يقدم الدكتور ياسر ثابت في أحدث كتبه «دليل مصور للملائكة»، الصادر عن دار «المحرر»، كتابة صادقة، تتحمّل بشجاعة أقسى العواقب، كي تنتصر للتجديد، وجماليات البوح والكشف والمصارحة، كتابة جريئة لا تستسلم لأعراف القبيلة، كتابة بعيدة كل البُعد عن الفن التجاري والترّهات المثقلة بالأخلاق والمواعظ.

في كتابه الذي يصدر مع معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ55، يوظف المؤلف في نصوصه أدب الشذرة، وهو لون أدبي معبأ بالشعر والجمال، يسعى إلى ترميم الأرواح عبر طرق لإبطاء الخسارة، يرسمُ روحا برؤوس غاضبة، ويبحر بقاربه بين ضفتي الأمنيات والذكريات، قبل أن يحفر للقارئ في الهواء الرخو بئرًا، هذه اللغة الشِعرية، التي تتعالق فيها النصوص وتتعانق، تعيد اكتشاف هشاشتنا الإنسانية، وتوحي في الوقت نفسه، بالأنساق العميقة للعملية الإبداعية.

يقول ياسر ثابت: «بالصور الشعرية، ومسحوق الهمس وما تيسر من الخيبات والوعود، تمارس هذه النصوص تركيبتها الفريدة من الألم الخفي والمرح المعلن، وتلوِّحُ للجنون، بالجمل القصيرة والدلالات المكثفة، والبنى الشعرية تنفر هذه النصوص من كل التعقيدات والتوليدات الشكلية. ثمة زهد واقتصاد، وميل إلى الكتابة الشذرية التي تولي الأهمية القصوى لما تحمله من دلالات، مع الاعتناء بالجماليات اللغوية».

من عناوين الكتاب

يضم الكتاب نصوصا لافتة ورشيقة في عناوينها ومضمونها الأخاذ، ومن عناوين النصوص: شبح يخطئه الظلام، لائحة يكتمها القلب، سيرة انتقام صامتة، نظرة رمانا بها الجمال، فضيحة الفُل، برج الحيرة، مواقيت اللذة، فنادق لئيمة، لا دموع فوق «الشيك»، فوق زجاج مكسور، بالقرب من سفاح، رموش ذهبت في اللهب، أم كلثوم عن بُعد، سيمفونية البيوت.

ويضيف ثابت، أن «الشذرات ومضة وإشراق، شهابٌ في سماء الكتابة، مجازٌ من مجاز، شظية تمتاز بالحكمة والخفة في آنٍ معًا، لوعة تنبتُ على أنقاض ابتسامة، نحتٌ في غياهب ما لا يُسَمى هكذا تحل الحكاية ضفائرها، وتتدلى عناقيدُ الشوق من الشرفات».

يرى الكاتب في مقدمته، أن أدب الشذرة «نوع من التحايل على الحياة، بحثٌ عن الجمال المتفرد، والرهافة في الأغوار الصامتة والأحزان المكتومة، بعيدًا عن الطُرق المستقرة والقوالب والأنماط المألوفة. إيمان بأن الأدب ينبع من نهر الصور والأخيلة؛ لذا لا يجوز تجريد النصوص من أقنعتها وضبابيتها».

ويوضح أن الكتابة بحساسية تتطلّب أكثر من رهافة الدموع ورومانسية ضوء القمر، وإنما تذهب إلى ما هو أعمق من اللغة اللعوب، لتتلمسّ سطوع الأشياء وبريق كينونتها، وترصد ظهور  العالم عبر اللغة الجامحة، مبرزة عمق الوجود وتعقّد الفكر في تلألؤ الصور الحسية.

في تقديمه للكتاب، يؤكد المؤلف أن «السطور التالية هي إسعاف أولي للحظات العزلة، والصمت، والارتباك، والقلق والصراع، إنها نزهة الدهشة حين يهتز صدرُ الرغبة، ما بين آهات الشوق وهدنة المساء، وهي في نهاية المطاف جواز سفر إلى الحرية».

من نصوص الكتاب

«في غرفة نومها، تستلقي دميةٌ من قماش، كلما احتضَنَتها أهدتها روحَ الطفولة.. حتى تنام.. يتسرب نورٌ معتّق من ستائر أكلت طويلًا من عشب الشمس ورائحة الغبار».

