شاهد المقال التالي من صحافة الصحافة العربية عن بعد انهيار اتفاق الحبوب هل تعيد أوروبا حساباتها؟، روسيا، وبما يمكن من خلالها تحقيق اختراقات على مسار أي مفاوضات قادمة لإنهاء الحرب، وتقليص فرص تصعيد المواجهة.تصدير الحبوب وغيرها من .،بحسب ما نشر سكاي نيوز، تستمر تغطيتنا حيث نتابع معكم تفاصيل ومعلومات بعد انهيار اتفاق الحبوب.

. هل تعيد أوروبا حساباتها؟، حيث يهتم الكثير بهذا الموضوع والان إلى التفاصيل فتابعونا.

بعد انهيار اتفاق الحبوب.. هل تعيد أوروبا حساباتها؟

روسيا، وبما يمكن من خلالها تحقيق اختراقات على مسار أي مفاوضات قادمة لإنهاء الحرب، وتقليص فرص تصعيد المواجهة.

تصدير الحبوب" وغيرها من الملفات التي يُمكن معالجتها بتقديم تنازلات محدودة أو التوصل لاتفاقات مرضية لجميع الأطراف.

وقد عكس انهيار اتفاق الحبوب عبر البحر الأسود، بعد إعلان روسيا تعليق مشاركتها في الاتفاق، الحاجة الماسة إلى وجود قنوات اتصال أوسع بين الغرب وأوروبا، تساعد على التوصل لتفاهمات مباشرة حول عديد من القضايا الأساسية.

مخاوف أوكرانية

كييف والتوصل لصفقة غير مرضية لها، وهو ما أظهرته بوضوح ردود الأفعال الأوكرانية على المحادثات التي تم الكشف عنها أخيراً، والتي تمت بين مسؤولين أميركيين سابقين اجتمعوا مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في نيويورك في أبريل وانضم إليهم ريتشارد هاس الدبلوماسي الأميركي السابق والرئيس المنتهية ولايته لمجلس العلاقات الخارجية، بالإضافة إلى اثنين من المساعدين السابقين بالبيت الأبيض.

أوكرانيا فإن فكرة الاتصال بممثلي روسيا "فكرة غير معقولة". بينما يخشى آخرون من أن الانغماس في أي اتصال من قبل السياسيين الواقعيين الغربيين المتحمسين لرؤية نهاية الحرب هو "وقوع في فخ روسي يؤدي إلى صفقة رديئة فيها خيانة مصالح أوكرانيا"، بحسب الصحافي البريطاني، إليك راسيل، في مقال له بصحيفة "فاينانشال تايمز" البريطاني.

يعتقد الكاتب بأنه "من الأهمية بمكان أن يكون الغرب قادراً على التأثير على عقلية موسكو من خلال تقديم حقائق قاسية.. تخشى أوكرانيا من بيعها بالكامل، لكن يمكن للولايات المتحدة وحلفائها استخدام المحادثات السرية لإقناع بوتين بتصميمهم".

وقال: "يحتاج الغرب إلى السماح لموسكو بمعرفة مدى جديتنا في تصميمنا.. كما يحتاج إلى تحديد من يمكن التحدث إليه ومن يثق به، بعد سنوات طويلة تم فيها تخفيض قيمة الخبرة الروسية في وزارات الخارجية الغربية".

خطوط اتصال

حلف شمال الأطلسي.

المفوضية الأوروبية فيما يخص تقديم الدعم بشكل واضح وبدون أي تردد لمواقف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، والذي من الواضح أنه متورط في تفجير أنابيب نورد ستريم، فضلاً عن إطلاقه شائعات -نفتها وكالة الطاقة الذرية- بشأن وجود متفجرات في محطة زابوريجيا النووية".

