شمال سوريا- بعد أن تجاوزت الحرارة 40 درجة مئوية، لجأ النازح السوري عبد الحميد الحسن إلى رشّ خيمته بالماء أملا في أن تخفف هذه الطريقة القليل من قيظ الحر الذي حوّل الإقامة في الخيام خلال ساعات النهار إلى جحيم لا يطاق.

ويقوم الحسن -وهو يتصبب عرقا- برش البطانيات والمراتب داخل خيمته، قبل أن يبادر إلى تعبئة إناء بلاستيكي كبير لكي يُجلِس فيه طفليه الصغيرين للتخفيف عنهما نتيجة موجة الحر التي تضرب المنطقة.

واشتكى الحسن من أن خيمته القماشية المهترئة تتحول إلى ما يشبه الفرن في أوقات الظهيرة، وقال إن الوقوف تحت الشمس في العراء أرحم من الجلوس داخلها، وهو ما يدفعه منذ أيام إلى ترطيبها من مياه المناهل المخصصة للشرب.

النازحون السوريين شمال غربي البلاد يواجهون موجة حر غير مسبوقة وسط شح المياه (الجزيرة)

وقال الحسن -في حديث للجزيرة نت- إن موجة الحر أدت إلى زيادة استهلاك المياه وشرائها من أصحاب الصهاريج الجوالة على نفقتهم الخاصة، رغم جهلهم بمصدر وصحة المياه، معربا عن أمله في أن تنظر إليهم المنظمات الإنسانية بعين الرأفة.

وحال النازح السوري الحسن هي حال مئات الأسر التي تقطن مخيم "أهل التح" في ريف إدلب شمال غربي سوريا، حيث يفتقر المخيم إلى المياه النظيفة والطاقة الكهربائية، مما يجعل تشغيل المراوح في فصل الصيف أمرا مستبعدا، إن توفر المال لشرائها.

ويجد الأهالي في قوالب الثلج التي تصل من المحسنين وأصحاب الخير ومنظمات الإغاثة ملاذا يطفئ القليل من لهيب الحر، حيث تحصل كل أسرة على نصف قالب ثلج تكسره إلى قطع صغيرة وتضعه في "ترامس" المياه البلاستيكية للحصول على كأس ماء بارد تحت أشعة الشمس الحارقة.

حالات إغماء

وإن كان البعض يصله قليل من الماء لتبريد الخيمة والاستحمام، فإن أسرة جمعة العمر -النازحة من ريف حماة (وسط البلاد)- تشكو شح المياه وتضطر وآخرون من النازحين السوريين إلى الهرب من الخيام، والجلوس في ظلال أشجار الزيتون من الظهر حتى اقتراب مغيب الشمس.

وقال النازح العمر -في حديث للجزيرة نت- إنه وزوجته يحملان طفلهما الرضيع منتصف النهار ويتجهان للجلوس تحت الأشجار القريبة من المخيم، بسبب انعدام وسائل التبريد وما يمكن أن يخفف من وطأة الحر.

وأشار العمر إلى أن المياه التي تصل إلى المخيم بالكاد كافية للشرب والقليل من الغسيل، ولا يمكن استهلاك أي جزء منها للتبريد خشية انقطاعها.

وسُجّلت بضع حالات إغماء مؤخرا لأطفال وكبار سن في مخيم "أهل التح" بريف إدلب، حسبما أكد مديره عبد السلام اليوسف، نتيجة موجة الحر وغياب وسائل التبريد، وبسبب قدم الخيام وتهالكها بعد مرور أكثر من 4 سنوات على توزيعها على المخيم.

ويقول اليوسف -في حديث للجزيرة نت- إن المناشدات التي أطلقها للداعمين والمنظمات لاستبدال الخيام أو تأمين كميات إضافية من المياه وقوالب الثلج لم تلق آذانا صاغية من الأطراف العاملة في المجال الإنساني.

تزايد مخاوف الأسر النازحة على أطفالها الرضع من إصابتهم بضربة شمس أو الإغماء نتيجة موجة الحر (الجزيرة) تدخل عاجل

ولا يزال أكثر من 1.5 مليون سوري شمال غربي البلاد يسكنون في مخيمات، معظمها أنشئت على أراض زراعية تفتقر إلى الخدمات الأساسية من المياه النظيفة والكهرباء وشبكات الصرف الصحي.

وفاقمت موجة الحر الأخيرة من محنة آلاف الأسر، حيث يعاني سكان أكثر من 811 مخيما انعدام المياه، إضافة إلى انخفاض كمياتها في باقي المخيمات نتيجة تخفيض الدعم وارتفاع معدل استهلاك المياه، وفق مدير فريق "منسقو استجابة سوريا" الإنساني محمد حلاج.

وحذّر حلاج -خلال حديث للجزيرة نت- من تضاعف أزمة المياه خلال الأيام القادمة مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة وأثرها السلبي على النازحين السوريين.

