تعكس تصريحات وزير الخارجية المصري، سامح شكري، الأخيرة بشأن إثيوبيا مدى عمق الخلافات بين البلدين بشأن ملف المياه والأمن الإقليمي، وأثارت تساؤلات جديدة بشأن كيفية إدارة القاهرة لعلاقتها بأديس أبابا.

ونقلت صفحة وزارة الخارجية المصرية على فيسبوك، الأربعاء، تصريحات لشكري أكد فيها أن إثيوبيا أصبحت مصدرا لعدم الاستقرار في المنطقة.

وخلال اجتماع وزاري لجامعة الدول العربية في القاهرة، حذر شكري من تداعيات “مغبة السياسات الأحادية لإثيوبيا المخالفة لقواعد القانون الدولي ومبادئ حسن الجوار”، داعيا إلى احترام سيادة الصومال ووحدة أراضيه.

وجاءت هذه التصريحات بعد موافقة إقليم “أرض الصومال” الانفصالي على منح إثيوبيا حق استخدام ميناء مطل على البحر الأحمر مقابل الاعتراف بالإقليم كدولة مستقلة، وفق تعبير رويترز.

وأكد الوزير المصري في بيانه على “عمق وجدية الاهتمام العربي بالتطورات الأخيرة في دولة الصومال والاستعداد لتوفير ما يلزم لها من دعم على المستويين الرسمي والشعبي”.

ولم يصدر تعليق رسمي مباشر من أديس أبابا على التصريحات المصرية.

ونقلت وكالة الأنباء الإثيوبية، الأربعاء، عن مدير شؤون الدول المجاورة بالوزارة، زيريهون أبيبي، إن إثيوبيا “ستواصل تعزيز التكامل الإقليمي على أساس المنفعة المتبادلة”، مشيرا إلى أنها ساهمت في تعزيز التكامل مع الدول المجاورة من خلال بناء البنية التحتية، ولديها تجارة عبر الحدود مع جميع الدول المجاورة تقريبا.

وأضاف أبيبي أن بلاده “لعبت دورا رئيسيا في إحلال السلام في الصومال وجنوب السودان من خلال تطبيق مبدأ الحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية، وفي الصومال على وجه الخصوص، كانت مشاركة إثيوبيا في إحلال السلام عميقة، وقد ساهمت بشكل كبير في تعزيز السلام واستقراره”.

وشدد على “الحاجة إلى العمل نحو التكامل الإقليمي على أساس المنفعة المتبادلة”.

وكان مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، قد أعلن في الأول من يناير الجاري، أن أديس أبابا وقعت اتفاقا مبدئيا مع إقليم “أرض الصومال” غير المعترف به دوليا، لاستخدام ميناء بربرة على البحر الأحمر.

وأثار الاتفاق الكثير من الجدل والتوترات، خاصة مع إعلان مستشار كبير للرئيس الصومالي، أن مقديشو “مستعدة لخوض الحرب” لمنع أديس أبابا من الاعتراف بالإقليم الانفصالي.

أشرف أبو الهول، مدير تحرير صحيفة الأهرام المصرية، قال لموقع الحرة إن الصومال” بلد عربي، عضو في جامعة الدول العربية، وهناك التزام عربي واتفاق أمن مشترك، وإثيوبيا بلد يستضيف مقر الاتحاد الأفريقي، وتعلم أن “أرض الصومال” منطقة انفصلت عن الصومال، ولا يعترف بها المجتمع الدولي، وبالتالي تظل جزءا من دولة الصومال”.

ويتهم أبو الهول إثيوبيا بـ “الالتفاف” على القرارات الدولية الداعية لتوحيد الأراضي الصومالية ووقف النزاعات بين الصوماليين.

ويرى المراقب المصري أن توقيع اتفاق “مع ما يسمى “جمهورية أرض الصومال” والسيطرة على جانب كبير من الأراصي الصومالية وتشييد قاعدة بحرية خرق للقانون الدولي وانتهاك لسيادة دولة عربية، وبالتالي من حق مصر التضامن مع الصومال، خاصة أن هناك اتفاقات تعاون استراتيجي، ومصر كانت تدرب القوات الصومال لمواجهة المتمردين وميليشيات “الشباب” والآن هناك طرف آخر يدخل لتفتيت أرض الصومال وبالتالي أعلنت مصر دعمها للصومال”.

ويوضح أن إثيوبيا تاريخيا “تحتل  إقليم أوغادين الصومالي منذ 40 عاما وترفض إعادته للصومال، وساهمت في حرب الصومال بالمشاركة في إسقاط الرئيس الصومالي، سياد بري، لكي تسيطر على أوغادين واللآن تسعى لتفتيت الصومال، لذلك فأن الدعم المصري والعربي وارد لحماية ما تبقى من أرض الصومال”.

