جمعة رجب.. يوم وقّع الإرهاب حضوره في مسجد دار الرئاسة بصنعاء على أكبر جريمة في العصرين القديم والحديث
تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT
الله أكبر.. كبّر الإمام تكبيرة أداء صلاة الجمعة من محراب مسجد دار الرئاسة اليمنية (مسجد النهدين)، وكبّر خلفه عشرات المصلين، جلهم من كبار قيادات الدولة على رأسهم رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح -رحمه الله- ورئيس الوزراء، وما إن بدأ الإمام يرتل ما تيسر له من كتاب الله، حتى وقّع الإرهابيون حضورهم على أبشع جريمة شهدها التاريخ القديم والحديث، مخلفة عشرات الشهداء والمصابين، في استهداف مباشر للنظام الجمهوري والأمن والاستقرار، بحسب مراقبين دوليين.
الزمان، الأول من رجب 1432هـ، الموافق 3 يونيو 2011م، وهي الجمعة التي دخل فيها اليمنيون إلى الإسلام طوعاً، حباً وطمعاً في رحمة الله، وأما المستهدفون الأساسيون، بحسب مراقبين دوليين، فقد كانت الدولة اليمنية ونظامها الجمهوري الذي تستمده من روح أهداف ثورة 26 سبتمبر وكتاب الله الحنيف.
دوّى الانفجار وهز كامل العاصمة صنعاء. أصيب الجميع بحالة ذهول وإرباك.. العامة قبل الخاصة، باستثناء جماعات الإرهاب التي تربعت منابر ساحات الاعتصامات الشبابية في حي الجامعة، حيث سارعت بالاحتفال من على تلك المنابر تزف بشرى زعمها "قتل علي عبدالله صالح"، قبل أن تسارع وسائل إعلامها بنقل الخبر.
مارست التضليل والتشويش بضخ إعلامي مروّع كانت تهدف منه إشعال فتيل الفوضى وحالة التمرد الأمني والعسكري، غير مدركة أن يد الله أقوى من يد الإرهاب حتى فوجئت ببث تسجيل صوتي للشهيد الحي -كما سمى نفسه في وقت لاحق- الرئيس علي عبدالله صالح وهو يخاطب شعبه بادله الوفاء بالوفاء: "إذا أنتم بخير، أنا بخير".
مراقبون ومحللون دوليون وصفوا العملية بالجريمة الأبشع في العصرين القديم والحديث، مشيرين إلى أن العالم شهد العديد من عمليات اغتيال رؤوساء وقيادات كبيرة أثناء إقامة فعاليات وإحياء مهرجانات، لكن مثل هكذا جريمة وفي بيت من بيوت الله، ليست إلا تجسيداً لنزعة الإجرام والوحشية لدى مخططي وممولي ومنفذي الجريمة.
إسقاط النظام!
العملية بكامل تفاصيلها كانت مخططاً إجرامياً نفذته أيادٍ داخلية في حزب الإصلاح ومليشيا الحوثي، وفق أجندة خارجية وداخلية، وفق نظرة عضو المكتب السياسي في حزب الشعب الديمقراطي "حشد"، ناجي بابكر.
ويضيف بابكر في حديثه لوكالة خبر، هَدف المخطط الإجرامي باستهدافه مجموعة من كبار قيادات الدولة على رأسهم الرئيس علي عبدالله صالح -رحمه الله- إسقاط النظام الجمهوري والديمقراطي.
ويتهم القيادي في حزب "حشد"، حزب الإصلاح ومليشيا الحوثي "المصنفة في قائمة الإرهاب" ودولاً عربية وأجنبية بالتخطيط والتمويل والتنفيذ، لسبب انزعاجها المستمر من رفض الرئيس "صالح" مراراً المساومة على سيادة بلاده، علاوة على فرضه حالة قبول وتعايش بين جميع المكونات الحزبية والقبلية والاجتماعية في بلد يشكل خليطاً من المدنية والقبلية، بالإضافة إلى إرساء مداميك الديمقراطية والتعددية السياسية، والانتخابات المباشرة لاختيار أعضاء مجلس النواب ورئيس الجمهورية، في خطوات أزعجت الداخل والخارج. وهذه الخطوات كانت استثنائية في المنطقة.
ورغم أن هذه القوى مجتمعة فشلت في تحقيق أهدافها عبر جريمة تفجير مسجد دار الرئاسة، إلا أنها استمرت في العمل وفق منهجية التدمير للدولة، عبر أذرع لها رفعت شعار "إسقاط النظام"، وسط سباق محموم نحو كرسي العرش فقط، ولذا استمر الصراع بين تلك القوى حتى بعد نقل السلطة في 27 فبراير 2012م، واندلع تمرد داخلي كانت مليشيا الحوثي الموالية لإيران طرفاً فيه بدأت بإسقاط محافظة صعدة، قبل أن تزحف نحو عمران، ثم سيطرتها على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول 2014م، وأخذت بالتوسع باتجاه بقية المحافظات.
وأشار إلى أن ما تعاني منه البلاد اليوم من انقسام وانهيار اقتصادي واقتتال وصراعات مناطقية، هو حصيلة تلك الجريمة الإرهابية، التي استمرت على تدمير الدولة وملشنتها باعتبار الأخيرة هي الحل الأوحد لبقائها، ولذا تعمل جاهدة على عدم الاستقرار.
مجرمون طُلقاء
ويرى مراقبون، أن مؤشرات التخادم باتت أدلة دامغة. أكثر من عقد، شهد ولايتين رئاسيتين، وثالثة انقلابية، والمجرمون لا يزالون أحراراً طُلقاء، ينعمون برغد العيش وكرم الرعاية والحماية من الحكومة والانقلاب داخل وخارج البلاد.