ويستطرد: "أعتقد بأنه لو تُرك المسؤولون الأوروبيون وحتى رؤساء الدول والحكومات يتحدثون بشكل شخصي دون ارتباطات سياسية، فإن موقفهم قد يكون مغايراً للمواقف الحالية (في إشارة لالتزام أوروبا بالتبعية للموقف الأميركي فيما يخص روسيا، رغم التبعات السلبية الواقعة على الغرب جراء تلك المواقف)".

الناتو مشارك في الحرب بشكل فعال من خلال ما يقدمه من دعم لأوكرانيا.

تصعيد متبادل

روسيا أخيراً خطاً أحمر أمام الغرب، قائلة على لسان وزير خارجيتها، سيرغي لافروف، إن إرسال مقاتلات "إف-16" إلى أوكرانيا خطا أحمر وتجاوزه سيؤدي إلى اصطدام مباشر.

لكن على الجانب الآخر، فإن ثمة ملفات ذات أولوية تحظى بلهجة أقل حدة، مثلما كان يتعلق باتفاق على الحبوب على سبيل المثال، فقد كشفت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية -قبل انسحاب روسيا من اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود- عن أن الاتحاد الأوروبي يدرس مقترحاً للبنك الزراعي الروسي لإنشاء شركة فرعية تتيح له إعادة الاتصال بالشبكة المالية العالمية كوسيلة لترضية لموسكو.

اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود في يوليو 2022 في إسطنبول مع روسيا وأوكرانيا برعاية تركيا والأمم المتحدة. وقد سمح بتصدير حوالى 33 مليون طن من الحبوب من أوكرانيا على الرغم من الحرب.

شريان الحياة بالنسبة لأوروبا

روسيا؛ باعتبار أن شريان الحبوب الذي يصل العالم ويصلها أيضاً هو بيد روسيا، علاوة على مسائل الطاقة بعد أن عانت أوروبا من خريف قاسٍ ولا تجد حلولاً ملائمة إلا الشريك الروسي (من ناحية الكميات والأسعار والنقل)".

ويوضح أن مسألة أسعار الحبوب في السوق الدولية "أصبحت مزعجة جداً للاقتصادات الغربية"، ضمن تبعات الأزمة مع روسيا.

ويضيف: "يتعين على الغرب إبقاء القنوات مفتوحة مع موسكو.. هم فعلاً في الكواليس يتناقشون مع الجانب الروسي، رغم الضغوطات الأميركية المسلطة على السلطات الأوروبية، لكنهم (الغرب) مجبرون على الإيقاء بالتزاماتهم (..) الغرب لا يملك حلولاً أخرى إلا النقاش مع موسكو والجلوس معها على طاولة الحوار".

ويشدد على أن الغرب يدرك أن الخاسر الأكبر في تلك المعادلة هو الجانب الأوروبي، بالنظر إلى القرب الجغرافي والعمل الدبلوماسي والاستراتيجي الأساسي مع روسيا، ولذلك "هم مجبرون على الإبقاء على قنوات اتصال مفتوحة".

ويوضح في الوقت نفسه أن روسيا تعيش على نخب اقتصاد حرب، لذلك لا يمكن معاينة الضرر الذي تعرضت له؛ باعتبار أن الاقتصاد الروسي مُجهز أيضاً كاقتصاد حرب، لكن الاقتصاد الغربي ليس كذلك، والدليل على ذلك أنهم يغرقون في مشاكل كثيرة الآن، وخاصة في ظل التزاماتهم المادية تجاه دعم أوكرانيا مالياً وبالسلاح.

من الناحيتين السياسية والاقتصادية -في تقدير الجليدي- لا يُمكن تصنيف روسيا على اعتبار أنها الخاسرة من فقدان تلك العلاقات مع أوروبا، بقدر أن الاتحاد الأوروبي في تراجع كبير من الناحية الاقتصادية، خاصة وأننا إزاء انتفاضات شعبية في الداخل الأوروبي قد تعصف بعديد من الحكومات لاختيارها التبعية للولايات المتحدة في هذه الحرب التي تكلف الاتحاد الأوروبي خسائر مادية واقتصادية وسياسية باهظة.

