تعرض دور السينما العالمية حاليا فيلم الأبطال الخارقين "أكوامان والمملكة المفقودة" (Aquaman and the Lost Kingdom)، وهو الجزء الثاني من سلسلة "أكوامان"، والفيلم الـ15 ضمن عالم "دي سي الممتد"، كما يعد العمل الأخير في السلسلة التي أعلنت استوديوهات "وارنر" انتهاءها وإعادة إطلاق سلسلة جديدة جاري العمل عليها حاليا.

أخرج "أكوامان والمملكة المفقودة" الأسترالي جيمس وان وهو من بطولة جيسون موموا، وآمبر هيرد، وباتريك ويلسون، ونيكول كيدمان، وحقق حتى الآن إيرادات تبلغ ما يزيد على 400 مليون دولار، مقابل ميزانية 200 مليون فقط.

وكأغلب أفلام الأبطال الخارقين، أظهر الفيلم تناقضا كبيرا على موقع التقييمات النقدية "روتن توماتوز"، حيث منحه النقاد تقييم 34% فقط، فيما أعطاه المشاهدون تقييم 81%.

قضايا كبيرة داخل فيلم ضعيف

تبدأ أحداث فيلم "أكوامان والمملكة المفقودة" بعد سنوات قليلة من نهاية الجزء الأول، حيث الأمير "آرثر/أكوامان" تبوأ عرش مملكة البحار، وتزوج بحبيبته "ميرا" وأنجب ابنا، وتنقسم حياته بين رعاية الطفل في عالم السطح أو الأرض كما نعرفها، ورعاية شعبه البحري.

تسير حياة "أكوامان" على وتيرة عادية، ولكنه لا يعلم بالانتقام الذي يعده له "بلاك منتا" سرا، بعدما قتل "أكوامان" والده في الجزء الأول، وقد استطاع "مانتا" التوصل إلى سلاح سري خاص بمملكة بحرية مفقودة، وبدأ في خطة لا تدمر فقط عدوه "أكوامان" ولكن الكرة الأرضية بالكامل.

يحيى عبد المتين في فيلم أكوامان والمملكة المفقودة (آي إم دي بي)

استخرج "بلاك منتا" على مدى 6 أشهر أحد أنواع الوقود الأحفوري القديمة، الذي حرمته مملكة البحار لتأثيراته السيئة على البيئة سواء تحت الماء أو بالأرض، وسريعا ما بدأت التغيرات المناخية تشتد، وتداخلت فصول السنة، وعلت نسبة التلوث لدرجة لم تبلغها من قبل.

يكشف "أكوامان" خطة "بلاك مانتا"، ولكن لا يستطيع إيجاده في البحار الواسعة، لذلك يستعين بأخيه الملك السابق "أورم" السجين بعد محاولته الانقلاب والاستحواذ على السلطة الملكية.

تتناول حبكة فيلم "أكوامان والمملكة المفقودة" قضيتين رئيسيتين، تتمثل الأولى في التغيرات المناخية، الخطر الأكبر الذي يهدد حياة البشر على الأرض في الوقت الحالي، ويحتاج إلى حزمة كبيرة من التغيرات في السلوكيات الصناعية والبيئية، تلك التغيرات التي تأباها النظم الرأسمالية؛ حيث إنه من مصلحتها استمرار الوضع أيا كانت نتائجه على الأجيال القادمة.

على الجانب الآخر، نجد أن "العلاقة الأخوية" هي الأساس الثاني الذي اعتمد عليه الفيلم، برصد ذلك التناقض بين "أكوامان" و"أورم"، الأول بطبيعته المتساهلة وخفة ظله وقوته الخارقة، والثاني بذكائه الشيطاني وغياب روح الدعابة ليه، مع رصد العلاقة المعقدة بينهما نتيجة للحرب السابقة بينهما، ولكنهما في النهاية يتغلبان على هذه العقبات، ويخوضان صراعا لإنقاذ العالم.

يحاول فيلم "أكوامان" تناول قضايا كبيرة داخل إطار المغامرة التقليدية، فالتغيرات المناخية تجتذب كل يوم اهتماما أوسع، على الرغم من الحروب والمآسي التي تحدث سواء في غزة أو أوكرانيا، ولكن يميل الفيلم إلى المباشرة في عرض القضية، وجعلها تتركز بشكل أساسي في الصراع المبسط بين الخير والشر، مع إهمال العناصر الأهم مثل تأثير الكيانات الاقتصادية الكبيرة، والتطور التكنولوجي ونتائج استخدام الذكاء الاصطناعي على البيئة.

خاتمة متواضعة

يلاحظ في فيلم "أكوامان والمملكة المفقودة" التشابهات الكبيرة التي تجمع بين البطل وأخيه "روم"، وبين أفلام "ثور" التابعة لسلسلة مارفل، ففي كليهما، البطل هو شخص تتجاوز قدراته البشر الطبيعين، ويُعتَبر مثالا على القوة وخفة الظل والوسامة والعدل، ويحصل على كل الامتيازات بداية من حب والديه إلى الحبيبة المثالية، بينما على هامشه تأتي شخصية الأخ الأصغر، الأكثر ذكاء ولكن يسهل استمالته لجانب الشر.

