من كان يصدق أن حي ودنوباوي الابن البكر لأمدرمان العريقة يمكن أن يُحتل ويُخلى ويُسرق وتُعدم فيه الخطى نحو المساجد والمكارم والتواصل الحميد بكل هذه السهولة والتفريط. من كان يُصدق أن هذا الحي الموّار بالحياة يمكن أن يُصبح واحداً من أشهر الأطلال المشهودة في الشهور البائسة التي عاشتها بلادنا بعد مزلة الاجتياح الأعمى.

من كان يصدق بعد انكشاف المستور وبعد خروج هذه القوى المارقة، أنهم قاموا بتدبيرٍ مجرم باقتحام منزل أو بالأحرى خلوة الوالد الحاج خوجلي محمد حسن والوالدة الشريفية زينب طه حفيدة الشهيد العارف الشريف أحمد ود طه. اقتحموه وسرقوه وتملكوا بالحرام كل مقتنياته ومن ضمنها المكتبة العامرة التي كان يحتفظ بها شقيقنا الأكبر وعميد الأسرة الراحل شيخ العرب حسن خوجلي، وكانت تحتوي مجموعة مقدرة من مكتبة بروفيسور حيدر خوجلي والأديب المؤرخ عبد الله خوجلي والشهيد الدكتور عبدالاله خوجلي وجزء من مكتبتي الخاصة وقد أضاف لها سراج ومحمد ونجاة الكثير، وقد رفض الراحل حسن خوجلي ترحيلها بعد تخرجنا من هذا البيت العريق إلى بيوتنا الخاصة، وذلك للذكرى والفائدة العامة مع كثير من الوثائق والصور والذكريات.

لم يكن مجرد منزل بل كان قلعة من المآثر والفضائل الحقيقية وحب الآخرين ومن ديوانه وخلوته تخرج مئات الطلاب، والالاف من الضيوف والمرضى وأصحاب الحاجات والمسافرين، الذين تعلمنا منهم البِّشر والبشرى وكل مافي الناس من فيوضات المشاعر والإنسانية التي لا يسربلها المن ولا الأذى، بل أننا اكتسبنا منه وفيه آلاف المعارف والأصدقاء والأصحاب من كل أصقاع السودان ومن قبل ومن بعد صاروا أعواناً على الدين والدنيا.

وبعد أن قاموا هؤلاء الأوغاد بكل عمليات النهب والسلب تجرأوا على هدمه وإحراقه وكأنهم أرادوا بالفعلة النكراء أن يقولوا للناس إن هذا البيت الرامز المدمر هو عنواننا للسودان الديمقراطي الذي نبشرُ به. وبعض العزاء العامر الذي يصلنا عبر الميديا في المنافي أن الأحباب الذين صابروا واصطبروا كانوا يطوفون على الطلل المبارك وهم يرددون:
ما حطموك ولكن بكَ حُطِّموا
من ذا يحطمُ رفرف الجوزاءِ
أما العزاء الكبير على هذا الحزن العميق هو إيماننا الراسخ بأن سودان ٥٦ الذي يعرفنا ونعرفه عائد، وأن الفكرة الرمادية في أذهان شعبنا سوف تغادر إلى الأبد، وأن المبدئيين وأهل الوسطية والاعتدال وحدهم هم الذين سوف يبنون السودان الجديد، وسوف يمزقون إلى الأبد أكذوبة المدني والعسكري. فكل أمةٍ فصمت العلاقة ما بين القلم والبندقية اختارت لنفسها أكبر مقبرة في عراء الحضارات.

وأخيراً من قال أن المنازل لا تبكي ولا تحسُ كما يبكي ويحسُ الناس. عزيزي منزل الحاج خوجلي والحاجة زينب ومهوى قلوب حارة القرشاب بودنوباوي دعنا نرفع النشيد والهتاف:
لكِ يا منازلُ في القلوبِ منازلُ
أقفرتِ أنتِ وهُنّ منكِ أواهلُ

حسين خوجلي

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

المخرج عصام نصار يوجه رسالة لـ إلهام شاهين .. تعرف عليها

وجه المخرج عصام نصار رسالة محبة وتقدير للفنانة إلهام شاهين، مؤكدًا أنه يتمنى التعاون معها مجددًا، قائلًا: أتمنى أشتغل مع إلهام شاهين تاني.

وأضاف خلال استضافته عبر برنامج الستات مايعرفوش يكدبوا المذاع على قناة CBC وتقدمه الاعلاميتين هبة الأباصيري ومها بهنسي أن الجيل الجديد من الفنانين مميز، وأنه لا يمانع العمل مع أي موهبة شابة، موضحًا: "كلهم حلوين وممتازين، وإحنا طول الوقت بنحب نجيب ناس جديدة تقف قدام الكاميرا، وده حصل مؤخرا في مسلسل ٢ قهوة".

وأشار المخرج عصام نصار إلى أنه لا يمتلك أي رغبة في خوض تجربة التمثيل، متابعًا: مش بعرف أمثل ومجربتش وموهبتي الحقيقية ورا الكاميرا.

وأكد المخرج عصام نصار أن مسلسل 2 قهوة يناسب العائلة، قائلا: ينفع العائلة كلها تتجمع قدامه مافيش اي قلق من أي مشاهد فيه.

طباعة شارك إلهام شاهين عصام نصار 2 قهوة

مقالات مشابهة

  • هدم أجزاء من منزل آيل للسقوط في الأغوار بعد انهيار مفاجئ دون إصابات
  • حسين فخري باشا.. القائد الذي دمج التعليم والبنية تحتية بروح مصرية
  • بعد وفاته.. موعد ومكان عزاء الفنان سعيد مختار
  • الزمالك يوافق على رحيل حسام عبد المجيد للاحتراف الأوروبي
  • في سهرة الخميس… اصنع شاي الكرك مع العائلة والأصدقاء
  • حسين الشحات: شارة القيادة شرف.. وروح العائلة في الأهلي تصنع النجوم
  • نجوم الكرة يقدمون واجب العزاء في والدة وائل القباني.. صور
  • أبرزهم مجدى عبد الغني.. نجوم الرياضة في عزاء والدة وائل القباني لاعب الزمالك السابق
  • الكنيسة الأرثوذكسية تُحدد خطوات تسجيل حضور قداس عيد الميلاد المجيد 2026
  • المخرج عصام نصار يوجه رسالة لـ إلهام شاهين .. تعرف عليها