لهذه الأسباب.. حكم العدل الدولية يدمر سمعة إسرائيل دوليا ويضر أمريكا ويقسم أوروبا
تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT
رغم أنها لم تلزمها بوقف إطلاق النار في غزة، إلا أن الباحث الإيراني السويدي تريتا بارسي، المؤسس المشارك ونائب الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي لفن الحكم المسؤول، يرى أن محكمة العدل الدولية وجهت ضربة كبيرة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، بحكمها، الجمعة، قبول دعوى الإبادة الجماعية ضد تل أبيب، سيكون لها تداعياتها على الولايات المتحدة وأوروبا.
ويؤكد بارسي، في تحليل نشره موقع "ريسبونسبل ستيت كرافت"، أن أولى نتائج الحكم المحتومة هي زيادة الضغط الدولي على الاحتلال الإسرائيلي لوقف إطلاق النار في غزة.
تداعيات سياسيةيقول الكاتب إن الحكم وجه ضربة كبيرة ومؤرة لمكانة إسرائيل عالميا، حيث كانت تل أبيب قد عملت بشراسة على مدى العقدين الماضيين لهزيمة حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، ليس لأنها سيكون لها تأثير اقتصادي كبير على إسرائيل، ولكن بسبب الكيفية التي يمكن بها نزع شرعية إسرائيل دوليا.
ومع ذلك، فإن حكم محكمة العدل الدولية بأن إسرائيل "متورطة بشكل معقول" في الإبادة الجماعية هو أكثر تدميراً لشرعية إسرائيل من أي شيء كان من الممكن أن تحققه حركة المقاطعة.
اقرأ أيضاً
الاتحاد الأوروبي: نتوقع من إسرائيل وحماس الامتثال التام لقرار محكمة العدل
ويمضي الكاتب بالقول: وبقدر ما كان النظام السياسي الإسرائيلي مرتبطاً بشكل متزايد - وعلنياً - بالفصل العنصري في السنوات القليلة الماضية، فإن إسرائيل سوف ترتبط الآن بالمثل بتهمة الإبادة الجماعية.
ونتيجة لذلك، فإن تلك الدول التي دعمت إسرائيل وحملتها العسكرية في غزة، مثل الولايات المتحدة في عهد الرئيس بايدن، سيتم ربطها بهذه التهمة أيضًا.
تداعيات للولايات المتحدةويؤكد بارسي أن تداعيات حكم المحكمة بالنسبة للولايات المتحدة ستكون كبيرة أيضا، أولا لأن المحكمة ليس لديها القدرة على تنفيذ حكمها.
وبدلا من ذلك، سينتقل الأمر إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث ستواجه إدارة بايدن مرة أخرى خيار حماية إسرائيل سياسيا من خلال استخدام حق النقض، وبالتالي زيادة عزلة الولايات المتحدة، أو السماح لمجلس الأمن بالتصرف و دفع تكلفة سياسية محلية مقابل "عدم الوقوف إلى جانب إسرائيل".
اقرأ أيضاً
جنوب أفريقيا مرحبة بقرار العدل الدولية: لا يمكن تنفيذها إلا بوقف إطلاق النار
وحتى الآن، رفضت إدارة بايدن الإفصاح عما إذا كانت ستحترم قرار محكمة العدل الدولية.
وبطبيعة الحال، في القضايا السابقة أمام محكمة العدل الدولية، مثل ميانمار وأوكرانيا وسوريا، أكدت الولايات المتحدة والدول الغربية أن التدابير المؤقتة لمحكمة العدل الدولية ملزمة ويجب تنفيذها بالكامل.
ومن هنا، يقول الكاتب إن المعايير المزدوجة للسياسة الخارجية للولايات المتحدة سوف تصل إلى مستوى مخزي جديد إذا لم يكتف بايدن، في هذه الحالة، بمجادلة ضد محكمة العدل الدولية فحسب، بل عمل بنشاط على منع وعرقلة تنفيذ حكمها.
ويتابع: ربما ليس من المستغرب أن يتوقف كبار المسؤولين في إدارة بايدن إلى حد كبير عن استخدام مصطلح "النظام القائم على القواعد" منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.
كما أن الحكم يثير تساؤلات حول كيفية مساهمتة سياسة بايدن المتمثلة في احتضان إسرائيل في سلوك الأخيرة، بحسب الكاتب.
ويضيف: كان بإمكان بايدن تقديم دعم أكثر قياسًا والرد بقوة على التجاوزات الإسرائيلية – وبهذا يمنع إسرائيل من الانخراط في أعمال يمكن أن تندرج تحت فئة الإبادة الجماعية. لكنه لم يفعل، وبدلاً من ذلك، قدم بايدن دعمًا غير مشروط مصحوبًا بانتقاد علني صفر لسلوك إسرائيل ولم يتلق سوى رد محدود من وراء الكواليس.
ويردف: كان من الممكن أن يشكل النهج الأمريكي المختلف جهود الحرب الإسرائيلية على نحو لا يمكن القول إن محكمة العدل الدولية حكمت عليه بشكل مبدئي باعتباره يفي بمعايير الإبادة الجماعية بشكل معقول.