أما محلل الشؤون الأفريقية المقيم في إثيوبيا، عبد الشكور حسن، فاستغرب تصريحات الوزير المصري، قائلا إنه كان يفترض أن يتبع موقفا وسطيا بين الأطراف، بدلا من “هذه اللهجة غير الدبلوماسية وهذه الروح العدائية”.

وقال حسن في تصريحاته لموقع الحرة إنه “من المعقول أن تصف بعض الدوائر الإعلامية العلاقات بين البلدين بأنها علاقات صراع، لكن  لا يجب أن يصدر هذا الموقف من الوزير”.

وقال: “ما الضرر أن يكون لإثيوبيا منفذ بحري؟ هناك 30 قاعدة في المنطقة لدول عدة، لماذا يحرم على إثيوبيا، ما هو حلال للآخرين”.

ويقول أبو الهول إن هناك احتمالا كبيرا بأن تتولى مصر، على الأقل، تدريب القوات المسلحة الصومالية وتأهيل عناصرها لمواجهة عملية التمرد في “أرض الصومال”، وهذا أمر مطروح منذ فترة، ويمكن لجامعة الدول العربية تأهيل الجيش الصومالي للعمل على ذلك”.

وقال شكري في بيان الخارجية: “مصر لن تألو جهدا في دعم دولة الصومال الشقيقة في هذا الظرف الهام، اتصالا بالعلاقات التاريخية بين البلدين، وعمق أواصر الترابط على المستويين الشعبي والرسمي، حيث يجرى التنسيق لتوفير ما يلزم للجانب الصومالي من تدريب ودعم لكوادره، وبما يمكنه من تحقيق سيادته على كامل أراضيه”.

ولا يستغرب جوزيف سيغل، خبير الشؤون الأفريقية في “مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية”، في واشنطن، دخول مصر على خط الأزمة بين الصومال وإثيوبيا بعد الحملة التي قامت بها لسنوات بمواجهة إثيوبيا على خلفية ملف سد النهضة.

ويقول الخبير لموقع الحرة إن مصر استغلت الانتقادات الكثيرة للصفقة بين إثيوبيا و”أرض الصومال” وحاولت البناء عليها، لكن هذا الموقف “سياسي وليس عسكريا” على حد قوله، لأن القاهرة تريد استخدام هذا الملف لإضافة المزيد من الضغط عليها في ملف سد النهضة.

ويعتبر المحلل الإثيوبي أن مصر “تسعى للحيلولة دون أن يكون لإثيوبيا نفوذ إقليمي يتعدى الحدود، وترى أن أي مؤشر في هذا الاتجاه خطر عليها، لذلك تضغط للحصول على مواقف معينة منها، لكن ربما يزيد هذا الأمر تعقيدا وتحصل مواقف أكثر تشددا” من أديس أبابا.

ويستبعد سيغل تقديم مصر الدعم العسكري في الوقت الحالي لأنها “تواجه العديد من التحديات، وتعاني من أزمة اقتصادية، ولا يبدو محتملا أو منطقيا أن مصر ستنفق الكثير من الأموال أو ترسل عسكريين”.

كما أن الصومال، وفق سيغل، لا يسيطر على “أرض الصومال”، ويواجه مشكلة توفير الأمن في داخل الصومال، لذلك لديه موارد “محدودة” لهذا الغرض.

ويعتقد سيغل أن الصومال سيعمل على إبراز هذه القضية على أعلى المستويات بقدر الإمكان وحشد كل الدعم الممكن، ولذا سيرحب ببيان مصر، لكن في هذه المرحلة، “لا أرى أن الأمر سيتجاوز ذلك”.

ويقول أبو الهول إن الموقف المصري يأتي بينما “تتعنت إثيوبيا في مسألة ملف سد النهضة، وترفض توقيع اتفاقات، رغم اعتراف مصر بحق إثيوبيا في بناء سد”.

ويضف المراقب المصري أن “مصر كانت تطالب بأن يكون لديها علم بكل ما يتعلق بهذا السد، ويكون لديها مواعيد فتح بوابات السد وإغلاقها وكمية المياه التي تحتجزها إثيوبيا لكن أديس أبابا ضربت بعرض الحائط كل المفاوضات وتتحرك بالبلطجة في اتجاه آخر”.

ولهذا السبب، يشرح أبو الهول، أن مصر وجامعة الدول العربية “سيقدمان كل مساندة تطلبها الصومال لأنه “لن يكون مسموحا فتح جبهة جديدة في العالم العربي، وانتزاع أراض عربية جديدة من أي دولة وتحت أي ذريعة. لا تعترف دول العالم بأرض الصومال، فكيف يمكن لدولة تستضيف مقر الاتحاد الأفريقي أن تفعل ذلك”.

