بالدولار.. كيف بات فالنتاين لبنان؟
تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT
ينتشر الحب في هواء العالم أجمع، وعلى الرغم من أنّ المشاعر لا تحتاج التقيد بتاريخ ما للاحتفال، فإنّ العالم يحتفل بعيد الحب في كل 14 شباط، حيث تتزين الشوارع باللون الأحمر، ويتبادل العشاق الهدايا والورود تعبيراً عن رومنسيتهم. ولكن من أين أتت هذه التقاليد؟
بدأ الاحتفال بعيد الحب في شهر شباط منذ زمن طويل باعتباره شهر الرومنسية، ويطلق على هذا العيد تسمية عيد القديس فالنتين.
وتختلف الأساطير وتتعدد الروايات حول تاريخ هذا العيد الا أن جميعها تؤكد شخصية فالنتين "الرومنسية".
تقول إحدى الأساطير إنّ القديس فالنتين المحب كان كاهناً رومانياً عاش في القرن الثالث الميلادي وعمد الى تزويج المسيحيين سراً، بعدما أصدر الإمبراطور الروماني أوريليان قراراً بمنع زواج الجنود المسيحيين المضطهدين حتى لا ينشغلوا عن الحروب التي كانت روما تخوضها في ذلك الوقت. وبعدما عرفت السلطات حكاية ذلك القديس شفيع الحب سجنته وعذبته.
وفي الرابع عشر من شباط سنة 296 أعدم القائد الروماني القديس فالنتين وقطع رأسه لعصيانه الأوامر. وفي العام 350 بنيت كنيسة في روما في المكان الذي أعدم فيه تخليداً لذكراه، واستمرت الجماعات المسيحية آنذاك في الاحتفال بيوم إعدام فالنتين واتخذته عيداً واعتبروه رمزاً للشهادة في سبيل الحب، وسمي بعيد العشاق.
اليوم تغيّر المشهد، ففي عصر السرعة والتكنولوجيا ومواقع التواصل بات وجه عيد الحب إصطناعياً تكسوه المظاهر والهدايا الثمينة التي تفتقر إلى المعنى الحقيقي لهذا العيد. "الوردة والمكتوب" لم يعودا كافيين، و"الدبدوب الأحمر" دخل لائحة "الموضة القديمة". وبات عيد "فالنتاين" عبارة عن سهرة صاخبة وعشاء باهظ وقطعة ذهب أو هاتف خلوي "آخر موديل" وسباق هدايا ندخله ونتباهى به عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
عيد الحب يحل خجولاً على اللبنانيين
في ظل أوضاع معيشية قاسية، أصبحت متطلبات عيد الحب المعتادة من تبادل الورود والهدايا والسهر ليلاً، من الكماليات التي يجد العديد من اللبنانيين أن هناك من حاجاتهم اليومية ما هو أكثر إلحاحاً منها، ما يجبرهم على البحث عن هدايا ومبادرات رمزية أقل تكلفة على جيوبهم.
وسلب تدهور القدرة الشرائية بهجة العيد ولا سيما في صفوف الفئات الشبابية التي تعذّر عليها حتى شراء الهدية الرمزية وهي “الدب” الأحمر الذي بات باهظ الثمن حسب الحجم والشكل. وحتى الوردة الحمراء رمز العيد بات صعباً على كثيرين شراؤها وإهداؤها للحبيبة كعربون حبّ ومودة، بسبب بيعها بالدولار “الفريش” في بعض محلات الأزهار، أو ما يعادلها بسعر صرف الدولار.
وعزا أصحاب محلات الأزهار ارتفاع ثمنها لأن غالبية أنواع الورود يستوردها لبنان من الخارج في فصل الشتاء، الأمر الذي يستحضر أغنية الراحل الكبير محمد عبد الوهاب “يا ورد مين يشتريك وللحبيب يهديك".
أما السهر وتمضية ليلة رومانسية في أحد المطاعم كما درجت العادة في السنوات السابقة، فبات متعذّراً على الشبان من ذوي الدخل المحدود، بعد أن تراوح سعر بعض الحفلات ما بين 70 دولاراً و500 دولار، وهذه الأسعار تتجاوز قيمة الراتب الشهري الذي يتقاضاه الموظف بالليرة اللبنانية بأضعاف.
