تغييرات داخليّة سوريّة تؤسس لمقاربة لبنانيّة جديدة
تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT
كتب ميشال نصر في" الديار":انشغلت الساحة اللبنانية، في قراءة ابعاد التشكيلات الاخيرة في سوريا، التي جاءت غير مفاجئة للبعض، مع تعيين اللواء كفاح ملحم رئيسا لمكتب الامن الوطني المكلف بمتابعة الملف اللبناني، اللواء كمال حسن رئيسا لشعبة المخابرات العسكرية، وتعيين اللواء علي المملوك مستشارا امنيا للرئيس الاسد.
خطوة فسرت على انها اندفاعة سورية جديدة، تسمح بالتحرر من "موروثات" الفترة الماضية، وفتحا لصفحة جديدة من التعاون والتنسيق بين البلدين، يتماشى والتغييرات القادمة على المنطقة، ولبنان خصوصا.
مصادر مطلعة على الاوضاع في دمشق اشارت الى ان التغييرات الاخيرة جاءت بما يتماشى مع التغيير الذي شهدته السفارة السورية في لبنان، من استلام فريق عمل على قدر عال من الكفاءة والعلم، سواء في جانبه السياسي ام الامني، وانه نجح في بناء علاقات مع الكثير من الاطراف اللبنانية، بما فيها تلك التي "تناهض" النظام السوري.
واعتبرت المصادر ان ايكال الملف اللبناني الى اللواء كفاح ملحم لم يكن من فراغ، فهو عمل منذ مدة لا باس بها على ادارة بعض التفاصيل اللبنانية، خصوصا في جانبها الامني، حيث كانت مشاركته فعالة في تحقيق اكثر من انجاز ميداني، في اطار التعاون والتنسيق الكامل مع الاجهزة اللبنانية.
وتابعت المصادر، بانه فضلا عن تعاونه الامني، نجح ايضا في بناء علاقات شخصية مع بعض السياسيين من زوار العاصمة السورية، نتيجة الذكاء الحاد الذي يتمتع به، بحسب ما يصفه عارفوه، ودماثة اخلاقه، وثقافته العالية، التي ستسمح حتما بنقل ملف العلاقات اللبنانية-السورية الى مكان آخر، لم تعهده في فترات سابقة.
وتكشف المصادر ان المقاربة السورية للموضوع اللبناني، تختلف كليا عن السابق، فدمشق غير راغبة في التدخل في التفاصيل اللبنانية، وفقا لزوارها، وانها غير معنية بالسياسة الداخلية اللبنانية، ساعدها في ذلك الموقف الروسي الذي حيد النظام السوري عن الغرق في الوحول اللبنانية من جديد، حاصرة تعاونها مع حزب الله في اطار الملف الاقليمي، ومع الدولة اللبنانية في مواضيع ذات اهتمام مشترك.
وخلصت المصادر الى ان المعطيات الاقليمية الراهنة، تؤشر الى ان الفترة المقبلة ستسمح لسوريا بلعب دور اقليمي، في حال استمرت عملية "تحييدها" الراهنة عن الحرب الدائرة، كاحد مخرجي الحلول بالشراكة مع الدول العربية وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية.
وختمت المصادر بان التعيينات الاخيرة تدل على ان دمشق ذاهبة الى تعزيز علاقاتها مع الدول العربية، خصوصا مع الاردن رغم الاختلاف الحاصل حاليا، فضلا عن تقوية التحالف الاستراتيجي مع موسكو، اذ على سبيل المثال تربط علاقة صداقة قوية بين احد المعينين وقائد القوات الروسية في سوريا.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
هل تؤسس مجزرة كفر مالك لمرحلة أعنف من جرائم المستوطنين؟
رام الله- رغم إصابته البالغة، فإن الشاب جهاد حمايل أصرَّ على وداع شقيقه الشهيد "محمد" الذي قُتل أمام عينيه بعد هجوم للمستوطنين وجيش الاحتلال الإسرائيلي على قريتهم كفر مالك شرقي مدينة رام الله بالضفة الغربية مساء أمس الأربعاء.
