيب المتهالكة)، ولقد اعترف مسؤولون إسرائيليون علنا بأن هدفهم هو ضمان أن تصبح غزة مكانا غير صالح للعيش بمجرد إنهاء حملتهم العسكرية".

وتابع: "وكأن قصفها العشوائي، الذي أدى بالفعل إلى إتلاف أو تدمير نحو 70% من منازل غزة، لم يكن كافيا، فإن ملء الأنفاق بالمياه الملوثة سيؤدي إلى تضرر بعض المباني السكنية المتبقية".

وقال عبد الرحمن التميمي، مدير مجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين (أكبر منظمة غير حكومية تراقب التلوث في الأراضي الفلسطينية)، إن غمر الأنفاق بالمياه الجوفية الملوثة "سيتسبب في تراكم الأملاح وانهيار التربة؛ مما يؤدي إلى هدم آلاف المنازل الفلسطينية في القطاع المكتظ بالسكان"، محذرا من أن إسرائيل الآن "تقتل البيئة".

اقرأ أيضاً

وول ستريت جورنال: إسرائيل بدأت ضخ مياه البحر في أنفاق حماس بغزة

تدمير الأرض الزراعية

فرانك قال إنه "من نواحٍ عديدة، بدأ الأمر برمته بتدمير بساتين الزيتون الخضراء، فمنذ 7 أكتوبر (الماضي)، توقف حصاد الزيتون في غزة".

وأضاف أن "تكتيكات الأرض المحروقة التي اتبعتها إسرائيل أدت إلى تدمير عدد لا يحصى من بساتين الزيتون، وتؤكد صور أقمار صناعية تم نشرها في أوائل ديسمبر/كانون الأول (الماضي) أن 22% من الأراضي الزراعية في غزة، وبينها عدد لا يحصى من بساتين الزيتون، قد دُمرت بالكامل".

وتابع: كما أن "إسرائيل تسمم غزة من السماء، إذ تظهر مقاطع فيديو، حللتها منظمة العفو الدولية وأكدتها صحيفة واشنطن بوست، قنابل فسفور أبيض تنهمر على المناطق الحضرية المكتظة بالسكان".

وحذر من أن "الفوسفور الأبيض سام وخطير على صحة الإنسان، وإسقاطه على البيئات الحضرية غير قانوني بموجب القانون الدولي (...) وتركيزات كبيرة منه لها أيضا آثار ضارة على النباتات والحيوانات، ويمكن أن يعطل تكوين التربة، مما يجعلها حمضية للغاية لزراعة المحاصيل".

وشدد فرانك على أن "العنف الذي تمارسه إسرائيل على الفلسطينيين، والمدعوم من الرئيس (الأمريكي جو) بايدن وفريقه للسياسة الخارجية، لا يشبه أي شيء شهدناه سابقا، إذ تقوم إسرائيل بتسميم غزة وسكانها وتحويل القطاع إلى جحيم غير قابل للعيش فيه، وسيكون تأثيره محسوسا لأجيال قادمة".

اقرأ أيضاً

الحرب على غزة.. ماذا يعني استخدام إسرائيل للفسفور الأبيض؟

المصدر | جوشوا فرانك/ ريسبونسبل ستيتكرافت- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: المیاه الجوفیة فی غزة

إقرأ أيضاً:

كاتب عبري .. الرهان على “نصر مطلق” أو “محو حماس” ليس سوى هروب من الواقع

#سواليف

في مقال نُشر بصحيفة “يديعوت أحرونوت” الصادرة بالعبرية، أكد الكاتب الإسرائيلي #ميخائيل_ميلشتاين أن #إسرائيل، وبعد مرور أكثر من 3 أشهر ونصف الشهر على استئناف العدوان على قطاع #غزة، تجد نفسها واقفة في ذات المفترق الإستراتيجي الذي واجهته قبل عام.

وأوضح أن إسرائيل، بعدما خاضت حربا دامية بلا إنجاز حاسم، وخسرت جنودا وأموالا ودعما دوليا، اكتشفت في النهاية ألا سبيل أمامها سوى أحد خيارين كلاهما مرّ: إمّا اجتياح شامل لغزة بكل ما يحمله من عواقب، أو التوجه إلى تسوية تُنهي #الحرب مقابل #انسحاب و #تنازلات.

ويشير الكاتب إلى أن إسرائيل دخلت الحرب بشعار #تدمير حركة المقاومة الإسلامية ( #حماس ) و #تحرير_الأسرى، لكنها لم تحقق أيًّا من الهدفين.

مقالات ذات صلة الجيش يحبط محاولة تهريب مواد مخدرة بواسطة طائرة مسيّرة 2025/07/03

وأكد أن حماس لا تزال تُدير المعركة وتُمسك بزمام السلطة داخل القطاع، فلا فوضى في غزّة كما تروّج بعض الجهات الإسرائيلية، ولا وُلدت سلطة بديلة، ولا خفّف الضغط العسكري من موقف الحركة في قضية الأسرى، بل إن كل المشاريع الموازية، وعلى رأسها توزيع المساعدات وتسليح المليشيات، تراوحت بين الفشل والتخبط.

ذات المعضلة
ويوضح الكاتب أن إسرائيل تُعيد إنتاج ذات المعضلة التي واجهتها خلال وجودها في جنوب لبنان قبل انسحابها عام 2000: البقاء في مستنقع دموي، أو الخروج باتفاق غير مُرضٍ سياسيا.

