عربي21:
2025-12-11@04:37:21 GMT

غزة تفاوض وحدها

تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT

نتابع المثلثات الحمراء والصفراء في غزة، لكن صار يلازمنا السؤال البغيض وخاصة بعدما حوصر نحو 1.2 مليون إنسان في مربع رفح ووضعوا ظهورهم للجدار والأسلاك: ماذا لو انكسرت المقاومة وخسرت حاضنتها وانكشف ظهرها؟ والسؤال الذي يتوالد من السؤال السابق: كيف ستفاوض المقاومة وشعبها واقف على حاجز العبور جائعا وعاريا وجروحه تنزف؟ هذا السؤال المليء بالخوف والشك مثله مثل الإيمان بالانتصار؛ كلامهما يكشف الأهمية الاستراتيجية لحرب الطوفان وأثرها الفعال في الاتجاهين.



تفاوض قاس مع عدو غادر

كُتب الكثير عن أهمية معركة الطوفان وتأثيراتها الواسعة على المنطقة، لكن أغلب ما كُتب صدر عن عرب متعاطفين مع المقاومة لا تطاوعهم قلوبهم على توقعات سيئة. بعض العقل البارد ضروري في هذه المرحلة التي بدأ فيها تفاوض قاس على إنهاء الحرب، وفي التفاوض تبدو لنا المقاومة عزلاء إلا من وسيط قطري متعاطف لكنه غير مسلح، أي أن ثقله العسكري لا يساوي الكثير في ميزان التفاوض. أما الثقل العسكري المصري فلا يزن في كفة المقاومة بل في كفة العدو، بما يجعله سببا للضغط على المقاومة وليس الضغط لصالحها.

المقاومة جزمت بثقة بأن ما لم يحصل عليه العدو بالسلاح لن يحصل عليه بالتفاوض، ورغم هذه الثقة فإن معرفتنا بطول نفس العدو المدعوم بكل الوسائل سيرفع الثمن على المقاومة، أي يقلل مكاسبها من الحرب ويجبرها على تنازلات موجعة. وفي تفاوض طويل يصير كل تنازل كما كل تصلب عبئا على المقاومة، إذ يرفع آلام الحاضنة التي إذا توقفت الحرب ستعيد حساب خسارتها في الأهل والرزق وتنفتح أبواب المزايدة والتحريض والمنّ على المقاومة حتى بحفاظات الأطفال
نتذكر جيدا أن المقاومة جزمت بثقة بأن ما لم يحصل عليه العدو بالسلاح لن يحصل عليه بالتفاوض، ورغم هذه الثقة فإن معرفتنا بطول نفس العدو المدعوم بكل الوسائل سيرفع الثمن على المقاومة، أي يقلل مكاسبها من الحرب ويجبرها على تنازلات موجعة. وفي تفاوض طويل يصير كل تنازل كما كل تصلب عبئا على المقاومة، إذ يرفع آلام الحاضنة التي إذا توقفت الحرب ستعيد حساب خسارتها في الأهل والرزق وتنفتح أبواب المزايدة والتحريض والمنّ على المقاومة حتى بحفاظات الأطفال.

نظريا، الوصول إلى مرحلة تفاوض يعني نصرا للمقاومة، لكن هذا التفاوض يجري مع عدو بلا شرف عسكري ولا أخلاق حرب لذلك نراقب ونضع يدا على القلب. قلوبنا المتعاطفة تنتظر ضربات تفاوضية لا تقل أثرا في العدو من ضربات الياسين 105.

هل ملكت المقاومة توازن الردع؟

بعد حرب 2006 مع حزب الله حصلت حالة هدوء على جبهة جنوب لبنان / شمال فلسطين، وهذا مثير للتفاؤل إذ يكشف أن العدو يخاف ويتقهقر ويخشى العودة إلى موطن هزيمته، لكن نتذكر أيضا مفاوضات الكيلو 101 (أو مفاوضات طابا) مع الجانب المصري، والتي دامت سنوات طويلة وأمكن للعدو أن يحيَّد مصر نهائيا، بل يفوز بمكاسب أنسته خساراته العسكرية في حرب أكتوبر، لقد كسب في تلك المفاوضات ما خسره بالحرب. والمقاومة الآن بين نموذجين من التفاوض مع نفس العدو، فهل ملكت الردع الذي ملكه حزب الله بحيث تجعل العدو يفكر طويلا قبل التفكير في العودة إلى غزة، وهو ما نسميه توازن الردع؟

