يعيش الليبيون في حالة غضب شديدة نتيجة سلطة تنفيذية موقتة منتهية الشرعية قررت القفز مباشرة إلى جيوب المواطنين بالاتجاه نحو التخلي عن الدعم السلعي دون تهيئة المواطن لهذه الخطوة الحساسة وربما في غياب دراسات عميقة مسبقة، وفي المقابل سلطة تشريعية تفضِّل حسم قانون السحر على حل الخلافات القائمة مع المجلس الأعلى للدولة حول القوانين الانتخابية، وبين الأمرين وُضعت مداخل ليبيا من النفط والغاز على المحك على إثر ما يجري في حقل الشرارة وفي مليتة وفزان.


وأشارت وسائل اعلام ليبية منها الفجر والعهد الجديد أن هذا الغضب تسبب فيه رئيس حكومة الوحدة الوطنية منتهية الشرعية، عبد الحميد الدبيبة، عندما أقر الأخير قانون لرفع الدعم عن المحروقات، ما أثار سخطًا شعبيًا كبيرًا، فوجد الدبيبة ضالته في هذا الملف، وقرر التراجع عن رفع الدعم، وإجراء استفتاء  عن طريق الهاتف في خطوة قد يظن البعض بأن الهدف منها وضع حدّ للجدل المثار حول هذا الملف والخروج بقرار نهائي ونافذ، ليتضح فيما بعد بأن الإستفتاء نفسه يحمل أبعادًا سياسية ولا يتعلق بالمحروقات فقط.
وفي منتصف شهر يناير بدأت حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، في إستفتاء الليبيين حول إلغاء الدعم عن المحروقات، في خطوة للوصول إلى وضع حدّ للجدل المثار حول هذا الملف والخروج بقرار نهائي ونافذ. هذا التحرك السريع من جانب حكومة الدبيبة دفع الشعب الليبي للتلهف ومعرفة اسباب رد الفعل السريع من جانب الحكومة على رفضهم لهذا القرار، كونهم إعتادوا على مدار السنين الماضية أن الدبيبة دائماً يُماطل ولا يستمع.
وأشارت التقارير الاعلامية الليبية أن الهدف من الإستفتاء إنكشف بعد تسجيل مسرب لمكالمة بين مواطن ليبي وموظف بمكتب الإحصاء الذي أوكلت له مهمة الإستفتاء ضمن أجندة محددة وهي تحريض الشعب للإنقلاب في المنطقة الشرقية وعلى المرشح الأول لرئاسة البلاد حال إجراء إنتخابات القائد الأعلى للقوات المسلحة العربية الليبية المشير خليفة حفتر.
حيث أنه ووفقاً لما تداوله مستخدمي مواقع التواصل الإجتماعي، فإن المكالمة المسربة جاء بها سؤال واحد فقط حول قرار رفع الدعم عن المحروقات والتركيز الأكبر كان على تبرير إتخاذ القرار والمتمثلة في مكافحة تهريب الوقود على يد الميليشيات في المنطقة الشرقية، وهو ما إعتبره الجميع على أنه إتهام باطل للجيش الوطني الليبي شرق البلاد بقيادة المشير خليفة حفتر.
وقبل الشروع في إجراء الإستفتاء وتسريب المكالمة، قال عضو المجلس الأعلى للدولة، سعد بن شرادة، في تصريحات صحفية، إن نتيجة أي إستفتاء حقيقي حول رفع الدعم عن المحروقات ستكون الرفض، معتبراً الإستفتاء الشعبي الذي تعتزم الحكومة منتهية الولاية إجراءه محاولة للالتفاف على الرفض القاطع، وله أهداف خفية عن العين في الوقت الحالي.
هذه المكالمة تقود إلى شكوك عديدة حول ما اذا كان الدبيبة فعلاً إستجاب لمطالب الشعب وقرر إجراء إستفتاء للإستماع لوجهات النظر المختلفة أم خطة جديدة للترويج لنفسه وتشويه صورة منافسيه في المشهد السياسي الليبي.

