ماذا يعني تهديد إيران بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي؟
تاريخ النشر: 25th, June 2025 GMT
أعلن رئيس البرلمان الإیراني، محمد باقر قالیباف، يوم الأربعاء، الموافقة على قرار تعليق تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وسط تهديدات من قبل مسؤولين في البلاد بانسحاب طهران من معاهدة حظر الانتشار النووي، رداً على القصف الأميركي والإسرائيلي لمنشآتها النووية.
ويتضمن قرار البرلمان الإيراني منع تركيب كاميرات مراقبة تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية في المنشآت النووية الإيرانية، ويحظر دخول مفتشي الوكالة إلى البلاد.
كما يمهد هذا القرار عملياً لانسحاب إيران رسمياً من معاهدة حظر الانتشار النووي.
"الهجمات تشكل انتهاكاً واضحاً"
وکان رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان، عباس غولرو، قد قال الأحد الماضي، عقب الهجوم الأميركي على منشآت فوردو ونطنز وأصفهان أن لإيران الحق القانوني في الانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية (NPT) استناداً إلى المادة العاشرة.
كذلك أضاف غولرو أن "هذه الهجمات تشكل انتهاكاً واضحاً للالتزامات الدولية، ويمكن لإيران دراسة وتنفيذ الخيارات القانونية والدولية للرد".
في المقابل طالب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي، باستئناف عمليات التفتيش، مشدداً على أن "تعاون إيران مع الوكالة جزء مهم من الاتفاق الدبلوماسي لإنهاء التوترات بشأن أنشطتها النووية".
وتتواجد مجموعة من مفتشي الوكالة حالياً في إيران، لكن لا يُسمح لهم بدخول المواقع النووية لتقييم الأضرار الناجمة عن الهجمات الإسرائيلية والأميركية.
ویعني تهديد إيران بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي نهاية التزامها الرسمي بالامتناع عن تطوير الأسلحة النووية، وهي خطوة تكرر طهران على أن لا مكان لها في سياساتها.
منذ عهد الشاه
وكانت إيران منذ عهد الشاه في السبعينيات من القرن الماضي من أوائل الدول الموقعة على المعاهدة. وبانضمامها إليها، تعهدت طهران بالامتناع عن بناء الأسلحة النووية وعدم استخدام الطاقة النووية إلا للأغراض السلمية، مثل إنتاج الطاقة.
في تلك السنوات نفسها، بدأت إيران والولايات المتحدة تعاونهما النووي من خلال "برنامج الذرة من أجل السلام"، وهو شعار الرئيس الأميركي آنذاك، دوايت أيزنهاور. ويُعد مفاعل طهران البحثي، أول تعاون نووي بين طهران واشنطن.
لكن عقب ثورة 1979، وصفت الحكومة المؤقتة برامج الشاه النووية بـ"الخيانة"، وأعلنت عن خطط لتحويل مفاعل بوشهر، الذي لم يكتمل بناؤه آنذاك، إلى صومعة لتخزين الحبوب. ومع السيطرة على السفارة الأميركية في طهران واحتجاز موظفيها كرهائن، فرضت إدارة جيمي كارتر عقوبات على إيران، وأنهت التعاون النووي بين البلدين منذ ذلك الحين حيث احتجت الحكومات الإيرانية على قطع المساعدة التقنية الأميركية لتطوير البرامج النووية للبلاد.
وفي مختلف المراحل، صرّح رؤساء إيران بأن رفض واشنطن تقديم المساعدة وعرقلة مساعدة الدول الأخرى لإيران يعد انتهاكاً لالتزامات الولايات المتحدة بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي.
"تكرار للنهج الذي اتبعته كوريا الشمالية"
إلى ذلك ينظر المجتمع الدولي إلى انسحاب إيران المحتمل من معاهدة حظر الانتشار النووي على أنه تكرار للنهج الذي اتبعته كوريا الشمالية، قبل نحو عقدين أي البدء الفوري في بناء واختبار الأسلحة النووية.
وأدت التصريحات المتكررة للمسؤولين الإيرانيين حول ضرورة امتلاك أسلحة نووية إلى تزايد الشكوك حول النوايا الحقيقية لطهران في تطوير برنامجها النووي السلمي.
كما أن هناك اتهامات منذ سنوات لإيران حول سعيها لصنع أسلحة نووية بسبب انتهاكاتها العديدة للوائح الوكالة الدولية للطاقة الذرية، خاصة عقب عثور الوكالة على ذرات ومواد يشتبه في أنها تستخدم لصنع أسلحة نووية.
كذلك من تداعيات انسحاب إيران المحتمل من المعاهدة هو إنهاء التعاون كلياً مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ما يعني عدم وجود أي آلية رقابة على الأنشطة النووية، ما سيزيد الشكوك حول نوايا طهران، وبالتالي إحالة الملف إلى مجلس الأمن الدولي.
وفي حال أحيل الملف النووي الإيراني لمجلس الأمن، فذلك يفتح الباب أمام أي عمل عسكري إذا تبنت دول كبرى عضو في المجلس مثل الولايات المتحدة أو بريطانيا وفرنسا من أجل القضاء على إمكانيات صنع السلاح النووي.
