سودانايل:
2025-12-10@11:56:26 GMT

الإيقاد: يوم لم يلتق جنرالا السودان وجهاً لوجه (2-2).

تاريخ النشر: 29th, January 2024 GMT

عبد الله علي إبراهيم
ربما لم يخسر السودان كثيراً من مقاطعة الفريق ركن عبدالفتاح البرهان لمؤتمر منظمة الهيئة الحكومية للتنمية في أفريقيا (إيغاد) بكمبالا في الـ 20 من يناير الجاري وتجميد عضوية السودان فيها بتاريخ الـ 24 من الشهر نفسه، سواء كان الحق مع تظلم السودان منها أو لم يكن.
فكانت "إيغاد" علّقت إيقاف الحرب في السودان على لقاء بين الجنرالين البرهان وحميدتي وجهاً لوجه، ولا يعرف المرء سابقة تراضت فيها أعلى مستويات القيادة في طرفي الحرب على إيقافها أو نحوه وهي لا تزال مشتعلة كراً وفراً.

أدخل تعويل "إيغاد" على إنهاء الحرب في السودان بالضربة القاضية، أي بلقاء الجنرالين، المفاوضات في سياقات عكرت مناخها بدلاً عن ترويقه ناهيك ببلوغ إنهاء الحرب به.
ومما يستغرب له أيضاً أن لهذه الدول في "إيغاد" وغيرها خبرات في متوالية الجيش والميليشيات في الدولة الوطنية لو استرشدت بها لعرفت أن طموح الجنرالين ربما كان آخر بواعث الحرب في السودان، فلم تعان دولة مع ميليشيات مثل معاناة أوغندا مع جيش الرب. واحتقنت أوغندا زمناً، وربما لا تزال، لتوظيف السودان لهذا الجيش لمحاربة الحركة الشعبية لتحرير السودان على الحدود بين البلدين. وتعرف رواندا عن كثب أن للحرب بين الدولة والميليشيات أو الحركة المسلحة، بواعث متصلة بإحسان بناء الدولة الوطنية في ما بعد الاستعمار. فرواندا اليوم نفسها تولدت عن توحش دولة ما بعد الاستعمار وتعثر المفاوضات نحو تحولها من دولة رعايا إلى دولة مواطنين. وهي، من الجهة الأخرى، متورطة في الحرب الأهلية في جمهورية الكنغو الديمقراطية. فثبت أنها من يدعم حركة "أم-23" التي تروع شرق الكونغو منذ عام 2012. وقوام هذه الحركة هم شعب الـ "توتسي" الذي وقع عليه الـ "جنوسايد" المعلوم عام 1994 في الكونغو، والشاكي من التهميش وضعف تمثيله في السلطة فيها. غير أنه يقاتل، في الجانب الآخر، بالوكالة عن دولة رواندا التي يسود الـ "توتسي" دوائر حكمها. فقتال الحركة في الكونغو يصب لمصلحة رواندا ضد حركة تحرير رواندا المسلحة لشعب الـ "هوتو" في الكونغو، ومعلوم أن الـ "هوتو" هم من كانوا وراء الـ "جنوسايد" الـ "توتسي" في رواندا.