«في شرفةٍ مقابلة، عجوز تفردُ عجينة الحناء على شعرها، وتصنعُ حبالًا من شرايين ساقها النافرة.. جسدُها الضامر ألبوم خالٍ من الصور، طينُ العُمر تشققَ بفعل الأيام الجدباء، ملامحه وثيقة دالة على تصاريف الزمن، أخاديد وتجاعيد، تتخفى على هيئة عصافير رشيقة كلما نامت الحناء على مفرق شعرها».

«في الشارع، يمشي الخراب بتؤدة، فعلُ وضعِ قدمٍ واحدة أمام أخرى يخلق الإيقاع والحركة ويمكن أن يجعل الروح تُحلّق، إلا إن كنتَ يائسًا أو مُعدمًا. يتسول مشردٌ يسكن في ملابسه الرثة، وعلى الهاتف تثرثر عاملة تنظيف في فندق مع صديقتها عن نظافة ساكني الغرف وبقايا نزقهم».

«على الناصية، يمرُّ غرامٌ طائش، ويلصق رجلٌ ذو وجه لحيم، بلسانه طوابعَ بريدية على مظروف رسالته، قبل أن يمشي ساهمًا على رصيف السماء».

ومن الجدير بالذكر، أن كتابات الدكتور ياسر ثابت تتسم بالموسوعية والتنوع، له مؤلفات عدة، بينها «يوميات ساحر  متقاعد»، «تحت معطف الغرام»، «يطل الخجل من حقيبتها».

ومن مؤلفاته البحثية والتأريخية: «شهقة اليائسين: الانتحار في العالم العربي»، «قصة الثروة في مصر»، «حروب كرة القدم»، «فتوات وأفندية».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: ياسر ثابت معرض الكتاب معرض القاهرة للكتاب

إقرأ أيضاً:

الشيخ خالد الجندي يحذر من الخطأ الشائع في كتابة «اللهم صل على النبي»

أكد الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، أن كثيرين يقعوا في خطأ جسيم عند كتابة عبارة الصلاة على النبي ﷺ، موضحًا أن الصواب هو "اللهم صل" وليس "اللهم صلي" بالياء، لأن فعل الأمر هنا صادر من العبد إلى الله ويعبر عن الطلب والرجاء، وليس مخاطبة شخص.

وأضاف الجندي، خلال حلقة برنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع على قناة "dmc"، اليوم الخميس، أن الصيغة الصحيحة تكون: اللهم صل على سيدنا محمد، اللهم صل على الكريم النبي، اللهم صل على رسول الله، مؤكدًا أن كسر الصاد خفيف فقط ولا تُضاف الياء كما يفعل البعض في الكتابة أو على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأوضح عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية أن استخدام الياء يكون فقط عند مخاطبة شخص مباشر، مثل قولك لشخص: "يا مدام صلي على النبي"، أما عند الدعاء لله فيكون الصحيح حذف الياء، فيصبح: اللهم صل على رسول الله، مع الحفاظ على الكسر الخفيف للصاد.

ودعا الشيخ خالد الجندي الله أن يعلمنا ويوفقنا للكتابة والدعاء بالصورة الصحيحة، ويحفظنا من الوقوع في هذه الأخطاء الشائعة.

خالد الجندي: التساهل في ستر العورات يربي الأبناء على معصية الله

هل يجوز تأخير صلاة العشاء إلى ما قبل الفجر؟.. أمين الفتوى يجيب

مقالات مشابهة

  • دراسة: تناول الجبن باعتدال يعزز صحة العظام ويقي من الهشاشة
  • الركراكي يعلن قائمة المغرب لكأس أفريقيا بـ «شريط مصور»!
  • محرقة غزة تعيد كتابة التاريخ
  • الشيخ خالد الجندي يحذر من الخطأ الشائع في كتابة «اللهم صل على النبي»
  • الدولار غير ثابت مع إغلاق نهاية الأسبوع في بغداد وأربيل
  • جامعة أسيوط تنظّم ورشة عمل حول الكتابة والصياغة الإبداعية للخطابات
  • ذكرى رحيل محمود أبو زيد .. مبدع النصوص الإنسانية وعرّاب الشخصيات المُركّبة
  • «الداخلية» تعرض أحدث الدراسات والبحوث في «الكتاب القانوني»
  • هل يجوز للوالد كتابة كل ممتلكاته لبناته فقط دون إخوتهم؟.. أمين الفتوى يجيب
  • عن هشاشة حقوق الإنسان في لبنان.. فجوة بين النصوص القانونية والممارسات الفعلية