موقع النيلين:
2025-05-18@22:08:28 GMT

لماذا يُغيّرون عقائدهم العسكرية؟

تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT


فى الأسبوع الماضى، أطلقت بيلاروسيا نسخة محدّثة من العقيدة العسكرية للبلاد، وقد أتى هذا التغيير بعد تغييرات مماثلة جرت فى جيوش دول عدة؛ مثل: روسيا الاتحادية، واليابان، وألمانيا.

لا يستهدف هذا المقال تحليل العقيدة العسكرية الجديدة لبيلاروسيا، أو مقارنتها بالعقيدة السابقة، كما لا يناقش التغييرات التى جرت على العقائد العسكرية لجيوش أخرى، ظلت عقوداً تعتمد نهجاً عسكرياً محدّداً، قبل أن تجد أنه من المناسب تعديله لتحقيق مصالح وطنية مُلحة أو لمواجهة تهديدات جديدة.

ولكن ما يستهدفه هذا المقال هو إلقاء الضوء على الطبيعة الديناميكية للعقيدة العسكرية فى أى بلد من البلدان، باعتبارها نهجاً ودليلاً قابلاً للتعديل من جانب، وعلى ضرورة أن تحدث التعديلات عندما تتغيّر موازين القوى الإقليمية والدولية، أو تستجد تحديات جدية من جانب آخر.

والعقيدة العسكرية يمكن تعريفها ببساطة بأنها «جميع المبادئ والأساليب التى تُمكّن القوات المسلحة من إدارة أعمالها فى السلم والحرب، والتى يتم استخلاصها من الأفكار والممارسات المختلفة النابعة من الخبرة العملية والدراسات النظرية»، كما يقول بعض المُنظّرين الاستراتيجيين.

وعندما نُدقّق فى التغييرات التى طرأت على العقائد العسكرية لدول مثل روسيا وألمانيا واليابان، فإننا نجدها تُمثل استجابة مطلوبة لتهديدات جديدة من جانب، أو محاولة لتغيير النهج العسكرى، بما يتضمّنه من آليات التسليح والانتشار، لمواجهة التطورات الاستراتيجية والأمنية الجديدة.

وفى حالة اليابان وألمانيا، سيُمكن أن نلحظ أن تغيير العقيدة العسكرية فى هذين البلدين إنما ارتكز فى جوهره على حتمية الخروج من «عُقدة تاريخية» معينة، وهى عُقدة مرتبطة بهزيمة البلدين فى الحرب العالمية الثانية، والنهج الذى اتبعه كلا الجيشين خلال تلك الحرب.

فيبدو أن البلدين وجدا أن إهمال تطوير القدرة القتالية لجيشيهما، والتعويل على «التحالفات» الدولية للنهوض بجانب كبير من مقتضيات الدفاع الوطنى، اتقاءً للشكوك القديمة، وانصرافاً إلى الاستثمار فى التنمية، أدى إلى خلل فى توازن القوى فى محيطيهما؛ سواء بسبب التهديدات الأمنية فى شرق آسيا فى حالة اليابان، أو بسبب التهديد الروسى فى ظل الحرب ضد أوكرانيا فى حالة ألمانيا.

ويعرف تاريخ الحروب بين الأمم ميراثاً من التنظير الذى يمكن تلخيصه فى مصطلح «عُقد التاريخ العسكرى»، الذى يتناول بدوره سجلاً من الانتصارات أو الهزائم المرتبطة بقرارات واستراتيجيات محدّدة، تتحول فيه السياسة التى أثمرت نجاحاً إلى عنصر تفاؤل واستبشار، بينما تنزوى السياسات التى جلبت هزائم فى صورة «عقدة تاريخية» أو نذر شؤم.

ولتبسيط الأمر، فإن النزعة الاستعمارية والهجومية للجيشين الألمانى واليابانى خلال الحرب العالمية الثانية، وما نجم عنها لاحقاً من هزيمة مريرة للبلدين، أثرت فى سيادة كل منهما واستقلاله أو وحدته، شكلت «عُقدة عسكرية» تاريخية، ظلت تهيمن على العقيدة العسكرية للبلدين، وتؤطر نهجهما العسكرى، وتحدد مساراته.

ولا يقتصر تاريخ «العُقد العسكرية» على الدول التى تعرّضت لهزائم عسكرية قاسية أثّرت فى سيادتها أو وحدة أراضيها فقط، لكنه يمتد إلى دول أخرى تعرّضت لتجارب عسكرية قاسية خارج حدودها.

ففى هذا الصدد مثلاً يتناول البعض تاريخ الانتشار العسكرى الأمريكى الخارجى من زاوية «فيتنام» فقط، فيما يُغض الطرف عن 18 تدخّلاً أمريكياً ظافراً على مدى القرن العشرين، وهو الأمر الذى كرّس ما عُرف بـ«عُقدة فيتنام» فى الأدبيات السياسية والعسكرية الأمريكية.