قراءات عسكرية كثيرة تقول إن حرب الطوفان فعلت بالعدو أكثر مما فعلت به المقاومة اللبنانية عام 2006، لكن يوجد فرق بين مقاومة خارج الأرض المحتلة وبين مقاومة في منطقة في خاصرة العدو. لقد صمتت جبهة شمال فلسطين منذ 2006، وواصل العدو غطرسته في المنطقة وتوجه إلى حركة تطبيع واسعة فحوّل الهزيمة إلى نصر، فكأنه كبّل المقاومة هناك باتفاق. وهذا الاحتمال وارد بخصوص غزة، كأن يصل إلى اتفاق يعزل غزة عن الضفة وعن القدس، وإذا حقق ذلك فإنه يكون حقق نصرا خارج غزة يكون ثمنه أقسى مما دفع في غزة. وتكون آثاره على غزة بعدية، فهي لا تود أن تكون دولة وجدها معزولة عن بقية الأرض/ الجسد الفلسطيني.

نطرح هذه الأسئلة/ الانشغالات ونود أن نعتذر للمقاومة فنحن لا نتعالم عليها أو نقدم لها دروسا من مكان مريح، فهي من يمسك جمرة فلسطين وما نحن إلا قلوب خافقة من حولها.

نتفاءل من داخل الخوف

لقد قدمت المقاومة في الحرب أكثر مما توقعنا منها (لقد تجاوزت خيالنا الكسيح)، ولذلك اكتفينا في الشهرين الأخيرين بحساب المثلثات الحمراء والصفراء. ويعود خوفنا عليها في بداية التفاوض حول وضع نهائي إلى فقدانها لسند سياسي أو حزام فعال يضع ثقله إلى جانب المفاوض القطري.

تعود لنا الأسئلة حول الدور التركي الغائب (وقد زعم إسناد المقاومة)، وليس لدينا أية صورة مطمئنة عن الدور الإيراني (وله أجندته الخاصة)، في المقابل نعرف يقينا أن مصر والنظام السعودي والأردني (وحزام التطبيع العربي) ينتظرون الحصول على مكاسب في غزة مقابل الحصار الذي فرضوه على المقاومة زمن المعركة. ومكاسبهم أن لا تقوم في غزة معركة أخرى تُقلق راحتهم حيث هم، فضلا عن أن يولد في غزة نصر (أو حتى نصف نصر) قد تنتقل عدواه إلى مرابعهم المطمئنة.

كيف ستصرف حماس إنجازها العسكري؟ سنتابع جولات التفاوض القاسية بقلوب واجفة مثلما تابعنا مجريات المعركة التي أدت إلى التفاوض ولا قدرة لنا كأفراد عزّل في التأثير فيه، مثلما لم نؤثر في المعركة بإسناد الحاضنة بالقليل الممكن.

إذا كانت معركة الطوفان قد ربحت الجولة العسكرية فإن جولتها التفاوضية لن تقل خطورة، ولن يكون أثرها في غزة وحدها.. ومن يدري لعل في مواجهة غزة لمصيرها وحدها دون حزام منافق نصر آخر لا نراه اللحظة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة المقاومة مفاوضات غزة مفاوضات الاحتلال المقاومة مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على المقاومة یحصل علیه فی غزة

إقرأ أيضاً:

ايران: كان علينا أن نثبت أن الأعداء لا يمكنهم بلوغ أهدافهم عبر الحرب

8 دجنبر، 2025

بغداد/المسلة: أشار وزير الخارجية الإيراني إلى الحرب المفروضة التي استمرت 12 يوماً وشنتها الولايات المتحدة والكيان الصهيوني ضد إيران، مؤكداً: كان علينا أن نثبت أن الأعداء لا يمكنهم عبر الحرب تحقيق أهدافهم.

وأفادت بأن سيد عباس عراقجي، وزير الخارجية، قال في مراسم إزاحة الستار عن الترجمة الأذرية لكتاب «قوة التفاوض: مبادئ وقواعد المفاوضات السياسية والدبلوماسية» في باكو: هذا الكتاب خلاصة مكثفة لتجربتي الممتدة على مدى 30 عاماً في ميدان السياسة الخارجية.

وأضاف موضحاً أن قوة التفاوض تقوم على ثلاثة مفاهيم: الأول هو القوة التي يجب أن يمتلكها كل بلد كي يكون قادراً على التفاوض. والثاني القوة التي يحتاجها المفاوض نفسه أثناء التفاوض. والثالث القوة التي تنتجها المفاوضات لبلد ما.

