في بريطانيا .. رضيع مات من الجوع وحيدا بجانب جثة والده
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
سرايا - أحدثت وفاة الطفل البالغ من العمر عامين برونسون باترسبي الذي تُرك لأيام بجوار جثة والده، صدمة في بريطانيا، مثيرة تساؤلات حول إخفاقات محتملة من جانب الشرطة أو الخدمات الاجتماعية.
وعُثر على جثة الطفل في 9 يناير بجانب جثة والده كينيث (60 عاما) في شقتهما في منطقة سكيغنيس الساحلية في شمال إنكلترا.
وبحسب الصحف البريطانية، توفي كينيث باترسبي بنوبة قلبية بعد أيام قليلة من عيد الميلاد، ووجد الطفل الصغير نفسه وحيدا، من دون ماء أو طعام.
وقالت سارة بيسي، والدة الطفل الأشقر الذي انتشرت صورته في وسائل الإعلام، إن ابنها توفي بسبب الجوع، ملقية باللائمة على الخدمات الاجتماعية في مقاطعة لينكولنشر.
وصرّحت الوالدة في مقابلة مع صحيفة "ذي صن" البريطانية "لو قاموا بعملهم، لكان برونسون لا يزال على قيد الحياة"، مضيفة أن كينيث باترسبي توفي بحدود 29 ديسمبر تقريباً.
وقالت والدة الطفل، التي لم تكن تعيش معه ولم تره منذ نوفمبر، إنها "مسكونة" بفكرة بحث ابنها اليائس عن الطعام بعد وفاة "كيني"، شريكها السابق الذي انفصلت عنه وأنجبت منه طفلين آخرين.
وكان الطفل برونسون ووالده قيد المتابعة من الخدمات الاجتماعية المحلية، وكان آخر اتصال للأم بطليقها في 27 ديسمبر.
وقالت مديرة الخدمات الاجتماعية في مقاطعة لينكولنشر هيذر ساندي "إننا ندرس القضية حالياً مع شركائنا من أجل فهم الظروف بشكل أفضل، وننتظر أيضاً نتائج التحقيق" الذي تجريه المحاكم.
ظروف "مروعة"
تقول الخدمات الاجتماعية إنها أخطرت الشرطة مرتين: الأولى في الثاني من يناير، عندما ذهبت مساعدة اجتماعية إلى منزل باترسبي لتحديد موعد لكنها لم تتلق أي رد.
وبعد "البحث عن عناوين أخرى يمكن أن يكون فيها الطفل"، عادت المساعدة الاجتماعية إلى عنوان الطفل ووالده الأساسي بعد يومين وقدمت بلاغاً جديداً إلى الشرطة، بسبب عدم تلقيها أي رد أو ملاحظة أي حركة في المكان.
وبعد خمسة أيام، قيل إنها حصلت أخيراً على مفتاح من صاحب الشقة، فدخلتها وعثرت على الجثتين. هذه المساعدة الاجتماعية التي ستخضع ردة فعلها للتقويم، أخذت إجازة بعد هذه "التجربة المؤلمة".
وقد أحيلت القضية إلى الشرطة البريطانية التي أكدت الخميس أنها تجري تحقيقاً في الإخفاقات المحتملة من جانب عناصرها في لينكولنشر.
وقال القائد الإقليمي للشرطة ديريك كامبل "إن الظروف المروعة التي توفي فيها كينيث وبرونسون أقل ما يقال عنها إنها صادمة"، مضيفاً "سنرى ما إذا كانت الشرطة قد فوتت أي فرصة للتحقق من حالة باترسبي (الأب) وبرونسون (الطفل) في وقت سابق".
وعلق مات وارمان، النائب المحافظ عن مدينة سكيغنيس، قائلاً "تسلط هذه المأساة الضوء على أهمية دور الجيران. سكيغنيس مكان تسود فيه روح مجتمعية حقيقية وأعرف مدى الحزن الذي يشعر به السكان".