لكن على العكس من ذلك تماماً، وفى مواجهة المدافعين عن نهج الانسحاب الأمريكى من العالم، يبرز قادة ومنظرون استراتيجيون يرون أن الانسحاب امتثالاً لعُقدة تاريخية ما ليس الحل الأمثل فى جميع الأحوال. ويشرح المؤرخ الأمريكى روبرت كيجان، فى كتابه «الغابة تعود إلى النمو»، أهمية بقاء الجيش الأمريكى منتشراً فى المناطق التى ترى واشنطن أنها مهمة لتحقيق أمنها القومى وصيانة مصالحها، معتبراً أن «نشر الجنود خارج الديار هو أمر سيئ، لكنه يحدث تجنّباً للأكثر سوءاً، وبقاؤهم داخل الحدود آمنين هو أمر جيد، لكن يجب ألا ينطوى ذلك على خسارة أمننا القومى وتعريض حياتنا للخطر».

لقد خلص الفكر الاستراتيجى العالمى إلى ضرورة المرونة فى تحديد نطاق الانتشار العسكرى والعمليات العسكرية، وفقاً لطبيعة التهديد، وميزان القوى بين الأطراف المتصارعة، وتكلفة الكمون.

وفى إقليمنا، وجدنا أن الأمريكيين والروس والأتراك والإيرانيين وبعض أشقائنا العرب، وغيرهم، قاتلوا أو انتشروا عسكرياً خارج أراضيهم، وهم ينتصرون أو يتعرّضون للخسائر، لكنهم يحقّقون مصالح وطنية، ولا يمكن تجاوزهم عند محاولة الوصول إلى حلول سلمية، أو عند تفادى المغارم وتوزيع المغانم.

وفى هذا السياق، يخبرنا تاريخ العقائد العسكرية، وأساليب استخدام القوة الصلبة للأمم، أنه من الضرورى أن تخضع تلك العقائد والأساليب لاعتبارات المصلحة الوطنية المتغيرة، وللحسابات الدقيقة التى تتعلق بالتكاليف والعوائد، وليس الارتهان للعُقد التاريخية.

ياسر عبدالعزيز – الوطن نيوز

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

وزير الاتصالات يفتتح فعاليات الاحتفالية السنوية لمبادرة قدوة. تك

أكد الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أن استراتيجية مصر الرقمية التى أطلقتها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات منذ أكثر من 7 أعوام تستهدف بناء مجتمع رقمى متكامل يتم من خلاله تمكين كافة المواطنين من استخدام التكنولوجيا والاستفادة من إمكانياتها فى جميع مناحى الحياة؛ مضيفا أن مبادرة قدوة. تك التى أطلقتها الوزارة منذ 6 أعوام تأتى فى إطار تنفيذ هذه الاستراتيجية حيث تستهدف المبادرة تمكين المرأة المصرية فى كافة أنحاء الجمهورية من استخدام تكنولوجيا المعلومات فى تطوير مسارها المهنى وتحقيق طموحاتها.

جاء ذلك فى كلمة الدكتور عمرو طلعت التى ألقاها خلال افتتاحه فعاليات الاحتفالية السنوية الخامسة لمبادرة "قدوة. تك": مستقبل تمكين المرأة فى عصر التحول الرقمى 2025، والتى تعقد هذا العام تحت شعار "شراكات تعزز الأثر". وذلك بالتزامن مع مرور 6 سنوات على انطلاق المبادرة التى تهدف إلى تنمية المهارات الرقمية للمرأة المصرية، من خلال توظيف أحدث تقنيات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وأكثرها توافقًا مع احتياجاتها العملية والمجتمعية. كما تتزامن هذه الاحتفالية مع اليوم العالمى للاتصالات الذى يقام هذا العام تحت شعار "المساواة بين الجنسين فى التحول الرقمى".

وأشار الدكتور عمرو طلعت إلى أن المرأة هى قوام وعماد الأسرة والمجتمع المصرى؛ ومن هذا المنطلق تحرص وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على إتاحة برامجها التدريبية لكافة السيدات مع إطلاق مبادرات مخصصة للمرأة ومنها مبادرة قدوة. تك التى نجحت على مدار 6 سنوات فى تدريب أكثر من 30 ألف سيدة من مختلف المحافظات، وتدريب 55 رائدة معرفة، أسهمن فى نقل المهارات الرقمية لأكثر من 16 ألف سيدة داخل مجتمعاتهن، بالإضافة إلى رفع الوعى المجتمعى حول استخدام التقنيات الحديثة بما فى ذلك الذكاء الاصطناعى من خلال التعريف بإمكاناته وسبل الاستفادة منه والتحوط من مخاطره.

وأكد الدكتور عمرو طلعت على استمرار الوزارة فى توسيع قاعدة المستفيدات من المبادرة؛ مشيرا إلى أنه يلتقى بشكل مستمر خلال زياراته إلى المحافظات بنماذج ناجحة من السيدات ممن استفدن من مبادرة قدوة. تك ونجحن فى توظيف المهارات الرقمية التى اكتسبنها فى التسويق الرقمى لمنتجاتهن الحرفية.

