أكد رئيس المجلس الشعبي الوطني، إبراهيم بوغالي، اليوم الخميس، أن وقوع العقار الفلاحي تحت تصرف الغير القادرين على استغلاله بكفاءة، يرهن السيادة الغذائية.

وقال بوغالي، بمناسبة اليوم البرلماني، المنظم من طرف لجنة الفلاحة والصيد البحري وحماية البيئة، بعنوان: “العقار الفلاحي: مقاربة واقعية لمبدأ الأرض لمن يخدمها”، أن “وقوع العقار الفلاحي تحت تصرف غير القادرين على استغلاله بكفاءة.

سواء بعقد ملكية أو كراء، يشكل إهدارا لطاقات إنتاجية وخسائر مادية غير قابلة للتعويض”.

وأشار أنه يبقي الحاجة إلى توفير الغذاء رهينة للاستيراد، “والأخطر من ذلك أنه يرهن السيادة الغذائية ويجعل الأمن المرتبط بها هشا ومقلقا”.

كما دعا رئيس المجلس إلى المحافظة على العقار الفلاحي وحمايته والتفكير “بكل الطرق الممكنة” لحماية وجهته من كافة أشكال “العبث أو الإهدار”. مؤكدا أن هذا العقار يشكل مورد إنتاج، “ومستودعا استراتيجيا” للغذاء.

ونوه بوغالي بالجهود التي تبذلها الجزائر ل”تحقـيق نموذج تنموي يتيح للقطاع الفلاحي أن يغير وجه سياستنا الاقتصادية. ويقود قاطرتها ويعزز أحد أهم جوانب السيادة والأمن الوطنيين”.

كما ثمن “الحكامة الرشيدة” التي تسعى الجزائر من خلالها إلى التسيير الكفء والاستغلال الأمثل للعقار الفلاحي. وحرصها على توجيه الاستثمارات فيه بصفة متزايدة نحو الشعب الاستراتيجية.

وكذا عدم الإبطاء في التكفل بانشغالات المستثمرين سواء كانت إدارية أو مالية. وتبني الحلول النموذجية التي يتم اقتراحها من قبل أهل الاختصاص العلمي والإداري والممارسين أنفسهم.

ولفت إلى تطرق الدستور إلى حماية الأراضي الفلاحية، وكذا النصوص القانونية التي تؤطر العقار الفلاحي. على غرار القانون المتعلق بحيازة الملكية العقارية الفلاحية. وقانون ضبط كيفية استغلال الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الوطنية وتحديد حقوق المنتجين وواجباتهم، قانون التوجيه العقاري والقانون المحدد لشروط وكيفية استغلال الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الخاصة للدولة.

وأكد بوغالي أن بعض هذه نصوص يعود إلى سنوات عديدة “وربما قد بات من الضروري الآن إعادة النظر في بعضها. لتحيينها وجعلها متماشية مع الواقع الذي نعيشه اليوم”.

وذكر باهتمام رئيس الجمهورية، بالعقار الفلاحي عبر وضع خطة استعجالية لتحديث الزراعة وهو ما ترجمه الأمر القاضي بتسوية وضعية الفلاحين الذين يستغلون منذ أجيال الأراضي التابعة للأملاك الخاصة للدولة بدون سندات.

وكذا قراره بتسوية نهائية لملفات استصلاح الأراضي الفلاحية، مع نهاية يناير 2024. ومنح عقود الملكية لأصحابها، وغيرها من القرارات التي تصب كلها في خانة تطوير القطاع.

الجزائر بصدد بناء “رؤية استشرافية” لقطاع الفلاحة

وفي سياق متصل، أبرز بوغالي أن الجزائر بصدد بناء “رؤية استشرافية” لقطاع الفلاحة. الذي أكد أنه تتمحور حوله العديد من التحديات.

لافتا إلى أنه في حال الوصول إلى وضع يكون فيه العقار الفلاحي في أمثل حالات الجاهزية. “فبإمكاننا أن نتحدث عن أمن غذائي مستدام. بل وعن تحسن اقتصادي ينقل الجزائر من الدائرة الضيقة للاستيراد إلى الأفق الواسع للتصدير”.

كما أبرز أهمية إمداد القطاع بالكفاءات التقنية لتشجيع روح الابتكار والمبادرة. إلى جانب محاولات ممنهجة لتطوير الاستثمار الفلاحي وتشجيع حاملي المشاريع. وتمكينهم من استغلال العقار الفلاحي في أطر قانونية متنوعة لإنجاز مشاريعهم.