وحاولت ميلاني باترسبي، أخت برونسون غير الشقيقة، تهدئة الأمور الجمعة، قائلة إن عناصر الشرطة والخدمات الاجتماعية "فعلوا ما في وسعهم" وليسوا مسؤولين عن المأساة.
وقالت في مقابلة مع "بي بي سي" إنها "راضية" عن إجراء السلطات المحلية تحقيقاً داخلياً "لتقويم ما إذا كان هناك أي تقصير أو إخفاقات" قبل وفاة برونسون.
وقالت ميلاني باترسبي (37 عاماً) إن والدها كينيث أصيب بالفعل بنوبة قلبية قبل أشهر قليلة من وفاته.
وأضافت أن الأخير "كان يعشق" برونسون و"بذل قصارى جهده من أجل هذا الطفل الصغير حتى أنفاسه الأخيرة".- فرانس برس
إقرأ أيضاً : هل وافقت مصر أخيرًا على احتلال "إسرائيل" لمحور فيلادلفيا؟إقرأ أيضاً : ماذا يعني سحب عشرات المستثمرين العرب مشروعاتهم من مصر بسبب أزمة الدولار؟ إقرأ أيضاً : جيش الاحتلال يعلق عملياته العسكرية في غزة مؤقتا لفترات محددة - تفاصيل
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: الخدمات الاجتماعیة
إقرأ أيضاً:
هل سمعت من قبل عن “أيام الكلب”؟ إنها أكثر حرارة مما تتخيل!
في كل صيف، ومع ارتفاع درجات الحرارة إلى ذروتها، يظهر في الإعلام الغربي تعبير يعود إلى قرون مضت: “Dog Days of Summer”، أو ما يُعرف تقليدياً بـ”أيام الكلب”.
وراء هذه العبارة تاريخ طويل يجمع بين الرصد الفلكي والموروث الشعبي وتغيرات الطقس، وهي ظاهرة ما تزال تثير الفضول حتى اليوم، خاصة مع تزايد الحديث عن الاحتباس الحراري وطول فترات الحر.
مصطلح “أيام الكلب” لا يُشير إلى الحيوانات الأليفة، بل إلى نجم “الشعرى اليمانية”، ألمع نجم في السماء، والذي يظهر في كوكبة تُدعى “الكلب الأكبر” (Canis Major).
منذ آلاف السنين، لاحظ الإغريق والرومان أن هذا النجم يظهر فجراً في توقيت يتزامن مع أشد أيام الصيف حرارة، وبما أن ظهوره كان يقترن بموجات الحر، فقد ارتبط في أذهانهم بالأمراض، والتوتر، وفترات اللااستقرار، ومن هنا وُلد المصطلح الذي ما زال يُستخدم في اللغة الإنجليزية حتى اليوم، رغم أن الارتباط بين النجم والحرارة لم يثبت علمياً.
في الثقافات القديمة، أخذت هذه الظاهرة معاني متباينة؛ ففي مصر القديمة، كان طلوع الشعرى إشارة إلى فيضان النيل، وهو حدثٌ موسميٌّ كان مؤشراً على موسم خصب.
أما في الموروث الإغريقي والروماني، فقد كانت هذه الأيام تُعد نذير شؤم، وكان الناس يتجنبون اتخاذ قرارات كبيرة أو بدء الحروب خلالها.
العرب بدورهم لم يستخدموا مصطلح “أيام الكلب”، لكنهم قسّموا الصيف إلى مراحل مثل “القيظ” و”جمرة القيظ” التي تشير إلى أكثر فترات فصل الصيف ارتفاعاً في درجات الحرارة، وكان طلوع نجم الشعرى محسوباً في تقاويمهم الفلكية والزراعية.
فلكياً، يُعد ظهور نجم الشعرى اليمانية حدثاً دقيقاً، لكن فترة “القيظ” منه لم يسهل تحديدها بدقة علمياً، ففي التقويم الغربي، تمتد تقليدياً بين 3 يوليو/تموز و11 أغسطس/آب، إلا أن هذه الفترة تختلف من مكان لآخر بحسب خطوط العرض والظروف المناخية.
