الشحنات الكهربائية.. تحدٍّ جديد لأطفال اليمن (تقرير خاص)
تاريخ النشر: 14th, January 2024 GMT
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من هبة التبعي
يواجه أبناء اليمن تحديًا جديدًا وملحوظًا يتمثل في انتشار الشحنات الكهربائية في دماغ الأطفال، خصوصًا بعد إندلاع الحرب في البلاد، يعد هذا التحدي الصحي تحديًا إضافيًا يُضاف إلى العديد من التحديات الأخرى التي يعاني منها أطفال اليمن خلال السنوات الأخيرة.
يشير مفهوم زيادة شحنات كهرباء الدماغ إلى اضطراب في إفرازات الكهرباء في الدماغ؛ مما يؤدي إلى عدم انتظام في النشاط الكهربائي المتعلق بالمخ.
وبحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية، يعاني حوالي 50% من سكان العالم من هذه الشحنات الكهربائية التي يطلقها بعض خلايا الدماغ.
لكن في اليمن، ساهمت الحرب بشكل واضح في زيادة انتشار هذه المشكلة، خاصة في مدينة تعز ذات الكثافة السكانية العالية، والتي تشهد حصار حوثي منذ ثمانية أعوام، فقد سُجلت 710 حالة زيادة في شحنات كهرباء الدماغ في مستشفى الأمراض النفسية في
المحافظة خلال عام 2023، وسُجلت 600 حالة في هذا العام في جمعية المعاقين في مديرية صالة، وفقًا لمكتب الصحة في تعز (حكومي).
معاناة الأطفال
تعيش الماس، التي تبلغ من العمر ست سنوات، وقمر، البالغة من العمر عامين، مع تحميل شحنات كهربائية زائدة في أدمغتهما.
ومنذ سنوات، تتابع والدتهما، هيفاء الشرعبي، العلاج لهما وتشعر بالإرتباك حيال أسباب هذا المرض الذي جعل ابنتيها يعانيان منه.
تروي هيفاء قصتها لـ”يمن مونيتور” قائلة: “عندما حدثت النوبة الأولى للماس عندما كانت في الثانية من عمرها، اعتقدت أنني فقدت ابنتي فعلاً، لأنني كنت غير ملمة بالمرض والنوبات المروعة التي تعاني منها”. بعد الفحص الطبي وإجراء فحص الدماغ والتشخيص المتعدد، تبين أن الماس وقمر يعانيان من زيادة في تفريغ الشحنات الكهربائية في الدماغ.
تضيف هيفاء: “هناك العديد من العوامل التي تزيد من تأثير المرض على ابنتي، وتزيد من احتمالية حدوث النوبات لديهما، مثل الضغوط النفسية التي يتعرضان لها عندما يصرخ عليهما أحدهما أو يمنعهما من شيء يريدانه، أو حين يتعرضان لانتقادات من معلمتهما في المدرسة.
تتأثر نفسية الماس بشدة في هذه الحالات، حيث تتورم عيناها وتصبح حمراء، وتعاني من الغثيان والصداع الحاد. إلى جانب ذلك، فإنهما يعانيان من فقدان الذاكرة وصعوبة في التركيز”.
“أعراض مفزعة”
تشمل الأعراض الشائعة الشعور بالغثيان والقيء المستمر، والاكتئاب، وفقدان القدرة على التركيز. في حالات أكثر تقدمًا، قد يحدث اضطراب في السمع والرؤية، يمكن أيضًا أن يظهر زيادة في النشاط الحركي وتشنجات في الحنجرة واختلال في درجة حرارة الجسم والتبول اللاإرادي، كما ذكرت صحيفة ” عمون” المتخصصة.
وتزيد النوبات المرعبة التي تصاحب هذا المرض من خوف الآباء والأمهات. تتمثل تلك النوبات في رعشة
وتشنجات مفاجئة في الجسم، واضطراب في النطق، والتأتأة، ودوخة طويلة الأمد. هذه النوبات تسبب قلقًا كبيرًا للعائلات التي تواجه هذا المرض.
“حديثو الولادة”
في سياق متصل، قالت الدكتورة هبة الجبالي، في مقابلة مع موقع “altibbi” الطبي، إن الكهرباء عند الرضع تحدث نتيجة لإصابة الجمجمة بالتشوهات أو الرضوض أو الإصابة، كما يمكن أن تحدث بسبب نزيف الدماغ أو وجود ورم في المخ أو التهاب السحايا.
أجرى علي الحاج دراسة في مدينة تعز في الفترة من 2015 إلى 2019، وخلص الحاج، الذي يعمل نائب منسق البرنامج الوطني للصحة النفسية في مكتب الصحة والسكان في تعز، إلى أن تعسر الولادة في المنازل ضاعف من هذه الظاهرة؛ وذلك بسبب صعوبة وصول النساء الحوامل القادمات للمستشفيات المجهزة ويرجع ذلك لسيطرة ميليشيات الحوثي على بعض المناطق والمعابر الهامة في تعز.