وأشار بوغالي في ختام كلمته إلى أهمية اقتراح بمناسبة هذا اليوم البرلماني المزيد من الحلول لمعالجة الراهن الذي يعيشه العقار الفلاحي. والذي “يجب أن يكون وضعه تحت تصرف المستثمرين الحقيقيين دون سواهم. وهو مبعث العمل ومناط التفكير الذي يجب أن ننشغل به الآن”.

إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور

المصدر: النهار أونلاين

كلمات دلالية: الأراضی الفلاحیة العقار الفلاحی

إقرأ أيضاً:

عندما تنتصر الإرادة تُستعاد السيادة

 

 

سُلطان اليحيائي

 

ما عادت "الدّولة" تعني ما كانت تعنيه يومًا. كانت تُشير إلى كيانٍ له سيادة وحدود وقرار، فإذا بها اليوم تُشبه شركةً متعددة الجنسيات، لا تملك من استقلالها إلّا الاسم والعَلَم. تُدار من الخارج وتُدارى من الداخل، ويُراد لشعوبها أن يصدّقوا أنّهم أحرار داخل سجنٍ كبير اسمه "الاستقلال".

 

مفهومُ الدولة حين تهتزّ الأرض من تحتها

 

الدولة ليست قطعة أرضٍ مرسومة على الخريطة، بل إرادةٌ تُعبّر عن نفسها. وما دامت هذه الإرادة مرهونة، فالكلمة "دولة" لا وزن لها. السيادة لا تُمنح؛ بل تُنتزع. وما رأيناه في العقود الأخيرة أنّ كثيرًا من الدول قد باعت سيادتها بالرضا، وتنازلت عنها مقابل حماية أو دعم أو رضا قوّة كبرى.

 

الخديعة الكبرى دولة فلسطين

وعندما اجتمع الغرب بكل دهائه، وثلّة من العرب بكل غبائهم، ليقنعوا العالم بأن هناك "دولة فلسطينيّة" ستُقام على أرض عام 1967، كانت المسرحيّة في ذروتها. سبعون عامًا من الوهم، والناس ما زالوا ينتظرون ميلاد دولة وُئدت قبل أن تُولد.

 

لكن السابع من أكتوبر كشف المستور. جاءت غزوةُ طوفان الأقصى لتُسقط القناع عن الجميع. فإذا "الدولة" التي وعدوا بها لم تكن سوى سراب سياسي في صحراء الكذب. لم تُحرّرها المفاوضات، بل حرّرها الدم. لم يُثبّت وجودها القرار الأممي، بل ثبّتَه صمود غزّة وثبات رجال المقاومة الإسلاميّة.

غزّة: الدولة التي لم يُعترف بها

غزّة وحدها اليوم تُعيد تعريف الدولة. بلا مقعد في الأمم المتّحدة، وبلا جيش نظامي، وبلا سفارات، ومع ذلك أرغمت العالم أن يعترف بها - لا بالاسم، بل بالفعل. هي دولة في الإرادة، في الكرامة، في العقيدة. أسقطت أسطورة "الجيش الذي لا يُقهر"، وفرضت معادلة جديدة على من ظنّ أنّه يملك القرار وحده.

محلّلو الهزيمة وجنرالات الورق

وفي الطرف الآخر يقف المتشدّقون المتفيقهون في شاشات التحليل، يملؤون الدنيا صخبًا بمصطلحات عسكرية لا يعرفونها إلا من كتب المناهج القديمة. يضعون النظريات على الورق ثم يقيسون عليها دماء الميادين. يعيشون وهْم البطولة خلف الميكروفون وكأنّ الشجاعة لا تكون إلا صوتًا مرتفعًا وتحليلًا باردًا.

يتحدّثون عن "تكتيك" و"خطط محكمة"، وهم الذين لم يختبروا رائحة بارود العدو، ولم تطأ أقدامهم ساحة قتال حقيقية. خاضوا حروبًا تمثيلية في الصحراء، وكتبوا تقاريرهم في القاعات المكيّفة، ثم خرجوا ليُقيّموا حرب غزّة كما لو كانت مناورات تدريبية. ينظرون إليها ماديًا لا معنويًا، لأنهم أبعد ما يكونون عن الإيمان بالله، وبأنّ النصر وعدٌ من عنده لا من عند سلاحهم. أولئك ليسوا محلّلين؛ بل شهود زور على بطولة لم يفهموا معناها.

