كامبالا-سانا

طالب المشاركون في قمة الجنوب الثالثة الاحتلال الإسرائيلي بالانسحاب من الجولان السوري المحتل ومن جميع الأراضي العربية المحتلة بينما أكدوا رفضهم الكامل لكل أشكال الإجراءات الأحادية المفروضة على البلدان النامية.

واعتمد المشاركون في القمة في ختام أعمالهم اليوم في العاصمة الأوغندية كامبالا وثيقة طالبوا فيها “إسرائيل” القوة القائمة بالاحتلال بالانسحاب من الجولان السوري المحتل ومن باقي الأراضي اللبنانية والفلسطينية المحتلة والرفع الفوري والكامل للحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة والذي يشكل عقاباً جماعياً واسع النطاق داعين إلى التنفيذ الكامل والفوري للقرارات الدولية ذات الصلة بما فيها القرارات التي اتخذتها الأمم المتحدة في أعقاب العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع للشهر الرابع.

ودعت الوثيقة إلى التفكيك الكامل والوقف الفوري لجميع أنشطة الاحتلال الاستيطانية غير القانونية في الجولان السوري المحتل والأراضي الفلسطينية بما فيها القدس المحتلة معتبرة أن الاحتلال لا يزال يشكل العقبة الرئيسية أمام الجهود الرامية لتحقيق التنمية المستدامة والبيئة الاقتصادية السليمة في الجولان السوري المحتل وفلسطين.

وطالبت الوثيقة “إسرائيل” بوقف اعتداءاتها على سورية باعتبارها انتهاكاً لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وتهدد حياة المدنيين وتعيق العمليات الإنسانية للأمم المتحدة.

وشددت الوثيقة على الرفض القاطع لفرض قوانين وأنظمة تتجاوز آثارها الحدود الإقليمية وجميع الأشكال الأخرى من التدابير الاقتصادية القسرية بما في ذلك الإجراءات الانفرادية ضد البلدان النامية محذرة من أن مثل هذه الإجراءات لا تقوض المبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي فحسب بل تهدد حرية التجارة والاستثمار داعية المجتمع الدولي لاتخاذ تدابير عاجلة وفعالة لرفعها فوراً.

وأكد المشاركون مواصلة العمل من أجل تحقيق نظام اقتصادي عادل يكون للدول النامية دور فاعل فيه وإصلاح النظام المالي بما يتناسب مع المستجدات والتحولات التي طرأت على الساحة الدولية خلال العقود الثمانية الماضية.

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

كلمات دلالية: الجولان السوری المحتل

إقرأ أيضاً:

المزيريب.. نحيب المياه الغائرة وأطلال بحيرة كانت عروس الجنوب السوري

درعا- وأنت تنطلق من مدينة درعا باتجاه الريف الغربي، وبعد أن تسير 11 كيلومترا في طريق تحفّه أشجار الكينا من جانبيه وكأنها صبايا واقفة بشموخ للترحاب بك، تصل بك الدرب إلى حيث كانت بحيرة "المزيريب" تلمع كمرآةِ عروس، وأمواجها الرقراقة تداعب النسائم المسائية التي تمر على وجوه المصطافين فتنعشهم بقبلاتها، وتفيض بمائها لتروي العطاش في محافظتين كاملتين درعا والسويداء.

لكن يصدمك أن البحيرة التي كانت ميدانا لأنواع الأسماك الوفيرة غدت بستانا مزروعا بمحاصيل الخضراوات الموسمية. فأين هي البحيرة التي كانت روح المكان؟ لا تجد إلا الأطلال ولا تسعفك القصائد وأنت واقف تملؤك الغصة وأنت تراها قد أفلت عن الدنيا.

في السنوات الأخيرة، كانت البحيرة تعاني ما يشبه النزاع، فكانت تجف صيفا لكنها تعود إلى الانبثاق من قلب الأرض مع الشتاء الذي يغذي ينابيعها، لكنها اليوم ما عادت كذلك وكأنك تسمع نحيبها على إعلان وفاة بحيرة كانت ذات يوم ملاذا للصيادين، ومزارا للمتنزهين، ومصدرا للري والشرب، فطويت صفحتها وأعلن عن وفاتها المؤسفة.

بحيرة المزيريب في ريف درعا الغربي كانت متنفسا سياحيا ومزارا للعائلات السورية (سانا) نبض حياة

لم تكن بحيرة المزيريب مجرد مسطح مائي بطول كيلومترين وعرض نصف كيلومتر، بل كانت نبض حياة كاملة، ومثلت موردا إستراتيجيا لمحافظة درعا، فكانت الدخل السياحي الأكبر إلى جانب بصرى الشام، كما مثلت واحة للتوازن البيئي المانع من هجوم التصحر الناعم على الأرض الحورانية.

كما كانت الخزان الذي يسقي البشر والحيوان والأرض في عموم المنطقة، وكانت تصل مياه ينبوعها الرقراق الصافي -الذي كان من أعذب مياه الشرب في سوريا كلها- إلى محافظة السويداء عبر مشروع رسمي لري وجر المياه تم إنجازه بداية تسعينيات القرن الماضي.