ومن هنا يطرح السؤال هل بات السهر والحب حكرا على الميسورين فقط؟
الدولار ليس وحده من يتحكم بالمواطن، فالتجار، لم يكتفوا باستغلال أوجاع الناس وحاجاتهم، عندما استغلوا أزمة الدواء والبنزين ونقص المواد الغذائية، الا أنهم استغلوا أيضاً أفراح المواطنين، وجعلوا من الاحتفال بعيد الحب حكراً على المقتدر فقط!
وبما ان الشعب اللبناني مخترع العجائب، فتحت عنوان “فكر وما تتسرع”، عمدت المطاعم للإستفادة من ارتفاع سعر الورد في “الفالنتاين”، بالتسويق لأفكار تجذب العشاق اليها، ولجأت الى ما يسمى باقة الشاورما، باقات برغر، وغيرها من المأكولات.
في الوقت نفسه، تحفل مواقع التواصل الاجتماعي بإعلانات عن حفلات غنائية في مختلف المناطق لمطربين في فنادق ومنتجعات سياحية لمناسبة عيد العشاق، لكن غالبيتها تعادل كلفتها على الشخص الواحد ضعف الحد الأدنى للأجور، وبعضها يصل الى 200 دولار.
يحيى النجم مروان خوري، أولى حفلات عيد الحب في لبنان، يوم 10 شباط المقبل، حيث يقدم خلال الحفل مجموعة من أشهر أغنياته الرومانسية المحببة لدى جمهورها، وذلك ضمن الحفلات التي يحييها نجوم الغناء والطرب في مختلف الأماكن.
وأعلن النجم المصري هاني شاكر عن إحيائه حفلا غنائيا في بيروت، بمناسبة الاحتفال بعيد الحب.
ونشر هاني شاكر عبر حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي إنستغرام الملصق الدعائي لحفل عيد الحب، الذي يقام بتاريخ 13 شباط المقبل في أحد الفنادق في بيروت.
وتستعد المطربة شيرين عبد الوهاب لإحياء حفل عيد الحب في لبنان، يوم 17 شباط. وبدأت الشركة المنظمة للحفل الترويج له من خلال طرح البوستر الدعائى على مواقع السوشيال ميديا مع طرح التذاكر من خلال موقعها الرسمي فقط.
بعض أهل الفن، قرّر الاحتفال بالعيد مع معجبيهم على طريقتهم، بعد أن طرحوا اغنيات جديدة لهم، لتكون بمثابة هدية العيد لمحبّيهم. فقدّم الفنان كاظم الساهر أغنية رومانسية بعنوان "يا وفية"، فيما اختارت نانسي عجرم أغنية "أنا هفضل أغني" تمهيدًا لطرحها بالتزامن مع احتفالات عيد الحب منتصف شباط المقبل.
ان اكثر ما نحتاجه اليوم في عيد الحب ان يحب السياسيون وطنهم ويبادروا الى تسهيل عملية انتخاب رئيس للجمهورية بإمكانه ان يضع البلد على سكة التعافي وان يحاور كل الاطراف من اجل التوافق على حل ينقذ الوطن من ازماته المتراكمة التي لم يعد بمقدور المواطن التأقلم مع تداعياتها .
لبنان في الوقت الراهن يحتاج قبل اي شيء اخر الى الكثير من الحب والتضحية في سبيل انقاذه من جهنم الذي يتخبط بنارها على كافة المستويات المعيشية، المالية، الاقتصادية والاجتماعية الى هجرة سرقت خيرة شاباته وشبابه وصولا الى انهيار كبير للعملة الوطنية .
في عيد الحب…هلموا لنعشق وطننا كما نعشق احبابنا ونضحي في سبيله كما نضحي من اجل من نحب ونقدم التسهيلات من اجل استمرار العلاقات والمحافظة عليها، تعالوا نترفع عن المصالح الشخصية لمصلحة بلدنا اولاً واخيراً. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: عید الحب فی بعید الحب
إقرأ أيضاً:
الحب في زمن التوباكو (7)
مُزنة المسافر
ماتيلدا: في الضَّيعة التي كُنَّا نعيشُ فيها يا جولي، لم يكن الفقر عيبًا، أو وصمة عارٍ على جبين أحد، كُنا نرى فيه اختبارًا سماويًا، وكُنا نعيشُ اليوم، نفرحُ بكل عطايا الرَّب، ونخجلُ من مطالبنا الكثيرة، لكن كنتُ دومًا أخبرُ نفسي ماذا لو لبَّتْ لي السماء هذا وهذا وذاك، سأكونُ سعيدة!!
