يترقب العالم قرار محكمة العدل الدولية بشأن حرب الإبادة التي تخوضها اسرائيل في غزة بعدما تقدمت دولة جنوب افريقيا بشكوي ضد الاحتلال الإسرائيلي.

وقالت جنوب افريقيا في الشكوي أن إسرائيل ارتكبت جرائم إبادة وتهجير وقدمت الأدلة الكافية علي ذلك، بينما تبرر إسرائيل القتل المتواصل التي تقوم قواتها به في قطاع غزة بإنها تدافع عن نفسها، وأن جرائم الحرب التي حدثت جاءت من جانب المقاومة الفلسطينية.

 

ولم تكتفي جنوب افريقيا بذلك بل قدمت بشكوي مستعجلة لوقف العدوان فورا وإدخال المساعدات وهو ما سيصدر بشأنه قرار اليوم الجمعة.

ويواصل الاحتلال الإسرائيلي قتل الفلسطنيين بشكل عشوائي متواصل حيث بلغت حصيلة العدوان الإسرائيلي الى 26083 شهيد و64487 اصابة منذ السابع من اكتوبر الماضي.

من جانبها قالت الكاتبة والباحثة السياسية الفلسطينية الدكتورة تمارا حداد، إن جمهورية جنوب أفريقيا قدمت دعوة لاستصدار قرار مستعجل لوقف الأعمال العدائية بحق المدنيين الفلسطينيين وإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.

وأضافت حداد في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز"، اليوم الأربعاء، أنه من المتوقع إذا وافق أغلبية قضاة محكمة العدل الدولية، فإن القرار المستعجل الذي له علاقة بالتدابير الاحترازية وليس القرار القضائي المتعلق بانتهاك الاحتلال اتفاقية منع الإبادة الجماعية التي تم التوقيع عليها عام ١٩٤٨، حيث إن القرار المتعلق بانتهاك اتفاقية الإبادة الجماعية يأخذ وقتا قد يصل أشهر أو سنوات لحين تجميع الأدلة من كلا الطرفين سواء إسرائيل أو مقدم الدعوة المتمثل بجمهورية جنوب أفريقيا.


وأوضحت حداد، أن القرار المرتقب صدوره يوم الجمعة المقبل، له علاقة بالقرار المستعجل وإن تدخلت ألمانيا والضغوطات الأخرى المتعلقة بالضغط على قضاة المحكمة حتى لا يصوتوا على القرار، فإذا كان الضغط عليهم بشكل عميق فإن القضاة لن يصوتوا حسب بلدانهم ولكن غالبية دول القضاة مع الاحتلال الإسرائيلي، لذا فإن إجماع القضاة أو عدم اجماعهم هو الأساس في استصدار القرار المستعجل.

وتابعت تمارا حداد: "إذا كانت الدول التي ينتمي لها القضاة راسخة في الوقوف إلى جانب إسرائيل فإن القضاة لن يصوتوا، أما إذا عملوا بشفافية عمل محكمة العدل الدولية فإن استصدار القرار هو الغالب".

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: إدخال المساعدات الاحتلال الإسرائيلي التدابير الاحترازية المقاومة الفلسطينية حصيلة العدوان الإسرائيلي حرب الإبادة جنوب أفريقيا محکمة العدل الدولیة

إقرأ أيضاً:

اللغة التي تفشل

تكتمل الكارثة بالعجز اللغوي عن وصفها. لم نعد قادرين على القول؛ لأن القول لم يعد قادرًا على ممارسة أفعاله، ولأن القول العاري من الإرادة موعود بخيانة نفسه. سولماز شريف، الشاعرة الأمريكية الإيرانية الأصل كانت قد كتبت ذات مرة:

«كل قصيدة فعل.

كل فعل عمل سياسي.

ولذا فكل القصائد سياسية». (اقرأ مقالتها «الخصائص شبه المشتركة بين السياسي والشعري: المحو» بترجمة مزنة الرحبية، على مجلة الفلق الإلكترونية).

تذكرنا شريف، فيما ننسى، بأن تسييس القصيدة ليس مسألة اختيار، بل هو شرط شعري مسبوق بشرط أول: أن تكون القصيدة فعلاً. فعل القصيدة شرط شعري لا حياد عنه. على القصيدة أن تفعل فعلها السياسي، «أن تدقَّ جدار الخزان» بتعبير غسان كنفاني كي تتحقق شعريًا. وبهذا المعنى تضع سولماز شريف شعرنا المكتوب في خضم الكارثة أمام تحدٍ وجودي يعيدنا للبحث في أزمة سابقة تتعلق بالدولة والحرية، وبالفضاء السياسي للغة عمومًا: كيف نكتب شعرًا «فاعلًا» بلغة معقَّمة معطَّلة سياسيًا من الأساس؟ فإذا كانت الخطب المنبرية الصريحة تفشل فشلها الذريع في الفعل، فكيف لإيماء الشعر أن يفعل بهذه اللغة المقهورة سياسيًا؟! يدهشني أن أقرأ عن غزيين يحاولون تعلم اللغة الإنجليزية كلغة طوارئ يترجمون بها معاناتهم للعالم. ولعل هذا الشاهد هو الأبلغ على فشل هذه اللغة، العربية، وعلى عطالتها السياسية، اللغة التي لم تعد تسعف، ولم تعد تلبي مهمة التواصل والوصول.