وفى ختام الجلسة الافتتاحية قام الدكتور عمرو طلعت بتكريم عدد من الخبراء وممثلى الجهات المحلية والدولية الشريكة لمبادرة قدوة. تك، تقديرا لدورهم الفاعل فى تعزيز المهارات الرقمية للمستفيدات من المبادرة خلال العام الماضى.

كما قام بتكريم عدد من القدوات من النماذج الناجحة ممن اكتسبن مهارات رقمية عبر مسارات المبادرة التدريبية؛ إلى جانب تكريم صانعات الأثر من رائدات المعرفة والشركاء، تثمينا لجهودهن المستمرة فى استدامة نشر المعرفة وتعزيز الشمول المجتمعى الرقمى للمستفيدات من المبادرة.

يجدر الإشارة إلى أن مبادرة "قدوة.تك" نجحت خلال 6 سنوات فى تمكين نحو 32 ألف سيدة فى مختلف محافظات الجمهورية، عبر برامج متكاملة لبناء القدرات الرقمية، وتقديم خدمات التوجيه والدعم المستمر لقياس الأثر وحل التحديات باستخدام الحلول التكنولوجية.

كما ساهمت فى رفع الوعى المجتمعى عن التكنولوجيا المالية الرقمية والشمول المالى، وموضوعات ليها ابعاد تنمية مستدامة مثل الصحة الالكترونية والحماية الرقمية من خلال أكثر من 100 فعالية توعوية، وقد رسخت المبادرة نموذجًا مجتمعيًا مستدامًا قائمًا على نقل المعرفة من سيدة إلى أخرى، حيث تؤدى رائدات المعرفة دورًا فاعلًا فى تمكين أقرانهن من استخدام التكنولوجيا وتبادل الخبرات فى مجالات الحرف وإدارة المشروعات، مما يعزز فرص السيدات فى ريادة الأعمال ويسهم فى توسيع نطاق التمكين الرقمى من داخل المجتمع نفسه.

وخلال الاحتفالية؛ ألقى غمار ديب نائب الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى فى مصر، كلمة أشار فيها إلى دور البرنامج فى تعزيز التمكين الاجتماعى والاقتصادى للسيدات والشباب فى محافظات مصر، من خلال التعاون الوثيق والدائم مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ودوره فى خلق المزيد من فرص العمل لكافة الفئات فى المجتمع، وزيادة الاستثمارات من أجل تعزيز المساواة بين الجنسين ودعم جهود الوطنية للدول لتحقيق خطط التنمية المستدامة، انطلاقًا من أهداف التنمية الدولية.

وقدمت المهندسة هدى دحروج مستشار وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات للتنمية المجتمعية الرقمية، عرضاً تناولت فيه أبرز إنجازات مبادرة "قدوة.تك"، مستعرضة مدى توافقها مع الاحتياجات الفعلية للمرأة المصرية، ودورها فى تمكين الكوادر المحلية من صاحبات الاعمال الحرفية والخدمية ؛ وبناء شبكة من القدوات القادرات على قيادة التحول الرقمى فى مجتمعاتهن. حيث سلّط العرض الضوء على الحلول الرقمية المبتكرة التى وفّرتها المبادرة، خاصة فى مجالات الذكاء الاصطناعى، إلى جانب أثر الشراكات الفاعلة التى وفرت فرصًا حقيقية لدمج النساء فى الاقتصاد الرقمى المحلى والإقليمى والدولى، مع تبنى المبادرة للبُعد البيئى فى كافة مراحل التنفيذ. والإشارة إلى الرؤية المستقبلية للمبادرة، التى ترتكز على استراتيجية شاملة للمشاركة المجتمعية، ضمت حتى الآن أكثر من 25 شريكًا وطنيًا وإقليميًا ودوليًا، وأسهمت فى تقديم نماذج تكاملية ناجحة بين الدولة والمجتمع المدنى والقطاع الخاص، بما يضمن استدامة التمكين الرقمى والاقتصادى للمرأة المصرية، ويبرز قصص النجاح والتغيير المجتمعى الناتجة عن هذا التعاون.

طباعة شارك وزير اتصالات اتصال الدكتور عمرو طلعت التكنولوجيا الاستراتيجية

مقالات مشابهة

  • وزير الاتصالات يفتتح فعاليات الاحتفالية السنوية لمبادرة قدوة. تك
  • ماذا لو أحببنا الوطن.. .؟
  • حماس تدين المجرة التى حدثت واستشهاد 5 صحفيين وأفراد من عائلاتهم في غزة
  • حقائق و بديهيات «للأسف يجب ان تقال»
  • وجه طلبا لترامب.. ماذا قال الرئيس السيسي في كلمته بقمة بغداد؟
  • الرئيس السيسي: أطالب الرئيس ترامب ببذل كل ما يلزم من جهود لوقف إطلاق النار فى غزة
  • ننشر نص كلمة الرئيس السيسي في القمة العربية ببغداد
  • إبراهيم العنقري : لماذا يشارك علي البليهي
  • ذوي الإعاقة: المجلس يهتم بتوفير حياة مستقلة لأبنائنا
  • توريد 270 ألف طن قمح لصوامع أسوان