كان لنا في الضيعة، راهبٌ، وحكيمٌ، وحاكمٌ، وكنُا نستمعُ للجميع، كلٌ له وجهة نظرٍ، وبعضهم كان يشكو ضيق حاله للراهب، أو يبحث عن علاجٍ ما عند الحكيم، أو يقضي أمرًا مُستعجلًا لدى الحاكم قبل أن يُغادر إلى البلدات الأخرى أو إلى المدينة العريضة.
تعرفين يا جولي.. أنه مع الوقت تشعرين بالنوايا الصافية، لكنها تنجلي وتختفي حين يأتي المال، وتطغى المصلحة، وتتدخل الوجاهة وتسود على كل ذلك، كنتُ أغفلُ- يا ابنة أخي- أن العالم الحَيّ هو عالم مُتحرِّك على الدوام ينبضُ بالحركة، وليس على وفاقٍ أو وئامٍ كما كانت ضَّيعتنا التي رأيتُ فيها النور لأول مرة، وكنتُ أشعرُ مع خطوات رجلي المُتثاقِلة أن أصعد التَّل أو أغفو فوق عُشب المرج، ولم يكن لي أي نيّةٍ في العودة.
كان سوط والدي- ألا وهو جدك- يعذبني بين فينة وأخرى، كان يعاقبني إن أكلت الكعك أكثر من اللازم، وإنْ قلتُ كلامًا فارغًا، أو مشيتُ حافية القدمين، وقدماي يغطيها الطين، فتتسخ الأرضية الخشبية التي كانت ناصعة ولامعة في عينيه فقط.
لكنها كانت متهالكة ومتآكلة، كانت نشوة الذهاب إلى الضياع تعجبني، وكنتُ أرى طرقًا كثيرة لأهرب، وكنتُ أجدُ نفسي أُغني للريح، وأُغني للهواء المُختلِط بمشاعري، وكان كل يوم في عيني يوم جميل وجدير أن يقول بنسيان العذاب، وبرمي السراب للأمس، كنتُ أُحبُ هذه الطفولة وأُريدُها أن تستمر، لكنني أيضًا رغبتُ أن أكبر لأستقل، وأشعرُ بنفسي عزيزةً وغير وحيدة، يحيطها جمهور صلب الإرادة، يود أن يستمع لصوتي، وأن يرى أول أسطوانة لي.
ترددتُ كثيرًا لأسجل صوتي على القطعة الدائرية، لكن انتشار الحاكي أو الجرامافونات (أجهزة تسجيل وتشغيل) ساعدني أن أسجل أول الأغنيات، مع مندوب كان قادمًا من المدينة، يبحث عن أصواتٍ جديدة، ومواهب عديدة، وكان يريد مني أن أغني أمام الناس، وأن أظهر بفستان متواضع في مقهى الضَّيعة، وأغني أمام الحكيم والحاكم وربما قد يمر من هنا الراهب، ويجدني أغني للريح وإلى اللحن الصريح.
عرف والدي أنني سأُغني، لم يكن سعيدًا البتّة في الوهلة الأولى، لكنه لاحقًا أدرك النقود التي كنت سأحصلُ عليها، وأن كل شيءٍ بثمن، حينها فقط لم يعترض، وقال إنه سيكون معي في رحلة البلدة، وسيكون حاضرًا في كل تسجيل الأسطوانة المُطوَّلة.
اعترضتُ، أبيتُ، ورفضتُ، لم أسمح له أن يشاركني شيئًا، قلتُ له إن التركيز مهم للغاية، وإن الحياة أعطتني هذا وإنها فرصة العمر وعليَّ أن آخذها بنفسي.
جوليتا: وماذا حدث؟
ماتيدا: في فجرٍ كان يقول بغسقٍ باردٍ، خرجتُ مع المندوب في سيارة أجرة، وذهبنا لمكان يُطلق عليه أستوديو بعد أن عبرنا كل ما يتعلق بطفولتي من تلٍ، ومرجٍ، وبركةٍ.
جوليتا: وماذا أيضًا؟
ماتيلدا: تركتُ كل شيء ورائي، لأحقق الحُلم الذي جئتُ لأجله في هذه الحياة!