المصدر: بوابة الوفد

إقرأ أيضاً:

مركز أوروبي: ضغوط شعبية تطالب بتعويض الليبيين عن جرائم «الناتو» في 201‪1

تتزايد المطالب الشعبية، بضرورة إرغام حلف الناتو على دفع تعويضات للشعب الليبي على ما آلت إليه الأمور منذ شنه حملته العسكرية في 2011.

وشنّ حلف شمال الأطلسي (الناتو) في مارس 2011، عملية عسكرية واسعة ضد ليبيا، تحت غطاء قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي، بزعم حماية المدنيين من هجمات النظام الليبي آنذاك.

وجاءت هذه العملية في خضم ثورات “الربيع العربي”، وسرعان ما تحوّلت من فرض “منطقة حظر جوي” إلى حملة جوية مدمّرة أفضت إلى إسقاط نظام العقيد معمر القذافي.

بعد انهيار مؤسسات الدولة الليبية، دخلت البلاد في دوامة من الفوضى السياسية والأمنية، واندلعت صراعات داخلية متشابكة بين ميليشيات وجماعات مسلحة، ما أدى إلى تدهور اقتصادي، وانهيار منظومة الحكم، وتنامي ظواهر الهجرة غير النظامية والاتجار بالبشر والإرهاب.

ورغم مرور أكثر من عقد على ذلك التدخل، لا تزال ليبيا تعيش آثار تلك المرحلة، في ظل غياب استقرار حقيقي، واستمرار الانقسام السياسي، وسط تساؤلات متزايدة حول شرعية ما حدث، ومن يتحمّل مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع.

الأمر الذي دقع نقابة محاميين ليبيا في مارس الماضي، لتقديم دعوى قضائية ضد حلف الناتو وطالبتهم بتعويض متضرري حرب 2011 والقيام بإعادة إعمار ليبيا.

هذه الدعوى قوبلت بالنكران من الجانب الأوروبي، حيث قال نائب الأمين العام المساعد للشؤون السياسية في الناتو، خافيير كولومينا، إن تدخل الناتو في ليبيا لم يكن تدخلاَ مطلوباً من المجتمع الدولي ولكن جاء بسبب خطاب من جامعة الدول العربية لحماية المدنيين.

كما أصدر حراك صوت العدالة، بيانًا موجهًا إلى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي والدول الأعضاء في حلف الناتو والرأي العام العالمي، عبر فيه الحراك عن استنكاره العميق واستيائه البالغ تجاه الآثار المدمرة التي خلفها الحلف في عملياته عام 2011.

فيما خرجت النقيب هيذر بينينغ، ضابطة سابقة مسؤولة عن التنسيق الجوي بإحدى القواعد المشاركة في عمليات حلف شمال الأطلسي (الناتو) ضد ليبيا عام 2011، في تصريح نادر من نوعه، عن صمت دام أكثر من عقد، لتتحدث بصراحة عن التدخل العسكري الذي قادته دول غربية تحت مظلة حماية المدنيين، والذي انتهى إلى ما وصفته بـ “كارثة إنسانية وسياسية”.

وفي بيانها الصحفي، علقت النقيب بينينغ، قائلة:

“خلال متابعتي مؤخرًا للتطورات في ليبيا، استوقفني خبر عن حراك ليبي يطالب حلف الناتو بتعويض ليبيا عن الهجمات التي نُفذت عام 2011.

وتابعت:” بصفتي كنت جزءًا من غرفة العمليات والتنسيق الجوي أثناء تلك المرحلة، شعرت أنه من واجبي الأخلاقي والمهني أن أتحدث علنًا، رغم مضي 14 عامًا على تلك الأحداث”.

وأوضحت بينينغ، أن التدخل، الذي جرى تحت غطاء حماية المدنيين، أدى في الواقع إلى تدمير مؤسسات الدولة، وزعزعة استقرار ليبيا على نحو ما تزال البلاد تعاني من تداعياته حتى اليوم.

وقالت:” أقولها اليوم بوضوح: لقد ارتكبنا خطأً جسيمًا. التدخل العسكري الذي شُنّ تحت مظلة حماية المدنيين انتهى إلى تدمير بلد بكامله، وزعزع استقراره، وأسهم في إشعال حرب أهلية ما زال الشعب الليبي يعاني من تبعاتها حتى هذه اللحظة.”

