تشهد الحدود الجنوبية للبنان تصاعدا ملحوظا بالمواجهات بين «حزب الله» وإسرائيل التي صعدت من عملياتها العسكرية، فيما قابلها الحزب برفع مستوى الأسلحة التي كان يستخدمها في وقت سابق.
والاثنين، أعلن «حزب الله» في بيان، أن «عناصره استهدفوا تجمعا ‏لجنود إسرائيليين خلف موقع جل العلام بصاروخ «فلق1»، وأصابوه «إصابة مباشرة».


ويعد «فلق 1» صاروخ من عيار 240 مليمترا، ويصل مداه إلى 10.5 كيلومترات، ويحمل رؤوسا حربية شديدة التفجير دون شظايا.
وفي نوفمبر 2023 أعلن حسن نصر الله، الأمين العام للحزب، إدخال صاروخ جديد من طراز «بركان 2» إلى ساحة المعركة، إذ استهدف الحزب بهذا الطراز مواقع إسرائيلية قبالة الحدود اللبنانية.
ووفقا لتصريحات نصر الله، فإن بإمكان «بركان2» حمل رؤوس حربية تزن ما بين 300 إلى 500 كيلوغرام من المتفجرات.
ومع اقتراب المواجهات من إتمام شهرها الرابع، بدأ الحزب يكثف من استخدامه الطائرات المسيرة الانقضاضية والصواريخ الموجهة المزودة بكاميرات، وصواريخ «بركان2» و»فلق1» التي تتمتع بدقة إصابة عالية وقدرة تدميرية كبيرة.
والسبت، قال جيش الاحتلال في بيان، إنه «يرفع جاهزيته على الجبهة الشمالية، لتضمن تدريبات على مستوى كتائب بالذخيرة الحية وقتال المدن للواء المظليين الاحتياطي الشمالي».
من جهته، قال وزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب، الاثنين، إن لبنان لا يريد الحرب ولم يسع إليها يوما، فيما أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الثلاثاء، أن جيشه «سيتحرك قريبا جدا» عند الحدود مع لبنان، حيث يتبادل القصف يوميا مع «حزب الله».
ورغم تزايد المخاوف من توسع الحرب إلا أن خبيرين عسكريين استبعدا ذلك حاليا، بسبب عدم جهوزية إسرائيل وعدم رغبة «حزب الله» بتوسعة المواجهات.
الخبير الإستراتيجي والعسكري العميد متقاعد ناجي ملاعب، قال إن «إسرائيل غير مرتاحة من التهديدات في حدودها الشمالية، إلا أنها غير جاهزة لفتح جبهة جديدة، كونها غرقت في وحول غزة».
وأضاف ملاعب للأناضول أن «حزب الله لا يرغب بتوسعة الحرب، ومعه كل لبنان، وحتى القرار بمساندة غزة ليس أكثر من إشغال إسرائيل، وهذا ما تريده إيران».
ورأى أن «حزب الله لم يخرج أسلحته الاستراتيجية، ولم يقاتل إلا ببضع قدراته»، لكنه أبدى تخوفه من «توسع الحرب في المستقبل بسبب الضوء الأخضر الأميركي المعطى لإسرائيل».
وتساءل الخبير: «هل ينتهي التهديد في الشمال الإسرائيلي بخضوع تل أبيب لمطالب إيرانية معينة، وبالتالي نزع فتيل توسيع الحرب، أم تذهب إسرائيل إلى عملية عسكرية؟».
وأشار إلى أن «توسعة الحرب ستكون تداعياتها صعبة على إسرائيل التي لن تقوم بالعملية اليوم قبل الانتهاء من غزة وإعادة تشكيل قواها الأساسية».
تراجع 
وعن سلاح «حزب الله»، قال إن الأخير «يعتمد بذكاء على صاروخ الكورنت لمسافة 5.5 كيلو مترات، وهو صاروخ أفقي يستخدمه ضد تجمعات الجنود وأبراج المراقبة والثكنات، لذلك لم تستطع القبة الحديدية التعامل معه».
ولفت إلى أن صاروخ «بركان2» «يستخدم في المسافات القصيرة، ولا تستطيع القبة الحديدية التعامل معه لأن مسافته قصيرة، ولم يخرج للعلن إلا هذان الصاروخان.
الخبير العسكري أوضح أن الحزب أخرج مؤخرا صاروخ «فلق 1»، وهو مسافته 10 كيلو مترات، واضطر لاستخدامه بسبب تراجعه عن الحدود الأساسية ولم يعد يستطيع إطلاق الصواريخ من الحدود مباشرة.
وشدد على أن «تراجع الحزب إلى الخلف جعله يستخدم سلاح مداه 10 كيلو متر، ليقول إنه ما زال في قلب المعركة».
من جهته، استبعد مدير مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية هشام جابر، «نشوب حرب واسعة جنوب لبنان»، معتبرا أن «حزب الله لن يبادر بفتح الجبهة».
وأضاف جابر للأناضول، أن الحزب «يعرف تماما أن توسعة الحرب خطأ، ولن يكون مسؤولا عن توريط المنطقة بحرب واسعة».
واعتبر أن «الجانب الإسرائيلي كان يختبر استدراج حزب الله ليكون هو البادئ، ليحمله مسؤولية كل التداعيات».
ورأى أن «إسرائيل اليوم مأزومة جدا في غزة وشمال فلسطين، وهي تريد تحقيق اختراق ما».