ومن تداعيات انسحاب طهران من المعاهدة هو دفع الدول نحو سباق تسلح إقليمي لشعورها بالخطر ولحماية نفسها من أية تهديدات مستقبلية.
مصير احتياطيات اليورانيوم المخصب
يشار إلى أن نقطة الجدل الأساسية الآن هي حول مصير احتياطيات اليورانيوم المخصب بنسبة عالية، حيث تتهم دول غربية إيران بامتلاك أكثر من 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% وهذه الكمية تقرّبها من إنتاج سلاح نووي، الأمر الذي تنفيه إيران دائماً.
ورغم التأكيد الأميركي على إعادة البرنامج النووي الإيراني عقوداً للوراء، فإنه من غير الواضح بعد ما إذا كانت هجمات الولايات المتحدة قد قضت بشكل كامل على قدرة إيران على تحويل هذه المواد إلى رؤوس حربية، خاصة في مواقع فوردو وأصفهان ونطنز.
وفي تقريره إلى مجلس الأمن الدولي، يوم السبت، صرّح غروسي بأن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أرسل إليه رسالة في اليوم الأول من الحرب مع إسرائيل، مفادها أن احتياطيات اليورانيوم المخصب بنسبة 60% ستُنقل إلى موقع آخر. وقال غروسي إن الوكالة لا تعرف مكان حفظ هذه الاحتياطيات حالياً.
ويبدو أن مصير هذه الكمية من اليورانيوم أساس التوترات المستقبلية بشأن الملف النووي، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق بين طهران وواشنطن خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة.
"فتوى تتناسب مع المرحلة"
ولطالما استند المسؤولون الإيرانيون إلى فتوى المرشد علي خامنئي، والتي تعتبر إنتاج وحيازة واستخدام أسلحة الدمار الشامل، كالقنابل النووية "حراماً" في معرض ردهم على الاتهامات حول الأبحاث النووية المشبوهة أو خطر إنتاج سلاح نووي وراء النسب العالية لتخصيب اليورانيوم.
لكن مع تصاعد الصراع مع إسرائيل والولايات المتحدة، ارتفعت أصوات تطالب خامنئي بإصدار فتوى تتناسب مع المرحلة وحجم التهديدات، لدرجة أن بعض المسؤولين ومن بينهم مستشارون لخامنئي تحدثوا صراحة عما سمّوه "تغيير العقيدة النووية"، ما بدا تمهيداً للخروج من معاهدة حظر الانتشار النووي.
المصدر: مأرب برس
كلمات دلالية: من معاهدة حظر الانتشار النووی الدولیة للطاقة الذریة الیورانیوم المخصب الأسلحة النوویة
إقرأ أيضاً:
إيران تعلن اعتقال 20 مشتبها بالتجسس لصالح الموساد الإسرائيلي
طهران - رويترز
أعلنت السلطة القضائية الإيرانية اليوم السبت القبض على 20 مشتبها بأنهم عملاء لجهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) على مدى الشهور القليلة الماضية، مؤكدة التعامل بمنتهى الحزم مع أمثال هؤلاء حتى يكون المدانون منهم عبرة لغيرهم.
وذكرت وسائل إعلام رسمية أن إيران أعدمت يوم الأربعاء عالما نوويا يدعى روزبه وادي أدين بالتجسس لصالح إسرائيل ونقل معلومات عن عالم نووي آخر قتل في الضربات الجوية الإسرائيلية على إيران في يونيو حزيران.
وقال المتحدث باسم السلطة القضائية أصغر جهانكير للصحفيين في طهران اليوم إنه جرى إسقاط التهم الموجهة إلى بعض المشتبه بهم العشرين وأطلق سراحهم، دون أن يذكر عددهم على وجه التحديد.
ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن جهانكير قوله "لن يبدي القضاء أي تهاون تجاه الجواسيس وعملاء النظام الصهيوني. وسيجعل جميع (المدانين منهم) عبرة عبر إصدار أحكام رادعة".
وقال إنه سيتم الإعلان عن التفاصيل كاملة بمجرد اكتمال التحقيقات.
وزادت عمليات إعدام الإيرانيين المدانين بالتجسس لصالح إسرائيل بشكل كبير هذا العام إذ جرى تنفيذ ما لا يقل عن ثمانية أحكام بالإعدام في الأشهر القليلة الماضية.
وعلى مدى 12 يوما في يونيو حزيران شنت إسرائيل ضربات جوية على إيران مستهدفة كبار القادة العسكريين وعلماء نوويين ومنشآت نووية وأحياء سكنية. وردت إيران بوابل من الصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل.
وذكرت وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان (هرانا) أن 1190 إيرانيا قتلوا خلال الهجمات الإسرائيلية، من بينهم 436 مدنيا و435 من أفراد الأمن.
وقالت إسرائيل إن 28 شخصا قتلوا في الهجمات التي نفذتها إيران للرد على ذلك.