وفي تحليل سابق نشرته شبكة "بلومبيرغ" عن المتخصص الأميركي في الشؤون العسكرية والأمن القومي توبين هارشو، شدد على أهمية فتح قنوات اتصال بين بين روسيا والغرب، في الوقت الذي يتلخص فيه الموقف الغربي حالياً بأنه أميل إلى ضرورة إعطاء الفرصة لكييف من أجل تحسين موقفها قبل الحديث عن الجلوس على طاولة المفاوضات.

بوتين أو ممثليه للجلوس إلى مائدة التفاوض إذا عرضت عليهم".

صفقة كبرى

القرم. ويستشهد بعض المسؤولين في أوروبا بتنازل فنلندا عن 10 بالمئة من أراضيها للاتحاد السوفيتي بعد حرب الشتاء 1939-1940 كمثال لصفقة، وفق الصحافي البريطاني، إليك راسيل.

لكن الكاتب يعتقد بأن "إجراء محادثات سرية وعلى مستويات متعددة أمر ضروري"، موضحاً أن محادثات أبريل "ليست سوى واحدة من عدد من القنوات الخلفية وليست الأكثر أهمية (..) سواء كان هناك هزيمة روسية أو مأزق جديد كما يخشى مؤيدو أوكرانيا بشكل متزايد وهو السيناريو الأكثر ترجيحاً، ففي مرحلة ما تكون المفاوضات كلها حتمية، وكلما زادت الاتصالات مسبقاً كان ذلك أفضل.

المصدر: صحافة العرب

كلمات دلالية: موعد عاجل الدولار الامريكي اليوم اسعار الذهب اسعار النفط مباريات اليوم جدول ترتيب حالة الطقس تصدیر الحبوب

إقرأ أيضاً:

اتفاقية الشراكة الاقتصادية العُمانية - الهندية تعيد رسم ملامح الاقتصاد العماني

بالنظر إلى التطورات المتسارعة في المشهد الاقتصادي الإقليمي والدولي، تبدو اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين سلطنة عُمان وجمهورية الهند خطوة تحمل طابعًا استراتيجيًا واسع التأثير، ليس فقط من حيث تعزيز التبادل التجاري، بل من حيث إعادة صياغة الدور الاقتصادي لسلطنة عمان على مدى السنوات المقبلة. فالمؤشرات الأولية القائمة اليوم تُظهر أن التعاون بين البلدين آخذ في النمو بوتيرة ثابتة، حيث بلغ حجم التجارة الثنائية خلال العام المالي 2024-2025 ما يقارب 10.61 مليار دولار، وهو رقم يعكس علاقة اقتصادية راسخة قابلة للتوسع بمجرد تفعيل الاتفاقية المرتقبة. ويأتي ذلك في وقت تتطلع فيه سلطنة عُمان إلى اقتصاد أكثر تنوعًا، وأكثر قدرة على المنافسة، وأكثر انفتاحًا على الأسواق الآسيوية والعالمية.

وإذا ما نظرنا إلى طبيعة العلاقة الاقتصادية بين البلدين، فإن الموقع الجغرافي الاستراتيجي لعُمان يمنحها نقطة قوة محورية. فالموانئ العُمانية مثل صلالة والدقم وصحار لا تُعد بوابات بحرية عادية، بل منصات إقليمية ذات قدرة عالية على خدمة التجارة الدولية وربط آسيا بأفريقيا والخليج وأوروبا. وفي حال اكتملت اتفاقية CEPA، فإن هذه الموانئ لن تكون مجرد نقاط عبور للسلع العُمانية أو الهندية، وإنما محاور لوجستية تجذب الاستثمارات الصناعية والخدمية، وتدعم حركة إعادة التصدير، وتُسهم في بناء منظومة اقتصادية تُضاعف القيمة المضافة داخل سلطنة عُمان. ومن شأن هذه المنظومة أن تُعيد تشكيل قطاعات واسعة تتعلق بالنقل والتخزين والخدمات اللوجستية والصناعات التحويلية، الأمر الذي ينعكس على توسيع فرص العمل وتحسين نوعية الأنشطة الاقتصادية.