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: لبنان جنوب لبنان حزب الله إسرائيل حزب الله

إقرأ أيضاً:

صاروخ غادر يقتل طبيب القلوب في غزة (بورتريه)

أحد أبرز أطباء القلب والشرايين في قطاع غزة.
استشهاده كان أقرب إلى الاغتيال المخطط له منذ مدة ولم يأت مصادفة، فقد تزامن مع اليوم الذي كان من المقرر فيه عرض برنامج "غزة: أطباء تحت الهجوم" على عدة منصات وقنوات.

وهو نفس الفيلم الوثائقي الذي أجازته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) للبث في شباط / فبراير الماضي، قبل أن تسحبه فجأة في حزيران/ يونيو الماضي.

اغتيال مبرمج، فقد أصاب الصاروخ الإسرائيلي الذي أطلقته طائرات F16 ، الغرفة الوحيدة التي كان يقيم فيها الشهيد.

يبدو أن العالم ما زال لا يفهم بأن ثمة هجمة منسقة ومدروسة لاغتيال العقل والوعي الفلسطيني ليس في قطاع غزة فقط وإنما على امتداد فلسطين التاريخية.

كان طبيبا عظيما لم يغادر المستشفى منذ بدء الحرب، وكان يحث الجميع على البقاء والخدمة دون توقف تحت القصف وهدير المجنزرات والدبابات.

خبر تفاعل معه العرب بحزن كبير، فيما تعاملت معه وسائل إعلام غربية كجزء من خسائر الحرب، بوصفه رقما يضاف إلى قائمة طويلة من الكادر الطبي والصحي الذين استشهدوا أو اختفوا او اعتقلوا منذ العدوان الوحشي على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.

كان الاحتلال يتحين الفرصة لتنفيذ جريمته واختار لحظة وجود طبيب القلب الرائد، مروان السلطان، مع 6 من أفراد عائلته بمن فيهم زوجته وابنته وصهره في منزله لتصفية الطبيب الذي أفشل أوامر الاحتلال بالإخلاء أكثر من مرة.

اضطر السلطان، وهو من جباليا البلد شمال غزة، إلى الانتقال بسبب الحرب مع عائلته إلى شقة في المنطقة الساحلية بمدينة غزة، في منطقة تل الهوى، الدوار 17 على الطريق البحري، امتداد شارع الرشيد، حيث وقع القصف.


يعد المستشفى الإندونيسي، الذي بني بدعم من مؤسسة "مير- سي" الإندونيسية، أكبر منشأة طبية في شمال غزة، وكان بمثابة شريان حياة حيوي حتى حاصرته القوات الإسرائيلية وأخلته الشهر الماضي، وبقي السلطان في المستشفى طوال الحرب، مساهما في استمرار العمليات تحت الحصار.

دور دؤوب في تنسيق الرعاية وسط القصف قام به السلطان الشخصية العريقة في مجال الخدمات الصحية لأهالي غزة في ظل الأزمات الإنسانية الخانقة.

اختار السلطان، أن يبقى في موقعه بين المرضى رغم تصاعد المخاطر مع استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية، وواصل أداء مهامه الطبية والإنسانية.

كان السلطان، استشاري الأمراض الباطنية والقلب، أستاذا في كلية الطب بالجامعة الإسلامية في غزة، حاصل على البورد العربي بأمراض القلب من الأردن، حيث عمل سابقا في المستشفى الإسلامي بالعاصمة الأردنية عمان، ومن الكفاءات الطبية البارزة في قطاع غزة، ما جعله طبيبا "يفاخر به كل فلسطيني" وفق ما قاله مدير عام وزارة الصحة في غزة منير البرش الذي أمّ الصلاة عليه في جنازته.

وعلى مدى شهور الحرب، أدار السلطان، المستشفى الإندونيسي في بيت لاهيا بعد أن أشرف بنفسه على إعادة ترميمه، وأعاد تشغيله، والذي ظل واحدا من آخر المراكز الصحية التي واصلت تقديم الخدمات رغم تكرار قصفه وحصاره.