وفي الشرق الأوسط، مثلاً، تبدأ موجات الحر الشديد في يونيو/حزيران، وغالباً ما تستمر حتى سبتمبر/أيلول، دون أن يُطلق عليها اسم خاص مشابه.
ومع تصاعد حدة التغير المناخي العالمي، باتت هذه الفترة أكثر من مجرد ذكرى موسمية.
وفقاً للبيانات المناخية، فإن “أيام الكلب” باتت تمتد أطول، وتتسم بدرجات حرارة أعلى، مع زيادة في الرطوبة وركود الرياح، هذه الظروف تخلق بيئة مناسبة لارتفاع استهلاك الكهرباء، وتراجع جودة الهواء، وزيادة احتمالات الحرائق، ما يضع الحكومات أمام تحديات إضافية كل عام.
ولا يقتصر تأثير هذه الظاهرة على الطقس فقط، فبحسب دراسات حديثة، تزداد خلال هذه الفترة معدلات الضغط النفسي، والتوتر، ونوبات الغضب.
كما لوحظ ارتفاع في معدلات الجريمة في بعض المناطق، خاصة تلك التي تفتقر إلى وسائل التبريد أو تعاني من تردّي الخدمات الأساسية.
في المدن الكبرى، يُسجَّل ارتفاع ملحوظ في حالات الطوارئ الصحية، نتيجة ضربات الشمس أو الإجهاد الحراري، لا سيما بين كبار السن والعُمّال والمشرَّدين.
على المستوى الثقافي، كانت لهذه الأيام مكانة خاصة في الأدب والفولكلور؛ ففي المسرحيات الإنجليزية الكلاسيكية، كُرّست “أيام الكلب” كرمز لفوضى الصيف واختلال المزاج العام. وتُستخدم عبارة “The dog days are over” في الإنجليزية الحديثة للدلالة على نهاية فترة صعبة.
أما في الثقافة العربية، فلا يوجد مقابل لغوي مباشر، لكن تُستخدم تعبيرات مثل “حرّ لافح” أو “جمرة القيظ”، وتظهر في الأمثال والتحذيرات الشعبية خلال مواسم الصيف القاسية.
التعامل الشعبي مع هذه الفترات يختلف من منطقة لأخرى، حيث يلجأ الناس في الشرق الأوسط إلى تجنّب الحركة في ذروة النهار، وارتداء ملابس خفيفة، والإكثار من السوائل، أما في المدن، فتزداد الحركة في الليل، بينما تعتمد الحكومات على نشرات التوعية الصحية، وتُصدر تحذيرات دورية، وتنصح بتجنب التعرّض الطويل للشمس.
لكن رغم هذه الإجراءات، تظل “أيام الكلب” تمثّل تحدياً متجدداً، خاصة مع تصاعد التغير المناخي، الذي جعل الصيف أكثر شدّة، وغير متوقع في بعض المناطق.
لقد تحوّلت هذه الظاهرة من مؤشر فلكي موسمي إلى مرآة تعكس واقعاً بيئياً متقلّباً، يتطلب مراجعة سياسات التكيّف مع الطقس، لا سيما في الدول التي تعاني من بنية تحتية ضعيفة.
ورغم أن المصطلح قد يبدو غريباً في السياق العربي، إلا أن الظاهرة ذاتها مألوفة لكل من عاش في منطقة حارة، فما تُسمّيه بعض الثقافات “أيام الكلب”، يعرفه سكان الخليج، وبلاد الشام، وشمال أفريقيا، كفصل طويل من التكيّف والتحمّل، وهو ما يجعل هذه الظاهرة فرصة لفهم أعمق للعلاقة المعقّدة بين الطقس والتاريخ والثقافة والإنسان.
بي بي سي عربي
إنضم لقناة النيلين على واتساب