لجريدة عمان:
2025-05-30@07:47:45 GMT

«العدل الدولية» إذ تنزع ورقة التوت عن إسرائيل

تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT

لطالما استثمرت إسرائيل طويلًا في الغرب سردية أخلاقية مضللة، خصوصًا بعد المحرقة النازية (الهولوكوست) في ألمانيا إبان الحرب العالمية الثانية، إذ كان ذلك الحدث التاريخي رصيدًا هائلا لضخ الحرج الذي ظلت تستثمر به إسرائيل نوازع الضمير الغربي (الأوروبي والأمريكي) في التعاطف معها حيال كل ما يتصل بها كدولة في حاجة إلى الرعاية والإسناد، في منطقة عربية طالما وصفت في الغرب بأنها بحيرة من الاستبداد، وبالتالي بدا ذلك التوصيف بذاته شفيعًا لإسرائيل في ممارسة تجاوزات في حق الشعب الفلسطيني ظلت باستمرار محل غض الطرف من دول الغرب، نتيجة لذلك الحرج التاريخي للمحرقة النازية.

وإذا كانت الطبيعة الراديكالية للنضال الوطني الفلسطيني والتجاوزات الفوضوية التي صحبت بعض مفرداته في عمليات قتالية وصفت بالإرهابية آنذاك -لاسيما في عقد السبعينات- كعملية ميونيخ في عام 1972 وغيرها، فإن إسرائيل استثمرت تلك التناقضات التي وسمت أسلوب القتال في الصراع العربي الإسرائيلي أيما استثمار لترسم صورة أخلاقية خادعة في الغرب تجعلها باستمرار كما لو أنها الضحية لا الجلاد، فيما كان انتظامها المدني الديمقراطي -رغم طائفية نظامها السياسي- يشفع لها الكثير في الغرب مقارنة بأوضاع أنظمة المنطقة العربية والشرق الأوسط.

وظل كل من الحرج الأوروبي التاريخي المدر للتعاطف غير المشروط مع إسرائيل، والحماية الأمريكية التي كانت تتولى إبطال مفعول القرارات القانونية في الأمم المتحدة ضد سياسات إسرائيل في الاحتلال والاستيطان وتجريم الصهيونية بمثابة الغطاء الأكثر إقناعًا للغرب من ممارسات الحراك النضالي العربي والفلسطيني ضد إسرائيل، حيث بدت ملامح ذلك الحراك في عقد التسعينيات مع العمليات الانتحارية لحركات حماس والجهاد الإسلامي التي رأى فيها ذلك الغرب تهديدًا وجوديًا لإسرائيل، ما جعله يتغاضى عن الكثير من واجبات إدانة إسرائيل ضد الفلسطينيين.

لكن اليوم، في ظل ردود الفعل الكارثية عبر جرائم إسرائيل على عملية طوفان الأقصى، والمجازر اليومية بحق الفلسطينيين المدنيين بوتيرة تجاوزت مقتل أكثر من 250 مدنيا في اليوم الواحد حتى قارب عدد ضحايا تلك المجازر حدود 27 ألف شهيد خلال أقل من 4 أشهر (جزء كبير منهم من الأطفال وكبار السن والنساء) ومع تجاوز حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل بقيادة نتانياهو كل الأعراف المقبولة، بدا واضحًا أن إسرائيل تدخل منعطفًا خطيرًا تكشفت معه كل الفظاعات الأخلاقية التي لن يقبلها العالم بعد اليوم.

وفي هذا الإطار، جاء حكم محكمة العدل الدولية في لاهاي يوم الجمعة الماضية بناء على الدعوى التي أقامتها جمهورية جنوب إفريقيا ضد إسرائيل متهمةً إياها بارتكاب أعمال إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، حيث أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل: «باتخاذ كل ما في وسعها من إجراءات لمنع قواتها من ارتكاب أعمال إبادة جماعية وفرض إجراءات عقابية على أعمال التحريض واتخاذ خطوات لتحسين الوضع الإنساني في الوقت الذى تشن فيه حربا على قطاع غزة».