يفيد الحاج في تصريح لـ “يمن موينتور”: “عندما يحدث تعسر في الولادة وينقطع الأكسجين عن الطفل لبضع ثوانٍ، يتسبب ذلك في حدوث الكهرباء أو الشلل في بعض الأحيان”.
وأشار الحاج في دراسته إلى أن انقطاع الأكسجين في المناطق الصحية يحدث بسبب صعوبة وصول الأكسجين إلى المستشفيات بسبب الحصار الذي تعاني منه المدينة منذ سنوات.
بالإضافة إلى سوء التغذية الناجم عن الحرب، وهو عامل آخر يلعب دورًا في انتشار حالات الكهرباء عند الأطفال في اليمن.
وقال الحاج للموقع: “عدم توفر التغذية الجيدة للأم الحامل وعدم متابعتها الجنين خلال فترة الحمل يجعل الطفل عرضة لحدوث الكهرباء، بالإضافة إلى إصابة الأم بفقر الدم أو الالتهابات، وهذا يعتبر سببًا غير مباشر لحدوث الكهرباء عند الطفل”.
“الآثار النفسية”
تعاني لجين محمد، البالغة من العمر 12 عامًا، من زيادة في شحنات الكهرباء في الدماغ منذ سنة واحدة؛ مما يؤثر على صحتها النفسية.
تعيش لجين في صنعاء وتعاني من اكتئاب وحالة نفسية سيئة بسبب عدم مشاركتها في التعليم، وقضاء وقتها كاملا في المنزل
تسبب الشحنات الكهربائية توترًا وقلقًا ونوبات مفاجئة يجعلها تعيش في عزلة وتتجنب التفاعل مع أقرانها.
تؤكد أحلام المتوكل وهي أخصائية نفسية في حديث خاص لـ ” يمن مونيتور”، بأن التأثيرات النفسية للكهرباء الزائدة في الدماغ كثيرة منها الاكتئاب، القلق، التوتر، العصبية، والانفعال الزائد.
“تضيف المتوكل “العلاج والأدوية يساعدان في تخفيف هذه الأعراض التي تنجم عن التغييرات العضوية البسيطة في المخ، التي تؤثر أيضًا على المهارات اللغوية والذاكرة والتفكير”.
وتقول “إن الشحنات الزائدة في الدماغ تسبب للأطفال المتأثرين مشاكل اجتماعية وتحرجهم أمام أقرانهم؛ مما يزيد من التوتر والقلق وقد يؤدي إلى حدوث نوبات مفاجئة.
“مخاطر متفاقمة”
تأتي قصص مأساوية للوفيات والإعاقات الجسدية الدائمة التي يمكن أن تكون الشحنات الكهربائية الزائدة سببًا غير مباشر فيها.
خلال لعب وسيم الهلالي، البالغ من العمر 11 عامًا، مع أصدقائه في قريتهم بمحافظة إب، حدثت نوبة غير متوقعة من الشحنات الكهربائية وسقط أسفل التلة.
نتيجة هذه الواقعة، يعاني وسيم من إعاقة دائمة تشمل شلل في إحدى يديه وصعوبة في حركة قدميه.
تحذر الدكتورة الجبالي، الأخصائية المخبرية في الجامعة الهاشمية، من أن عدم معالجة الشحنات الكهربائية الزائدة في الدماغ يمكن أن يتسبب في تعقيدات متعددة، بما في ذلك صعوبات التعلم والتهاب الرئة نتيجة استنشاق الطعام أو اللعاب أثناء النوبات.
“الشحنات الكهربائية والصرع”
نشر الدكتور أحمد الغيطي على مدونته الطبية الخاصة الفرق بين الشحنات الكهربائية والصرع، حيث يرى أن الشحنات الكهربائية تحدث فيها التشنجات نتيجة لوجود شحنات كهربائية غير طبيعية في الدماغ، ومحدودة الحدوث أي قد تحدث مرة واحدة فقط في العمر.
بينما يرى الغيطي الحاصل على دكتوراة في جراحة المخ والأعصاب في جامعة القاهرة، أن تشنجات الصرع هو نوبات مزمنة تحدث دون اصابات أو أمراض ولكنه اضطرابات في الشحنات الكهربائية للدماغ دون سبب واضح وتحدث بشكل متكرر ومزمن.
“العلاجات الممكنة ”
يوضح الدكتور الشرعبي، الاستشاري في أمراض النفسية والعصبية، أن هناك أنواع مختلفة من الصرع والشحنات الكهربائية، ويتم تحديد العلاج المناسب وفقًا لنوع الحالة.
يشدد الدكتور الشرعبي على أهمية عدم إهمال الأمر والتوجه إلى طبيب مختص ومتابعة الحالة بشكل دوري مع الالتزام بتناول العلاج والجرعات في نفس الوقت المحدد.
ينصح الأطباء المختصون بالمشي حافي القدمين على الرمال وتجنب تناول الأطعمة الحيوانية والألبان، مع زيادة استهلاك الخضروات والفواكه والابتعاد عن العوامل التي تزيد من التوتر الكهربائي في الجسم، خاصة في الأماكن ذات الضغط العالي.