وأوضحت مصادر حقوقية، أنه بعد نقل الرئيس صالح للسلطة في 27 فبراير 2012م، سارعت لاحقاً السلطات المعنية، وقد أصبحت جزءاً من ممولي ومرتكبي الجريمة، بالإفراج عن العشرات قبل انتهاء التحقيقات، وبعد انقلاب مليشيا الحوثي الإرهابية أبرمت صفقة مع الحكومة الشرعية بالإفراج عن نحو ستة متهمين محتجزين لديها في سجون صنعاء على ذمة القضية مقابل إفراج الأخيرة عن عناصر لها وقعوا في أسر قوات الجيش أثناء معارك جبهة مأرب.
في الوقت نفسه، السلطة القضائية لدى الشريكين، قبل وبعد انقسامهما، نظرت وبتّت في الآلاف من قضايا "الجرائم الجسيمة"، لكنها "عمداً" أسقطت من بينها جريمة استهداف وتفجير مسجد دار الرئاسة، اعتقاداً منها بأنها أغلقت ملف القضيية بهذا الإجراء، غير مدركة أن مثل هكذا جرائم لا تسقط بالتقادم.
ويجمع الكثير من المراقبين على خطورة المرحلة في ظل غياب الرؤى الوطنية، ما يفتح شهية الأطماع الداخلية والخارجية أكثر نحو بناء تكوينات متعددة الولاءات والانتماءات الدينية والسياسية والعسكرية، يحول البلاد إلى فريسة أمام التوسع الخارجي، وما التواجد الأمريكي والغربي في عرض البحر الأحمر إلا جزء من مشروع أكبر حال استمر أصحاب المشاريع الصغيرة بالعمل على نفس الوتيرة، دون تغليب المصلحة الوطنية الجامعة.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
كلمات دلالية: مسجد دار الرئاسة علی عبدالله صالح
إقرأ أيضاً:
د.حماد عبدالله يكتب: "المال "والسَّلطَّة !!
لا يمكن أن تجتمع قوة المال مع قوة السلطة – ويكون هناك حياد أو نزاهه إلا فى عهد الرسل والأنبياء والخلفاء الراشدين !!
وهذا ما تثبته الأحداث الجارية فى حياتنا المعاصرة يومياَ فى مصر وفى كل بلاد العالم !!
ولعلنى لن أقود القارىء إلى أحداث بعينها- إلا أن الشبهة هى سيدة الموقف أن لم تكن الحقيقة !!
وتحسب قوة المجتمعات والأفراد بما لديهم من أموال وأعمال -وأقوى تلك العناصر هى ملكية الأرض وما عليها – ومن هنا كان ما يسمى بالإقطاع والذى ضاع جزء كبير من عمرنا منذ قيام ثورة يوليو ولاهم لنا إلا الغناء والعمل على محاربه الإقطاع ورأس المال المستغل – وكان الحلم الوطنى هو أن نعمل فى ظل نظام إشتراكى يذوب الفرد فى المجتمع من أجل الجميع – وكانت كل الأحلام وردية – ورومانسية وإنعكس ذلك على إسلوب حياتنا كلها – بما فيها أفلامنا وأغانينا – وعلاقاتنا حتى بمن نحب !! فى المدارس وفى الجامعات !!
وإنقلب الحال – ( حيث ثباته من المحال ) وأصبحنا ندعوا لعودة طبقة رجال الأعمال والصناعة والتجارة – وأسلمناهم قيادة النمو – بديلاَ عن الدولة والقطاع العام !!
وإحتلت الدولة دور المنظم والمراقب للنشاط – والمنفذ للتشريعات – والحرص علي توفير الخدمات في مجالات الحياة العديدة لغير القادرين !! وهذا يتطلب دورًا أقوي مما كان عليه الحال في ظل أن الدولة هي المسئولة عن كل شئ منذ ولادة الطفل حتي مماتة كهلًا.. ومابينهما (العمرين ) من أنشطة وإحتياجات ! الدولة أقوي حينما تنظم – حيث تفصل وتحكم بين ( وحوش الأنسانية ) – حينما تلتبسها روح المنافسة وخاصة في مجال المال وسلطانه!
الا أن هناك نظرية تقول بأن في ظل الإنفتاح والإقتصاد الحر – لا مانع بأن يتقدم للعمل العام والإدارة التنفيذية للدولة رجال أعمال – ممن حازوا علي درجات رفيعة في النمو بأعمالهم الخاصة وذلك بغية نقل النجاح من النشاط الخاص إلي النشاط العام – وهي في حد ذاتها كفكرة – نحترمها – لكن كيف نفصل بين المصالح الخاصة– لصاحب السلطة التنفيذية والسياسية وسبقها بنيل سلطة المال القادر علي خلط الامور كأحلي (طبق سلطة خضروات ) في العالم.
شئ من هذا القبيل يحتاج لتشريعات حاكمة – فاصلة – حادة بين فض الاشتباك والمصالح لهذة الشخصيات العامة من رجال الأعمال في السلطة التنفيذية أو حتي التشريعية !!والملاحظ أيضًا أن لفظ "السلطة" مشترك مع لفظ "السَّلطَّة" بمعنى أن هناك توافق في الكلمة لمعنيين مختلفين.
ولعل سطوة المال – حينما تستمد قوة أكبر بسطوة السلطة السياسية أو التنفيذية فإن غرورًا يشب ويكبر – وينفجر وأول ماينفجر في الحيز المحيط – يكون المصاب والقتيل صاحبه !! ولنا في الأحداث الجارية ما يجعلنا نحذر وننبه –ونحيط –ونتعظ –ونتقى الله!!
أ.د/حمــاد عبد الله حمـــاد
Hammad [email protected]