وهذه المطالبة الواضحة في قرار المحكمة الدولية الذي يطالب إسرائيل «بإجراءات لمنع قواتها من ارتكاب أعمال إبادة جماعية وفرض إجراءات عقابية على أعمال التحريض» يعتبر بحد ذاته شرخًا كبيرًا في السمعة «الأخلاقية» لإسرائيل في الغرب والعالم، وهي سمعة طالما اقتاتت عليها إسرائيل مستثمرةً تناقضات المنطقة العربية وأخطاء النضال العربي الفلسطيني.

وكم كان لافتا موقف الاتحاد الأوروبي من قرار محكمة العدل الدولية حول إسرائيل في البيان الذي صدر عنه والذي جاء فيه: «قرارات محكمة العدل الدولية ملزمة للجميع ويجب الالتزام بها.. والاتحاد الأوروبي يتوقع تنفيذها بشكل كامل وفوري وفعال من قبل إسرائيل». كما كان لافتًا موقف وزيرة الخارجية الألمانية من القرار حين أيدت « دعم بلادها والاتحاد الأوروبي قرار محكمة العدل الدولية».

هكذا سيبدو واضحًا؛ أن الغطاء الأخلاقي والإنساني الذي ظلت تستخدمه إسرائيل في الغرب، خصوصًا في أوساط الدوائر السياسية والقانونية والأخلاقية، أصبح غطاءً عاريا من ورقة التوت التي كانت تستره، الأمر الذي سيؤدي منذ تاريخ صدور قرار محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل، إلى متاعب حقيقية للكيان الإسرائيلي في المستقبل. صحيح أن تنفيذ القرار وأثر إلزامه على إسرائيل سيظل بلا سند من قوة مادية لإلزام إسرائيل، لكنه سيظل حرجًا أخلاقيًا يفضح إسرائيل ويجعلها عاريةً أخلاقيًا من كل تلك المزاعم التي روجت لكيانها في الغرب وهذا سيعني الكثير في المستقبل.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: محکمة العدل الدولیة إسرائیل فی فی الغرب

إقرأ أيضاً:

مجلة أمريكية: إسرائيل لا تمتلك ورقة رابحة ضد الحوثيين سوى قصف ما تبقى من بنية تحتية في اليمن (ترجمة خاصة)

قالت مجلة "فوربس" الأمريكية إن إسرائيل لا تمتلك أي ورقة رابحة ضد الحوثيين تُضاهي في أهميتها عملية النداء ضد حزب الله في لبنان.

 

وأضافت المجلة أن تحليل لها ترجمه للعربية "الموقع بوست" إن إسرائيل لا يبدو أنها تملك أي وسيلة أخرى للرد على هجمات الحوثيين الصاروخية وهجمات الطائرات المسيرة سوى قصف أهداف ثابتة تُشكّل جزءًا من البنية التحتية اليمنية التي تسيطر عليها الجماعة.

 

في الوقت الحالي، رجحت المجلة أن تكتفي إسرائيل بإرسال طائراتها المقاتلة مئات الأميال كل بضعة أسابيع لضرب ما تبقى من البنية التحتية الاقتصادية في المناطق الفقيرة التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن.

 

وقالت المجلة "من المحتمل أنه إذا فشلت الضربات الانتقامية المتكررة لإسرائيل على اليمن في ردع الحوثيين، وهو أمر يبدو مرجحًا، فقد تميل إسرائيل أكثر إلى إصدار أوامر لسلاحها الجوي بالتحليق لمسافة مماثلة لمهاجمة إيران الداعم الرئيسي للجماعة".

 

وذكرت أن إسرائيل نفذت غاراتها الجوية الأخيرة على مطار صنعاء الدولي في اليمن يوم الأربعاء، وهي ثاني غارة بعيدة المدى تستهدف البنية التحتية التي يسيطر عليها الحوثيون منذ أن أنهت الولايات المتحدة حملتها الجوية التي استمرت شهرين ضد الجماعة في أوائل مايو.

 

وحسب المجلة الأمريكية فإن هذه الضربات تُذكّر بأن إسرائيل تواجه الحوثيين بمفردها مجددًا، ويبدو أنها لا تملك أي وسيلة أخرى للرد على الجماعة على هجماتها الصاروخية والطائرات المسيرة سوى قصف أهداف ثابتة تُشكل جزءًا من البنية التحتية اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون.

