أحمد بالهول الفلاسي: دمج تطبيقات الذكاء الاصطناعي في جميع مكونات المنظومة التعليمية ضرورة أساسية للارتقاء بالمخرجات
تاريخ النشر: 18th, January 2024 GMT
أكد معالي الدكتور أحمد بن عبد الله حميد بالهول الفلاسي، وزير التربية والتعليم، أن الحديث حول دور الذكاء الاصطناعي في التعليم انتقل من مرحلة النقاش النظري إلى مرحلة التطبيق العملي، بحيث أصبح دمج تطبيقات الذكاء الاصطناعي ضمن جميع مكونات المنظومة التعليمية ضرورة أساسية للارتقاء بنوعية المخرجات التعليمية.
جاء ذلك خلال مشاركة معاليه في جلسة نقاشية بعنوان “تطوير التعليم: آفاق توفير المعلم الافتراضي لكافة الطلبة” عقدت ضمن مشاركة وفد الدولة في أعمال الدورة الـ 54 لاجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي، التي تقام في دافوس بسويسرا خلال الفترة من 15 إلى 19 يناير الجاري.
شارك في الجلسة الحوارية – التي عقدت في جناح دولة الإمارات – براد سميث نائب رئيس مجلس الإدارة رئيس شركة مايكروسوفت، وقدوس باتيفادا المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة “إيه أس آي”.
وناقشت الجلسة الخطوة الريادية التي اتخذتها دولة الإمارات في تضمين تطبيقات الذكاء الاصطناعي ضمن نظامها التعليمي بهدف تزويد الطلبة بمهارات المستقبل، بالإضافة إلى الكيفية التي يمكن من خلالها للحكومات والمؤسسات الكبرى الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتطوير نظم تعليمية ديناميكية وأكثر تقدماً.
وأشار معالي الدكتور أحمد الفلاسي إلى التطور الهائل لاستخدامات الذكاء الاصطناعي داخل المنظومة التعليمية والذي يضمن الاستمرار في تطوير قطاع التعليم بما يتناسب مع متطلبات المرحلة الراهنة والمستقبلية، كما يضمن تزويد الطلاب بالمهارات والمعارف اللازمة لسوق العمل لاسيما في القطاعات الحيوية.
ولفت معاليه خلال الجلسة، إلى أنه يتوجب على وزارات التربية وصناع القرار العمل على الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي ضمن القطاع التعليمي بشكل مدروس، لضمان أن تكون النظم التعليمية الرسمية مواكبة للتطورات التكنولوجية وملبية لتطلعات الطلبة، مشيرا إلى أن الانعكاسات الإيجابية للذكاء الاصطناعي لا تقتصر على تطوير مهارات الطلبة من خلال المعلم الافتراضي فحسب، بل تمتد كذلك لتساهم في تطوير قدرات المعلمين والتربويين.
وشدد معالي الدكتور الفلاسي على أن المعلم يظل هو حجر الأساس في نجاح واستدامة العملية التعليمية كونه المؤثر الأكبر في المسيرة التعليمية للطلبة، مشيراً إلى أهمية توظيف التقنيات الحديثة وتوفير البرامج التدريبية والتأهيلية المناسبة لدعم المعلمين وتمكينهم من أداء مهامهم في بناء أجيال المستقبل بشكل أكثر سهولة وفاعلية.
كما شدد على التزام وزارة التربية والتعليم بتضمين الذكاء الاصطناعي التوليدي ضمن النظام التعليمي في الدولة بطريقة مدروسة ومسؤولة وبعد اختبارات ومراجعات معمقة تضمن الاستفادة من مزاياه وتساهم في تطوير التجارب التعليمية للطلبة.
وقال معاليه إن الوزارة قد أطلقت منصة المعلم الافتراضي تجريبياً خلال مؤتمر COP28 الذي استضافته الدولة في ديسمبر الماضي خلال هاكاثون مخصص للمناسبة، حيث كانت النتائج إيجابية ومرضية وخاصة لجهة تفاعل الطلبة مع المنصة واستفادتهم من الإمكانات التي تقدمها.
وأوضح أن هذه المنصة تطبق نموذجاً متطوراً بتجارب تعليمية مخصصة تتماشى مع الاحتياجات الفردية لكل طالب، حيث تم تطوير المنصة لتتناسب بشكل خاص مع النظام التعليمي في الدولة ومع المناهج وطرق التقييم المعتمدة، وتتوفر باللغتين العربية والإنجليزية وتراعي الخصوصية الثقافية والحضارية للدولة.
وقال معاليه: “تعد دولة الإمارات مركزاً عالمياً للابتكار وتحتل مراكز متقدمة في مختلف مؤشرات التنافسية العالمية، ومن الضروري أن نستثمر في تكنولوجيا المستقبل للحفاظ على هذه المكانة الرائدة وتعزيزها. ولهذا كنا مبادرين لاستكشاف الإمكانات التي يتيحها الذكاء الاصطناعي ودراستها وتحليلها لتحديد سبل تحقيق أقصى استفادة منها في القطاع التعليمي. ونحن حريصون على أن نكون سبّاقين في اتخاذ الخطوات كافة التي من شأنها إعداد طلبتنا للتميز في سوق العمل المستقبلي بما يتماشى مع الأولويات الوطنية التي أعلن عنها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله” ضمن التوجهات العامة للاتحاد للعام الحالي.”