ومع أن الاتفاقية تفتح آفاقًا واسعة أمام التجارة في الاتجاهين، إلا أن الجانب الأكثر أهمية لسلطنة عمان يكمن في تعزيز الصناعات المحلية. إذ تستهدف عُمان ضمن رؤيتها 2040 بناء اقتصاد متنوع قائم على الصناعة والتكنولوجيا والخدمات المتقدمة، وليس اقتصادًا يعتمد على سلعة واحدة. ومع الحصول على نفاذ تفضيلي إلى سوق تتجاوز قوامها 1.4 مليار نسمة، فإن مجالات مثل البتروكيماويات، الفولاذ، الألمنيوم، الأسمنت، الرخام، المنتجات الزراعية، والمنتجات التقليدية العُمانية يمكن أن تشهد توسعًا نوعيًا في صادراتها. هذه الأسواق الضخمة لا تستوعب المنتجات فحسب، بل تحفّز أيضًا الصناعات المحلية على رفع مستويات الجودة، وتحسين سلاسل الإنتاج، وزيادة الطاقة التشغيلية، وإيجاد مساحات أكبر للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تطمح إلى التصدير.

ومن زاوية مستقبلية، يمكن اعتماد سيناريويهن لتقدير أثر الاتفاقية على حجم التجارة الثنائية: سيناريو متحفظ يفترض نموًا سنويًا بمتوسط 8%، وسيناريو تفاؤلي يفترض نمواً بمتوسط 12%، وذلك مقارنة بمعدل النمو الطبيعي للتجارة الذي يدور حول 3%. وبناء على هذه الحسابات، يمكن أن يرتفع حجم التجارة الثنائية من 10.6 مليار دولار اليوم إلى ما يقارب 15.6 مليار دولار خلال خمس سنوات في السيناريو المتحفظ، وإلى ما يتجاوز 18.7 مليار دولار في السيناريو المتفائل. ومع استمرار النمو لعشر سنوات، يمكن أن يصل الحجم التجاري بين البلدين إلى نحو 23 مليار دولار في السيناريو المتحفظ، فيما قد يصل إلى قرابة 33 مليار دولار في السيناريو التفاؤلي. وهذه القفزات المحتملة لا تأتي فقط من زيادة حجم المبادلات التقليدية، بل من توسع في الصناعات التحويلية، والاستثمار في خطوط إنتاج جديدة تستهدف السوقين معًا.

ومن شأن هذه التحولات أن تُعيد تشكيل الاقتصاد العُماني ليصبح أكثر مرونة في مواجهة التقلبات العالمية، وأكثر قدرة على النمو الذاتي من خلال الإنتاج المحلي والصناعات الوطنية. ومع ازدياد النشاط اللوجستي، وتوسع المناطق الحرة، وتجدد الاستثمارات الصناعية، سيكون لعُمان موقع جديد على خارطة التجارة العالمية، موقع يعكس قدرتها على استغلال مواردها الجغرافية والبشرية والاقتصادية لبناء اقتصاد متنوع ومستدام. وإذا ما وُظفت هذه الفرص بالشكل الصحيح - عبر التخطيط، وإدارة الموارد بكفاءة، وتطوير التشريعات، وتحفيز الكفاءات الوطنية - فإن السنوات العشر المقبلة قد تشهد تحولًا جذريًا في شكل الاقتصاد العُماني وحجمه.