 

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد غارة الأربعاء: "نعمل وفق مبدأ بسيط: من يؤذينا سنؤذيه. من لا يفهم هذا بالقوة سيفهمه بمزيد من القوة".

 

في أعقاب الغارات الجوية الإسرائيلية على الحديدة والصليف في 16 مايو/أيار، هدد وزير الدفاع الإسرائيلي كاتس بقتل زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي إذا استمرت جماعته في استهداف إسرائيل.

 

وقال خبراء، نقلاً عن صحيفة فاينانشيال تايمز، إنهم يعتقدون أنه محتجز في معقل الحوثيين في صعدة، في أقصى شمال اليمن الجبلي، حيث لا يستطيع الوصول إليه إلا السكان المحليون الموثوق بهم.

 

وذكر كاتس تحديدًا زعيم حزب الله الراحل، حسن نصر الله، عند تهديده لزعيم الحوثيين. اغتالت إسرائيل زعيم حزب الله المخضرم في مخبأه ببيروت في سبتمبر/أيلول 2024، عقب تفجيرها آلاف أجهزة النداء المفخخة التابعة لحزب الله، والتي أسفرت عن إصابة ومقتل عدد من أعضاء الجماعة، وشلّت قيادتها وسيطرتها. قبل تلك العملية السرية والحملة الجوية الإسرائيلية المدمرة المصاحبة لها، كان حزب الله يُشكّل التهديد الاستراتيجي الرئيسي لإسرائيل، نظرًا لترسانته الهائلة من الصواريخ والقذائف أرض-أرض، التي كانت على أعتابها مباشرة، والموجهة إلى مدنها الرئيسية وبنيتها التحتية.

 

تضيف "فوربس" إنه في حين استشهد كاتس بسلسلة هزائم حزب الله الاستراتيجية، إلا أنه من غير الواضح ما إذا كانت إسرائيل قادرة على تكرارها ضد الحوثيين. على سبيل المثال، وعلى عكس حزب الله، تمتلك إسرائيل معلومات استخباراتية أقل بكثير عن الحوثيين، وعليها محاربتهم على مسافات أبعد بكثير.

 

وختمت المجلة الأمريكية تحليلها بالقول إن "اليمن منطقة جغرافية مختلفة تمامًا عن منطقة حزب الله في شمال إسرائيل القريب. ونظرًا للمسافات الأكبر والتضاريس المختلفة، لا تستطيع إسرائيل نشر المدرعات والقوات كما تفعل في لبنان أو غزة. ولا يُعرف أنها شنت أي غارات كوماندوز في اليمن. ومن غير المعروف أيضًا ما إذا كانت إسرائيل قد نفذت أي عمليات سرية كبيرة في اليمن أم لا".

 

 

 

 


مقالات مشابهة

  • خاطئ ومسيس.. ترامب ينتقد قرار محكمة التجارة الدولية بشأن الرسوم الجمركية
  • مجلة أمريكية: إسرائيل لا تمتلك ورقة رابحة ضد الحوثيين سوى قصف ما تبقى من بنية تحتية في اليمن (ترجمة خاصة)
  • امطيريد: بنغازي تعود للحسابات الدولية.. وطرابلس تسير نحو سيناريوهات خطرة
  • الأمم المتحدة تنتخب قاضيًا عربيًا خلفًا لنواف سلام لعضوية العدل الدولية
  • خلفا لنواف سلام .. تعيين الأردني الحمود عضوا جديدا في محكمة العدل
  • انتخاب قاض أردني لعضوية العدل الدولية.. مواقفه حادة تجاه الاحتلال الإسرائيلي
  • محكمة أميركية تمنع رسوم يوم التحرير التي فرضها ترامب
  • إندبندنت: إسرائيل مستمرة بهدم جسور الثقة بينها وبين الغرب
  • انتخاب الأردني محمود الحمود قاضياً في محكمة العدل الدولية خلفاً للبناني نواف سلام
  • السفير الحمود قاضيًا في محكمة العدل الدولية