وطالب حلاج بتدخل عاجل من قبل المنظمات الإنسانية العاملة في شمال غرب سوريا، عبر تأمين كميات كافية من مياه الشرب والعمل على تبريد المخيمات، وتأمين معدات إطفاء الحريق، تحسبا لأي حالة طارئة قد تسببها موجة الحر.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: موجة الحر

إقرأ أيضاً:

خبير سياسي: مصر الوحيدة التي تواجه المشروع الدولي لتقسيم سوريا وتفكيك الدولة


كشف الدكتور محمد العزبي، خبير العلاقات الدولية، تفاصيل جديدة حول ما وصفه بـ"الصفقة الجارية لإعادة الرئيس السوري السابق بشار الأسد إلى المشهد"، مؤكدًا أن جزءًا من بنودها يتضمن تسليم الأسد لدولة أخرى لإجراء محاكمة شكلية تمهيدًا لتبرئته من تهم جرائم الحرب.

 

 

 

تسريبات واعترافات صادمة بين بشار الأسد ولونا الشبل تعيد شبح مذيعة الجزيرة بعد وفاتها (تفاصيل) سوريا تحتفل بالذكرى الأولى لسقوط بشار الأسد


وأشار العزبي خلال مشاركته في برنامج "خط أحمر" الذي يقدمه الإعلامي محمد موسى على قناة الحدث اليوم، إلى أن هذا الطرح "غير مسبوق وخطير للغاية"، متسائلًا: "وفق أي قانون سيتم محاكمته؟ السوري أم الدولي؟ وكيف يتم إعداد سيناريو يعيد شخصًا متهمًا بقتل شعبه إلى واجهة المشهد؟".
وأوضح أن هذه البنود كانت محل رفض وسخرية في البداية، حيث اتُهم هو وآخرون بـ"الجنون وترويج الأوهام"، قبل أن تظهر تقارير دولية – بينها تقرير لوكالة رويترز وأخرى لهيئة الإذاعة البريطانية BBC – تؤكد صحة ما نشره، وتكشف عن تحركات فعلية تمهّد لهذه الصفقة.

وأكد العزبي أن ما تم نشره في الإعلام الدولي يتوافق مع ما تم كشفه مسبقًا عبر البرنامج، مشيرًا إلى أن هذه التسريبات أحدثت حالة هلع داخل صفوف هيئة تحرير الشام بقيادة أبو محمد الجولاني، ما أدى إلى حملة اعتقالات واسعة في مناطق نفوذ التنظيم.
وأضاف أن المرحلة المقبلة ستشهد تطورًا غير متوقع، يتمثل في فتح عدد من السجون في حمص وحلب وإطلاق سراح مجموعات معينة، ضمن سيناريو يعزّز مخطط تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ متعددة.


وكشف العزبي أن الجولاني وافق ضمن الصفقة على التخلي عن المناطق الغنية بالنفط والغاز لصالح إسرائيل، مستشهدًا بتقرير بثته القناة الإسرائيلية 12، ظهر خلاله مسؤولون إسرائيليون يتحدثون صراحة عن "ضرورة بقاء مناطق معينة تحت السيطرة الإسرائيلية".


وأشار إلى أن الجولاني لم يصدر أي تصريح يعترض فيه على هذه التصريحات، رغم ظهوره مؤخرًا في مقاطع وصفت بأنها "استعراضية وغير واقعية".


وأكد العزبي أن مصر هي الدولة الوحيدة التي تقف ضد سيناريو التقسيم، وقد نجحت بالفعل في تمرير قرار أممي يمنع تفكيك الدولة السورية ويطالب بانسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي التي يسيطر عليها.


وفي ختام حديثه، انتقد العزبي الأبواق الإعلامية التابعة للإخوان وتنظيم داعش، معتبرًا هجومهم الحاد على مصر وعلى كل من يكشف الحقائق "محاولة بائسة للتغطية على حجم الترتيبات التي تجري في الخفاء".
 

مقالات مشابهة

  • مظاهرات في مدن سودانية دعما للجيش وتحذير من تفاقم أزمة المياه
  • المنظمة الدولية للهجرة: أمطار وسيول تهدد حياة مئات آلاف النازحين في غزة
  • 14 شهيدا في 24 ساعة .. العاصفة بغزة تحول مخيمات النازحين إلى مقابر مفتوحة
  • سوريا وفرنسا تطلبان من لبنان اعتقال مدير المخابرات الجوية السابق.. ماذا نعرف عن جميل حسن؟
  • جباليا النزلة: مخيمات غارقة وسيول تحاصر النازحين في كارثة إنسانية متفاقمة
  • عاجل- منخفض جوي يعمّق معاناة النازحين في غزة ويغرق آلاف الخيام
  • خبير سياسي: مصر الوحيدة التي تواجه المشروع الدولي لتقسيم سوريا وتفكيك الدولة
  • الأمطار تغمر مخيمات النزوح في غزة وتزيد معاناة النازحين
  • نيويورك تايمز: مخيمات تنظيم الدولة في صحراء سوريا قنابل موقوتة
  • الأونروا: الأمطار تفاقم معاناة النازحين في غزة وتُغرق الخيام وسط خطر تفشّي الأمراض