بينما تتعمق سلطنة عُمان في توسيع شراكاتها الدولية، تمثّل اتفاقية التجارة الحرة مع الهند نقطة تحول قادرة على إطلاق موجة جديدة من النشاط الاقتصادي الذي يترابط فيه التصنيع بالتجارة، ويُكمل فيه الاستثمار اللوجستيات، ويتقاطع فيه النمو الصناعي مع توسع أسواق التصدير. فالعلاقة مع الهند ليست علاقة تجارية عابرة، بل علاقة راسخة تستند إلى تاريخ طويل من التبادل والتداخل الاقتصادي والثقافي، ما يجعل الاتفاقية القادمة امتدادًا طبيعيًا لمسار مشترك يتطور باستمرار. ويُتوقع أن تشكل الاتفاقية حافزًا لعدد من القطاعات التي كانت تتطلع إلى الوصول إلى أسواق أكبر، وفي مقدمتها القطاعات الصناعية التحويلية التي تعتمد على المواد الأولية المتوفرة في سلطنة عُمان، وتستهدف خلق قيمة مضافة قبل التصدير.

ويأتي ذلك في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات جيو-اقتصادية عميقة تتجه فيها دول عديدة إلى تعزيز الاندماج الإقليمي والانفتاح على آسيا، ما يجعل توقيع الاتفاقية مع الهند خطوة تجسد فهمًا استراتيجيًا لموازين القوى الاقتصادية الجديدة. فالهند اليوم واحدة من أسرع الاقتصادات نموًا في العالم، وضمن أكبر خمس اقتصادات عالمية من حيث الناتج المحلي الإجمالي؛ وبالتالي، فإن تأسيس شراكة اقتصادية شاملة معها يضع عُمان ضمن شبكة اقتصادية صاعدة ستعيد تشكيل مسارات التجارة خلال العقود المقبلة. ومن خلال هذه الشبكة، يمكن لسلطنة عمان أن تعمّق دورها كمركز إقليمي للتجارة والخدمات الصناعية، وأن تستفيد من الطلب الهائل في الهند على المواد الخام والمنتجات الصناعية والسلع الاستهلاكية.

وإذا ما نظرنا إلى تأثير الاتفاقية على الشركات الصغيرة والمتوسطة في عُمان، سنجد أن CEPA قد تكون فرصة تاريخية لهذه الفئة من الشركات لتوسيع آفاق أعمالها. فالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة تشكل جزءًا أساسيًا من هيكل الاقتصاد الوطني، وتحتاج إلى بيئة تجارية تدعم منتجاتها وتمكنها من الوصول إلى أسواق جديدة. ومع تيسير الإجراءات الجمركية، وتخفيض الرسوم، وتسهيل النفاذ إلى الأسواق، يمكن لهذه الشركات أن تجد في السوق الهندية منفذًا واسعًا لتسويق منتجاتها، سواء في قطاعات الأغذية، أو المنسوجات، أو المنتجات العطرية، أو الصناعات التقليدية. وهذه النقلة يمكن أن تُسهم في خلق ثقافة تصدير أقوى، وترسيخ روح المبادرة، وتعزيز الابتكار داخل الشركات العمانية.

أما على مستوى الأمن الغذائي، فإن الهند ـ باعتبارها قوة زراعية ضخمة ـ يمكن أن تكون شريكًا استراتيجيًا لسلطنة عمان في تلبية الاحتياجات الغذائية المتزايدة. ومع تسهيل الاستيراد عبر CEPA، يمكن لعُمان أن تؤمن سلة غذائية متنوعة بأسعار تنافسية، ما يرفع من مستوى الاستقرار الغذائي ويعزز من قدرة السوق المحلي على مواجهة تقلبات الأسعار العالمية. وفي المقابل، يمكن للمنتجات العمانية الفريدة - مثل التمور واللبان ومنتجات الرخام - أن تجد طريقها إلى منافذ البيع الهندية بطريقة أكثر سلاسة، وهو ما يشكل مكسبًا اقتصاديًا وثقافيًا في آن واحد. ومع توسع المبادلات التجارية وتحسن كفاءة سلاسل الإمداد، ستصبح عُمان مركزًا لوجستيًا أكثر جاذبية للشركات العالمية التي تبحث عن نقطة ارتكاز بين آسيا وأفريقيا والخليج. ويمثل هذا التحول فرصة كبيرة للقطاع الخاص العماني الذي يمكنه استثمار هذا الموقع عبر إنشاء مراكز تخزين وتوزيع حديثة، وتطوير شبكات نقل، وإطلاق خدمات لوجستية متقدمة تدعم التجارة العابرة للقارات. وهذا التحسين في أداء الموانئ والمناطق الحرة سيؤدي إلى دوران اقتصادي أسرع داخل سلطنة عمان، ويُعزّز إيرادات الدولة من الأنشطة المرتبطة بالنقل والموانئ والجمارك والخدمات المساندة.