وهي ليست المرة الأولى التي تقلد فيها سلسلة "دي سي" أفلام مارفل، ولكن المفترض أن تكون الأخيرة بعدما أثبتت هذه الإستراتيجية فشلها على مر 15 فيلما لم تستطع تحقيق طموح الاستوديو المنتج، أو المشاهدين.

قد يبدو من هذا السعي الحثيث من دي سي إن أفلام مارفل مميزة بالفعل، لكن تلك ليست الحقيقة، هي فقط أفضل نسبيا، وهو ما ظهر جليا في ظل تراجع جماهيرية أفلام الأبطال الخارقين مؤخرا، نتيجة لتشبع المشاهدين منها ولجوء هذه الأفلام لحبكات مكررة، واستخدام المؤثرات البصرية بشكل يجعل الفيلم أقرب لتجربة ألعاب الفيديو منها لفيلم سينمائي.

جيسون موموا وبارتيك ويلسون في مشهد من الفيلم الأخير لسلسلة أكوامان (آي إم دي بي)

بدت هذه العيوب كلها في فيلم "أكوامان والمملكة المفقودة"، الذي تم تصويره بشكل شبه كامل أمام الشاشات الخضراء، ثم استخدم صناع الفيلم تقنيات الـ"سي جي آي" لملء هذه الفراغات، فظهرت صورة الفيلم مصطنعة لدرجة القبح، وتعيد إلى الأذهان ما قاله المخرج الأميركي "مارتن سكورسيزي" على هذا النوع من الأفلام عندها وصفها بأنها تجربة تشبه الملاهي، وليست سينما حقيقية، فعندما يغيب عن صناعة الفيلم عناصر مثل التفاعل بين الممثلين، أو تواصلهم الحقيقي مع أماكن التصوير، نجد أننا أمام تجربة بصرية خالية من أي جماليات.

يغلب على سيناريو الفيلم المباشرة الشديدة، مثل استرسال أكوامان في بداية العمل في حديث مباشر مع المشاهدين يحكي فيه ما قام به في الفترة الواقعة بين أحداث الفيلمين، وهو تكنيك ضعيف للغاية، واستمرت هذه المباشرة على طول الأحداث، مثل المونولوجات الطويلة للكائن الشرير الذي يسيطر على "بلاك مانتا"، بينما صراع الخير والشر الناتج عن ثأر إحدى الشخصيات لقتل والدها أو والدتها حيلة سينمائية تم استهلاكها في الكثير من الأجزاء الثانية سابقا.

يمثل فيلم "أكوامان والمملكة المفقودة" خير خاتمة لهذه السلسلة، لأنه يذكر الجميع -بما فيهم الاستوديو المنتج- بكل الأسباب التي أدت إلى فشل عالم "دي سي الممتد" لتجنب تكرار أخطائه في السلسلة القادمة المنتظر عرض أول أفلامها "سوبرمان: تراث" (Superman: Legacy) عام 2025.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

ما الذي سيغري إيران بالعودة للمفاوضات مع واشنطن؟

رغم أجواء التوتر التي خلفتها حرب يونيو/حزيران في علاقات البلدين، عاد الحديث من جديد عن محادثات محتملة بين واشنطن وطهران، وهو ما أعلن عنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب -في خطابه الخميس في ولاية "آيَـوا"- "أن إيران ترغب في التحدث إلى الولايات المتحدة" وأنه على استعداد للقاء ممثلين عنها إذا لزم الأمر.

وفي ذات السياق، كشف موقع "أكسيوس" الأميركي نقلا عن مصدرين مطلعين، أن المبعوث الأميركي ستيفن ويتكوف يعتزم لقاء وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في عاصمة النرويج أوسلو الأسبوع المقبل لاستئناف المحادثات النووية.

ووفق "أكسيوس"، فإن واشنطن وطهران لم تحددا بعد موعد اللقاء نهائيا، ولم تعلن أي منهما عن الاجتماع رسميا، مؤكدا نقلا عن المصدرين، أن ويتكوف وعراقجي على اتصال مباشر منذ نهاية الحرب الأخيرة بين إسرائيل وإيران.

وفي حال عُقد الاجتماع، فسيكون أول محادثات مباشرة بين البلدين منذ أن شنّت إسرائيل والولايات المتحدة ضربات على مواقع نووية إيرانية في يونيو/حزيران الماضي، وأدت -حسب ترامب- إلى محو البرنامج النووي الإيراني.

ومع توالي التقارير من الجانب الأميركي عن مباحثات محتملة مع طهران، لم تخف الأخيرة رغبتها في استئناف هذه المباحثات، وهو ما صرح به مجيد تخت روانجي، نائب وزير الخارجية الإيراني بقوله، إن بلاده مع الدبلوماسية، بشرط أن تقنعهم واشنطن بأنها لن تستخدم القوة أثناء التفاوض. كما شدد على أن سياسة بلاده في التخصيب لم تتغير، وأن لها كل الحق في التخصيب داخل أراضيها.