وحركة "أم-23" شبيهة بالدعم السريع ف" هم لا يأمن لها السكان متى جاءتهم طلائعها ويفرون من وجهها. فقولهم إنهم ثوار في سكة جيفارا لم تثبت لمن صدقوهم أول مرة. فهاجموا قُوما، وهي أكبر مدن شرق الكونغو عام 2012، فارضين إدارة على الناس أفحشت في الضرائب بما تجاوز مما شكَوا من حكومتهم منه قبلاً. وخربوا البنك المركزي، ونهبوا السيارات، وطرقوا باباً بعد باب ليحصلوا على موجودات الناس. واغتصبوا جماعياً وأعدموا على السليقة من اختاروا، وأخذوا السيارات بعد جلائهم إلى موضع لهم في أوغندا، وعادوا بحملة على شرق الكونغو عام 2023 ليولي الفرار نحو 100 ألف من أهله. وتذيع "أم-23" مع ذلك أن "المدنيين في مناطقنا في أمن وسلام، فقد أوقفنا الفوضى وحرمنا الاختطاف والاغتصاب، فالجرائم لا تقع عندنا بل في مناطق سيطرة الحكومة".
أما كينيا فهي الأعرف من دون غيرها بصراعات الدولة والمسلحين من غيرها، حتى إنه وقع اختيار الأمم المتحدة عليها في أكتوبر 2023 لتكون في قيادة قوة متعددة الجنسيات لمحاربة العصابات التي سيطرت على الدولة في هيتي، وتقوم على هيتي الآن حكومة غير منتخبة ولا ولاية حقيقة لها على الأمر، فالعصابات تسيطر على الموانئ ومحطات الوقود وتدير أحياء المدن كما شاءت، وقد انعقدت مهمة القوة التي ستقودها كينيا على فرض النظام والقانون لتمهيد هيتي لانتخابات عامة، ورحب وزير خارجية كينيا بالتكليف "لأنه ليس عن السلام والأمن فقط، بل لإعادة بناء هيتي سياسياً وتطورها الاقتصادي واستقرارها الاجتماعي"، وهو تشريف يرفع سمعة كينيا بين الدول لخدماتها السابقة في بعثات السلام في بلدان مضطربة.
وتصادف أن كانت جنوب أفريقيا ورواندا هما من يعين موزمبيق في حرب جماعة الشباب (لا علاقة مع شباب الصومال) الإسلامية شمال البلاد، وهي حركة إسلامية رفعت السلاح في وجه الحكومة منذ ستة أعوام، ويعمل البلدان مع الحكومة التي تستأجر من فرط وهنها جماعة فلاحية عسكرية هي الـ "نابارما" في قمع "الشباب"، وتتمتع بالاستقلال عن الجيش. ويخشى المراقبون مما ستؤول إليه متى انتصرت، فقد تصير عصابة عابرة للبلدان أو مخلباً للحكومة تقهر الناس لها، علماً بأن الـ "نابارما" ليست مجرد جماعة عسكرية، بل هي شبه طائفة دينية أيضاً عليها هرم سلطاني روحي.
من حق المرء أن يسأل لماذا علقت "إيغاد" وقف الحرب في السودان على لقاء الجنرالين وجهاً لوجه فضلَّتْ. والمسألة كما رأينا تطرح تحديات للدولة الوطنية الحديثة، لأي من هذه الدول خبرة في مقاربتها بصورة أو أخرى.
المزيد عن: السودان