لم يستجب لأوامر الإخلاء الإسرائيلية التي صدرت للطواقم الطبية، مفضلا أن يبقى إلى جانب الجرحى حتى آخر لحظة.

وفي أيار/ مايو الماضي، خرج المستشفى الإندونيسي عن الخدمة بعد أن دمر القصف الإسرائيلي مولداته وأقسامه الحيوية، ما أجبر الطواقم الطبية على إخلاء المرضى قسرا.

ومع ذلك، بقي السلطان يتابع عن قرب أحوال المرضى حتى اللحظات الأخيرة، لم يترك المستشفى يوما، حتى إنه كان يوفر الطعام القليل الذي يصل للطواقم قبل أن يأخذ لنفسه.

وبحسب شهادات متطابقة لم يكن طبيبا عاديا، بل كان رمزا للتفاني والصبر، فقد ظل واقفا مع المخلصين من الأطباء والعاملين حتى أعادوا الحياة للمستشفى، حوصر مرتين هناك، وبقي شهرين متواصلين تحت الحصار دون أن يغادر.

ولم يكن استشهاد السلطان حدثا منفصلا عن سياق الإبادة الجماعية التي تشن على القطاع، فمنذ بدء جرائم الحرب في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، استهدف جيش الاحتلال المنظومة الصحية في غزة بشكل مباشر، فدمرت مستشفيات ومراكز طبية ومركبات إسعاف، وقتل حتى الآن أكثر من 1580 من الكوادر الصحية، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي.


وبينما تعتقل سلطات الاحتلال مدير مستشفى كمال عدوان الدكتور حسام أبو صفية، قتلت أيضا العديد من الكوادر الطبية بعد أسرهم، من بينهم الطبيب عدنان البرش، وهو صديق الطبيب مروان السلطان، وكذلك الطبيب إياد الرنتيسي، وسبقهم الأطباء: عمر فروانة عميد كلية الطب بغزة السابق، و رأفت لباد مدير مستشفى الأمراض الباطنية، إلى جانب عدد من أفراد الطواقم الطبية.  
      
ومنذ نحو 22 شهرا، يرتكب الاحتلال الإسرائيلي بدعم أمريكي غير مشروط حرب وحشية على غزة خلفت أكثر من 191 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، و مئات آلاف النازحين، وسط مشهد إنساني بالغ القسوة، يختصره رحيل أطباء كرسوا حياتهم لإنقاذ أبناء شعبهم ضمن محاولات إسرائيلية متواصلة لاستنزاف موارد الحياة في غزة عبر تدمير القطاع الطبي.

ترك رحيل الطبيب الهادئ الحريص والرزين حزنا عميقا، ليس فقط على زملائه، بل على المرضى وأهل غزة الذين عرفوه.

رحل كما يليق بالأبطال، في خط الدفاع الأول، لا في العيادات المكيفة والمؤثثة، بل في قلب الجحيم، وأمام ما وصفته مقررة الأمم المتحدة المعنية بفلسطين فرانشيسكا ألبانيز بأنه كأهوال "يوم القيامة"، واحدة من أقسى جرائم الإبادة الجماعية في التاريخ الحديث، هناك حيث لا يُسمع صوت سوى أنين الجرحى وصرخات الأطفال.

الطبيب في غزة هدف للقتل والاعتقال والتعذيب مثل المقاوم، مثل الباحث عن لقمة العيش وسط حقول ومصائد الموت.

هذا هو الحال، مدير مستشفى في المعتقل، وآخر يقتل بصاروخ إسرائيلي  يموله دافع الضرائب الأمريكي، والقاتل فوق كل القوانين ولا أحد يحاسبه.

مقالات مشابهة

  • عاجل| الجيش الإسرائيلي: رصد صاروخ أطلق من اليمن باتجاه إسرائيل ونعمل على اعتراضه
  • بعد وقف إطلاق النار.. تستعد إيران لحرب طويلة مع إسرائيل
  • إشارات الحرب تسبق الرد: واشنطن تتشدد والحزب في تأهب
  • حزب الله يرفض نزع السلاح ويؤكد استمرار المقاومة.. إسرائيل هي المشكلة والتطبيع ذلّ
  • إسرائيل تعلن اعتراض صاروخ يمني وتفعّل صفارات الإنذار
  • إسرائيل تعترض صاروخا أطلق من اليمن
  • "حماس" تدعو الدول العربية والإسلامية للتحرك إثر "المجازر اليومية لحرب حكومة مجرم الحرب نتنياهو"
  • صاروخ غادر يقتل طبيب القلوب في غزة (بورتريه)
  • إيكونوميست: لماذا فشلت إسرائيل بغزة وانتصرت على إيران وحزب الله؟
  • السلاح بين العصا والجزرة: واشنطن والرياض تصعّدان وحزب الله يوازن الرد