وتابع عراقجي: كل مفاوضات تُبنى على ما تمتلكه كل دولة من مصادر قوة داخلية، وتشمل القوة العسكرية والاقتصادية والثقافية والإعلامية والبيانية، وأحياناً مزيجاً من هذه القوى. فعندما يجلس المفاوض إلى طاولة التفاوض، عليه أن يستند إلى القوى التي تقف خلفه. ففي التفاوض، الكلام وحده لا يصنع القوة ما لم تكن خلف المفاوض منظومة واسعة من عناصر القوة تدعمه.

وأوضح قائلاً: في عالم اليوم، هذا الأمر أكثر جدية من أي وقت مضى. وللأسف، نرى قواعد القانون الدولي تزداد ضعفاً يوماً بعد يوم. وبدلاً من الحديث عن إحلال السلام عبر الدبلوماسية، بات سائداً الاعتقاد بأن القوة تُفرض بالقوة.

وأكد وزير الخارجية: عندما تواجهون قوى تشن الحرب أينما تشاء، فأنتم مضطرون كل يوم إلى تعزيز قوتكم. بعض الحكومات تدفع العالم نحو قانون الغاب.

وفي إشارته إلى الحرب الـ12 يوماً التي شنّتها الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي ضد إيران، قال: أضفت إلى الكتاب فصلاً آخر حول هذه الحرب. ففي تلك الأيام الـ12، قاتلت القوات المسلحة والدبلوماسية جنباً إلى جنب، وأجبرا العدو على التراجع.

وشدّد عراقجي: القوات المسلحة خاضت المعركة الأساسية، فيما أدّت الدبلوماسية دورها، وتقدّم المساران جنباً إلى جنب. وفي مطلع عام 2025 طلب الرئيس الأميركي منا التفاوض، فقبلنا. وخلال شهري مايو ويونيو عُقدت خمس جولات تفاوض بيني وبين السيد ويتكاف. كنا قد حددنا يوم 25 يونيو موعداً لجولة جديدة، لكن قبل يومين فقط هاجمتنا إسرائيل، وبعد أيام انضمت الولايات المتحدة إليها. لقد أطلقوا أول صاروخ على طاولة المفاوضات، وخانوا الدبلوماسية.

وأضاف: في الأيام الأولى من الحرب بعثوا برسائل يدعون فيها إلى التفاوض، فأجبتهم بأننا كنا نتفاوض بالفعل. ومع ذلك قلنا سنواصل الدفاع عن أنفسنا، وعليكم أن توقفوا العدوان لنستأنف المفاوضات. لكن الأميركيين قالوا: تفاوضوا، فربما يكون وقف إطلاق النار أحد نتائج التفاوض. عندها قررنا المقاومة.

وأكد وزير الخارجية: كان علينا أن نثبت أن الأعداء لا يمكنهم عبر الحرب بلوغ أهدافهم. نشر ترامب تغريدة يدعو فيها إلى «الاستسلام غير المشروط»، لكن مقاومتنا وهجماتنا الصاروخية استمرت بقوة إلى أن أرسل الأميركيون رسالة يطلبون فيها «وقف إطلاق النار غير المشروط».

وتابع عراقجي: إذا اندلعت حرب تهدد عزتكم وكرامتكم، فلا بد من الوقوف بوجهها والقتال. فهناك وقت للتفاوض، ووقت للحرب. وتجربة جمهورية أذربيجان كانت مشابهة: فقد خاضت الحرب لتحرير أراضيها، وعندما حان وقت السلام تفاوضت.

وحول العلاقات مع أذربيجان قال وزير الخارجية: نكن احتراماً كبيراً لعلاقاتنا مع جمهورية أذربيجان. وقد كان لقائي اليوم مع السيد الرئيس إيجابياً وبناءً للغاية. واتفقنا أيضاً على مواصلة مفاوضاتنا.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • محللون: العقوبات الأميركية وحدها لن توقف الحرب في السودان
  • المقاومة بين ضغط العدو وصمت القريب
  • المستشار الألماني: أوكرانيا وحدها من تقرر شكل التسوية الإقليمية التي تقبل بها
  • أمن المقاومة يحذّر من منشورات دعائية ألقتها مسيّرات الاحتلال وسط النصيرات
  • سرايا القدس: تم إغلاق ملف أسرى العدو!
  • ناطق سرايا القدس : أغلقنا ملف أسرى العدو الصهيوني ضمن صفقة مشرّفة ومعركة بطولية
  • البطريرك الراعي يستبعد الحرب: نحن في زمن التفاوض
  • بعد خسارة شريان النفط.. هل بات الجيش السوداني مجبرا على التفاوض؟
  • ايران: كان علينا أن نثبت أن الأعداء لا يمكنهم بلوغ أهدافهم عبر الحرب
  • حزب الله متوجّس وبراك يكشف توجهاً نحو تفاوض مباشر