[email protected]  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الحرب فی السودان

إقرأ أيضاً:

خبراء لـ«الاتحاد»: تنظيم الإخوان يقف ضد أي مسار حقيقي للسلام في السودان

عبدالله أبوضيف (القاهرة)

أخبار ذات صلة مفوضية حقوق الإنسان لـ«الاتحاد»: تداعيات كارثية جراء استمرار الحرب في السودان مدرب السودان يتمسك بالحظوظ في كأس العرب

تتصاعد خلال الآونة الأخيرة، التحذيرات من مراكز بحثية وصحف دولية بارزة من سطوة الميليشيات، وخصوصاً تنظيم الإخوان على مراكز الحكم، واتخاذ القرار في السودان، ما يدفع إلى منع وقف نزيف الدماء واستمرار التصعيد العسكري ورفض أي مبادرة لحل الأزمة.
وأشارت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية إلى أن القوات المسلحة السودانية، ليست سلطة حكم فعالة في السودان، إذ فشلت خلال ثلاثة عقود في إدارة النزاعات الداخلية، وتعتمد حالياً على متطرفين وميليشيات، للبقاء في السلطة.
وقال فداء الحلبي، الباحث في الشأن العربي، إن المهيمنين على «سلطة بورتسودان» يواجهون اليوم عزلة داخلية متزايدة نتيجة المقاومة الشعبية، التي تسعى لاستعادة مكتسبات ثورة ديسمبر، ما دفع هذه الأطراف إلى محاولة تحويل الأنظار إلى الخارج عبر ترويج اتهامات باطلة، في محاولة بائسة لتبرير إخفاقاتهم السياسية، وإخفاء عجزهم عن إدارة شؤون البلاد.
وأضاف الحلبي، في تصريح لـ «الاتحاد»، أن سيطرة الميليشيات والجماعات المتطرفة ظاهر على هذه الأزمة، حيث ترفض «سلطة بورتسودان» اتخاذ أي قرار بوقف التصعيد العسكري، ومنع المزيد من الأضرار للشعب السوداني الذي عانى الأمرين نتيجة تصعيد الصراع العسكري، والذي تتبناه هذه الأطراف الميلشيوية المتطرفة وفي مقدمتها جماعة الإخوان الإرهابية.
وتؤكد الباحثة في الشؤون الدولية، ميرا زايد حمزة، في تصريح لـ «الاتحاد» أن هذه الجماعات تتبع نهجاً تصعيدياً منذ بداية الأزمة، حيث ترفض أي مسعى جاد نحو التهدئة أو معالجة الأزمة الإنسانية، وتعتمد على الهجوم الإعلامي وتشويه أي مبادرة سياسية، مضيفة أن هذه الممارسات تعكس أسلوباً ثابتاً للهروب من مواجهة الواقع الفعلي على الأرض. 
 وفي ضوء ذلك، قالت الباحثة السودانية في شؤون الإرهاب، رشا عوض، إن تنظيم الإخوان في السودان كانت أحد أبرز المحركات التي دفعت نحو إشعال الحرب، في محاولة لإجهاض الثورة، ومنع انتقال السلطة إلى الحكم المدني، بما يخدم مشروعها القائم على احتكار النفوذ السياسي والاقتصادي. 
 وأضافت في تصريح لـ «لاتحاد»، أن هذا التوجه يرتبط أيضاً بحسابات إقليمية أوسع، إذ تسعى قوى متطرفة وتنظيمات مرتبطة بالإخوان إلى إيجاد موطئ قدم جديد يعوض خسائرها في المنطقة، ويعيد بناء شبكات النفوذ التي تلقت ضربات قاسية خلال السنوات الماضية.
وتوضح عوض أن تنظيم الإخوان السوداني يمتلك خبرة ممتدة في إعادة تشكيل تنظيماته عسكرياً وسياسياً، ما يجعله يرى في الحرب فرصة لإعادة إنتاج مشروعه السياسي داخل السودان.  وتؤكد أن هذا التيار يقف بقوة ضد أي مسار حقيقي للسلام، باعتباره المستفيد الأكبر من استمرار القتال، ولا يقبل وقف الحرب إلا في إطار صفقة تضمن له العودة إلى مركز السلطة واحتكار القرار الوطني من جديد.

مقالات مشابهة

  • رواندا: الكونغو وبوروندي تنتهكان عملية السلام "عمدا"
  • اليمن.. عقدة الجغرافيا التي قصمت ظهر الهيمنة: تفكيك خيوط المؤامرة الكبرى
  • هجليج بين حدثين
  • خبراء لـ«الاتحاد»: تنظيم الإخوان يقف ضد أي مسار حقيقي للسلام في السودان
  • رئيس الكونغو الديمقراطية يتهم رواندا بانتهاك اتفاق واشنطن
  • أسئلة اليوم التالي ومستقبل السودان: معطى القبيلة وفخ القبلية1
  • Local ONLY يا له من خطاب كراهية مفزع
  • محمد صلاح وجهاً لوجه مع أرني سلوت في تدريب ليفربول| فيديو
  • الأردن ومصر وجهاً لوجه في قمة حاسمة بكأس العرب 2025
  • أكثر من مليوني طفل مهددون بسوء التغذية في دولة جنوب السودان