ولفتت إلى أن كثيرًا من العسكريين كانوا ينفذون الأوامر تحت ما يسمى بـ “الشرعية الدولية”، لكنها، وبعد مراجعة متأنية لتلك المرحلة، باتت ترى أن القرار لم يكن في مصلحة ليبيا، بل خدم أجندات سياسية لبعض القادة.

وتابعت:” إنني أضم صوتي إلى أصوات الليبيين الذين يطالبون بتعويض بلادهم، وأؤمن بأن هذا هو أقل ما يمكن تقديمه كشكل من أشكال الاعتراف بالخطأ”. وطالبت الولايات المتحدة، وكافة الدول المشاركة في عمليات الناتو، بتحمل مسؤولياتهم الأخلاقية والسياسية، وأن تعمل بجد على تصحيح المسار، بدءًا من دعم إعادة الإعمار، وصولًا إلى الالتزام الحقيقي بدعم السلام والاستقرار في ليبيا.”

واختتمت بينينغ تصريحها برسالة واضحة إلى المجتمع الدولي:” لا يمكننا محو الماضي، لكن يمكننا على الأقل ألا نغض الطرف عن نتائجه الكارثية. والاعتراف بالخطأ هو الخطوة الأولى نحو العدالة.”

وتأتي هذه التصريحات في وقت تتصاعد فيه المطالب الليبية الرسمية والشعبية بضرورة الإفراج عن الأصول الليبية المجمدة في الخارج، والتي تُقدّر بمليارات الدولارات.

ويرى كثيرون أن إعادة هذه الأموال هو جزء أساسي من أي مسار للتعويض، بل يمثل الحد الأدنى من العدالة المالية في ظل ما تعرضت له ليبيا من دمار ممنهج.

واستعادة الشعب الليبي لثرواته المصادرة ليس فقط استحقاقًا سياديًا، بل أيضًا خطوة أولى على طريق إعادة الإعمار وفرض الاستقرار، فالتعويض عن الأخطاء لا يكون فقط بالكلمات، بل بالفعل، والمحاسبة، واسترجاع الحقوق المنهوبة. خصوصًا مع سعي البرلمان البريطاني للاستحواذ على هذه الأصول، فقد أصدر بيانًا مؤخرًا تحدث فيه عن دراسة مشروعٍ لتعويض ضحايا هجمات الجيش الجمهوري الإيرلندي من الأموال الليبية المجمدة، رغم أن قرارات مجلس الأمن الدولي (1970 و1973 لعام 2011) تحظر التصرف بهذه الأموال.

الأمر قوبل برفض ليبي رسمي يمنع المساس بالأموال المجمدة جاء في بيان صادر عن رئيس لجنة التحقق من الأموال الليبية المجمدة بالخارج التابعة للبرلمان، يوسف العقوري، محذرًا فيه من أي محاولات لاستخدام هذه الأموال خارج إطارها القانوني من قبل المملكة المتحدة أو غيرها، وعزمه على التصدي لأي محاولة للعبث بأموال الشعب الليبي، التي تظل ملكاً خالصاً له.

مقالات مشابهة

  • نائب يدعو حكومة السوداني إلى إيقاف تصدير النفط عبر الإقليم
  • ايهود أولمرت: حكومة نتنياهو عصاية من المجرمين و أعداء لإسرائيل
  • العابد يترأس اجتماع وزارة التعليم في حكومة الدبيبة
  • مركز أوروبي: ضغوط شعبية تطالب بتعويض الليبيين عن جرائم «الناتو» في 201‪1
  • اجتماع عربي يدعو لوقف التصعيد في ليبيا
  • آلية دول الجوار الثلاثية تبحث مستجدات الأوضاع في ليبيا
  • مصر وتونس والجزائر يرفضون كل أشكال التدخل الخارجي في ليبيا
  • البيان الختامي لاجتماع وزراء خارجية مصر وتونس والجزائر بشأن ليبيا* (آلية دول الجوار الثلاثية) القاهرة ٣١ مايو ٢٠٢٥
  • حرشاوي: البعثة الأمميةفي ليبيا فقدت الدعم الأمريكي
  • البيوضي: آن أوان إخراج حكومة الدبيبة من المشهد دون أسف