«قهر اللغة» هو الفصلُ الأقسى من فصول هذه الإبادة المفتوحة، حين تنتحر الكلمات على حدود السياج الخفي، الفاصل الواصل بين اللفظ ودقة المعنى. اللغة المقهورة التي ظلت عاجزة عن الفعل السياسي نكتشف اليوم، في امتحانها الأصعب، أنها مصابة بالعجز حتى أن الإيفاء بوظيفتها الأخيرة «التعبير». ولكن من منَّا الآن على استعداد ليقرَّ بعجز لغته عن التعبير، فضلاً عن الإتيان بجديد في هذا المناخ من الاستعصاء المرير، استعصاء ما بعد الصدمة؟!

سؤال الإبداع في الإبادة هو أيضًا سؤال إشكالي من ناحية أخلاقية وفلسفية في الآن نفسه: كيف لنا، قبل أي شيء، أن نبحث في الإبادة عن معنى؟ معنى جديد؟ كيف نطالب بإبداع من وحي الإبادة دون أن نجد في هذا المطلب تناقضًا فلسفيًا من قبل أن يكون أخلاقًيا؟ أوليس في هذا التسول البائس تواطؤًا يجعل من الكتابة «الجمالية» عن الإبادة تطبيعًا لها، أو توكيدًا ضمنيًا لما تسعى لاستنكاره؟ ربما تصبح مقولة أدورنو الشهيرة عن استحالة كتابة الشعر بعد «أوشفيتز» ضرورية في هذا السياق، حتى وإن بدت لنا مكابرة الكتابة في هذا الظرف، رغم قهر اللغة، مكابرةً أخلاقيةً مشروعة، بذريعة أن بديلها المطروح ليس سوى الصمت، الصمت عن الجريمة.

ما الذي يمكن فعله بهذه اللغة التي تفشل؟ على مدى عامين تقريبًا وأنا أراقب لغتي بخوف وحذر. الإبادة المستمرة هناك تمتحن لغتي هنا كما لم أعرف من قبل امتحانًا في اللغة. كيف يكتب اليوم من لم يهيئ نفسه وأدواته من قبل لاستقبال العالم بهذه الصورة؟ ثمة وحشية فاجرة، أكبر من طاقة اللغة على الاستيعاب. عنف يحشرني في زاوية ضيقة من المعجم، وهو ما يجبرني على تعلم أساليب جديدة في المراوغة والتملص للنجاة من هذا الحصار، حصار السكوت الذي لا يقترح إلا الكلام الجاهز.

أستطيع أن أحدد يوم السابع من أكتوبر 2023 تاريخًا لبداية مرحلة جديدة من لغتي. صرتُ كثير التَّفكر في اللغة باعتبارها موضوعًا موازيًا للعالم. بات عليَّ أن أُعقلن لغتي أكثر، أن أرشِّدها، وأن أتحداها في الوقت نفسه. يظهر هذا في تلعثمي وتعثري بالألفاظ كلما حاولتُ الكتابة أو الحديث عن الإبادة التي لم أعد أستطيع التعبير عنها بأي شكل من الأشكال دون الدخول في صراع مع اللغة وإمكانياتها. حتى وأنا أكتب كلمة «إبادة» الآن أصطدم بفراغ عدمي بعد الكلمة، وأدخل في متاه مفتوح لا يؤدي إلى أي شيء، عدم يحيل هذه الكلمة إلى مجرد لفظة إجرائية فقدت حوافها وحدودها من فرط الاستهلاك اليومي.

تختبر الحرب قدرة الشعر والفكر على امتصاص الصدمة واستقبال الفجيعة. حدث هذا جليًا في عقب الصدمة التي ولَّدتها النكسة سنة 1967، سنة الانقلابات الشخصية والتحولات الكبرى في صفوف الشعراء والمثقفين العرب. وهو ما يحدث اليوم وعلى مدى أشهر في صورة أكثر بطئًا وتماديًا. والحرب تأتي لتفحص جهوزية اللغة ولتعيد تشكيلها في نهاية المطاف. إنها تعبثُ بالعلاقة بين الدال والمدلول، وتبعثر الاستعارات القديمة لتأتي باستعاراتها الجديدة، وتفرض مع الوقت معجمها الموحَّد الذي توزعه على الجميع. كما تفتحُ الحرب الباب للشعراء الهواة لتقديم استقالاتهم والانصراف البيوت (لا شاعر للمهمات الصعبة اليوم)، وإن كانت في الوقت نفسه توفر مناخًا انتهازيًا لهذه الفئة من الشعراء المتسلقين على المراثي وأحصنة الحماسة.

سالم الرحبي شاعر وكاتب عُماني

مقالات مشابهة

  • غزة - الكشف عن عدد شاحنات المساعدات التي دخلت القطاع اليوم
  • باحث: ترقب من المستثمرين لإعلان الفيدرالي الأمريكي بشأن الفائدة
  • انطلاق ندوة بالجامعة العربية حول دور المحكمة الجنائية الدولية في محاسبة المسؤولين عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي
  • التغير المناخي أمام العدل الدولية.. هل تقاضي البلدان الفقيرة الدول الصناعية؟
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي يهاجم السفينة «حنظلة» في المياه الدولية لمنع كسر حصار غزة
  • إسرائيل تهاجم السفينة «حنظلة» في المياه الدولية لمنع كسر حصار غزة
  • اللغة التي تفشل
  • أكدت أن الاحتلال الإسرائيلي يستخدم “التجويع” سلاح حرب.. المجموعة الدولية لإدارة الأزمات تحذر من كارثة إنسانية وشيكة في غزة
  • نائب بولندي ينتقد موقف بلاده من جريمة الابادة التي ترتكبها “إسرائيل” في غزة
  • تحذير هام بشأن واقيات الشمس التي تستخدم “مرة واحدة في اليوم”