يؤكد الدكتور الشرعبي على أهمية تقليل وقت الأطفال أمام شاشات التلفزيون والحواسيب، وتقليل المكالمات الهاتفية.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: اطفال اليمن الحرب الشحنات الكهربائية اليمن فی الدماغ زیادة فی من العمر
إقرأ أيضاً:
التمر.. غذاء خارق يحمي الدماغ ويقلل خطر الزهايمر
يواصل التمر تأكيد مكانته كأحد أهم الأغذية الطبيعية التي ترتبط بصحة الدماغ ووظائفه الإدراكية، إذ تشير دراسات طبية حديثة وتصريحات لخبراء في الأعصاب والصيدلة إلى أن هذه الفاكهة الغنية بالعناصر الغذائية تلعب دورا بارزا في دعم الذاكرة وتقليل مخاطر الأمراض التنكسية، وعلى رأسها الزهايمر.
التمر.. كنز غذائي يعود بالنفع مباشرة على خلايا الدماغ
بحسب أطباء وخبراء تغذية، فإن التمر يتميز باحتوائه على مجموعة واسعة من مضادات الأكسدة، أبرزها الفلافونويدات والكاروتينات وأحماض الفينول، وهي مركبات تسهم في محاربة الالتهابات والتقليل من الإجهاد التأكسدي داخل خلايا الدماغ، ما ينعكس مباشرة على تحسين الذاكرة وحماية الخلايا العصبية.
يقلل خطر ألزهايمر والخرف
وأكدت أخصائية الصيدلة، رناد مراد، تؤكد أن التمر يساعد في خفض مستويات مادة الإنترلوكين 6 (IL-6)، التي ترتبط ارتفاعاتها بزيادة خطر الإصابة بمرض الزهايمر.
كما يساهم في الحد من نشاط البروتينات المسؤولة عن تشكيل لويحات الدماغ التي تؤدي إلى موت الخلايا العصبية وفقدان القدرة الإدراكية، وتشير إلى أن التمر يعزز القدرة على التعلم ويقلل من التوتر والقلق بفضل ما يحتويه من مركبات قوية مضادة للالتهاب.
تحسين الذاكرة والقدرة على التعلم
من جانبه، يشير الدكتور حسن النوبى، المتخصص في طب الأعصاب، إلى أن التمر يعد "غذاء مثاليا للمخ" لاحتوائه على نسبة مرتفعة من الجلوكوز، وهو الوقود الأساسي للدماغ.
ويوضح أن المداومة على تناول سبع تمرات يوميًا تساعد في تحسين التركيز وتنشيط الذاكرة والوقاية من التهابات الأعصاب الطرفية، بفضل وجود الكالسيوم والمغنيسيوم وفيتامين B6 الضرورية لنقل الإشارات العصبية.
وتعزز تقارير طبية عالمية هذه النتائج، إذ تشير بيانات منشورة في منصات صحية متخصصة إلى أن 100 غرام من التمر توفر حزمة متكاملة من العناصر الحيوية، تشمل الألياف والبوتاسيوم والمغنيسيوم والنحاس، إلى جانب نسبة مرتفعة من مضادات الأكسدة، ما يجعله غذاءً متكاملاً لصحة الدماغ والقلب والجهاز العصبي.
كما تؤكد دراسات متعددة أن التمر يساعد في تحسين التعلم وتقوية الذاكرة، ويعمل على تقليل تكوّن بروتينات بيتا أميلويد المتسببة بالزهايمر، بالإضافة إلى مساهمته في تعزيز الحالة المزاجية وتقليل نوبات القلق والاكتئاب.
إلى جانب فوائده الدماغية، يكشف خبراء التغذية عن قائمة طويلة من المنافع الصحية للتمر، من بينها دعم صحة الهضم، تعزيز المناعة، تقوية العظام، تحسين صحة القلب، وتنشيط الطاقة، إذ يوفر التمر كربوهيدرات طبيعية تزيد من مستوى النشاط البدني والذهني. وتعد هذه الفاكهة أيضًا بديلًا صحيًا للسكر الأبيض في المخبوزات، ومصدرًا مهمًا للألياف التي تنظم مستوى السكر في الدم وتمنع الإمساك.
خفض الالتهاب وتعزيز الإشارات العصبية
ورغم فوائده الواسعة، ينصح الأطباء بالاعتدال في تناوله خصوصًا لدى المصابين بمتلازمة القولون العصبي أو من يعانون الحساسية تجاه الفركتوز، بالإضافة إلى تجنبه عند الإصابة بالإسهال بسبب محتواه من السوربيتول الذي قد يزيد من حركة الأمعاء.
وبين خبراء الأعصاب والتغذية اتفاق واضح على أن التمر ليس مجرد غذاء تقليدي، بل “سوبر فود” طبيعي يساهم —عند تناوله بانتظام— في حماية الدماغ وتعزيز وظائفه، في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى أنماط غذاء صحية تساعد على الوقاية من أمراض العصر المرتبطة بالتوتر والشيخوخة.