وعلى هذا النحو، ربما يكون دعم بايدن غير المشروط قد قوض إسرائيل في النهاية دوليا، على حد قول بارسي.
اقرأ أيضاً
كارت أصفر ومعادي للسامية.. ارتياح إسرائيلي مشوب بغضب من حكم العدل الدولية
تعاطي أوروبا قد يكون مختلفاويقول الكاتب إن تعاطي أوروبا مع حكم محكمة العدل الدولية قد يكون مختلفا نوعا ما عن الولايات المتحدة.
فواشنطن معتادة إلى حد ما على وضع القانون الدولي جانباً وتجاهل المؤسسات الدولية، كما تشعر بالارتياح، لكن أوروبا ليست كذلك.
ويلعب القانون الدولي والمؤسسات الدولية دوراً أكثر مركزية في الفكر الأمني الأوروبي.
وعلى هذا الأساس، يتوقع الكاتب أن يسهم القرار في تقسيم أوروبا.
ويفسر الأمر بالقول إن الرفض المتوقع للحكم من بعض الدول الرئيسية في الاتحاد الأوروبي سوف يقوض النموذج الأمني الأوسع في أوروبا.
اقرأ أيضاً
العدل الدولية تفرض تدابير مؤقتة على إسرائيل دون الدعوة لوقف إطلاق النار
وفي نهاية التحليل، يرى الكاتب بشكل عام أن الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا قد خففت، نوعا ما، من سلوك إسرائيل الحربي في غزة وجمدت أي خطط للتطهير العرقي في غزة وإرسال سكانها إلى دول ثالثة.
ويتابع: إذا كان الأمر كذلك، فإنه يدل على أن المحكمة، في عصر حيث يتم التشكيك بشكل متزايد في قوة القانون الدولي، كان لها تأثير أكبر من أي شيء فعلته إدارة بايدن من حيث ردع الأعمال الإسرائيلية غير القانونية.
المصدر | تريتا بارسي / ريسبونسبل ستيت كرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: محكمة العدل الدولية جنوب افريقيا الابادة الجماعية غزة اسرائيل الولايات المتحدة أوروبا محکمة العدل الدولیة الإبادة الجماعیة الولایات المتحدة إطلاق النار إدارة بایدن اقرأ أیضا فی غزة
إقرأ أيضاً:
أمريكا تفرض عقوبات على قضاة الجنائية الدولية.. والمحكمة تتوعد بالرد
فرضت الولايات المتحدة، الخميس، عقوبات على أربعة قضاة في المحكمة الجنائية الدولية، على خلفية قضايا اعتبرتها واشنطن "مسيّسة"، من بينها إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في سياق التحقيقات المتعلقة بالحرب الجارية في قطاع غزة.
الخطوة الأمريكية أثارت رد فعل حاد من المحكمة، التي وصفت الإجراء بأنه "محاولة جلية لتقويض استقلالية" الهيئة القضائية الدولية.
وفي بيان رسمي صدر مساء الخميس، قالت المحكمة الجنائية الدولية إن "هذه الإجراءات هي محاولة جلية لتقويض استقلالية مؤسسة دولية قضائية تعمل بتفويض 125 من الدول الأطراف من كل أنحاء الأرض".
وأضاف البيان: "المحكمة تدعم أفرادها بشكل كامل، وستواصل عملها دون أي رادع"، في تأكيد واضح على التمسك بالتحقيقات الجارية، وعلى رأسها القضية المتعلقة بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
تصعيد أمريكي ضد المحكمةتأتي العقوبات الأمريكية عقب تقديم المدعي العام للمحكمة، كريم خان، طلبات بإصدار مذكرات توقيف بحق عدد من المسؤولين، من بينهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف جالانت، على خلفية ما اعتبرته المحكمة "شبهات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية" في قطاع غزة.
وكانت الإدارة الأمريكية قد اعتبرت هذه الخطوة "غير مقبولة" و"منحازة"، رافضة أي محاولات لمقاضاة مسؤولين إسرائيليين، في وقت تتواصل فيه الحرب في القطاع منذ السابع من أكتوبر.
تضامن دولي مع المحكمةوأثار الموقف الأمريكي ردود فعل دولية متفاوتة، حيث حذّرت منظمات حقوقية وقانونية من خطورة تسييس العدالة الدولية، واعتبرت العقوبات ضد قضاة المحكمة الجنائية "سابقة تهدد مبدأ المساءلة الدولية"، لا سيما في ظل تنامي المطالب بمحاكمة المتورطين في الانتهاكات الجسيمة للنظام الدولي الإنساني.
يشار إلى أن المحكمة الجنائية الدولية، التي تتخذ من لاهاي مقراً لها، أُنشئت بموجب نظام روما الأساسي وتضم في عضويتها أكثر من 120 دولة، باستثناء الولايات المتحدة وإسرائيل، اللتين لم تصادقا على النظام الأساسي.