الشقيقان محمد وجهاد كانا ضمن عشرات الشبان والمواطنين من كفر مالك الذين هبوا للذود عن قريتهم والتصدي لاعتداءات المستوطنين، قبل أن تقتحم قوات كبيرة من جيش الاحتلال الإسرائيلي البلدة وتطلق الرصاص الحي باتجاه الأهالي لحماية المستوطنين، وتقتل محمد واثنين آخرين وتصيب 6 شبان بينهم جهاد.
كان الشاب مرشد حمايل، الشهيد الثاني المستهدف، واستشهد مباشرة بعد إصابته برصاصة في رأسه، كما يقول شقيقه منجد للجزيرة نت، التي رصدت انتهاكات المستوطنين الآخذة بالتصاعد في القرية خاصة وعموم الضفة الغربية.
منعوا مجزرةيقول منجد حمايل إنه وحينما بدأ هجوم المستوطنين على منزله، الواقع في مدخل القرية من الجهة الجنوبية المحاذية للطريق الالتفافي (طريق للمستوطنين)، سارع لتأمين نساء وأطفال العائلة ونقلهم من البيت لمكان آمن، بينما تأخر شقيقه مرشد في المنزل، وأضاف "الجنود أطلقوا النار بشكل عشوائي على كل من تواجد، كان همهم تأمين خروج المستوطنين".
ولم تتوقف اعتداءات المستوطنين ضد كفر مالك -حسب رئيس مجلسها المحلي ناجح رستم- منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، واشتدت مع حصار القرية قبل 6 أشهر وخاصة بعد إعلان التهدئة بقطاع غزة في يناير/كانون الثاني الماضي، حيث أغلقت قوات الاحتلال مداخل القرية وأبقت على واحد فرعي يستخدمه أكثر من 4 آلاف فلسطيني يقطنون بالقرية.
ويضيف أن المستوطنين يتجمعون من المستوطنات المحيطة بالقرية والجاثمة على أراضيها ويحشدون باستمرار لشن اعتداءاتهم.
ويقول نبيل غرة -أحد سكان كفر مالك- للجزيرة نت "لولا تصدي هؤلاء الشبان للمستوطنين لحدثت مجزرة في القرية، وأكملوا حرق المنازل بعد المركبات..".
من جهته، يقول مدير عام النشر والتوثيق في هيئة مقاومة الجدار أمير داود، إن من يمارس هذه الاعتداءات هم المستوطنون سكان البؤر الاستيطانية (مواقع استولى عليها المستوطنون عشوائيا) التي بنيت في الفترة الأخيرة حول مستوطنة "كوخاف هشاحر"، وتحديدا البؤر المقامة على أراضي الفلسطينيين بين قرى كفر مالك ودير جرير وسلواد شرقي محافظة رام الله والبيرة.
إعلانوأضاف "منذ بداية العام الجاري شن المستوطنون 1400 اعتداء على المواطنين في الضفة الغربية، وقتل خلالها 4 فلسطينيين وجرح العشرات، إضافة لتدمير الممتلكات والمنازل في هذه المناطق".
وفي ظل هذه الاعتداءات، يجد الفلسطينيون أنفسهم في مواجهة مباشرة مع المستوطنين الذين أطلقت أيديهم بالسلاح والعتاد منذ بداية الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ويطرح تزايد اعتداءات المستوطنين، وتحديدا من سكان البؤر الاستيطانية الرعوية التي أنشئت بعد الحرب وعددها أكثر من 170 بؤرة، وما تبعها من خسائر في الأرواح والممتلكات تساؤلا مهما حول الحماية، وما الذي يملكه الفلسطينيون العُزَّل لحماية أنفسهم من هجمات المستوطنين التي ينفذونها عادة بحماية من جيش الاحتلال الإسرائيلي؟ ومن المسؤول عن حمايتهم؟، وما مصير اللجان الشعبية التي أعلن تشكيلها أكثر من مرة؟
ويرد منسق القوى الوطنية والإسلامية في محافظة رام الله عصام بكر، قائلا إن هناك أكثر من 100 لجنة شعبية مشكلة في مختلف المناطق، ولكنها ليست مفعلة بالكامل، وبحاجة لتعزيز وجودها عبر إجراءات تتحمل فيها الحكومة والسلطة الفلسطينيتان المسؤولية الكاملة بالتعاون مع المؤسسات الوطنية والأهلية.