أمّا أولئك المجاهدون في غزّة، فهم أحفاد حمزة وخالد وجعفر الطيّار وعبد الله بن رواحة، لم تكن على أكتافهم النجوم ولا الأوسمة المزيّفة، ولم يحملوا الكيلوغرامات من المعادن التي تُعلّق على صدور الجبناء في العروض العسكرية. سلاحهم الإيمان، ودرعهم الصبر، ورايتهم الحق. لم يدخلوا حربًا في ألعاب الفيديو، ولا تدربوا على القتال مع أعدائهم في صحاري التبعيّة وعلى نفقة بلدانهم، بل دخلوا النار بأقدام ثابتة وقلوب مطمئنّة بأنّ وراءهم وعد الله بالنصر أو الشهادة. فمن أراد أن يرى الإسلام حيًّا، فليذهب إلى غزّة، ففيها يسكن الشرف ويتنفّس الإيمان.

المُثبّطون بالأمس المُشكّكون اليوم

ويأتي أحدهم من هنا وهناك ممن لم يكن لأهل غزّة به صلة إلا بالتقليل من نضالهم، وبالتشكيك في صبرهم، وبالتخوين لمن يساندهم. يتحدّث اليوم كأنّه العارف بخفايا الميدان، فينظّر ويُشكّك، ولا يترك للناس بارقة أمل أو خيط تفاؤل بقيام دولة لأطهر وأشرف خلق الله على وجه الأرض في زماننا، وهم أهل غزّة ومقاومتهم الشريفة.

هؤلاء لا يُدافعون عن الحق؛ بل يُدافعون عن عجزهم، لأن قلوبهم خوَت من الإيمان، وأرواحهم بردت من شدّة الخنوع. مرادهم خَطف فرحة القلوب بالانتصار وبثّ في النفوس الهزيمة والإحباط والانكسار.

نحن المتفرّجين المرجِفين

ونحن اليوم أبناء اللسان والدين والجلد، نقف عند أسوار المجد متفرّجين، نُصفّق ولا نتحرّك، نرفع الشعارات ولا نحمل الهمّ. نُمارس البطولة في الكلام، ونخفي الجبن في صدورنا، نُدمن الجدل ونتقن النقد، لكن لا نملك الشجاعة أن نقف موقفًا يُغضب السيّد الأشقر أو يعبر عن غضبتنا أمام سفارات الظلم والظلال.

منّا من يعيش على فتات الإعلام، ومنّا من تهيّأ له أنّ الإيمان بالحق لا يتطلّب تضحية. نُكثر من التحليل، ونقلّل من العمل. نُفاخر ببطولة غزّة، ونحن في بُعدنا عنها شركاء في خذلانها بصمتنا وخوفنا وتبريرنا للباطل.

الحمد لله رب العالمين الذي جعل من غزّة ميزانًا تُوزَن به الأمم وتكشف الأستار الزائفة وتسقط الأقنعة عن الوجوه الكالحة.

من كان معها فهو في صف الحق، ومن خذلها فقد خذل الله.

﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (آل عمران: 26).

مقالات مشابهة

  • عندما تنتصر الإرادة تُستعاد السيادة
  • تأجيل أولى جلسات محاكمة 3 عاطلين بتهمة التنقيب عن الآثار بعين شمس
  • موقع أميركي: الانتخابات العراقية المقبلة استفتاء السيادة بـمواجهة الحشد الشعبي
  • اتفاق غزة ينعش سوق العقار الإسرائيلي ومخاوف من فقاعة مالية
  • إصابة 3 سيدات في انهيار سقف غرفة بعقار بمنطقة غيط العنب في الإسكندرية
  • إصابة 3 سيدات فى حادث سقوط سقف غرفة بعقار بمنطقة غيط العنب بالإسكندرية
  • هؤلاء ليسوا دعاة سلام ولا أنصار ديمقراطية، بل تجّار مواقف
  • من أجل الترشح لانتخابات النواب.. القانون يلزم هؤلاء بالاستقالة| تفاصيل
  • أيوب: من يُهدّد السيادة حقًا؟
  • رفع الإيقاف عن الأراضي الواقعة غرب مدينة الرياض