المثنى الشيخ عطية*
وأنت يا أوديسيوس المحتال
يا لعبةً بيد ملكٍ تظنّ أنه لعبتُك
اَيها الثعلب المخادع المخدوع
وأنت تعلم ذلك
سوف تقف هنا لا مُحال
في ساحة طروادة التي ما زلتَ تَحرقُ بقنابل الفوسفور
وسط جثث نساء غزّة المتناثرةِ بين أنقاض بيوتهنّ
وأطفالِهنّ المقطَّعين بصواريخك
ورجالِهنّ الذين لم تترك أكفُّهم مقابضَ سيوفهم
هنا حيث تنتشر غربان العالم المفتون بحصانكَ الخشبيّ
فوق الجثث
هنا حيث تجري ولا تجري الرّياح كما تريد
هنا حيث تجدّدُ دماء البشر خِصبَ ترابِها بشقائق النعمان
هنا في أرض كنعان
هنا سوف تُلقي وداعَ نظرتكَ الأخيرة على جريمتك
قبل الرحيل إلى تيهك الجديد…
أنت اَيها المصوِّر فيلم حرقِك ضحيّةَ العنصرية
على صليبٍ معقوفٍ
بكاميرا متلازمةِ ستوكهولم
وسيفِ مُخرِجك المرفوع عهداً
بين ربّ متعطشٍ للدماء وعبدٍ مختارٍ أن تكون أنيابَه المعقوفة
لحرق البشر والنباتات والحيوانات والحجر
اَيها اللصُّ الميِّت الحيّ المعتاش على الدماء
على تفجير أرحام النساء
على سرقة ألعاب الأطفال المحروقين
من أشلاء أياديهم المتناثرة في الأنقاض…
أنت اَيها القاتل المخادع نفسه
اَيها العارف المتجاهل
اَنّ القاتل لا ينجو من خنجره الذي غرسَ في أرض ضحاياه
لا ينجو من حصادِ كوابيسهم في رأسِ ليله
لا ينجو من قدوم دَوْرِ انهياره
أنّى قصا عُمْر الممالك
إذ ستأتي دودة الأرض لقرْض عصا خداعِك
اَيها الساحر المسحور بالإيهام
اَيها الملك الذي كلّمَ الطير بلغةِ الصيّاد
وسخّر الإنس والجن عبيداً لبناء أكذوبة الميعاد
فوق الجثث
اَنت تعلم علم اليقين بلا يقينٍ
اَنك سُرعان ما سوف تخرّ رماداً
في رماد الكتب المقدّسة المتناسخة التي توّجتْ
مجدَك البائسَ بالأوهام
سرعان ما سوف تزحف غابة بيرنام
كوابيس قاتلةً في رأسك الهارب من ظلام ضحاياك
سرعان ما سوف ترى جثثَ سباياكَ
أشجاراً تسير بيد أطفال الجثث غابةً
فاغرةً فمها لابتلاعك
سرعان ما سوف تشهد عرشَكَ الممتدّ أنياباً
بين الغرب والشرق
يتقوّض
ورقةً للحرق
في يد شاعرٍ يلقي بها رماداً
في منفضة سجائره…
8 ديسمبر 2023
٭ ٭ ٭
وأنت يا أغاممنون المهووسُ حدَّ القتل
بمجدِ روما
إلى حدِّ حرقها
في عين قصيدةٍ لا تبالي
باتجاهات رياح الزمن على أشرعة مجازاتِها
أنت يا وريث صلَف السَّلف بقبّعة راعي بقرٍ
يحصُد الفلسطينيين الحمرَ بنيران أسلحته
على شاشةٍ تتجلّى فيها
عورةُ أبيكَ السّكرانِ بتزييف أسطورة مجده
في أرض كنعان بعد الطوفان
يا سليل الحرائق على مسرحِك المنهار
أمام من ينظرونك بعين من يعرف
أنك قاتلُ ابنتك
من أجل مجدٍ واهٍ تعيد فيه عبثاً
امبراطورية الواحد القهّار
بعرشِ بيتٍ أبيض تخفي فيه عبثاً لون الرماد
بألوان ما أحرقتْ نيرانك من بيوت الأرض
أنت يا من تحاول عبثاً
سَتْر عورتكَ القبيحة باستعارة عورة المسخ الذي خلقَ آباؤك
انتقاماً منهم وتحويلاً لهم
إلى أبنائكَ الخائفين
يا من يزوّد مسخ آبائه عبثاً بدم أسلحة إكماله
للقيامة الآن في أرض كنعان
وهو يعلم ولا يعلم أنه يطارد ظلَّه
أنت يا من تثير سخرية
من ينظرونك على خشبة مسرَحك المعتاد
وأنت تعيد عبثاً محاولة بعثِكَ روحَ مسخِك
بالنفخ في قربة «هرمجدون» المخروقة
بأنيابِ عِثّة أوهام وأكاذيب «أرض الميعاد»
أنتَ يا من تحاول عبثاً قتل بعوضةٍ
حطّت على أنفك الفاقد حاسة شمِّ سوى الدم
بقذائف أسلحتك النووية المتساقطة
عليك من مرآتك
أنت يا آكل لحم أبنائك
بفمِ مخاوفك على عرشك
وأنت تعرف
أنهم سرعان ما سوف
يباشرون أكلك
من داخلك.