وأضاف للجزيرة نت "خلال حرب إسرائيل وإيران اتفق على تشكيل المزيد من هذه اللجان، وأن تكون في كل تجمعات الفلسطينية، من خلال تقديم مقترحات ومطالب، وأن تتولى المجالس البلدية بدعم من وزارة الحكم المحلي تزويد هذه اللجان المحلية بكل الإمكانيات".
وبحسب بكر، فإن ما يجري الآن يستدعي إعلان النفير العام في كل القرى والبلدات التي تتعرض لاعتداءات المستوطنين، وتكاتف كل الجهود الرسمية والشعبية.
وتابع "نرى أن المستوطنين خلفهم دولة تمدهم بكل المقومات، فلماذا لا يتم تسخير جزء كبير من موارد السلطة لتكثيف صمود الناس على أرضهم"، مشيرا إلى أن ما جرى في كفر مالك "بروفة مصغّرة" لمرحلة مقبلة تؤسس لاتساع الاعتداءات، مؤكدا أن لهم الحق في دعم أبناء شعبهم لاستخدام كل الأشكال المتاحة بحسب القانون الدولي للتصدي لهذه الاعتداءات.
ويوافق الناشط في مقاومة الاستيطان جمال جمعة، على ما ذهب إليه بكر من أن هجوم المستوطنين على قرية كفر مالك يؤسس لمرحلة اعتداءات أعنف من المستوطنين، وأن الرد عليها يجب أن يكون على مستوى خطورتها.
وهذه الخطورة -يقول جمعة للجزيرة نت- تحتاج إلى إستراتيجية جديدة في التصدي أيضا، من خلال تنظيم المواطنين وتمكينهم من الدفاع عن أنفسهم، محملا المسؤولية في ذلك للقوى والأحزاب الوطنية والمؤسسات، ولكن بالدرجة الأكبر على السلطة الفلسطينية التي نصّبت نفسها حامية للشعب الفلسطيني.
ويضيف "اللجان الشعبية بصورتها القديمة لم تعد وسيلة ناجعة، ونحتاج لإعادة تشكيلها بما يضمن عدم ملاحقة المستوطنين وجيش الاحتلال لها".
وتساءل جمعة "لماذا لا تقوم السلطة الفلسطينية بتوزيع القوى الأمنية على التجمعات الفلسطينية الأكثر عرضة للاستيطان بلباسهم المدني ليشكلوا لجان الحراسة ويدعموا أهالي القرى في صد هذه الاعتداءات؟".
إعلانولكن، يواصل جمعة، أن التحرك الأكبر يجب أن يكون سياسيا، عبر اتخاذ موقف سياسي بقطع كل التنسيق مع الاحتلال من جهة، ومن جهة أخرى مطالبة الدول العربية والدولية بالعمل على الضغط على إسرائيل لوقف هذه الاعتداءات، إضافة للعمل مع المجموعات والمؤسسات الدولية لمحاكمة إسرائيل وملاحقتها لقيامها بجرائم حرب، ومطالبة العالم بمقاطعة إسرائيل وفرض العقوبات عليها.
وختم قائلا: "هناك إمكانيات كثيرة لمواجهة هذه الاعتداءات ولكن لا توجد إرادة سياسية واضحة للخوض في أي منها من قِبَل السلطة الفلسطينية".