ويشارك معالي الدكتور الفلاسي في عدد من الجلسات الرئيسية والاجتماعات الخاصة رفيعة المستوى خلال مشاركته في فعاليات منتدى دافوس 2024، على غرار الجلسة المغلقة حول التعاون بين القطاعين العام والخاص في المجال التعليمي، والملتقى الخاص حول إعادة تشكيل المهارات في القطاع التعليمي، والجلسة الحوارية حول تطوير التعليم واحتواء المخاطر، بالإضافة إلى عدد من الاجتماعات الثنائية مع قادة القطاع التعليمي من القطاعين العام والخاص.وام
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
هل تنفجر معدلات النمو الاقتصادي في زمن الذكاء الاصطناعي؟
منذ آلاف السنين، لم يكن النمو الاقتصادي العالمي سوى زحف بطيء يُلاحظ بالكاد. فحتى عام 1700، لم يتجاوز متوسط نمو الناتج العالمي نسبة 0.1% سنويًا، أي ما يعني أن الاقتصاد كان يحتاج نحو ألف عام ليتضاعف، لكن الثورة الصناعية غيّرت ذلك المسار، وتوالت القفزات في معدلات النمو حتى بلغ متوسطه 2.8% في القرن العشرين.
واليوم، يقف العالم أمام وعود جديدة -وربما مخيفة- بانفجار اقتصادي يفوق كل ما عرفه التاريخ، مدفوعًا بما يُعرف بالذكاء الاصطناعي العام، وفقًا لتقرير موسّع نشرته مجلة إيكونوميست.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إسبانيا تعلّق شراء صواريخ إسرائيلية بـ327 مليون دولارlist 2 of 2الذكاء الاصطناعي لتحديد قيمة للعقارات في تركياend of list نمو سنوي يصل إلى 30%؟وفقًا لمتفائلين من أمثال سام ألتمان، المدير التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي"، فإن الذكاء الاصطناعي قادر في المستقبل القريب على أداء معظم المهام المكتبية بكفاءة أعلى من البشر.
هؤلاء يرون أن النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي العالمي قد يقفز إلى ما بين 20% و30%، وهي نسب غير مسبوقة تاريخيًا، لكنها من وجهة نظرهم ليست أكثر جنونًا من فكرة "النمو الاقتصادي" التي كانت نفسها مرفوضة في معظم تاريخ البشرية.
ومع تسارع تطور نماذج الذكاء الاصطناعي، لم يعد التهديد الأكبر يكمن فقط في إحلالها مكان العاملين، بل في احتمال أن تقود انفجارًا إنتاجيًا شاملًا، يبدّل ليس فقط سوق العمل، بل أسواق السلع والخدمات والأصول المالية أيضًا.
من نمو السكان إلى نمو الأفكار.. والآن نمو الآلاتويعتمد جوهر نظرية النمو الكلاسيكية على زيادة السكان، التي كانت تسمح بإنتاج أكبر، لكن دون تحسن جوهري في مستوى المعيشة. ومع الثورة الصناعية، تغير هذا النمط، حيث أظهرت الأفكار -لا الأجساد- أنها قادرة على توليد الثروة، وفق ما أوضحه الاقتصادي مالتوس ثم دحضه الواقع لاحقًا.
وبحسب ما نقله التقرير عن "أنسون هو" من مركز "إيبوخ إيه آي"، فإن الذكاء الاصطناعي العام قد يحقق قفزة شبيهة، حيث لا تعود الإنتاجية مرتبطة بزيادة السكان، بل بسرعة تحسين التقنية ذاتها. فحين تصبح الآلات قادرة على تطوير نفسها ومضاعفة قدراتها، فإن النمو يصبح نظريًا غير محدود.
لكن بعض الباحثين -مثل فيليب تراميل وأنتون كورينيك -يشيرون إلى أن أتمتة الإنتاج وحدها لا تكفي لإحداث نمو متسارع ما لم تُستخدم لتسريع الابتكار ذاته، وهو ما قد يُحقق عبر مختبرات ذكاء اصطناعي مؤتمتة بالكامل بحلول 2027، وفقًا لتوقعات "إيه آي فيوتشرز بروجكت".
إعلان الانفجار الاستثماري ومفارقة الفائدة المرتفعةوإذا صدقت هذه النماذج، فإن العالم سيشهد طلبًا هائلًا على رأس المال للاستثمار في الطاقة، ومراكز البيانات، والبنية التحتية. فمشروع "ستارغيت" من أوبن إيه آي الذي يُقدّر بـ500 مليار دولار، قد يُعتبر مجرد بداية.