ورغم تمسك إيران بالدبلوماسية وباستئناف مباحثاتها مع الأميركيين، إلّا أنها تنظر لهذه المحادثات -إن حصلت- على أنها ستكون معقدة ومتشابكة، وأهدافها مختلفة كليا عن الأهداف الأميركية، كما يقول مدير مكتب الجزيرة في طهران عبد القادر فايز، والذي أشار أيضا -في مداخلته ضمن برنامج "ما وراء الخبر"- إلى أن طهران لم تعد تثق في الأميركيين وتريد أن تبدأ التفاوض من حيث انتهت الحرب الأخيرة.

إعلان

ويقول الإيرانيون، إن الضربات الأميركية والإسرائيلية لمنشآتهم النووية لم تضعف موقفهم، وإنهم في حال قرروا الذهاب إلى مفاوضات مع الأميركيين فسيفرضون شروطا أكثر تعقيدا من تلك التي فرضوها أثناء مباحثات مسقط وروما، وهو ما أشار إليه الدبلوماسي الإيراني السابق، طهران هادي أفقهي، حيث قال لبرنامج "ما وراء الخبر" إن الشروط الإيرانية ستكون بأن "حق التخصيب لا يسقط ولا نناقش عليه".

وفي نفس السياق، استبعد أفقهي وجود اتصالات بين بلاده والأميركيين، "لم نسمع من أي مسؤول إيراني رسمي أنه قبل الدعوة أو كانت هناك اتصالات بالجانب الأميركي، لا بصورة مباشرة ولا بصورة غير مباشرة".

تغيير وليس قلب النظام

ويذكر أن الولايات المتحدة وإيران عقدتا منذ أبريل/نيسان الماضي، 5 جولات من المحادثات غير المباشرة بوساطة سلطنة عمان، استضافتها مسقط وروما، كانت تهدف إلى إيجاد حل دبلوماسي جديد بشأن برنامج إيران النووي قبل أن تشن إسرائيل ضرباتها في 22 يونيو/حزيران الماضي مستهدفة مواقع نووية وعسكرية إيرانية، واغتالت عددا من القيادات العسكرية والعلماء النوويين، قبل أن ترد إيران بهجمات صاروخية واسعة في حرب استمرت 12 يوما، ليعلن الرئيس الأميركي فجأة وقفا لإطلاق النار بين البلدين.

وحسب الضيف الإيراني، لم يكن هدف الضربات الأميركية البرنامج النووي الإيراني بل قلب النظام الإيراني، وأن ترامب في عز التفاوض والحلول الدبلوماسية قلب الطاولة وذهب إلى الحرب بإصرار من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (المطلوب لـ المحكمة الجنائية الدولية)، في اعتداء صارخ للقوانين الدولية وقوانين الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما قال.

وإذا كانت إيران ستفرض شروطا جديدة ومختلفة في حال ذهبت إلى طاولة المفاوضات مع واشنطن، فإن الأخيرة لا تزال متمسكة بمقاربتها السابقة في التعامل مع طهران، وفي هذا السياق، يؤكد العقيد هاينو كلينك، المستشار العسكري السابق بمجلس الأمن القومي الأميركي لبرنامج "ما وراء الخبر" أن "البيت الأبيض يأمل عودة إيران إلى طاولة المفاوضات بنظرة واضحة، وبأن الخيار إلى النووي طريق مسدود".

وما يهم واشنطن -يواصل  الضيف الأميركي- هو أن "يكون النظام الإيراني منفتحا على تغيير سلوكاته"، مشيرا إلى أن ترامب لا يبحث عن تغيير النظام الإيراني، وبأنه يتخذ قرارات ذات سيادة في تعالمه مع طهران من أجل التوصل لحل دبلوماسي طويل الأمد.

مقالات مشابهة

  • الحسان من كربلاء: الاستقرار الذي تحقق بالعراق لم يأتِ بالصدفة
  • عاجل | الأمن العام يوضّح تفاصيل الفيديو الذي جرى تداوله للمشاجرة في منطقة الصويفية
  • ما الذي سيغري إيران بالعودة للمفاوضات مع واشنطن؟
  • وزير الخارجية: نثمن التوافق بين روسيا والمملكة تجاه فلسطين.. ولموسكو دور هام بملفات المنطقة الحساسة
  • حماس: نجري مشاورات مع الفصائل بشأن العرض الذي تسلمناه من الوسطاء
  • وزير الخارجية: توجت جهودنا برفع العقوبات ورفع علم سوريا في مقر الأمم المتحدة، سوريا التي نراها اليوم تشبه الشعب السوري، والرمزية السورية اليوم أكثر انفتاحاً ترمز إلى الإنسان السوري وثقافته وأرضه
  • تفاصيل جديدة حول المقترح الذي تدرسه حماس
  • عودة لسلسلة النجاحات.. عمرو دياب وعمرو مصطفى يحتلان المركز الأول والرابع في يوتيوب
  • شجون الهاجري بعد خروجها: الحمد لله الذي نجّانا دون أن نعلم
  • مصر.. العثور على مدينة ” إيمت ” المفقودة