تسبب عدوان الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية في خسائر بشرية كبرى لا تعوض، إضافة إلى خسائر اقتصادية نابعة من دمار البنية التحتية، وتضرر القطاعين الزراعي والحيواني بشكل خاص.

وأجرى الباحثون حول العالم دراسات عدة للتحقق من مدى تأثير الحروب واستخدام الأسلحة على ناتج الأنشطة الزراعية وكفاءة التربة، الأمر الذي أكد بالفعل تأثر الزراعة في مناطق النزاع المسلح نتيجة عوامل مختلفة.

ويمتد تأثير الاعتداءات المسلحة خارج حدود الأراضي المتضررة، فيؤثر في سلسلة إنتاج الغذاء العالمي، وهو ما حدث بالفعل جراء الحرب الروسية الأوكرانية التي أدت إلى ارتفاع كبير في أسعار سلع غذائية رئيسية حول العالم.

دراسة تؤكد تأثر تربة مدينة فردان الفرنسية التي شهدت أحداث الحرب العالمية الأولى (شترستوك) الحروب تهلك الحرث والتربة

في شهر يونيو/حزيران 2022، نشرت منصة "ساينز نيوز" تقريرا يرصد الأضرار الحادثة في القطاع الزراعي الأوكراني جراء الحرب الروسية الأوكرانية، وأوضح التقرير أن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "فاو" توقعت فشل حصاد نحو 20% من المحاصيل المزروعة في فصل الشتاء، وانخفاض معدل حصاد القمح إلى نحو النصف.

وأشار التقرير إلى دراسة أجراها الباحث جوزيف هوبي من أجل التعرف على التغيرات الحادثة في تربة بعض مناطق مدينة فردان الفرنسية التي شهدت أحداث الحرب العالمية الأولى، عبر فحص الحفر الناتجة من القصف، ووجد هوبي قطعا من الأحجار الجيرية بين طبقات التربة العميقة، ولاحظ تغير أسلوب تدفق المياه في المناطق المحيطة بهذه الحفر، مما أدى إلى تغير أنماط نمو النباتات.

وإضافة إلى ما سبق، أوضح التقرير المخاطر المقترنة بمرور الدبابات فوق الأراضي الزراعية مسببة انضغاط التربة، وهو ما قد يسبب انخفاض ناتج المحاصيل الزراعية بنسبة تصل إلى 60% بسبب صعوبة وصول جذور النباتات إلى المغذيات في التربة، وصعوبة اختراق المياه والمخصبات الزراعية طبقات التربة نفسها.

وأخيرا ذكر التقرير أن التلوث الكيميائي الذي قد ينتج من استخدام الذخيرة والأسلحة الكيميائية، إضافة إلى البقايا الحيوانية، عوامل تفسد التربة، وربما يمتد هذا الضرر إلى عقود عدة.

القصف الأميركي لكمبوديا منذ 52 عاما أدى إلى استمرار تضرر قطاعها الزراعي حتى وقتنا الحالي (شترستوك) ضرر يمتد عقودا طويلة

من ناحية أخرى، أوضح تقرير نشرته منصة "ذا إيكونومست" أن القصف الأميركي لدولة كمبوديا منذ نحو 52 عاما أدى إلى استمرار تضرر قطاعها الزراعي حتى وقتنا الحالي.

وأشار التقرير إلى دراسة أجرتها الباحثة إرين لين تبينت منها أن المزارعين الكمبوديين قد يتجنبون ممارسة الزراعة في المناطق ذات التربة الداكنة خوفا من احتوائها على مواد قابلة للتفجير، خاصة تلك التي تعرضت لقصف شديد.

وأوضحت الدراسة أيضا أن المزارع الموجودة في المناطق الخصبة التي تعرضت للقصف صارت غير منتجة.

وقدرت لين أن المزارعين الموجودين في الأراضي التي تعرضت للقصف استغلوا مساحة أقل بنحو 12% من أراضيهم مقارنة باستغلال الأراضي الناجية من القصف، مما أدى إلى انخفاض العائد من بيع محصول الأرز بنسبة 40%.

حظائر الثروة الحيوانية في غزة كانت هدفا رئيسيا لطائرات الاحتلال الإسرائيلي (الجزيرة – نبيل أبو خاطر) خسائر زراعية ضخمة وممتدة

أكدت مدير عام خدمات المزارعين إيمان جرار في حديث مع "الجزيرة نت" أن الوضع في غزة "خطير جدا وسوداوي". وأضافت أنه "رغم استحالة حصر الخسائر بدقة، أشار تقرير جهاز الإحصاء المركزي إلى إبادة مزارع دواجن وخضراوات بالكامل في شمال القطاع، إضافة إلى تدمير أغلب قوارب الصيد، وتضرر الآبار الجوفية البالغ".

وتتوقع جرار أن تفقد مساحات واسعة من الأراضي الزراعية قدرتها الإنتاجية مستقبلا جراء الاعتداء المسلح واستخدام الأسلحة المحرمة دوليا مثل القنابل الفوسفورية، إضافة إلى تأثير مرور المعدات الثقيلة فوق تلك الأراضي. ومن الطبيعي أن يؤدي هذا الدمار إلى جانب الاعتداءات المستمرة؛ إلى تهجير المزارعين القسري خارج أراضيهم.

وصدر تقرير عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في 28 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أكد خسارة القطاع الزراعي نحو مليوني دولار أميركي يوميا بسبب توقف عجلة الإنتاج.