ووفقًا لنموذج "إيبوك إيه آي"، فإن الاستثمار الأمثل في الذكاء الاصطناعي لعام 2025 وحده يجب أن يبلغ 25 تريليون دولار.
لكن هذه الوتيرة ستؤدي أيضًا إلى ارتفاع كبير في أسعار الفائدة الحقيقية. فمع توقع ارتفاع الدخول المستقبلية، قد يفضّل الأفراد الإنفاق بدل الادخار، مما يتطلب رفع العوائد على الادخار لجذب الأموال مجددًا. وهذا ما أشار إليه الاقتصادي فرانك رامزي منذ أوائل القرن العشرين، وأكدته النماذج الحديثة التي حللها التقرير.
وفي ظل هذه الديناميكيات، تبقى الآثار على أسعار الأصول غير محسومة. فرغم النمو السريع في أرباح الشركات، فإن ارتفاع أسعار الفائدة قد يقلل من القيمة الحالية للتدفقات النقدية المستقبلية، مما يخلق صراعًا بين عاملَي النمو والعائد.
أين يقف العامل البشري في كل ذلك؟لكن ماذا عن العمال؟ وهنا، يبرز التحدي الحقيقي، فالذكاء الاصطناعي قد يجعل من التوظيف البشري خيارًا ثانويًا، إذ تضعف الحاجة للعمالة إذا باتت الآلة أرخص وأكثر كفاءة. ومع تقدم التقنية، تنخفض كلفة تشغيل الذكاء الاصطناعي، مما يُضعف الحد الأعلى للأجور التي يمكن دفعها للبشر.
وبحسب دراسة ويليام نوردهاوس الحائز جائزة نوبل، فإن جميع العوائد ستتجه في النهاية إلى مالكي رأس المال، وليس إلى العمال. لذا، فإن من لا يمتلك أصولًا رأسمالية -شركات، أرضا، بيانات، بنية تحتية- سيكون في وضع هش، اقتصاديًا.
رغم ذلك، لا يعني هذا أن الجميع سيخسر. إذ من الممكن أن تنشأ "أمراض باومول المعكوسة" -وهي ظاهرة اقتصادية تشير إلى ارتفاع أجور الأعمال التي يصعب أتمتتها، رغم بطء نمو إنتاجيتها-، حيث ترتفع أجور الأعمال التي يصعب أتمتتها، مثل التعليم، الطهي، ورعاية الأطفال، فقط لأنها تتطلب تفاعلًا بشريًا لا يمكن تعويضه بالكامل.
لكن بالمقابل، فإن أي شخص ينتقل من وظيفة مكتبية تقليدية إلى قطاع يدوي مكثف بالعمل قد يجد أن قوته الشرائية تنخفض، رغم ارتفاع أجره، لأن كلفة هذه الخدمات سترتفع أكثر من أسعار السلع المؤتمتة بالكامل.
هل يتحرك العالم فعلًا نحو "التفرّد الاقتصادي"؟"التفرّد" -أو لحظة التحول حين تصبح المعلومات تُنتج المعلومات بلا قيود مادية- يبقى مفهومًا جدليًا، لكنه، بحسب نوردهاوس، يمثل الحد النظري النهائي لمسار الذكاء الاصطناعي.
وبعض الاقتصاديين يرون هذا المفهوم دليلا على أن النماذج نفسها ستثبت خطأها، لأن اللانهاية في النمو مستحيلة نظريًا. لكن الوصول إلى مجرد نمو بنسبة 20% سنويًا، وفقًا لإيبوك إيه آي، سيكون حدثًا مفصليًا غير مسبوق في تاريخ البشرية.
مع ذلك، تشير المجلة إلى أن الأسواق لم تُسعّر بعد هذا السيناريو بالكامل. فعلى الرغم من تقييمات التكنولوجيا المرتفعة، فإن عوائد السندات تنخفض غالبًا عقب الإعلان عن نماذج ذكاء اصطناعي جديدة، كما وجدت دراسة لباحثين من معهد ماساتشوستس. بكلمات أوضح: وادي السيليكون لم يُقنع العالم بعد.
إعلان ماذا على الأفراد فعله إذا وقع الانفجار؟التوصية التي تتكرر في جميع النماذج بسيطة، امتلك رأس المال. ومع ذلك، يبقى من الصعب تحديد أي نوع من الأصول هو الأفضل. الأسهم؟ الأراضي؟ النقد؟ كلها تواجه مفارقات في ظل مزيج من الفائدة المرتفعة، والتضخم المحتمل، والانفجار الاستثماري.
وفي ختام التقرير، تستحضر إيكونوميست قول روبرت لوكاس، أحد أبرز منظّري النمو: "بمجرد أن تبدأ في التفكير في آثار النمو على الرفاه البشري، يصعب التفكير في أي شيء آخر". ومع الذكاء الاصطناعي العام، تضاعف هذا الشعور، وازداد إلحاحه.