وكأن هذا المشهد فيه تجسيد للسياسات المجحفة التي أنهكت البلاد من النظام السابق، ففي الوقت الذي كانت تشرب فيه السويداء مياه ينابيع المزيريب العذبة، كانت البلدة محرومة من الشرب من ينابيعها فيسقى أهلها من آبار ارتوازية حفرتها مؤسسة الريّ لتقديم مياه الشرب للبلدة، وكانت هذه الآبار لا تكفي حاجتهم وعرضة للجفاف المستمر فكان ينطبق على البلدة بأجلى صورة قول طرفة بن العبد:

إعلان

كالعيس في البيداء يقتلها الظّما.. والماء فوق ظهورها محمولُ

تحولات جذرية

منذ عام 2011 ومع انطلاقة الثورة السورية، شهدت بحيرة المزيريب تحولات جذرية بسبب انهيار المؤسسات الحكومية وانشغال النظام بمؤسساته في قمع الشعب الثائر.

وأخذ الماء يفر منها كما لو أنه يعلن الإضراب عن الخدمة مشاركا في ثورة مرت عليها سنون بالغة القسوة، فانخفض منسوب المياه تدريجيا، حتى دخلت البحيرة في مرحلة النزاع منذ صيف 2017، فتحولت إلى مشهد موسمي هش لا يستمر حضوره إلا في الربيع ولا يمتد إلا على مدى بضعة أسابيع.

ولست بحاجة إلى جهد كبير في التفتيش عن السبب، فأكثر من 4 آلاف بئر حُفرت عشوائيا في محافظة درعا، تجاوز أكثر من 200 منها الخطوط المغذية مباشرة لأم النبع التي تغذي بحيرة المزيريب، وكل هذا كان حفرا بلا أدنى تخطيط، أزاح عروق الماء عن مساراتها، وشق باطن الأرض بحثا عن قطرة من أجل سقاية المزارع المحيطة بالبلدة من كل جانب غير آبه بعواقب الجفاف، فكانت كمن قتل الأم للحفاظ على حياة الجنين فقطع الحبل السري عن الجنين فماتا معا.

ويقول موظف سابق بمديرية الري إن الحفر العشوائي قطع شرايين البحيرة، وغيّر خريطة التغذية الجوفية، فماتت المزيريب عطشا، وبدل حفر البئر بترخيص بعد دراسة تأثيراته من حيث موقع البئر وغزارتها، أصبح غصن زيتون يهتز في يد "خبير شعبي" هو البوصلة الوحيدة لتحديد موضع الحفر دون إدراكٍ لفداحة العواقب.

مخاطر الآبار

مع تراجع المياه وجفاف النبع؛ توقفت محطات الضخ وجفت الحقول وأُجبر المزارعون على اللجوء لبدائل مكلفة، فلك أن تتخيل أن تكلفة تشغيل مضخة بئر واحدة لا تتم إلا بوقود يُباع بأسعار فلكية، فالبئر التي كانت منقذا مؤقتا، تحولت إلى عبء دائم، وأداة أخرى في مسلسل استنزاف المخزون المائي والمالي للناس.

وعلى ضفاف بحيرة المزيريب كانت الحركة التجارية مزدهرة، فترى صيادي السمك، وباعة المثلجات والآيس كريم والسمك، وأصحاب القوارب الحديدية والبلاستيكية قد وجدوا جميعا في البحيرة مصدرا للرزق. أما اليوم، فالمحال خاوية على عروشها، والسمك يُستورد من الساحل أو من أرياف حماة حيث نهر العاصي، ولا سياحة تزين الربيع بصخب العائلات والأطفال.

إعلان

إن مأساة بحيرة المزيريب ليست سوى مرآة لواقع المياه في سوريا بأكملها، فما يجري هناك، جرى لينابيع وبحيرات أخرى في المحافظة. فلم تعد بحيرة العجمي موجودة ولا شلالات تل شهاب وزيزون بقي لها أثر، ويجري الأمر كذلك بصمتٍ في ينابيع حماة، وفي سهول الغاب، وعلى ضفاف الفرات.

وما لم تُصغ الآذان لنداء الأرض، وما لم تُردم الآبار المخالفة وتُعاد هيكلة إستراتيجيات إدارة الموارد، فإن الخطر القادم أعظم، فالماء ليس مجرد مورد، إنه الحياة. وبحيرة المزيريب شاهد عدل على ذلك.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: منع “إسرائيل” للمساعدات يجعل غزة المنطقة الأكثر جوعا على الأرض
  • المقرر الأممي: إسرائيل تمنع الأمم المتحدة من إيصال المساعدات إلى غزة
  • الأمم المتحدة: إسرائيل تستخدم التجويع آلية لتهجير الفلسطينيين من غزة
  • تركيا تدين قتل إسرائيل 5 عاملين بهيئة إغاثية تابعة لها بغزة
  • إسرائيل تهاجم الأمم المتحدة بعد رفضها التعاون مع مؤسسة غزة الإنسانية
  • المزيريب.. نحيب المياه الغائرة وأطلال بحيرة كانت عروس الجنوب السوري
  • لجنة الشئون العربية بنقابة الصحفيين تدعو الأعضاء للمشاركة فى أعمالها
  • بيان هام من الأمم المتحدة حول قصف إسرائيل لمطار صنعاء
  • كتاب بريطانيون وأيرلنديون يدعون إلى وصف حرب إسرائيل على غزة بـالإبادة
  • انتقدت آلية إيصال المساعدات الجديدة.. الأمم المتحدة تطالب بفتح المعابر إلى غزة