16 ديسمبر 2023
٭ ٭ ٭
وأنت أيها المشاهد الأعمى
لما سوف يكون
أمام خشبةِ مسرح العبث بعقول المبصرين
دقِّقْ نظرك إن لم يكن ما تشاهد
هو الممثل الذي يرتدي قبّعَتَك
إن لم يكن ظلُّه المتحرّكُ بين مباني غزّة المدمّرة
هو انعكاسُ حركتِكَ
إن لم يكنْ طفلُه الخارجُ مرتجفاً من الأنقاض طفلُك
إن لم تكن تلك الفتاة التي خرجت من أنقاض مدرستها
بسخرية حظّ عابثٍ لتعتني بإخوتها
ابنتُك
إن لم تكن أمُّها الذاهبةُ إلى الله كي تسألَه عن نتيجة امتحانه لها
أمُّك
إن لم يكن ذاك الممسوحُ بأرض مشفاه أخوك الذي
لم يسعفْه الوقتُ كي يسأل الله عن منطق مَثَلِه المتلاعب بالزمن
في مسح قريةٍ كاملةٍ بأطفالها وحيواناتها
على عَقْر ناقةٍ يدّعي نبيٌّ لا يدقّق بهويته أحدٌ
أنّها ناقة الله التي يحقّ لها
احتلالَ سواقي الناس لأشجار زيتونهم
إن لم يكن ذاك المراسلُ الذي فكّر بجمع خمسٍ وعشرين ألف جثةٍ وجثةٍ
في كتابٍ يسحر الغرب بحكايات الشرق
هو ابنُك الذي يقرأ الآن حكايته للغرب
بجثة ابنه الذي أمِل أن يكونَك
وإن لم يكن هذا المسرح الذي تشاهد
بقافية رأسك
هو واجهة ما سوف يكون.
17 ديسمبر 2023
المصدر: الوحدة نيوز
كلمات دلالية: الامم المتحدة الجزائر الحديدة الدكتور عبدالعزيز المقالح السودان الصين العالم العربي العدوان العدوان على اليمن المجلس السياسي الأعلى المجلس السياسي الاعلى الوحدة نيوز الولايات المتحدة الامريكية اليمن امريكا ايران تونس روسيا سوريا شهداء تعز صنعاء عاصم السادة عبدالعزيز بن حبتور عبدالله صبري فلسطين لبنان ليفربول مجلس الشورى مجلس الوزراء مصر نائب رئيس المجلس السياسي نبيل الصوفي إن لم یکن ک إن لم فی أرض
إقرأ أيضاً:
ما الذي سيغري إيران بالعودة للمفاوضات مع واشنطن؟
رغم أجواء التوتر التي خلفتها حرب يونيو/حزيران في علاقات البلدين، عاد الحديث من جديد عن محادثات محتملة بين واشنطن وطهران، وهو ما أعلن عنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب -في خطابه الخميس في ولاية "آيَـوا"- "أن إيران ترغب في التحدث إلى الولايات المتحدة" وأنه على استعداد للقاء ممثلين عنها إذا لزم الأمر.
وفي ذات السياق، كشف موقع "أكسيوس" الأميركي نقلا عن مصدرين مطلعين، أن المبعوث الأميركي ستيفن ويتكوف يعتزم لقاء وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في عاصمة النرويج أوسلو الأسبوع المقبل لاستئناف المحادثات النووية.
ووفق "أكسيوس"، فإن واشنطن وطهران لم تحددا بعد موعد اللقاء نهائيا، ولم تعلن أي منهما عن الاجتماع رسميا، مؤكدا نقلا عن المصدرين، أن ويتكوف وعراقجي على اتصال مباشر منذ نهاية الحرب الأخيرة بين إسرائيل وإيران.