تقرير جهاز الإحصاء المركزي أشار إلى إبادة مزارع دواجن وخضراوات بالكامل في شمال القطاع (الجزيرة – نبيل أبو خاطر) انعدام الأمن واستحالة المعيشة

تواصلت الجزيرة نت مع رئيس اتحاد الفلاحين الحاج عزام للوقوف على الوضع الحالي للمزارعين وأولئك ممن يعملون في مجال تربية الحيوانات والطيور.

وأكد عزام أن اعتداءات الكيان الصهيوني طالت جميع المحاصيل الزراعية وأضرت بالثروة الحيوانية ضررا كبيرا نظرا لوجود الأراضي الزراعية قرب الشريط الحدودي للقطاع.

وأوضح أن "بركسات الثروة الحيوانية كانت هدفا رئيسيا لطائرات الاحتلال، مما أدى إلى نفوق عدد كبير من الحيوانات والطيور".

وعن وضع المزارعين أنفسهم أوضح عزام أن "تكرار الاعتداءات على الأراضي الزراعية خلال فترات قصيرة أدى إلى خسائر بشرية ضخمة، حيث استشهد عدد كبير من أولئك المزارعين في محاولة ممارسة أعمالهم، وذلك إلى جانب الخسائر الاقتصادية الناتجة من حصار القطاع، مما أدى إلى انعدام الإنتاج وارتفاع أسعار كل أنواع المنتجات".

وأكد عزام أن المزارعين الناجين من القصف يتركون أراضيهم إما هربا من الاعتداءات، وإما بسبب التهجير القسري الذي تفرضه قوات الاحتلال.

نموذج من الخسائر التي رصدها الشهيد نبيل أبو خاطر في الثروة الحيوانية (الجزيرة) المجاعة خطر إضافي

وفي محاولة التواصل مع أي من المزارعين داخل قطاع غزة للوقوف على الوضع، أكدت إيمان جرار فشلها في التواصل مع أي منهم.

وعلقت: "المزارعون -وأهل غزة بوجه عام- يعانون مخاطر القتل جراء الاعتداءات المستمرة، كما يعانون التهجير، ويطوف حولهم شبح المجاعة بسبب تدمير الأراضي وصعوبة وصول المساعدات إليهم. ولا يفكر أهل غزة حاليا إلا في كيفية النجاة، لذا يستحيل التواصل معهم".

وأوضحت جرار أن الصور التي حصلت عليها الجزيرة صورها المهندس الزراعي المتقاعد نبيل أبو خاطر الذي تطوع من أجل رصد مختلف الخسائر التي عانت منها الثروتان الزراعية والحيوانية داخل القطاع، وإثبات الخسائر التي تعرّض المزارعون لها، ونقل الوضع العام إلى دائرة خدمات المزارعين، وقد استشهد في أثناء أداء هذه المهمة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الأراضی الزراعیة مما أدى إلى إضافة إلى

إقرأ أيضاً:

تصعيد جديد .. الاحتلال الإسرائيلي يُشن هجمات على حزب الله داخل الأراضي اللبنانية

قال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه قضى، أمس السبت، على أحد عناصر حزب الله، في استمرار للانتهاكات الإسرائيلية بحق السيادة اللبنانية.

وزير الخارجية الإيراني: لا ثقة بإسرائيل وأمريكا في التزامات غزة.. ولا محادثات تتجاوز الملف النووينصف مليون فلسطيني يعودون إلى شمال غزةالصين ترد على تهديدات الرسوم الأمريكية : ليست الطريقة الصحيحة للتعامل معناالسفارة القطرية بالقاهرة تعرب عن حزنها لوفاة دبلوماسييها الثلاثة.. وتثمن تعاون السلطات المصرية في الحادث

وبرر جيش الاحتلال اختراقه للبنان وفق زعمه بأن عنصر الحزب كان يهم بمحاولة إعادة إعمار بنى تحتية عسكرية في جنوب لبنان.

وأضاف الجيش الإسرائيلي أنه هاجم آلية هندسية استخدمها حزب الله لإعمار بنى تحتية عسكرية في منطقة بليدا جنوب لبنان.

طباعة شارك الجيش الإسرائيلي حزب الله جيش الاحتلال الإسرائيلي

مقالات مشابهة

  • مدير مجمع الشفاء: الحاجة ماسة لمستشفيات بديلة عن التي دمرها الاحتلال
  • السد ورقة سياسية.. أحمد موسى: إثيوبيا عندها مساحات هائلة من الأراضي الزراعية والمياه
  • ضمن الموجة الـ27.. إزالة 17 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية بالفيوم
  • تصعيد جديد .. الاحتلال الإسرائيلي يُشن هجمات على حزب الله داخل الأراضي اللبنانية
  • بوتين: سنطبق التقنيات الرقمية في القطاع الزراعي بشكل استباقي
  • إزالة 6 حالات تعد على الأراضي الزراعية في كفر الشيخ
  • إزالات فورية للتعديات على الأراضي الزراعية بكوم حمادة والدلنجات
  • إزالات فورية لحالات التعدي على الأراضي الزراعية والمتغيرات المكانية بمنوف والشهداء والتلا
  • المدن التي دمرتها الحروب حول العالم.. غزة في المقدمة
  • الاطلاع على مشاريع استصلاح الأراضي الزراعية والتمكين الاقتصادي في مقبنة