وفي ضوء هذه المعطيات المتداخلة، ومع ما تحمله المؤشرات الاقتصادية من دلالات واضحة على اقتراب مرحلة جديدة في العلاقات العمانية الهندية، تبدو سلطنة عمان أمام منعطف تاريخي يمكن أن يغيّر مسار اقتصادها خلال العقد المقبل. فكل الأرقام، وكل التوجهات، وكل السيناريوهات المستقبلية تشير إلى أن تفعيل اتفاقية CEPA لن يكون مجرد حدث اقتصادي عابر، بل نقطة انطلاق نحو دورة نمو أكثر نضجًا وجرأة وتنوعًا. ومن المتوقع، إذا ما سارت الأمور وفق الإيقاع الذي ترسمه اليوم المعطيات، أن تتضاعف التجارة الثنائية خلال سنوات قليلة، وأن تتجاوز حاجز 20 مليار دولار في منتصف العقد القادم، وربما تقترب من 30 مليار دولار خلال عشر سنوات، في حال استفادت سلطنة عمان إلى أقصى حد من مزايا التموضع الجغرافي والتكامل الصناعي مع الهند.

ولا تقف التوقعات عند حدود التجارة وحدها، بل تمتد إلى الصناعات التحويلية التي يُرجّح أن تشهد توسعًا ملحوظًا، خاصة تلك المعتمدة على المعادن والبتروكيماويات والمواد البنائية، إلى جانب فرص متنامية في الصناعات الخضراء والطاقة المتجددة والتكنولوجيا الصناعية. ومع بروز الموانئ العُمانية كمراكز توزيع إقليمية، يتوقع أن تتسارع حركة الاستثمار في المناطق الحرة والمناطق الاقتصادية الخاصة، بما يعيد تشكيل الخريطة اللوجستية في المنطقة، ويجعل من سلطنة عمان محطة رئيسية في سلاسل الإمداد بين آسيا والخليج وأفريقيا.

وعلى مستوى سوق العمل، تشير التقديرات المستقبلية إلى إمكانية خلق الوظائف النوعية التي يمكن أن تمنح الشباب العُماني فرصًا غير مسبوقة للاندماج في قطاعات صناعية وتقنية جديدة، وترفع من مستوى المهارات الوطنية، وتدعم مسار التوطين في القطاع الخاص. ومع اتساع رقعة التصنيع والتصدير، ستنشأ احتياجات موازية في قطاع الخدمات والتعليم والتقنية، ما ينتج دورة اقتصادية متكاملة ترفد بعضها بعضًا، وتُرسي قواعد نمو متواصل ومستقر.

أما على المدى الطويل، فإن تفعيل الاتفاقية قد يمهد لمرحلة يصبح فيها الاقتصاد العُماني أكثر قدرة على مواجهة التقلبات العالمية، وأكثر استعدادًا لاستيعاب التحولات التقنية والبيئية والاقتصادية. ومع استمرار التنويع، وتوسّع الصادرات، وتعاظم دور سلطنة عمان كمركز لوجستي محوري، يمكن لعُمان أن تنتقل من موقع المنافس الإقليمي إلى موقع اللاعب الفاعل في التجارة الدولية. وقد نشهد خلال عشر سنوات اقتصادصا عمانيًا متجددًا، واسع القاعدة الإنتاجية، متصلًا بشبكات التجارة العالمية، ومتقدمًا بخطى ثابتة نحو تحقيق رؤية عُمان 2040 بوصفها رؤية طموحة لاقتصاد مرن، مبتكر، ومستدام.