وفي حال عُقد الاجتماع، فسيكون أول محادثات مباشرة بين البلدين منذ أن شنّت إسرائيل والولايات المتحدة ضربات على مواقع نووية إيرانية في يونيو/حزيران الماضي، وأدت -حسب ترامب- إلى محو البرنامج النووي الإيراني.
ومع توالي التقارير من الجانب الأميركي عن مباحثات محتملة مع طهران، لم تخف الأخيرة رغبتها في استئناف هذه المباحثات، وهو ما صرح به مجيد تخت روانجي، نائب وزير الخارجية الإيراني بقوله، إن بلاده مع الدبلوماسية، بشرط أن تقنعهم واشنطن بأنها لن تستخدم القوة أثناء التفاوض. كما شدد على أن سياسة بلاده في التخصيب لم تتغير، وأن لها كل الحق في التخصيب داخل أراضيها.
ورغم تمسك إيران بالدبلوماسية وباستئناف مباحثاتها مع الأميركيين، إلّا أنها تنظر لهذه المحادثات -إن حصلت- على أنها ستكون معقدة ومتشابكة، وأهدافها مختلفة كليا عن الأهداف الأميركية، كما يقول مدير مكتب الجزيرة في طهران عبد القادر فايز، والذي أشار أيضا -في مداخلته ضمن برنامج "ما وراء الخبر"- إلى أن طهران لم تعد تثق في الأميركيين وتريد أن تبدأ التفاوض من حيث انتهت الحرب الأخيرة.
إعلانويقول الإيرانيون، إن الضربات الأميركية والإسرائيلية لمنشآتهم النووية لم تضعف موقفهم، وإنهم في حال قرروا الذهاب إلى مفاوضات مع الأميركيين فسيفرضون شروطا أكثر تعقيدا من تلك التي فرضوها أثناء مباحثات مسقط وروما، وهو ما أشار إليه الدبلوماسي الإيراني السابق، طهران هادي أفقهي، حيث قال لبرنامج "ما وراء الخبر" إن الشروط الإيرانية ستكون بأن "حق التخصيب لا يسقط ولا نناقش عليه".
وفي نفس السياق، استبعد أفقهي وجود اتصالات بين بلاده والأميركيين، "لم نسمع من أي مسؤول إيراني رسمي أنه قبل الدعوة أو كانت هناك اتصالات بالجانب الأميركي، لا بصورة مباشرة ولا بصورة غير مباشرة".
تغيير وليس قلب النظامويذكر أن الولايات المتحدة وإيران عقدتا منذ أبريل/نيسان الماضي، 5 جولات من المحادثات غير المباشرة بوساطة سلطنة عمان، استضافتها مسقط وروما، كانت تهدف إلى إيجاد حل دبلوماسي جديد بشأن برنامج إيران النووي قبل أن تشن إسرائيل ضرباتها في 22 يونيو/حزيران الماضي مستهدفة مواقع نووية وعسكرية إيرانية، واغتالت عددا من القيادات العسكرية والعلماء النوويين، قبل أن ترد إيران بهجمات صاروخية واسعة في حرب استمرت 12 يوما، ليعلن الرئيس الأميركي فجأة وقفا لإطلاق النار بين البلدين.
وحسب الضيف الإيراني، لم يكن هدف الضربات الأميركية البرنامج النووي الإيراني بل قلب النظام الإيراني، وأن ترامب في عز التفاوض والحلول الدبلوماسية قلب الطاولة وذهب إلى الحرب بإصرار من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (المطلوب لـ المحكمة الجنائية الدولية)، في اعتداء صارخ للقوانين الدولية وقوانين الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما قال.
وإذا كانت إيران ستفرض شروطا جديدة ومختلفة في حال ذهبت إلى طاولة المفاوضات مع واشنطن، فإن الأخيرة لا تزال متمسكة بمقاربتها السابقة في التعامل مع طهران، وفي هذا السياق، يؤكد العقيد هاينو كلينك، المستشار العسكري السابق بمجلس الأمن القومي الأميركي لبرنامج "ما وراء الخبر" أن "البيت الأبيض يأمل عودة إيران إلى طاولة المفاوضات بنظرة واضحة، وبأن الخيار إلى النووي طريق مسدود".
وما يهم واشنطن -يواصل الضيف الأميركي- هو أن "يكون النظام الإيراني منفتحا على تغيير سلوكاته"، مشيرا إلى أن ترامب لا يبحث عن تغيير النظام الإيراني، وبأنه يتخذ قرارات ذات سيادة في تعالمه مع طهران من أجل التوصل لحل دبلوماسي طويل الأمد.