وحتى النموذج “المحدّث” الذي اعتمدته منذ نهاية 2024، والمتمثل في تنفيذ ضربات متفرقة ضد حزب الله دون التورط في اجتياح، يبدو أنه بعيد المنال في غزة حاليا، حيث تُراكم الحكومة الإسرائيلية أخطاءها عبر الاستنزاف الطويل.

وفي خضم هذه الأزمة، تتغذى الساحة السياسية على “أوهام التفاؤل”، كالحسم القريب أو بناء كيانات بديلة داخل غزة أو حتى إعادة تنفيذ خطة ترامب التي تقوم على تفريغ القطاع من سكانه.

ويشير ميلشتاين إلى أن كل هذه التصورات غير واقعية، إذ لم تُبدِ أي دولة عربية أو أجنبية استعدادا لتحمّل عبء القطاع، ولا توجد أطراف قادرة على ملء فراغ السلطة إذا تم إسقاط حماس.

تغيير الواقع في غزة يتطلب 3 ركائز أساسية: خطة مفصّلة وواقعية، وإجماعا داخليا واسعا، ودعما خارجيا صلبا، وهي غير متوفرة اليوم. وفي غياب هذه الشروط، فإن الرهان على “نصر مطلق” أو “محو حماس” ليس سوى هروب من الواقع

التحديات الحقيقية
ويحذّر الكاتب من أن الانشغال في غزة يأتي على حساب التحديات الحقيقية، وأبرزها التهديد الإيراني، فعملية “الأسد الصاعد” الأخيرة ضد طهران حققت إنجازا مهما في ضرب برنامجها النووي، لكنها ليست نهاية المعركة.

وتوقع أن تسعى إيران سريعا لترميم قدراتها النووية والصاروخية، مما يتطلب يقظة إسرائيلية وتركيزا إستراتيجيا، لا حرب استنزاف في غزة تُنهك الجيش وتستنزف الاحتياط وتُثير الانقسامات الداخلية والانتقادات الدولية.

ويضيف أن مواصلة الحرب قد تُفشل الانفتاح الإقليمي الجاري، لأن ضم الأراضي وإعادة الاستيطان في غزة يضعان مستقبل هذا الانفتاح في مهب الريح، ما يعمّق التوتر مع واشنطن، ويُقوّض رؤية ترامب لتشكيل شرق أوسط جديد.

تحول ضروري
ويشيد الكاتب بظهور ما يصفه بـ”الواقعية السياسية” في بعض أروقة المؤسسة الأمنية، حيث يجري الآن التفكير بتسوية تشمل إنشاء “منطقة آمنة” على طول الحدود، وترتيبات أمنية في ممر فيلادلفيا، مع الحفاظ على حرية الحركة العسكرية الإسرائيلية داخل غزة عند الحاجة.

ويرى أن هذا التوجه يعكس تراجعا عن شعار احتلال غزة بالكامل أو إسقاط حماس، وهو تراجع “عقلاني” يجب أن يُقرأ كتحول ضروري وليس كمؤشر على الضعف.

ويتابع ميلشتاين موضحا أن التمسّك بشعارات من قبيل “يجب ألا نترك النازيين على الحدود”، يُدخل إسرائيل في مأزق أخلاقي وإستراتيجي، فاستمرار الاحتلال يعني إدارة شؤون أكثر من مليوني فلسطيني في بيئة عدائية، مع تصاعد مقاومة شعبية ومخاطر الانفجار الأمني، دون أي ضمان لتحرير الأسرى أو تحسين الموقف الإستراتيجي إزاء إيران.

وفي ختام المقال، يرى الكاتب أنه من الضروري الاعتراف بأن تغيير الواقع في غزة يتطلب 3 ركائز أساسية: خطة مفصّلة وواقعية، وإجماعا داخليا واسعا، ودعما خارجيا صلبا، وهي غير متوفرة اليوم.

وفي غياب هذه الشروط، فإن الرهان على “نصر مطلق” أو “محو حماس” ليس سوى هروب من الواقع.

مقالات مشابهة

  • كيميتش: وفاة جوتا تؤثر على البايرن أيضاً!
  • بمرتبات تصل لـ10 آلاف جنيه.. فرص عمل فى مترو الأنفاق ‏
  • تحليل أمريكي: هل لايزال الحوثيون يمتلكون الجرأة لمنع الملاحة في البحر الأحمر؟ (ترجمة خاصة)
  • مشروع قانون أمريكي يقترح تزويد إسرائيل بقاذفات B-2 وقنابل خارقة لدرء أي تهديد إيراني
  • طلاب الثانوية العامة بالفيوم: امتحان الكيمياء صعب وفوق المستوى.. والجغرافيا سهلة
  • كاتب عبري .. الرهان على “نصر مطلق” أو “محو حماس” ليس سوى هروب من الواقع
  • حريق بشنين: النفايات تشتعل… والسياسة أيضاً!
  • يستهدف التصدير.. الوزير يبحث مع ألستوم إنتاج الأنظمة الكهربائية
  • كاتب إسرائيلي: عدنا إلى نقطة الصفر في غزة
  • تسمم غذائي ينهي حياة أستاذ بالجديدة