من الناحية النوعية، يشير هذا النمو إلى زيادة الصادرات غير النفطية، حيث من المتوقع أن تستفيد قطاعات مثل البتروكيماويات، الفولاذ، الألومنيوم، الأسمنت، الرخام، اللبان، والتمور من تحسن سلاسل التوريد وفتح الأسواق الهندية. النمو في هذه القطاعات، الذي بدأ يظهر بالفعل في بيانات 2025، يعكس قدرة الاقتصاد العُماني على تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط. عمليا، إذا ارتفعت الصادرات غير النفطية بمعدل يتراوح بين 6% و12% سنويا نتيجة النفاذ إلى السوق الهندي وتحسين اللوجستيات، فإن هذا سيترجم إلى زيادة ملموسة في حصيلة التبادل التجاري الكلي.

تحقيق السيناريو التفاؤلي يتطلب مجموعة من العوامل التمكينية، أبرزها تسريع عمليات التصديق والتوقيع والتنفيذ للاتفاقية مع وضع آلية متابعة مشتركة لضمان تطبيق بنود التفضيل الجمركي وإزالة العوائق الإجرائية. كما يشمل تطوير البنية التحتية اللوجستية للموانئ والمناطق الحرة ومرافق التخزين والتبريد وطرق الربط الداخلي لالتقاط الطلب المتزايد.

كذلك، تعد الحوافز الاستثمارية للقطاعات ذات القيمة المضافة وبرامج التدريب الفنيّة من العناصر الأساسية لضمان استدامة النمو الصناعي. إضافة إلى ذلك، فإن إقامة تحالفات تجارية وشراكات تسويقية مع موزعين هنود يسهم في تسهيل النفاذ إلى الأسواق الهندية على مستوى المدن والمناطق، بينما تتيح حزم الدعم للصادرات الصغيرة والمتوسطة وصول المنتجات العُمانية إلى رفوف السوق الهندي بفعالية وجودة تنافسية.

بشكل عام، تشير هذه التقديرات إلى أن تفعيل CEPA يشكل فرصة استراتيجية لعُمان لتعزيز التجارة الثنائية، تنويع الاقتصاد، جذب الاستثمارات، وخلق فرص عمل واسعة، ما يسهم في تعزيز النمو الاقتصادي المستدام وتقليل الاعتماد على النفط، مع تعزيز قدرة سلطنة عمان على تأدية دور متنامٍ في التجارة الإقليمية والدولية.

مقالات مشابهة

  • ميرتس يلتقي زيلينسكي الأثنين ويبحث مع قادة أوروبيين مسار الحرب في أوكرانيا
  • سياسي: خطة المفوضية الأوروبية تجاه أموال روسيا المجمدة تهدد الاقتصاد الأوروبي
  • انهيار 3 مبانٍ وغرق آلاف الخيام في غزة وسط أمطار غزيرة وأزمة إنسانية حادة
  • تقدم تدريجي.. روسيا تعلن السيطرة على مدينة سيفيرسك شرق أوكرانيا
  • الناتو يحذر من حرب كبرى مع روسيا ويدعو أوروبا للاستعداد الفوري
  • ترامب يتصل بقادة أوروبا لبحث جهود السلام في أوكرانيا وسط توترات متصاعدة
  • تلغراف: هل يتحرك الغرب ضد الإمارات بعد مجزرة الفاشر؟
  • سياسي إيرلندي ينتقد صمت الغرب ودعم رئيس الفيفا للإبادة في غزة وجرائم الحرب الأمريكية
  • اتفاقية الشراكة الاقتصادية العُمانية - الهندية تعيد رسم ملامح الاقتصاد العماني
  • زيلينسكي: قد تظهر أخبار عن نهاية الحرب هذا الأسبوع