وفي ديسمبر الماضي، أعلنت وزارة الموارد المائية المصرية، انتهاء الاجتماع الرابع، الأخير، من مسار مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا في أديس أبابا. وأشار بيان مصري إلى انتهاء “مسار التفاوض” بشأن السد واحتفاظ مصر بحق الدفاع عن أمنها المائي والقومي في حاله تعرضه للضرر.

في المقابل، قالت الخارجية الإثيوبية، إن القاهرة “حرفت” مواقف أديس أبابا في المحادثات، مضيفة أن مصر لا تزال لديها “عقلية العصر الاستعماري ووضعت حواجز أمام جهود التقارب”.

ولطالما عارضت مصر مشروع سد النهضة بسبب المخاوف المتعلقة بإمداداتها المستقبلية من المياه من نهر النيل الذي تعتمد عليه اعتمادا كبيرا، وقد عبر السودان أيضا عن قلقه إزاء تنظيم وسلامة إمدادات المياه والسدود الخاصة به.

ومن جانبها تقول إثيوبيا إنها تمارس حقها في التنمية الاقتصادية، وقالت في سبتمبر إنها أكملت المرحلة النهائية لملء خزان لمحطة ضخمة للطاقة الكهرومائية عند السد المقام على النيل الأزرق.

الحرة

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الدول العربیة أرض الصومال إثیوبیا فی أدیس أبابا أبو الهول سد النهضة أن مصر

إقرأ أيضاً:

الوداد المغربي يفاوض نجم المصري .. سيف زاهر يكشف

كشف الإعلامي سيف زاهر عن تفاوض الوداد المغربي  لضم نجم المصري  صلاح محسن   عبر حسابه الشخصي بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك.

و كتب سيف زاهر :تقارير.. الوداد المغربي يفاوض المصري لضم صلاح محسن  في انتقالات يناير .

بعد فسخ عقده.. نجم الزمالك يثير أزمة فى الوداد المغربيالوداد يخطف انتصارًا ثمينًا من عزام يونايتد ويحلّق في صدارة مجموعته بالكونفدراليةأيمن أشرف: موسيماني كان يكتب سيناريو المباريات.. وهدف أفشة أمام الوداد من كتاب بيتسو

علي الجانب الاخر كشفت تقارير صحفية مغربية، عن وجود أزمة داخل نادي الوداد، بخصوص التعاقد مع صلاح الدين مصدق لاعب الزمالك السابق، في صفقة انتقال حر عقب فسخ تعاقده مع الفريق الأبيض.

وبحسب التقارير، فإن محمد أمين بنهاشم المدير الفني للوداد متمسك بالتعاقد مع مصدق، لتدعيم صفوف الفريق خلال فترة الانتقالات الشتوية المقبلة، عقب الازمات الدفاعية المتكررة للفريق المغربي.


وأضافت، أن  عادل هرماش المدير الرياضي بالوداد، أكد أن الصفقة مرفوضه بشكل قاطع خلال الفترة المقبلة، حيث انها لا تتناسب مع متطلبات تدعيمات الفريق خلال الفترة المقبلة، وأن خط الدفاع يمتلك العدد الكافي، ولاعبين على مستوى عالي.

ومن المقرر أن يتم حسم القرار النهائي من جانب الوداد خلال الأيام المقبلة، خاصة و أن اللاعب أصبح حر عقب فسخ تعاقده مع الزمالك.

طباعة شارك سيف زاهر تصريحات سيف زاهر صلاح محسن الوداد المغربي

مقالات مشابهة

  • إريتريا تنسحب من “إيجاد” وسط قلق أممي إزاء التوترات مع إثيوبيا
  • الخارجية الأمريكية: قرار الأمم المتحدة بشأن غزة “غير جاد ومنحاز ضد إسرائيل”
  • السيسي سيلتقي ترامب لبحث تعديل معاهدة السلام مع إسرائيل وطلب تدخل عاجل لحل الخلاف مع إثيوبيا
  • غوتيريش في بغداد وبعثة الأمم المتحدة قبل المغادرة: العراق يقود خطة “مارشال”
  • الوداد المغربي يفاوض نجم المصري .. سيف زاهر يكشف
  • “التحالف الإسلامي” يوقّع مذكرة تعاون مع الصندوق السعودي للتنمية
  • حكومي غزة : تصريحات السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة بشأن دخول “600 شاحنة يومياً” مضللة ومخالفة للواقع
  • زعيم إطاري:زعماء فصائل الحشد “المقاومة الإسلامية” سيحضرون اجتماعات الإطار المقبلة لرسم سياسة الدولة وامنها واقتصادها!!
  • محلل: ترامب يتبنّى الأزمة في السودان بالتنسيق مع القاهرة والرياض
  • أول رد من فنزويلا بشأن إعلان ترامب السيطرة على ناقلة نفط